شهدت حسينية الإمام الخميني (رحمه الله) لقاء العاملين في حملات (راهيان نور) قوافل النور، (الحملات الشعبية لزيارة جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية من قبل نظام البعث العراقي) بقائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي.
وخلال اللقاء أشار الإمام الخامنئي إلى أن السبب الذي أدى إلى اندلاع الحرب المفروضة، هو أن العدو كان يشعر بالضعف فينا، إحساس ضعفكم من شأنه تشجيع العدو للهجوم عليكم؛ هذه قاعدة عامة. فلو أردتم أن تحولوا دون هجوم العدو، فحاولوا أن لا تشعروا بالضعف.
وأوضح سماحته: لا أعني بكلامي أن ندَّعي كذباً أننا أقوياء، بل ما أعنيه أن نُظهر قوتنا. لدينا الكثير من نقاط القوة، في الناحية الاقتصادية والثقافية كذلك الأمر. الخطأ الذي وقع البعض منا فيه في غضون التحدي الاقتصادي الكبير الذي يعاني منه بلدنا اليوم، هو أنهم تسببوا في أن يشعر العدو بالضعف فينا في المجال الاقتصادي، وأدرك الأعداء أن هذا هو الموضع الذي يمكنهم من خلاله ممارسة الضغط علينا ولهذا السبب قاموا بمضاعفة الضغوطات الاقتصادية.
وتطرق سماحة الإمام الخامنئي إلى تصريحات أحد المسؤولين الغربيين بقوله: لهذا السبب يصل الأمر بأحد المسؤولين الغربيين أن يجيب في إحدى مقابلاته حينما سُئل عن المناورات العسكرية التي تقوم بها بلاده في التزامن مع إجرائها مفاوضات مع إيران ألن ينزعج الإيرانيون من هذه المناورات؟! حينها أجاب هذا المسؤول من دون أي خجل: لا لن يكون لها أي تأثير، الإيرانيون بحاجة إلى هذه المفاوضات لدرجة لا تؤدي من خلالها هذه المناورات بإلحاق أي ضرر بهذه المفاوضات.
كما أشار قائد الثورة الإسلامية خلال كلمته إلى أهمية الدفاع المقدس (حرب الثمان سنوات المفروضة على الجمهورية الإسلامية من قبل صدام حسين) بالنسبة لإيران: أيام الدفاع المقدس كانت واحدة من أيام الله بكل ما تحمل الكلمة من معنى. يجب العمل لكي يبقى ذكرها حياً، إنها ثروة. يخطئ من يظنون أنه ينبغي عدم ذكر اسم الدفاع المقدس، أو إذا قمنا بذكره فيجب التكلم بشكل يناقضه ويخالفه، هؤلاء هم أشبه بمن يحرق المخطوطات والكتب النفيسة والفريدة الباقية لأحد الشعوب، ويقضون على كل ما من شأنه صناعة تاريخ ومستقبل هذا الشعب.
كما تطرق السيد الخامنئي إلى الحيل التي يلجأ إليها البعض تحت شعار السلام لإضعاف إرادة الشعوب في مواجهة الهجمات الخارجية بقوله: من يعملون ضد الدفاع المقدس يقومون بخلط مقولتين اثنتين مع بعضهما البعض؛ المقولة الأولى هل الحرب في حد ذاتها شيء جيد أم سيء؟ من الواضح أن الحرب شيء عنيف تحتوي على القتل والدمار. والمقولة الثانية هي لو تعرض شعب من الشعوب لهجوم ما ولكنه لم يقم بإحضار قواته إلى ساحات القتال من أجل الدفاع عن بلده، ماذا سيحدث حينها؟ هذا الكلام يخلطونه مع الكلام الأول ويحصلون بالتالي على نتائج خاطئة.
وأضاف الإمام الخامنئي: الدفاع المقدس كان بمثابة حركة حيوية ونفس جديد تنفسه الشعب، لو لم نتنفس لكنا متنا. هذا الأمر يجب إبقاؤه حياً. إذاً الدفاع المقدس واستذكاره هو ثروة وطنية. حسناً إذا أردتم الانتفاع من هذه الثروة واستغلالها فيجب عليكم أن تعرفوا تقنياتها. وأنا أقول (راهيان نور) حملات قوافل النور هي واحدة من هذه التقنيات.
ورأى السيد الخامنئي في حملات قوافل النور عاملاً يحول دون نسيان قيم ودروس مرحلة الدفاع المقدس وقال سماحته: من أجل تقدم ورفعة أي عمل يجب الحفاظ عليه بشكل مستمر والعمل لكي لا ينحرف عن مسيره الأصلي، وطبعاً التقدم والرفعة لا تتحقق من خلال الكلام وإعطاء الإحصائيات إنما يجب مشاهدة ثمار ونتائج هذا العمل على الأرض.
وفي إشارة منه إلى الثروات الطبيعية والإنسانية التي تتمتع بها الشعوب والدول المختلفة قال قائد الثورة الإسلامية: إيران تمتلك ثروات ونقاط قوة طبيعية وإنسانية عديدة، ولكن وجود "الاعتقاد بالجهاد والدافع للحركة على طريق الدين" يعتبر واحداً من أهم هذه الثروات والقيم الثقافية. وأضاف سماحته: "الإيمان بالصمود أمام المعتدي" وكذلك الاعتقاد بأننا "إن صمدنا فإننا سوف ننتصر على العدو من دون أدنى شك" هما أحد الثروات والقيم الثقافية التي يتمتع بها الشعب الإيراني والتي إن بقي ذكرها حياً ووظفت في ساحات العمل فإن من شأنها أن تكون سبباً للقيام بأعمال كبيرة شبيهة بانتصار الثورة الإسلامية أو مرحلة الدفاع المقدس.
كما رأى قائد الثورة الإسلامية في ذكريات الدفاع المقدس العديدة، الغنية والمعبرة ثروةً وطنية عظيمة وأكد سماحته: في مذكراته يعلمنا ذاك المجاهد الهمداني الذي لم يكن يبلغ من العمر إبان مرحلة الدفاع المقدس أكثر من عشرين عاماً "إذا أردت عبور الأسلاك الشائكة فيجب عليك أن تعبر الأسلاك الشائكة التي حاكتها نفسك أولاً" يعني ما دمنا مبتلين بأنفسنا فإننا لن نستطيع القيام بعمل يذكر.
واعتبر السيد الخامنئي وجود بناء ثقافي قوي إحدى مستلزمات الحصول على بناء اقتصادي وسياسي قوي وأعاد الإمام الخامنئي التذكير بأن مرحلة الدفاع المقدس تعتبر منبعاً للقوة الثقافية التي تتمتع بها البلاد وقال سماحته: الثقافة شبيهة بالاقتصاد؛ فلو لم يكن هناك إنتاج في المجال الثقافي، سيحلّ الاستيراد محله، ونتيجة الاستيراد الحتمية تتجلى في عدم نهوض الإنتاج الداخلي أبداً.
وفي إشارة منه إلى الوضع الاقتصادي وبعض المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد قال الإمام الخامنئي: اليوم تشكل الواردات الكثيرة من دون أي حدود ومحاسبة في ظل الإنتاج الداخلي المحدود واحدة من مشكلات بلادنا الاقتصادية.
كما أكد قائد الثورة الإسلامية أن نتيجة الإنتاج الثقافي المحدود والمتدن سوف تكون استيراد الواردات الثقافية سواء الرسمية منها أم المهربة حيث قال سماحته: اليوم الواردات الثقافية كثيرة وجميعها تصب في إطار خطط الأعداء الهادفة إلى تغيير الجيل الشاب من جيل عاشق للثورة وللإمام الخميني والقيم إلى جيل مرتبط بالثقافة الغربية وعديم النفع لبلاده.
واعتبر الإمام الخامنئي في كلمته المخططات الثقافية أخطر من المؤامرات الأمنية وحتى التهديدات العسكرية وأضاف سماحته: تحركات العدو العسكرية تدفع الشعب إلى الانسجام والتكاتف ولكن الهجمات الثقافية من شأنها إضعاف الإرادات وسلب البلاد جيلها الشاب.