الجواب الإجمالي
سؤالکم یقبل المناقشة من وجهین، الأول: وجود الفساد فی الدول الإسلامیة و هذا ناجم من عدم تطبیق الأوامر الإسلامیة. الثانی: إثبات ان الفساد فی الدول الإسلامیة أکثر مما هو علیه فی الدول غیر الإسلامیة، و هذا المدعی مشکوک فیه قطعاً و بنظرة خاطفة للاحصاءات فی هذا المجال یُمکن انکاره بسهولة.
الجواب التفصيلي
للأدیان الحقة الإلهیة خصوصاً الدین الإسلامی نداءات أخلاقیة و أحکام وافرة، الهدف منها إیجاد فضاء اجتماعی سالم للفرد و المجتمع. و من أهم انجازات الأدیان السماویة هو الحد و الوقوف أمام فساد الفرد و المجتمع. و من أهم انجازات الأدیان السماویة هو الحد و الوقوف أمام فساد الفرد و المجتمع. و الأوامر الأخلاقیة کاحترام الکبیر و الالتزام بالوعد و محبة الناس و مداراتهم و الترغیب علی الزواج و کل الأحکام القانونیة و الشرعیة کحرمة اللواط و الزنا و وجوب الحجاب و... و فی المسائل الاقتصادیة کحرمة الربا، و باقی الأحکام الشرعیة کلها جاءت لتهیئ أرضیة إیجاد فضاء اجتماعی سالم.
واما سؤالکم فیقبل المناقشة من وجهین:
الأول: وجود الفساد فی الدول الإسلامیة: فی دنیانا المعاصرة حیث الحدود فیها مرفوعة و الحصول علی المسائل الجنسیة أمر سهل جداً، نجد کل الدول و منها الإسلامیة تضج و تئن من ظاهرة الفساد. أما الدول الإسلامیة و بسبب حقیقة دینها المانع نجد واقعة تحت طائلة هجوم الأعداء أکثر من غیرها من الدول. لکن هذا الأمر لا یدعو لأن تکون الدول الإسلامیة، أسوء من غیرها بالنسبة للفساد –خصوصاً الجنسی- أما الموضوع الذی یحتاج الی دقة فهو:
أولاً: ان الدول الإسلامیة مختلفة جداً فیما بینها من جهة العمل بالأحکام الإسلامیة، بحیث تعتبر بعضها فی أسفل حد من العمل بها.
ثانیاً: یجب أن تفرّق بین الإسلام و الدول الإسلامیة، فإذا طبّقت الأوامر و الأحکام الإسلامیة ستؤدّی مفعولها بشکل جید. لکن مع الأسف نجد الیوم أکثر الدول الإسلامیة لا تحمل من الإسلام إلا إسمه بحیث لا تجری فیها أکثر الأحکام الإسلامیة، و من جهة اخری نجد الدول التی تعزم علی تطبیق الأحکام الإسلامیة، تعانی من مشاکل عدیدة فی اجراء هذه الأحکام و التی من أعظمها سیطرة الثقافة الغربیة علی کل الشؤون الثقافیة، و السیاسة و الاقتصادیة و... لکافة الدول و منها الدول الإسلامیة.
إذن وجود الفساد فی الدول الإسلامیة لا یُمکن أن یکون بسبب تطبیق الأحکام الإسلامیة. بل هو بسبب أعمال المسلمین انفسهم و التی لا یُمکن أن تقف أمام تیار الفساد العارم. الیوم لا یوجد شیء بعنوان قانون الحجاب فی کل الدول الإسلامیة تقریباً، و إذا ما نجد من یطبّق قانون الحجاب و یرتدیه فبسبب الرغبة الشخصیة فی ذلک
الثانی: ان الفساد فی الدول الإسلامیة أکثر مما هو علیه فی الدول الغربیة:
بعد أن عرفنا أن الفساد فی الدول الإسلامیة لا یُمکن أن ینسب الی الإسلام، یُمکن لنا بسهولة التشکیک فی مقولة "ان الفساد فی الدول الإسلامیة أکثر مما هو فی الدول الغربیة".
نعم، أن الدول الإسلامیة قد لا یکون لها نصیب من الإسلام إلا الظاهر، لکن هذا الظاهر أمکنه إلی حد کبیر أن یحفظ هذه الدول من هجوم الفساد العالمی. فالتدیّن الظاهری فی الدول الغربیة الذی لا یراعی فی الغالب ترک نتائج مخربة کثیرة. لذلک نجلب انتباهکم الی بعض احصاءات الفساد فی الدول الغربیة:
1- کثرة نسبة الطلاق فی الدول الاوروبیة الباعث علی المفاسد الکثیرة فی المجتمع. طبقاً لبعض الاحصاءات أن من بین کل زواجین تجری فی الرابطة الاوربیة، ینجر أحدهما إلی الطلاق، ففی هذه الرابطة سجّل فی سنة 2004 تقریباً 4800000 مولود و ما یقارب ثلثی هذا العدد کان عن غیر زواج شرعی.
2- فی فرنسا، فی کل ساعتین یحصل تجاوز واعتداء علی امرأة، و هذا فی الوقت الذی نجد بعض المؤسسات و منها رابطة التصدی للتعدی علی النساء فی فرنسا تعتقد أن نساء فرنسا لازالن یخافن جداً من مسألة اعلان الشکوی ضد التعدّی علیهم أمام الشرطة، و 50/0 فقط من الضحایا یوصلون قضیتهم الی الشرطة
3- اُعلن بناءً علی تحقیقات وزارة العدل فی أمریکا، أن تجارة الفساد و الفحشاء اصبحت من التجارات المربحة بحیث یصل حاصلها و رأس مالها إلی 8 ملیارد دولار. الآن فی أمریکا تقریباً 900 سینما خاصة ببث الأفلام المستهجنة. و طبقاً لإحصاءات مرکز الدراسات النسویة فی امریکا إن 50/0من النساء العاملات 15/0 من الرجال العاملین یتعرّضون فی محیط عملهم للأذیة أو التعدّی الجنسی.
4- قانونیة الزواج بالجنس المماثل فی الدول الغربیة کبلجیکیا و هولندا و اسبانیا و... تعتبر من المؤشّرات البارزة علی الفساد و قد جوبهت بمخالفات عدیدة حتی من نفس شعوب هذه الدول.
5- بناء علی بعض الاحصاءات إن المشاکل و الخسائر الناجمة من تناول المشروبات الکحولیة فی کل سنة تبعث علی موت حوالی 600000 شخص من شعب اوربا.
هذه الاحصاءات و احصاءات اخری قامت بها بعض المراکز الرسمیة للدول الغربیة تعتبر صورة و نموذجاً صغیراً لما یحدث فی الغرب. وجود هذه المشاکل فی السنین الأخیرة أدت الی جذب شباب الدول المتقدمة و الغربیة خصوصاً البنات منهم الی الحجاب. و تدل أحدث الاحصاءات علی رغبة البنات فی هذه الدول علی لبس الملابس الأکثر تحجّباً. و کمثال علی ما نقول نشیر الی موردین:
1- أعلن الموقع الاینترنیتی لقسم التحقیقات IG (آی جی) و هو قسم التحلیل الاحصائی فی مرکز نیویورک: ان الجیل الجدید لبنات نیویورک لیس لدیهم رغبة واضحة علی الظهور و التباهی و لبس الملابس المظهرة للبدن. یقول محققی هذا القسم: علة هذا الاتجاة الجدید للبنات هو رغبتهن علی امتلاک ضبط النفس و الارتیاح و التخلّص من أذیة الآخرین.
2- حسب تقاریر وکالة فارس للأنباء: تدل نتائج التحقیق الجدیدة فی ترکیا أن عدد النساء المحجّبات فی السنوات الأربع الأخیرة فی هذه الدولة قد تضاعف أربعة أضعاف عمّا علیه سابقاً
ومن الطبیعی، أن بیان هذه المطالب لا یدل علی أن الدول الإسلامیة قد وصلت الی الحد المرضی بل تحتاج الی طی مسیر طویل جداً للوصول الی الحدّ المطلوب و اللائق بها.
و فی الختام نجد من الضروری التذکیر بهذه النکتة و هی إن ما ذکر فی النقطة الثانیة، هو موارد الفساد المتفق علیها غربیاً و إسلامیاً، و إلا فتوجد موارد کثیرة جداً لا تعتبر عندهم فساداً کما هو الحال عندنا. فإذا أخذت هذه أیضاً بنظر الاعتبار ستزداد نسبة الفساد فی الدول الغربیة حیث لا یُمکن مقارنتها بالدول الإسلامیة.
المصدر:اسلام کویست