وفقا لتقرير صحيفة وول ستريت جورنال ، تم القبض على ثلاثة أعضاء بارزين من العائلة المالكة يوم الجمعة من قبل المحكمة الملكية السعودية. ومن بين هؤلاء الأمراء ولي العهد السابق محمد بن نايف وابن أخيه سلمان بن عبد العزيز ، وشقيق الملك أحمد بن عبد العزيز ، بالإضافة إلى أحد أشقاء محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود ، والذي يدعى نواف بن نايف.
ويبدو أن هذه الخطوة تأتي في اطار الجهود التي يبذلها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتعزيز سلطته وتيسير أمور الخلافة في المملكة الغنية بالنفط ، خاصة وأن العضوين البارزين اللذين احتجزتهما العائلة المالكة السعودية تم ترشيحهما للجلوس على العرش. ويبدو أنه تم القبض عليهما بتهمة الخيانة ، والتي يمكن أن تحمل عقوبة السجن مدى الحياة أو حتى الإعدام. وفقا لتقارير وسائل الإعلام فان الأسباب والدوافع وراء هذه الاعتقالات يمكن ارجاعها لأسباب مختلفة.
الوضع الصحي المتدهور لملك السعودية
منذ الإعلان عن نبأ اعتقال كبار الأمراء السعوديين ، تم التأكيد بشدة على قضية تدهور الحالة الصحية للملك سلمان. وفي هذا الصدد ، صرح مصدر عربي رفيع المستوى اشترط عدم ذكر اسمه ، لصحيفة القدس العربي أن حملة الاعتقالات كانت إجراء وقائيًا قد يكون متعلقًا بتدهور الحالة الصحية للملك سلمان.
وقع الملك السعودي البالغ من العمر 85 عامًا منذ فترة طويلة في صراع مع المرض والعلاج ، حيث انه لا يحضر اجتماعات مجلس الوزراء وقد عهد برئاسة هذه الاجتماعات لولي العهد ، بالإضافة الى انه قد فوض نجله بشكل عملي لتولي زمام الامور ولم يعد له أي سيطرة على شؤون البلاد.
لذلك وفي هذه الحالة ، إذا كان خبر تدهور حالة الملك السعودي صحيحاً ، فإن السيناريو المحتمل هو أن محمد بن سلمان قد اتخذ تدابير وقائية ضد المعارضين البارزين والمعارضين المؤثرين الذين يمكنهم اتخاذ إجراءات تقوض وصول بن سلمان للحكم ، ولتسهيل أمور انتقال الخلافة بعد وفاة والده.
وقد ظل محمد بن نايف رهن الاحتجاز المنزلي لفترة طويلة ، وقد ذكرت تقارير إعلامية أن القيود المفروضة على علاقته بالعالم الخارجي قد ازدادت في الأيام الأخيرة ، والتي قد تكون مرتبطة بالحالة البدنية للملك. وينطبق هذا أيضًا على أحد أبرز المعارضين لولي العهد ، الأمير أحمد بن عبد العزيز ، والذي لم يؤد قسم الولاء له نهائياً ولم يعلق صوره إلى جانب صور والده وجده (مؤسس العائلة السعودية) في مجلس ضيافته في الرياض.
سيناريو تجنب حدوث انقلاب
ذكر في الأخبار المتعلقة بحملة الاعتقالات أن الأمراء المعتقلين ارتكبوا خيانة. ولكن عزم الأمراء المعتقلين على القيام بانقلاب أو إتخاذ الخيانة عذرًا لوضع هؤلاء المتسللين على طريق توطيد ملكية بن سلمان في السجن ، امر لا يمكن اثباته حالياً. فالجيش السعودي تحت قيادة وامرة بن سلمان بشكل كامل ، ومن ناحية أخرى لم ترد أية أنباء عن عمليات تطهير بين قيادات الجيش عندما تم القبض على الأمراء. ومع ذلك ، لا يمكن إغفال أن محاولة محمد بن سلمان لتحديث المملكة المحافظة كانت مصحوبة بأفعال أدت الى عدم رضا العديد من الأمراء السعوديين.
بعد بضعة أشهر من وصوله إلى كرسي ولاية العهد ، أطلق بن سلمان حملة لمكافحة الفساد تم فيها احتجاز أكثر من 300 من الأمراء ورجال الأعمال البارزين في فندق ريتز كارلتون في الرياض. حيث تم إطلاق سراح الكثير منهم ، ولكن فقط بعد استعدادهم للتخلي عن جزء كبير من ثرواتهم ووضعها تحت تصرف الدولة. وزعمت الحكومة أنها جمعت أكثر من 100 مليار دولار في عملية التنظيف هذه. كما قام بتخفيض عدد الأمراء تماشياً مع الإصلاحات الاقتصادية. من ناحية أخرى ، صرف بن سلمان الأمراء الغير مخلصين له والذين شغلوا مناصب وزارية ومحافظات مهمة على مدى السنوات الثلاث الماضية ، وقام بتنصيب ووضع أشخاص مقربين منه وموالين له في هذه المناصب.
أدت هذه الإجراءات إلى استياء جزء كبير من أفراد العائلة السعودية من تصرفات بن سلمان وازدادت المخاوف من حكم أكثر شدة إذا ما أصبح ملكًا. الاستياء الذي دفع العديد من المحللين إلى ان ينسبوا هجوم عام 2017 على القصر الملكي في جدة اليه.
الوصول إلى السلطة قبل وفاة الملك سلمان
كجزء من السيناريو المطروح ، من المحتمل أنه بسبب الوضع غير المواتي لمحمد بن سلمان بعد الفشل في الخطط الاقتصادية والسياسية المختلفة والآفاق المستقبلية الغامضة ، سيتعين على بن سلمان الآن الاستعداد للجلوس على عرش الحكم قبل وفاة والده. حيث يمكن رؤية أعراض هذا الامر بوضوح.
ففي الوهلة الأولى ، في حين تحرص الرياض على عرض نتائج الإصلاحات الاقتصادية البعيدة المدى للأمير محمد بن سلمان ، لا تزال المملكة تواجه تحديات اقتصادية خطيرة. أولاً ، الحرب اليمنية المستمرة بتكاليف باهظة ، وقد أظهر اليمنيون القدرة على توجيه ضربات اقتصادية مؤلمة إلى المملكة العربية السعودية. كما انخفضت أسعار النفط بنحو 30 في المائة منذ يناير الماضي بسبب تفشي فيروس كورونا حول العالم ، مما سيدفع الرياض إلى تعديل خططها الاقتصادية باهظة الثمن. حيث سيؤثر هذا بشكل طبيعي على ثمار الإصلاحات الاجتماعية المنفذة بدعم من الهيئة الشبابية في البلاد.
وفي هذا الموقف المحفوف بالمخاطر ، من الواضح أن محمد بن سلمان تجنب الجدل والخلافات القديمة ، وهو ما قد يعني محاولته لاستعادة المصداقية مع الإعلام والسياسيين الغربيين ، وخاصة الأمريكيين ، الذين ساورهم القلق حول وصول شخصيته المحية للسلطة للعرش في أعقاب حادثة اغتيال خاشقجي.