Print this page

ذكرى وفاة فاطمة الكلابية الملقّبة بـ (أم البنين) زوجة الإمام علي بن أبي طالب (ع) (13 / جمادى الثانية /السنة 64 هـ)

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ذكرى وفاة فاطمة الكلابية الملقّبة بـ (أم البنين) زوجة الإمام علي بن أبي طالب (ع) (13 / جمادى الثانية /السنة 64 هـ)

نسبها الشريف:

هي فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية، كان أبوها حزام بن خالد([1]) من أعمدة الشرف في العرب، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقرى الأضياف، وكانت أسرتها من أجلّ الأسر العربية وقد عُرفت بالنجدة والشهامة([2]).

كيفية زواج علي(ع) بها:

يُذكر أن أمير المؤمنين(ع) ندب أخاه عقيلاً - الذي كان عالماً بأنساب العرب - أن يخطب له امرأة قد ولدتها الفحول ليتزوجها، حتى تلد له غلاماً زكياً شجاعاً لينصر ولده الحسين في كربلاء، فأشار عليه عقيل بالسيدة فاطمة بنت حزام الكلابية، فإنه ليس في العرب من هو أشجع من أهلها ولا أفرس، فندبه الإمام إلى خطبتها، فانبرى عقيل إلى أبيها وعرض عليه الأمر، فاستجاب هو وابنته بكلّ فخر واعتزاز([3]).

وقد رأى فيها الإمام علي(ع) العقل الراجح، والإيمان الوثيق، وسموّ الآداب، ومحاسن الصفات، فأعزها وأخلص لها كأعظم ما يكون الإخلاص.

علاقتها بأولاد علي(ع):

منذ الأيام الأولى لانتقالها إلى دار الإمام قامت برعاية أولاد فاطمة الزهراء عليها السلام على أحسن ما ترعى أمّ ولدها، وقد وجدوا عندها العطف والحنان، ما عوّضهما من الخسارة الأليمة بفقد أمّهم فاطمة عليها السلام.

ولقد كانت السيدة أم البنين تكنّ في نفسها من المودة والحب للحسن والحسين وزينب عليها السلام ، ما لا تكنّه حتى لأولادها، ولقد قدمت أبناء رسول الله(ص) على أبنائها في الخدمة والرعاية، امتثالاً لأمر الله تعالى فيهم، حيث قال: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)([4]).

ومن مآثر هذه السيدة الفاضلة، أنها طلبت من أمير المؤمنين(ع) أن لا يناديها باسمها (فاطمة)، معتذرة إليه بأنها تخاف أن يسمع الحسنان باسم أمهما فيتذكّراها ويحزنا عليها، مما جعل أمير المؤمنين يلقّبها بعد ذلك بـ (أم البنين).

وقد كانت تأمر أولادها العباس وإخوته منذ الصغر باحترام وتقدير أبناء فاطمة وخدمتهم، وفعلاً لقد ضرب العباس الذي ارتشف من معين وفائها وإخلاصها واحترامها لأبناء الزهراء، أروع وأعظم مثالاً في الاحترام والتقدير لأخويه الحسن والحسين، فلقد كان يمشي دائماً خلف أخيه الحسين، وما عهد طيلة حياته أن نادى الحسين بـ (يا أخي) و (يا حسين)، إلاّ كان يقول له: (سيدي) ولقد أثّرت هذه التربية أثرها العميق إلى أن استشهد العباس وإخوته عطاشى فداءً لأخيهم وسيدهم الحسين(ع).

ومن مآثرها أنه عندما دخل بشر بن حذلم إلى المدينة ناعياً الحسين(ع) بعد واقعة الطف، جاءت وسألته عن الحسين، فأخبرها باستشهاد أولادها الأربعة العباس وإخوته، فكرّرت عليه السؤال عن حال الحسين(ع)، فلما أخبرها بمصرعه وقعت على الأرض مغشياً عليها، وكان حزنها على الحسين أكثر من حزنها على أولادها، حتى أنها عندما دخلت على زينب(ع) لتعزّيها، كانت تصيح: واحسيناه وا ولداه، ولم تندب عندها واحداً من أولادها، بيد أن زينبعليها السلام تبادلها الندب وتصيح: وا أخاه وا عباساه. ولهذا كانت هذه المرأة العظيمة محطّ احترام السيدة زينب(ع) وتقديرها مما لم تحضَ به امرأة قط عندها، ولقد كانت تزورها بين الفينة والأخرى، وفي أيام العيد تقديراً ووفاءً لما قدمته لهذه العترة الطاهرة.

امتنعت عليها السلام عن الزواج بعد علي(ع)، على الرغم من أنّ الأشراف قد تقدّموا لخطبتها لنيل شرف الاقتران بها([5]).

أولادها:

أنجبت من أمير المؤمنين ذكوراً أربعة، وهم: العباس وجعفر وعبد الله، وعثمان([6])، وقيل إن اسم الأخير منهم، عبد الرحمن([7]).

وفاتها:

توفيت عليها السلام في الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة 64 من الهجرة النبوية الشريفة([8])، ودفنت في البقيع قُرب قبور الأئمة عليهم السلام ، وقبرها الآن مقصد للملهوفين والمؤمنين، وقد اشتهر بينهم أنها أحد أبواب الله التي ما قصدها أحد إلا استجاب الله له.

يقول الشهيد الأول في حقها: كانت أم البنين من النساء الفاضلات، العارفات بحق أهل البيت عليهم السلام ، مخلصة في ولائهم، ممحّضة في مودّتهم، ولها عندهم الجاه الوجيه، والمحل الرفيع، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تعزّيها بأولادها الأربعة، كما كانت تعزّيها أيام العيد([9]).

 

([1]) رجال الشيخ الطوسي: 104 ترجمة4.

([2]) العباس بن علي: 20- 21.

([3]) تنقيح المقال 2: 128.

([4]) سورة الشورى: الآية 23.

([5]) بحار الأنوار 42: 12.

([6]) بحار الأنوار 42: 74.

([7]) المصدر السابق: 42: 90.

([8]) وقائع الأيام للبيرجندي.

([9]) نقلاً عن كتاب العباس بن علي(ع): 23-24.

قراءة 3855 مرة