بعد أن أعلنت القوات الأمريكية أواخر الأسبوع الماضي أنها غادرت قاعدتها العسكرية في "القائم" على الحدود العراقية السورية، قال اللواء "تحسين الخفاجي" المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة في العراق يوم الخميس إن الجدول الزمني للانسحاب الدائم للقوات الأمريكية من العراق قد بدأ. وأضاف المسؤول العسكري العراقي أن قوات التحالف الدولي ستغادر العراق في الأيام المقبلة.
وبالتوازي مع تصريحات المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، قال "محمد كريم" ممثل تحالف "النصر" بقيادة هادي العامري في البرلمان، إن الولايات المتحدة تحاول نشر نظام باتريوت للدفاع الصاروخي في قواعدها في العراق، عبر استهداف مراكز الحشد الشعبي.
وأشار البرلماني العراقي إلی أن الولايات المتحدة تسعى لإحياء داعش في العراق عبر استهداف مراکز الحشد الشعبي، مضيفاً أنه ليس لدى القوات الأمريكية أي نية لمغادرة العراق، وهي تحاول خلق أزمات جديدة للعراق لتحقيق أهدافها الشريرة والخبيثة.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية الجمعة 20 مارس 2020، أنه من المقرر أن يغادر المئات من القوات الأمريكية ثلاث قواعد صغيرة في العراق، هذا في حين أنه سيتم نشر أنظمة دفاع جوي قوية في قاعدتين عراقيتين رئيسيتين.
وأضافت الصحيفة أن "مايلز كاجينز" المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قال إن التحالف يقوم بنقل وإعادة نشر قواته في عدد من القواعد العسكرية الصغيرة. هذا في الوقت الذي قال فيه مسؤول آخر في التحالف: لقد جرت أول عملية نقل في قاعدة القائم العسكرية، حيث نقل 300 جندي من القاعدة.
وكان الرئيس الأمريكي ترامب قد أعلن في وقت سابق عن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا لكنه لم يف بوعده، كما اعتبر وجود هذه القوات ضروريًا للسيطرة على آبار النفط السورية، وبناءً عليه يبدو أنه لا توجد إرادة أمريكية لسحب جميع القوات الأمريكية من العراق.
وبعد العملية الإرهابية العسكرية الأمريكية في بغداد، واستشهاد الفريق سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، صوت البرلمان العراقي على ترحيل القوات الأمريكية على الفور من العراق، لکن الولايات المتحدة رفضت حتى الآن سحب قواتها، عبر إعادة تموضع القوات والتهديد بفرض العقوبات علی الحكومة العراقية، أو محاولة نقل هذه القوات إلى المناطق الكردية.
وتقول بعض المصادر القريبة من البنتاغون، بأن عمليات نشر القوات الأمريكية الأخيرة شملت مئات الأشخاص داخل العراق، دون مغادرة أي منهم، بحسب صحيفة لوفيجارو.
ولكن هل تستطيع الولايات المتحدة رفض سحب قواتها من العراق، من خلال اعتماد نهج شراء الوقت ونقل القوات؟ رداً على هذا السؤال، يبدو أن بقاء القوات الأمريكية أو مغادرتها للعراق مرتبطان بالتكاليف المالية والعسکرية لاستمرار الاحتلال الأمريكي للعراق والوضع السياسي في هذا البلد.
فيما يتعلق بالتكاليف المالية والعسكرية للجيش الأمريكي في العراق، يجب القول إنه في الأسابيع الأخيرة بدأت مقاومة مسلحة ضد قوات الاحتلال من قبل مجموعات مجهولة، ولم تصل إلى مرحلة التوسُّع بعد، لكن الهجمات المحدودة على قاعدة "التاجي" نفسها تحذير من أن العراقيين لا ينوون قبول الاحتلال، وتصعيد الهجمات يمكن أن يؤدي إلى مقتل المئات من القوات الأمريكية، وستغادر أمريكا هذا البلد وهي مذلة ومهانة.
ومن حيث الوضع السياسي في العراق أيضاً، يجب القول إن البرلمان العراقي لا يزال يصر على تنفيذ قرار طرد العسكريين الأمريكيين، وعلى الرغم من محاولة أمريكا خلق المتاعب للعراق سياسياً، وإيصال شخص إلى السلطة ينفذ إملاءات واشنطن، ولکن الشعب والبرلمان العراقيين يدرکان ألاعيب الولايات المتحدة، وهم يحاولون تشکيل دولة مستقلة على الرغم من عراقیل بعض الأقليات، تمتثل لمطالب المحتجين وتنفذ قرار طرد العسكريين الأمريكيين، وهكذا يبدو أنه مع تشكيل دولة عراقية مستقلة وانتشار رقعة المقاومة المسلحة، سيتعين على الولايات المتحدة إنهاء لعبة تغيير أماکن القوات واحتلال العراق.
المصدر:الوقت