في الوقت الذي يؤكد الرأي العام العراقي على طرد القوات الأجنبية و-خاصة الامريكية- من البلاد، تحاول مصادر غربية وأمريكية ان تبدي نتائج ما يسمى بالحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة على أنها تقليل عدد القوات العسكرية الاجنبية في العراق وليس انسحابها.
التحلیل:
قال متحدث باسم ما يسمى الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن عشية عقد الحوار الاستراتيجي العراقي- الأمريكي إن عدد القوات الاجنبیة انخفض إلى 1200 بينما زعمت صحيفة نيويورك تايمز أن عدد القوات الأمريكية في العراق قد ينخفض إلى 300 جندي ما يشير الى إعداد نوع من جدول الأعمال لهذه المحادثات مسبقا.
والحقيقة هي أنه ، خلافا لمزاعم صحيفة نيويورك تايمز، ان عدد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق هو ضعف العدد المعلن بعدة مرات بمختلف العناوين العسكرية والأمنية والهندسية والخدمية وغيرها .
وفي حين وافق البرلمان العراقي على طرد القوات الأمريكية من العراق قبل بضعة أشهر، نری عشیة عقد الحوار الاستراتیجي ان المجموعات العراقية والأحزاب والشعب تؤكد بوضوح وشفافیة على ضرورة تنفيذ هذا القرار البرلماني مشددین أن المحادثات يجب أن لا تنحرف عن إرادة الشعب العراقي في طرد المحتلین. لكن یبدو ان فلسفة المفاوضات ، من وجهة النظر الأمريكية -وفي اطار مفروض- هي البقاء في العراق وعدم الانسحاب منه.
-للعراق في حد ذاته العديد من عوامل الجذب للأميركيين لابقاء قواتهم فيه لكن فرض السیطرة علی محور المقاومة في ظل التواجد الامريكي في العراق، يضاعف عزم الولايات المتحدة على استغلال المحادثات لمصلحتها.
وتظهر تركيبة الفريق الأمريكي المفاوض في الحوار الاستراتيجي أن 3 من أعضاءه متخصصون بشكل خاص في شؤون الحظر على إيران.
على الرغم من أن انخفاض أسعار النفط وموضوع مكافحة فيروس كورونا قد فاقم الوضع الاقتصادي في العراق في الوقت الراهن، إلا أن افتقار البنى التحتية في هذا البلد، وتردي الوضع المعيشي والاقتصادي فيه يرتبط بشكل خاص الى تواجد الاحتلال الأمريكي في العراق منذ 17 عامًا. الامر الذي يجب الا يتم التغافل عنه من قبل المفاوضين العراقيين وحكومة بغداد.
- وأخيراً ، وبالنظر إلى أن الشعب العراقي قد ينتظر نتائج حضور المسؤولين الحكوميين في هذه المحادثات فإن إثارة قضايا مثل خفض رواتب المتقاعدين وعائلات الشهداء وربما الموظفين في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة يمكن أن تصرف الانتباه عن المطلب الرئيسي في هذه الأيام وهو طرد المحتلين.
وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية قدمت عدة تفسيرات لهذ القرار ، قائلة إن المبلغ المستقطع سيبقى في ذمة الدولة، على شكل أموال مدخرة تدفع إلى الموظفين مستقبلاً بعد اجتياز الأزمة ، يبدو أن هذه التفسيرات لم تقنع المواطنين بعد. وأوضح دليل على ذلك هو تحديد يوم الاثنين المقبل في العراق موعدا للتظاهر ضد قرار الاستقطاع من الرواتب.
وينصح بعض الخبراء العراقيين الحكومة بالتعويض عن عجز الموازنة من مصادر غير رواتب المتقاعدين والموظفين الحكوميين.