Print this page

يوم تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران (1/ نيسان/ 1979م = 12/ فروردين/ 1358 هـ. ش)

قيم هذا المقال
(0 صوت)
يوم تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران  (1/ نيسان/ 1979م = 12/ فروردين/ 1358 هـ. ش)

في هذا اليوم من عام 1979م، صوّت الشعب الإيراني بأغلبية 98.2% لصالح الجمهورية الإسلامية في أحد أكثر الانتخابات نزاهة وحرية وديمقراطية في تاريخ إيران، وعلى أثر هذا تمّ إقرار الدستور بنفس الطريقة، كما جرى انتخاب نواب مجلس الشورى الإسلامي، وقد جاء هذا الحدث بعد سلسلة من الأحداث التاريخية التي جرت في نفس العام بدأت في (8/شباط/1979م) عندما بايع أفراد القوة الجوية الإمام الخميني(قدس سره) في مكان إقامته (المدرسة العلوية في طهران)، وصار جيش الشاه على أبواب السقوط الكامل. إضافة إلى ذلك قام الكثير من جنود وضباط الجيش المؤمنين استناداً لفتوى الإمام الخميني(قدس سره)  بترك معسكراتهم والالتحاق بصفوف الشعب الأبيّ.

وفي يوم (20 بهمن = 9 شباط) انتفض أفراد القوة الجوية في أهم قاعدة جوية في طهران، فتوجهت قوات حرس الشاه المخلوع لقمعهم، فنزل الشعب إلى الميدان لحماية هذه القوات الثورية.

وفي (21 بهمن = 10 شباط) سقطت مراكز الشرطة والمراكز الحكومية بيد الشعب، وبهذا النحو تحطمت آخر مقاومة لنظام الشاه، وفي صباح (22 بهمن = 11 شباط) طلعت شمس انتصار ثورة الإمام الخميني(قدس سره)  الإسلامية، ونهاية عهد سلطة الملوك الظالمة الجائرة في إيران.

ويعتبر ذلك الحدث من أهم التحولات التي شهدتها الساحة الإيرانية، بعد انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني(قدس سره) ، الذي أعطى نموذجاً رائعاً للقيادة، عندما منح الشعب الفرصة ليبدي رأيه بحرية في نوع النظام الذي يختاره، مع أن الشعب قد أعطى رأيه للجمهورية الإسلامية في مسيرة عاشوراء وتاسوعاء كما نصّ عليه الإمام (قدس سره)  وإنما عمد الإمام للاستفتاء من قبل الشعب كتباً كي يبقى سنداً وحجة على الشعب وعلى الآخرين، وهذا يكشف عن الفكر الديمقراطي الحقيقي.

وتأتي أهمية هذا الحدث، من خلال إجراء هذا الاستفتاء النزيه ولم يكن قد مضى على انتصار الثورة إلا حوالي شهرين، في حين تمر الثورات الأخرى بفترات نقاهة اجتماعية قد تصل إلى عشرات من السنين دون أن تجد في نفسها القدرة على استفتاء شعوبها، لكي تختار الطريق الأسلم، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على توق الشعب الإيراني إلى إقامة نظام إسلامي على أرضه يعطي للأمة دورها الحقيقي في البناء والتطوير، مما شكل ضربةً قوية في وجه القوى الاستكبارية.

وقد كان الشعب الإيراني حاسماً في اختياره حيث قطع الطريق على كل الطروحات التوفيقية الأخرى، ومن الطريف أن بعض العناصر الليبرالية توسل إلى الإمام (قدس سره)  كي يضيف كلمة (الديمقراطية) مثلاً ليصار التصويت على (الجمهورية الديمقراطية الإسلامية) إلا أن الإمام رفضها بحسم قائلاً بكل حزم: «الجمهورية الإسلامية الإيرانية.. لا كلمة تزيد ولا تنقص..»، وقد سار الشعب الإيراني المسلم كله خلف خيار (الجمهورية الإسلامية) الذي تبناه الإمام الراحل(قدس سره).

 

معالم الحكومة الإسلامية:

أثبتت الأيام صحة وصواب الخيار الشعبي على الإسلام الحقيقي كنظام يقود البلاد، إذ تحولت الجمهورية الإسلامية إلى قلعة من قلاع الإسلام الحر والأصيل، تقف في وجه كل المؤامرات الاستكبارية، وتدعم كل القوى الخيرة التي تتوق للعدالة والحرية والاستقلال.

وما ذلك كله إلا بفضل الفهم العميق للإمام الراحل(قدس سره)  لمعالم الحكومة في تعاليم الإسلام المحمدي الأصيل الذي وضع الدستور للجمهورية الإسلامية على أساس تلك المعالم.

 

ولاية الفقيه أو الحكومة الإسلامية:

وضّح الإمام الراحل(قدس سره)  في كتابه (الحكومة الإسلامية)، نظرة الإسلام المحمدي الأصيل بالنسبة إلى الحكم، وهذا الكتاب عبارة عن مجموعة محاضرات ألقاها الإمام (قدس سره)  في الفترة ما بين 13 ذي القعدة إلى 2 ذي الحجة سنة 1389هـ، أيام إقامته في النجف الأشرف، ووزعت في تلك الأيام بأشكال مختلفة، كمجموعة كاملة أو على نحو دروس منفصلة. وفي خريف سنة 1970م طبعت من قبل أنصار الإمام في بيروت بعد مراجعتها من قبله وإعدادها للطبع، ومن ثم أرسلت إلى إيران بشكل سري كما أرسلت إلى عدد من المناطق الأخرى.

وكان كتاب الإمام (قدس سره)  كسائر آثاره على رأس لائحة الكتب الممنوعة في نظام الشاه، ومع ذلك انتشر بطريقة مذهلة.

وميزة هذا الكتاب أنه (قدس سره)  تطرّق إلى مسألة الولاية بكثير من الاهتمام والتركيز وخصوصاً في مجال الحكومة وجوانبها السياسية، حيث يشير كذلك إلى مخططات الأعداء التي تنفذ من أجل القضاء على الإسلام. ويرد على الشبهات المثارة حول عدم قدرة الإسلام على إدارة المجتمع والدولة في العصر الحديث، وذلك بأسلوب استدلالي علمي معمق.

كما عرّف الإمام (قدس سره)  بشكل دقيق معالم الحكومة الإسلامية الحقيقية، ومواضع الافتراق بينها وبين سائر أشكال الحكم.

وقام (قدس سره)  بإثبات ولاية الفقيه بمعنى التصدي للحكومة من خلال الإتيان بالروايات والاستدلال بها.

وعرض (قدس سره)  رؤاه حول تطوير الحوزات وإصلاحها والنهوض بالتعليم والتوجيه وإزالة آثار الاستعمار كلها.

وقد وفّق الإمام الراحل(قدس سره)  للتطبيق العملي لنظريته حول ولاية الفقيه والحكومة الإسلامية من خلال قيامه بالثورة الإسلامية وتولّيه قيادة المجتمع والدولة في إيران الإسلام بعد انتصار الثورة، حيث أثبت كفاءة نادرة في هذا المجال وقدرةً بارعةً في الإدارة، وفق تعاليم الإسلام المحمدي الأصيل والسير في ضوء الولاية، وقد استمرّ خليفته بالحق الإمام الخامنئي (دام ظله) في هذا الفكر والنهج من خلال قيادته للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد رحيل الإمام الخميني(قدس سره).

 

أحاديث في السياسة والحكومة:

1- حسن السياسة (الإدارة):

قال الإمام علي(ع) : «حسن السياسة يستديم الرئاسة»([1]).

وعنه (ع) : «رأس السياسة استعمال الرفق»([2]).

2- العدالة: قال الإمام علي(ع) : «ملاك السياسة العدل»([3]).

وعنه (ع) : «ثبات الدول بإقامة سنن العدل»([4]).

3- حسن التعامل مع الناس (الشعب):

قال الإمام علي(ع) : «من سما إلى الرياسة صبـر على مضض السياسة»([5]).

وعنه (ع) : «من كثر جميله أجمع الناس على تفضيله»([6]).

4- ممارسة الرقابة على حسن أداء الحكومة:

قال الإمام علي(ع) : «من دلائل الدولة قلة الغفلة»([7]).

5- حسن الاختيار:

قال رسول الله(ص): «من استعمل رجلاً من عصابة، وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين»([8]).

 

([1]) غرر الحكم: 331.

([2]) المصدر السابق:342.

([3]) المصدر السابق: 331.

([4]) المصدر السابق: 340.

([5]) المصدر السابق: 331.

([6]) المصدر السابق: 449.

([7]) غرر الحكم: 341.

([8]) ميزان الحكمة.

قراءة 2875 مرة