Print this page

الدروز

قيم هذا المقال
(1 Vote)

الدروز

الدروز هو جمع الدرزي، والعامّة تتكلّم بضم الدال، والصحيح هو فتحها، والظاهر انّ الكلمة تركيّة بمعنى الخيّاط، وهي من الكلمات الدخيلة على العربية، حتّى يقال: درز يدرز درزاً، الثوب، خاطه، والدرزي: الخيّاط.

والدروز فرقة من الباطنية لهم عقائد سرية، متفرقون بين جبال لبنان وحوران والجبل الأعلى من أعمال حلب .

ولم يكتب عن الدروز شيء يصحّ الاعتماد عليه ولا هم من الطوائف الّتي تنشر عقائدها حتّى يجد الباحث ما يعتمد عليه من الوثائق .

وقد سبق منّا الكلام في أنّ الإسماعيلية كانت فرقة واحدة وطرأ عليهم الانشقاق في عهد الإمام الحادي عشر الحاكم بالله، حيث ذهبت فرقة الدروز إلى القول بغيبة الحاكم بالله وعدم موته، ذلك انّ الحاكم استدعى الحمزة بن علي الفارسي الملقب بالدرزي وأمره أن يذهب إلى بلاد الشام ليتسلّم رئاسة الدعوة الإسماعيلية فيها ويجعل مقره «وادي التيم»، ولقّبه الإمام بالسيد الهادي، وتمكّن الدرزي في وقت قليل من نشر الدعوة الإسماعيلية في تلك البلاد إلى أن وصلت إليه وفاة الإمام الحاكم وتصدّي ابنه الظاهر لمقام الولاية، ولكن الدرزي لم يعترف بوفاة الإمام الحاكم، بل ادّعى انّه غاب، وبقي متمسّكاً بإمامته ومنتظراً لعودته، وبذلك انفصلت الدرزية عن الإسماعيلية، وكان ذلك الانشقاق عام 411 هـ . ( [1])

عقائد الدروز :

وقد تناولت موسوعات دائرة المعارف الإسلامية، جوانب من عقائد الدروز، غير أنّ الوقوف على واقع عقيدتهم أمر متعذر بجريان عادتهم على الستر والتكتم، ولخلو المكتبات من كتبهم .

ولأجل ذلك تضاربت أقوال المؤرّخين حول عقائدهم، وهذا هو البستاني فقد صور لهم صورة بيضاء ناصعة يطهّرهم عن كل ما ينسب إليهم من المنكرات ( [2])، ونرى خلاف ذلك عند فريد وجدي في دائرة معارف القرن الرابع عشر ( [3]) فقد نسب إليهم أُموراً منكرة ومشينة .

مثلاً: ينقل البستاني ويقول: إيمان الدروز انّ الله واحد لا بداءة له ولا نهاية، وان النفوس مخلدة تتقمص بالأجساد البشرية «التناسخ»، ولابدّ لها من ثواب وعقاب يوم المعاد بحسب أفعالها، وانّ الدنيا تكوّنت بقوله تعالى كوني فكانت، والأعمار مقدرة بقوله: ( وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ) ( [4]) ، وانّ الله عارف بكلّ شيء، وهم يكرمون الأنبياء المذكورين في الكتب المنزلة، ويؤمنون بالسيد المسيح ولكنّهم ينفون عنه الإلوهية والصلب، وأسماء بعض الأنبياء عندهم كأسمائهم في تلك الكتب، ولبعضهم أسماء أُخرى كالقديس جرجس، فانّه عندهم الخضر، وأسماء أنبيائهم شعيب وسليمان وسلمان الفارسي ولقمان ويحيى، وعندهم انّه لابد من العرض والحساب يوم الحشر والنشر، وتنقسم هذه الطائفة إلى: عقّال وجهّال .

فالعقّال هم عمدة الطائفة، ولهم رئيسان دينيّان يسمّيان بشيخي العقّال، والأحكام الدينية مفوضّة إليهم .

وقد أمر عقّالهم بتجنّب الشك والشرك والكذب والقتل والفسق والزنا والسرقة والكبرياء والرياء والغش والغضب والحقد والنميمة والفساد والخبث والحسد وشرب الخمر، والطمع والغيبة وجميع الشهوات والمحرمات والشبهات، ورفض كل منكر من المآكل والمشارب، ومجانبة التدخين، والهزل والمساخر والهزء والمضحكات، وجميع الأفعال المغايرة لإرادته تعالى، وترك الحلف بالله صدقاً أو كذباً، والسب والقذف والدعاء بما فيه ضرر الناس. ( [5])

هذا وكما ترى أنّ البستاني ينقل عنهم صورة بيضاء، وليس فيما عزا إليهم شيء يخالف الشريعة الإسلامية إلاّ القول بالتناسخ ونبوة سلمان الفارسي .

وفي مقابل ذلك نقل فريد وجدي عنهم صورة مشوهة، وإليك جانباً من كلامه في هذا الصدد :

من معتقداتهم انّ الحاكم بأمر الله هو الله نفسه، وقد ظهر على الأرض عشر مرات أُولاها في العلى، ثم في البارز، إلى أن ظهر عاشر مرة في الحاكم بأمر الله، وانّ الحاكم لم يمت بل اختفى حتّى إذا خرج يأجوج ومأجوج ـ ويسمّونهم القوم الكرام ـ تجلّى الحاكم على الركن اليماني من البيت بمكة ودفع إلى حمزة سيفه المذهب فقتل به إبليس والشيطان، ثم يهدمون الكعبة ويفتكون بالنصارى والمسلمين ويملكون الأرض كلّها إلى الأبد .

ويعتقدون أنّ إبليس ظهر في جسم آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم محمد، وأنّ الشيطان ظهر في جسم ابن آدم، ثم في جسم سام، ثم في إسماعيل، ثم في يوشع، ثم في شمعون الصفا، ثم في علي بن أبي طالب، ثم في قداح صاحب الدعوة القرمطية .

ويعتقدون بأنّ عدد الأرواح محدود، فالروح الّتي تخرج من جسد الميت تعود إلى الدنيا في جسد طفل جديد .

وهم يسبّون جميع الأنبياء، يقولون: إنّ الفحشاء والمنكر هما: أبو بكر وعمر، ويقولون: إنّ قوله تعالى: ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الأَنْصَابُ وَ الأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) ( [6]) يراد به الأئمة الأربعة وأنّهم من عمل محمد.

ويعتقدون بالإنجيل والقرآن، فيختارون منها ما يستطيعون تأويله ويتركون ما عداه، ويقولون: إنّ القرآن أُوحي إلى سلمان الفارسي فأخذه محمد ونسبه لنفسه، ويسمّونه في كتبهم المسطور المبين .

ويعتقدون أنّ الحاكم بأمر الله تجلّى لهم في أوّل سنة (408 هـ) فأسقط عنهم التكاليف من صلاة وصيام وزكاة وحج وجهاد وولاية وشهادة .

لدى الدروز طبقة تعرف بالمنزّهين، وهم عباد أهل ورع وزهد، ومنهم من لا يتزوج، ومن يصوم الدهر، ومن لا يذوق اللحم، ولا يشرب الخمر. ( [7])

وبما انّ معتقدات الدروز ظلت طيّ الخفاء والكتمان، فلنختصر على هذا المقدار إلى أن تنتشر كتبهم في هذا الصدد ونقف على حقيقة الحال. ونحن من المتوقفين في ذلك لا نحكم على تلك الطائفة بشيء حتّى تتبين احوالهم.

 

الهوامش:

[1] . انظر تاريخ الدعوة الإسماعيلية: 238 .

[2] . البستاني ; دائرة المعارف: 7 / 675- 677 .

[3] . فريد وجدي ; دائرة معارف القرن الرابع عشر: 4 / 26- 28 .

[4] . المنافقون: 11 .

[5] . البستاني; دائرة المعارف: 7 / 675- 677 .

[6] . المائدة: 90 .

[7] . محمد فريد وجدي ; دائرة المعارف: 4 / 26- 28 .

قراءة 3495 مرة