أكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، اليوم الجمعة، أن الحرس الإيراني دك بضربة أولية القاعدة الأميركية ويبقى الأساس هو خروج الأميركيين من المنطقة.
وفي كلمة قراها باللغة العربية قال سماحته، أودّ فی هذه المرحلة الحساسة من تاریخ هذه المنطقة أن یکون لي معکم أیها الإخوة العرب مختصَرٌ من الحدیث.
واضاف، فی هذه الأیام استشهد قائدٌ إیرانی کبیرٌ و شجاعٌ و مجاهدٌ عراقی طافحٌ بروح التضحیة و الإخلاص بأذرعٍ عسکریة أمریکیة و بأمر الرّئیس الإرهابی الأمریکی. هذه الجریمة لم تُرتکب فی میدان المواجهة، بل جرت بصورة جبانة لئیمة.
واضاف، ان القائد سلیمانی کان ذلک الرّجل الذّی یقتحم الخطوط الأمامیة ویقاتل بشجاعة نادرة فی أخطرِ المواقع، و کان العاملَ الفاعل فی دحر عناصر داعش الإرهابیة و نظائرها فی سوریة و العراق.
وتابع، الأمریکیون لم یجرأوا أن یواجهوه فی ساحات القتال فعمدوا إلى الهجوم علیه بنذالة من الجوّ حین کان بدعوة من حکومة العراق فی مطار بغداد و أراقوا دَمَه الطاهر هو و رفاقه، و بذلک امتزج دم أبناء إیران و العراق مرةَ أخرى فی سبیل الله سبحانه و تعالى.
وقال سماحته، ان الحرس الثوري الإیرانی دَکّ بضربة مقابلة أوّلیة صاروخیة القاعدة الأمریکیة و سحق هيبة و غطرسة تلک الدولة الظالمة المتکبرة و یبقى جزاؤها الأساسی و هو خروجها من المنطقة.
واكد بان الشعب الإیرانی فی مسیرات بعشرات الملایین شیّعوا الشهداء فی مختلف المدن بتودیع منقطع النظیر، والشعب العراقی فی مدن عدیدة شیّعوهم بفائق التکریم و الاحترام، کما أعربت شعوبٌ فی بلدان متعددة عن مواساتها فی اجتماعات صاخبة.
واضاف قائد الثورة، إنّ مساعي مغرضةً هائلة بُذلت لخلق نظرةٍ سلبیة بین الشعبین الإیرانی و العراقی. لقد أُنفقت أموال ضخمة و جُنّدَ أفرادٌ لا یشعرون بالمسؤولیة فی إیران ضدّ الشعب العراقی، والساحة العراقیةٌ شهِدَت ضخّاً إعلامیا شیطانیاً ضدّ الشعب الإیرانی، غیر أنّ هذه الشهادة الکبرى قد أحبَطَت کلّ هذه المساعی الشیطانیة والوساوس الخبیثة.
وقال، ما أرید أن أقوله لکم هو أنّ القدرة الإسلامیة، قدرتنا و قدرتَکم تستطیع أن تتغلّب على ما تحیط القوى المادیة نفسها به من هیبةٍ ظاهریة خادعة. القوى الغربیة بالاعتماد على العلم والتقانة، وبالسلاح العسکری، والإعلام الکاذب والأسالیب السیاسیة الماکرة استطاعت أن تهیمن على بلدان المنطقة، و متى ما اضطرّت إلى الجلاء من بلد على إثر نهضة شعبیة، فإنّها لا تکفّ قدر ما تستطیع عن التآمر و الاختراق التجسّسی والسیطرة السیاسیة والاقتصادیة، و زرعت الغدة السرطانیة الصهیونیة فی قلب بلدان غرب آسیا و عَمَدَت إلى وضع بلدان المنطقه فی تهدیدٍ مستمر.
واشار الى انه بعد انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران نزلت بالکیان الصهیونی ضرباتٌ شدیدة سیاسیة و عسکریة، و أعقب ذلک سلسلة من الهزائم للاستکبار و على رأسه أمریکا من العراق و سوریا و مروراً بغزّة و لبنان و حتّى الیمن و أفغانستان.
واضاف، إعلام العدو یتّهم إیران بإثارة حروبٍ بالنیابة، و هذه فریةٌ کبرى، فشعوب المنطقة قد استیقظت، و قدرةُ إیران فی مقاومتها الطّویلة أمام خُبثِ أمریکا قد ترکت أثرها فی الجوّ العام للمنطقة و فی معنویات الشعوب. مصیر المنطقة یتوقّف على التّحرّرِ من الهیمنة الاسکباریة الأمریکیة وتحریر فلسطین من سیطرة الصهاینةِ الأجانب.
واعتبر ان کلّ الشعوب تتحمّل مسؤولیة الوصولِ إلى تحقیق هذا الهدف واضاف، على العالم الإسلامی أن یزیل عوامل التفرقة. وحدة علماء الدّین قادرة على أن تکتشف أسلوبَ الحیاة الإسلامیة الجدیدة. و تعاون جامعاتنا من شأنه أن یرتقی بالعلم و التقانة، و بذلک تستطیع أن تضع أساس الحضارة الجدیدة. والتّنسیقُ بین وسائل إعلامنا بإمکانه أن یصلح جذورَ الثقافة العامّة. والتلاحم بین قُوانا العسکریة سیبعدُ المنطقة کلّها من الحروب والعدوان. والارتباطُ بین أسواقنا سیحرّر اقتصادَ بلداننا من سیطرة الشرکات الناهبة. و تبادل الزِیارات بین شعوبنا سیقرّبُ القلوبَ و الأفکار، و یخلقُ روحَ الوحدة و المودّة بینها. أعداؤنا و أعداؤکم یریدون أن یحققوا تقدمَهم الاقتصادی على حساب ثرواتِ بلدانِنا، وأن یبنوا عِزَّتَهم على حساب ذُلِّ شعوبنا، و یسجّلوا تفوُّقَهم بثمنِ تفرّقنا. یریدون إبادَتَنا على أیدینا. أمریکا تستهدفُ أن تجعلَ فلسطین دونما قدرةِ على الدفاع أمام الصهاینةِ الظالمین المجرمین، و أن تجعل سوریا و لبنان تحت سیطرة الحکومات التابعة لها و العمیلة، و تریدُ العراقَ و ثرواتهِ النفطیةَ بأجمعها مِلکاً لها. و لتحقیق هذا الهدفِ المشؤومِ لا تتوانى عن ارتکاب الظلمِ و العدوان. الامتحانُ العسیر الذین مرّت به سوریا والفِتنُ المتوالیةُ فی لبنان، والأعمالُ الاستفزازیةُ والتخریبیةُ المستمرةَ فی العراق نماذجُ لذلک.
واعتبر الاغتیالُ الغادر لأبي مهدی القائدِ الشجاع للحشدِ الشعبی و قائد الحرس الکبیر سلیمانی نماذجُ نادرةٌ لهذه الفتن فی العراق. هؤلاء یریدون أن یحقّقوا أهدافهم الخبیثة فی العراق عن طریق إثارة الفتن والحروب الداخلیة و بالتالی تقسیم العراق و حذف القوى المؤمنة والمناضلة والمجاهدة الوطنیة.
واضاف، کنموذج لوقاحتهم فإنهم إذ یلوّحون بأنهم حماة الدیمقراطیة یصرّحون بکل وقاحة وصلافة، بعد أن صادق برلمان العراق على إخراجهم، أنّهم جاءوا إلى العراق لیبقوا فیه و لن یغادروه.
واكد بان العالم الإسلامی لا بدّ أن یفتح صفحة جدیدة. الضمائر الیقظة والقلوب المؤمنة یجب أن تُحیی الثقة بالنفس فی الشعوب، و على الجمیع أن یعلموا أن طریق نجاة الشعوب هو فی التدبیر والثبات و عدم الرهبة من العدو.