محمد المنشاوي-واشنطن
في حديث له مع برنامج "واجه الأمة" صباح أمس الأحد، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب هدفت من وراء التوصل لاتفاق سلام مبدئي مع حركة طالبان إلى إنهاء الحرب الأطول في التاريخ الأميركي.
وقال بومبيو إن "تخفيض التكلفة، والحفاظ على حياة الأميركيين وإعادتهم لأرض الوطن؛ هي أهم أهداف الرئيس ترامب في هذه الاتفاقية".
وبقيت تكلفة الحرب -التي استمرت 18 عاما- سؤالا بلا إجابة واضحة في العاصمة الأميركية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتكلفة المادية. وتنقسم تكلفة الحرب إلى شق يتعلق بالخسائر البشرية، وآخر يرتبط بالتكلفة المادية.
وتشير دراسة صدرت عن مبادرة "تكلفة الحرب"، وهي مشروع بحثي مشترك بين جامعتي براون وبوسطن الأميركيتين؛ إلى وصول تكلفة الحروب الأميركية منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وحتى نهاية العام المالي 2020، إلى 6.4 تريليونات دولار.
ويتضمن هذا المبلغ تكلفة حربي العراق وأفغانستان، إضافة إلى العمليات العسكرية في باكستان واليمن وليبيا وسوريا وليبيا ودول أفريقية.
وأشارت تقارير نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" إلى وصول تكلفة الحرب في أفغانستان إلى تريلوني دولار، في حين أشارت تقارير أخرى، حكومية وغير حكومية، إلا أن التكلفة المادية للحرب لم تتخط حاجز التريليون دولار. وينبع التناقض لاختلاف طرق الحساب، وتضمين بعض العناصر وتجاهل أخرى.
واعتبر مشروع "تكلفة الحرب" أن تكلفة الحرب في أفغانستان تخطت التريليون دولار، إضافة إلى مقتل أكثر من 6300 أميركي، وإصابة أكثر من أربعين ألفا آخرين منذ 2001 وحتى توقيع اتفاق السلام بين تنظيم طالبان وإدارة ترامب في الدوحة هذا الأسبوع.
التكلفة البشرية
وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن عدد الجنود الأميركيين الذين شاركوا في حرب أفغانستان على مدار 18 عاما الماضية بلغ ستمئة ألف جندي على فترات مختلفة. ولا يوجد منهم في أفغانستان حاليا إلا 12 ألف جندي.
وأحصت دراسة "تكلفة الحروب" مقتل 2401 مقاتل أميركي، إضافة إلى ما يقرب من 3943 متعاقدا حكوميا أميركيا. كما أشارت إلى مقتل 1150 شخصا بين عسكريين ومتعاقدين من دول التحالف الدولي.
وقُتل ما يقرب من 141 ألف أفغاني، من بينهم 43 ألفا من عناصر طالبان، وما يقرب من ستين ألفا من عناصر الشرطة والجيش الأفغاني، إضافة إلى 38 ألف مدني أفغاني.
تكلفة مالية غير واضحة
ولا تتفق الجهات الأميركية الحكومية المختلفة على وجود تكلفة واضحة ومحددة للحرب الأميركية في أفغانستان، والتي أصبحت أطول حرب في التاريخ الأميركي.
وأوضح سفير سابق خدم في عدة دول بالشرق الوسط، وطلب عدم ذكر اسمه، أن من الصعوبة "التوصل إلى رقم محدد يعكس التكلفة المادية الدقيقة للحرب في أفغانستان، أو غيرها من الحروب".
ويضيف أن "لكل جهة حكومية طريقتها في حساب ما قامت به وأنفقت عليه، ولا يتم تجميع كل هذه الأنشطة من جهة حكومية واحدة، أي أن بعض التقديرات تكون لها مصداقية أكبر من غيرها".
ومع اطلاع الجزيرة نت على عدد من هذه التقديرات، كان من الواضح أن هناك بنودا تتم إضافتها في بعض الحالات، وبنودا أخرى يتم تجاهلها.
وعلى سبيل المثال، لم تذكر الصحف الأميركية نفقات تكلفة علاج المصابين والمعاقين نتيجة الحرب، أو تكلفة مصروفات وزارة الأمن الداخلي المتعلقة بمكافحة ومحاربة الإرهاب في تقاريرها.
ويشير السفير السابق إلى أن "بعض عناصر التكلفة المادية ستستمر عددا من السنين بعد الانسحاب، وهناك الآلاف من المصابين الأميركيين الذين سيستمرون في تلقي العلاج ومكافآت ومعاشات مالية".
حجم الإنفاق |
جهة الإنفاق |
778 مليار دولار |
وزارة الدفاع (البنتاغون) |
44 مليار دولار |
وزارة الخارجية والوكالة الدولية للتنمية (USAID) |
200 مليار دولار |
حجم الفائدة على الأموال المقترضة لاستكمال نفقات وزارتي الدفاع والخارجية |
83 مليار دولار |
تدريب وتسليح الشرطة والجيش الأفغانيين |
9 مليارات دولار |
مكافحة المخدرات |
30 مليار دولار |
تكلفة تأهيل البنية التحية |
1,144 تريليون دولار |
الإجمالي* |
*المصدر تجميع لعدد من المصادر الصحفية والبحثية والحكومية الرسمية.
اتفاق الآن.. لماذا؟
ويعتقد السفير السابق أن الرئيس ترامب وعد بسحب القوات من الحروب التي لا تنتهي، هو يفعل ذلك تنفيذا لوعده الانتخابي مع بداية موسم الانتخابات، وذلك رغم أن "الانسحاب من هناك لن يحقق أيا من مصالح واشنطن في أفغانستان".
ويضيف "هدفت واشنطن إلى القضاء على تنظيم القاعدة، وتحقق هذا الهدف إلى حد كبير، كما أن واشنطن أدركت بعد كل هذه السنوات من الحرب أن تنظيم طالبان جزء من المجتمع الأفغاني لا يمكن لها القضاء عليه عسكريا".
ويوجّه معارضو قرار الرئيس ترامب بشأن عقد اتفاق سلام مع تنظيم طالبان انتقاداتهم لنواح أربع:
- لم يتم إضعاف أو هزيمة تنظيم طالبان.
- أفغانستان ما زالت المنتج الأول للأفيون في العالم.
- أغلب الشعب الأفغاني يعاني من الفقر.
- يعد هذه الاتفاق تخليا عن المكاسب التي حققتها المرأة الأفغانية، خاصة في مجال التعليم.
وتحدث مسؤول بالخارجية للراديو القومي وقال "الاتفاق مع طالبان هو التطور الأبرز منذ بدء المعارك هناك قبل 18 عاما. هناك الكثير من القضايا العالقة، وهناك عدم يقين في بعض المسائل، لكن قرارنا سحب القوات سيرتبط بالأوضاع على الأرض، وبتوافر ضمانات من عدم تحول أفغانستان لمنصة إرهابية تهدد بلادنا".