Print this page

فلسطين وأهميتها في فكر الإمام الخامنئي(4)

قيم هذا المقال
(0 صوت)

"ما أنزله الكيان الغاصب خلال العقود الأخيرة ببلد فلسطين و شعبه يكفي للتجربة كي يثبت أنه لا أمل إطلاقاً في الاستعانة بالقوى المهيمنة على العالم و أتباعهم في المنطقة من أجل إنقاذ فلسطين".

الإمام الخامنئي 29/09/2009

الفصل الرابع: حل القضية الفلسطينية

أولا: الحل الدبلوماسي لقضية فلسطينمن

أجل حل المشكلة الفلسطينية المستعصية يقترح دوماً نوعان من الحلول. أحد الحلين خطأ و الحل الثاني صحيح. الحل الخطأ هو التفاوض مع هذا الغاصب الذي لا يلتزم بقيم إنسانية ولا بقوانين دولية، و لا بقرارات من منظمات دولية، و الوصول معه إلى نقطة اتفاق.

هذا الحل خطأ بأي شكل من الأشكال ظهر. لقد أثبتت إسرائيل أنها لا تلتزم بأي توقيع توقعه. حتى لو اتفقوا و حتى لو وقعوا فلن يلتزموا باتفاقاتهم و تواقيعهم. الحل الذي يُلقى فيه الطعام في فم هذا المعتدي ليسمن أكثر و يكون قادراً على اتخاذ الخطوة التالية ليس حلاً. هذه تجربة ستين عاماً من القضية الفلسطينية. القرارات صدرت عن منظمة الأمم المتحدة.

و مع أن أمريكا التي تدافع عن الصهاينة وقّعت هذه القرارات حسب الظاهر، بيد أن الغاصب لم يعمل بهذه القرارات. الحل المنطقي هو الحل الذي تضطر كل الضمائر اليقظة في العالم و كل الذين يؤمنون بالمفاهيم العصرية في العالم لأن يوافقوه ألا و هو تخيير الشعب الفلسطيني و السماح له بإبداء رأيه. جميع الذين تشردوا من فلسطين يعودون إلى أرض فلسطين و إلى ديارهم، من شاء منهم طبعاً. هذه قضية منطقية.

المشردون في لبنان، و الأردن، و الكويت، و مصر، و باقي الدول العربية يعودون إلى ديارهم في فلسطين، و يجري استفتاء يشارك فيه من كانوا في فلسطين قبل سنة 1948 م – و هي سنة تأسيس الدولة الإسرائيلية المزيفة – من مسلمين و مسيحيين و يهود. يختار هؤلاء عبر استفتاء عام النظام الذي يحكم أرض فلسطين.. هذه هي الديمقراطية.. لماذا تكون الديمقراطية جيدة و صالحة لكل العالم و لا تكون صالحة لشعب فلسطين؟! لماذا يتدخل كل الناس في العالم في تقرير مصيرهم و لا يحق ذلك لشعب فلسطين؟!

لا يشك أحد في أن النظام الحاكم في فلسطين اليوم نظام تولى زمام الأمور بالقوة والحيلة و الخداع و الضغط.. هذا ما لا يشك فيه أحد. لم يأت الصهاينة بالطرق السلمية. جاءوا بالحيلة و الخداع بعض الشيء، و بقوة السلاح و الضغط بعض الشيء، لذا فهم يمثلون نظاماً مفروضاً.

ليجتمع الشعب الفلسطيني و يصوِّت و يختار نظام الحكم في هذا البلد. و تتشكل تلك الدولة و ذلك النظام و يتخذ قراره بشأن الذين جاءوا إلى فلسطين بعد سنة 1948 م، و ليكن قراره ما يكون. إذا قرر أن يبقوا فليبقوا و إذا قرر أن يغادروا فليغادروا. هذا حل يأخذ بنظر الاعتبار أصوات الشعب و الديمقراطية و حقوق الإنسان، و يتطابق مع المنطق الحالي في العالم.

ثانيا: الضغط على الكيان الصهيوني

الغاصب لا يتقبل الحل المنطقي باللسان الطيب! هنا يجب على جميع أطراف القضية أن يعتبروا أنفسهم مسؤولين، سواء الدول العربية، أو الدول الإسلامية، أو الشعوب المسلمة في كافة أصقاع الأرض، و خصوصاً الشعب الفلسطيني نفسه، و كذلك المحافل و الأوساط العالمية. لكلٍّ مسؤوليته في أن يصرّ على تحقيق هذا الحل المنطقي و هو ممكن التحقيق. لا يقول البعض إن مثل هذا الشيء حلم و خيال و شيء غير ممكن.. كلا.. إنه ممكن.

بلدان بحر البلطيق عادت و استقلت بعد أربعين سنة و نيف من انضمامها للاتحاد السوفيتي، و بلدان منطقة القوقاز بعضها كان تحت سلطة روسيا القيصرية قبل نحو مائة سنة من تأسيس الاتحاد السوفيتي.. ثم عادت و استقلت. كازخستان، و آذربيجان، و جورجيا، و باقي هذه البلدان مستقلة في الوقت الحاضر. إذن، فهو حل ممكن. لكنه بحاجة إلى إرادة و عزيمة و جرأة و بسالة. الشعوب باسلة و مستعدة و لا تخاف.

إذن، يقع الواجب هنا على الحكومات. و الحكومات العربية تقف هنا في المقدمة و على رأس جميع الحكومات. بوسع الحكومات العربية اليوم أن تتقدم و تحرز حبَّ شعوبها و دعمهم في قضية فلسطين. إذا كانت الدولة و الحكومة مدعومة من قبل شعبها فلن تستطيع أمريكا فعل شيء لها، و لن تخاف هذه الحكومة من أمريكا، و لن يعود بها حاجة لملاحظة أمريكا و مداراتها.

ثالثا: استخدام سلاح النفط

من الأعمال المهمة التي تستطيع الدول العربية القيام بها هو أن يستخدم مصدّرو النفط نفطهم. الكلام الذي يطلقه الغربيون في العالم بأن لا تستخدموا سلاح النفط ليس كلاماً صحيحاً. النفط ملك الشعوب و يجب أن ينتفعوا منه لصالح أنفسهم. الأمريكان يستخدمون القمح و المحاصيل الزراعية و المواد الغذائية كسلاح، و هذا ما يفعلونه في العديد من مناطق العالم، فلماذا لا تتمتع البلدان الإسلامية و العربية بهذا الحق؟ ليقطعوا النفط لمدة شهر واحد فقط بشكل رمزي عن جميع البلدان ذات العلاقة الحسنة مع إسرائيل دعماً للشعب الفلسطيني. العالم اليوم يمتلك الحركة – حركة المصانع – و الإنارة و الطاقة – الطاقة الكهربائية – و الحرارة، و هي العناصر الثلاثة الرئيسية لحياتهم، يمتلكونها بفضل نفط البلدان الإسلامية. إذا لم يتوفر لهم النفط ستتوقف حركة المعامل و الإنارة و الحرارة.

رابعا: المساعدات المالية لشعب فلسطين

المساعدة المالية للفلسطينيين ليس أمراً يختص بالدول حتى تقول الدولة الفلانية: »لقد دفعت عشرة ملايين دولار، أو عشرين مليون دولار، أو خمسين مليون دولار«. و لا يُعرف أين مُنحت هذه الأموال، و كيف مُنحت، و لمن مُنحت؟ الشعب الفلسطيني اليوم بحاجة للغذاء و الدواء. الشعب الفلسطيني ليس شحاذاً، بل هو سيد تحت سلطة الأعداء. من واجب الجميع مساعدته.

لو افترضنا أن كل فرد في كل العالم الإسلامي – في إيران و باقي البلدان – أعطى ألف تومان فقط لأهالي فلسطين فلكم أن تتصوروا ما سيحدث! ألف مليار تومان كم ستترك من التأثيرات على شعب فلسطين و حياته! ليعدّوا و يبعثوا لهم الطعام، و الدواء، و الإمكانيات، و كل ما يحتاجونه للصمود و المقاومة.

خامسا: طريق إنقاذ فلسطين

ما أنزله الكيان الغاصب خلال العقود الأخيرة ببلد فلسطين و شعبه يكفي للتجربة كي يثبت أنه لا أمل إطلاقاً في الاستعانة بالقوى المهيمنة على العالم و أتباعهم في المنطقة من أجل إنقاذ فلسطين.

لقد أثبتت الثورة الإسلامية الكبرى في إيران أن مفتاح حل المشكلات الكبرى بيد الشعوب نفسها و إرادة البشر هي التي ستنتصر على تدابير القوى المهيمنة و إرادتها في حال الاعتماد على الله و على الوعود الإلهية. لقد ثبت اليوم دور الشعوب أكثر من السابق من خلال الأحداث التي وقعت في مناطق عديدة من العالم. مقابل وحشية الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين ليس هناك سوى إرادة الشعب الفلسطيني بوسعها الصمود و فرض التراجع و الهزيمة على العدو من خلال مقاومتها الرجولية. لا يجب و لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يبحث عن حريته و حقوقه الحقة في مؤتمرات القادة العرب و اجتماعاتهم. هذه الاجتماعات و اللقاءات إذا لم تكن مشؤومة و سلبية على الفلسطينيين المظلومين، فهي غير مفيدة على الأقل.

سادسا: المقاومة طريق إنقاذ الشعب الفلسطيني

إنقاذ فلسطين لا يحصل بالتملق لمنظمة الأمم المتحدة أو قوى الهيمنة أو للكيان الغاصب من باب أولى. سبيل الإنقاذ هو الصمود و المقاومة فقط بتوحيد كلمة الفلسطينيين و كلمة التوحيد التي هي ذخر لا متناه للحركة الجهادية.

أركان هذه المقاومة من ناحية هم الفئات الفلسطينية المجاهدة و جميع أبناء الشعب الفلسطيني المؤمن المقاوم في الداخل و الخارج، و هي من ناحية ثانية الحكومات و الشعوب المسلمة في كل أرجاء العالم، لا سيما علماء الدين، و المثقفون، و النخب السياسية و الجامعية. إذا استقر هذان الركنان المحكمان في مكانهما فلا مراء في أن الضمائر الحية و القلوب و الأفكار التي لم يمسخها سحر إعلام الامبراطورية الإخبارية للاستكبار و الصهيونية، سوف تهبُّ لنصرة صاحب الحق و المظلوم في أية منطقة من العالم كانت، و ستضع أجهزة الاستكبار أمام عاصفة من الأفكار و المشاعر و الأعمال.

مقاومة المجاهدين و الشعب الفلسطيني و صبره، و الدعم و المساعدة الشاملة لهم من كل البلدان الإسلامية سوف تستطيع كسر الطلسم الشيطاني لاغتصاب فلسطين.

الطاقة الهائلة للأمة الإسلامية بمقدورها حل مشكلات العالم الإسلامي بما في ذلك مشكلة فلسطين الفورية الملحّة. سابعا: يقظة الشعب الفلسطيني لحسن الحظ أضاءت صحوة الشعب الفلسطيني الإسلامية أفق المستقبل إلى حد كبير. الجيل الصاعد من الشعب الفلسطيني اليوم يجاهد باسم الله و تمسكاً بإيمانه الإسلامي، و هذا جهاد يبعث على كثير من الأمل، و كما هو مشهود فإن العدو – سواء حكام الصهيونية أو أمريكا، أو سائر حماة إسرائيل، أو خونة المنطقة – ذاهل مندهش جداً لهذا التحرك الجديد، و يتشبث بكل الأساليب من أجل تشويه هذه الحركة و حجب الاتجاه الحقيقي للجهاد. لكن الدين سوف ينقذ فلسطين.

الإسلام سوف يستعيد فلسطين من أيدي المعتدين. لقد وعى الجيل الفلسطيني الشاب حقيقة أنه إذا أراد الانتصار على هذه الذلة و الهوان و الضغوط التي تفرض عليه فالطريق إلى ذلك هو الكفاح و المجابهة و ليس الجلوس خلف طاولة المفاوضات، إذ لم يحصل المفاوضون على شيء.

ثامنا: القومية العربية وقضية فلسطين

نسمع أحياناً من يقول إن فلسطين قضية عربية. ما معنى هذا الكلام؟

إذا كان القصد منه إن العرب يحملون مشاعر أكثر قرباً و التصاقاً و يرغبون في تقديم خدمات و جهاد أكبر فهذا شيء محبّذ. لكن إذا كان معنى هذا الكلام أن لا يعير رؤساء بعض البلدان العربية أدنى اهتمام لنداء: يا للمسلمين، الذي يطلقه الشعب الفلسطيني، و يتعاونوا مع العدو الغاصب الظالم في قضية مهمة مثل فاجعة غزة، و يتهجّموا على الآخرين الذين لا يستطيعون تجاهل نداء الواجب، و يصرخوا فيهم: لماذا تساعدون غزة؟ عندها لن يقبل هذا الكلام أي مسلم و لا أي عربي غيور صاحب ضمير حي، و لن يعفی قائله من اللوم و الإدانة.

قراءة 2636 مرة