کلمة الإمام الخامنئي عبر الشاشة مع رئيس القوة القضائية

قيم هذا المقال
(0 صوت)
کلمة الإمام الخامنئي عبر الشاشة مع رئيس القوة القضائية

کلمة الإمام الخامنئي عبر الشاشة مع رئيس القوة القضائية وجمع من مسؤوليها في أنحاء البلاد 7-4-1399 ه.ش (27 -6-2020م)

بسم‌ اللّه‌ الرّحمن‌ الرّحیم


والحمد للّه ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وآله الطّاهرين، لا سيّما بقيّة اللّه في الأرضين.

في البداية، أبارك الذكرى المقبلة لولادة حضرة أبي الحسن الرضا (سلام‌ اللّه عليه وصلوات اللّه عليه وعلى آبائه وأبنائه المعصومين المطهّرين) وكذلك أبارك أسبوع السلطة القضائية لجميع العاملين والكادحين في جهاز القضاء. وأشكر جناب السيد رئيسي - رئيس السلطة القضائية المحترم - على كلمته الشاملة والمفيدة، التي ضمّنها الكثير من المطالب الضرورية التي كان يجب أن نسمعها نحن، ويسمعها الناس وكل العاملين في السلطة القضائية، وسأشير إلى بعضها أيضًا.

سلام الله ورحمته على شهداء السابع من شهر" تير" (28 حزيران 1981م) - التي هي حادثة مهمة في تاريخ البلاد وتاريخ الثورة - وشهداء السلطة القضائية، وخاصة الشهيد المظلوم آية الله بهشتي والشهيد قدّوسي والشهيد لاجوردي والعديد من الشهداء العظماء الذين قدّمتهم السلطة القضائية في.من الثورة وطوال أربعين عامًا من خدمتها.

نحن تحدّثنا كثيرًا حول أهمية السلطة القضائية وموقعيتها، وشرحنا طوال السنوات المتمادية تكاليف وواجبات هذه السلطة، وكذلك قد تحدّث الأصدقاء، مسؤولو السلطة القضائية، ولا نريد أن نكرّر تلك المطالب. اليوم سأطرح عدّة أفكار، عدّة نقاط عن التحوّل القضائي، والتحوّل في جهاز القضاء، حيث كانت كلمة جناب السيد رئيسي بشكل محوري عن التحوّل، وهو أمرٌ أساسي وبالغ الأهمية. وكذلك عدّة نقاط حول مكافحة الفساد، التي تظهر اليوم بصورة جلية في (عمل) السلطة القضائية.

نفاط حول التحوّل القضائي:

1- أهمية وثيقة التحوّل التي تم إعدادها ثم تطويرها في السلطة القضائية
بالنسبة للتحوّل، أولًا لقد سمعت - والظاهر أنه ورد أيضًا في تقرير السلطة القضائية - أن وثيقة التحوّل، التي كان رئيس السلطة القضائية المحترم قد أعدّها وأبلغها العام الماضي، قد جرى تنقيحها وتعديلها وترقيتها، وما هو اليوم بمتناول السلطة القضائية ومورد اهتمامها، عبارة عن وثيقة، ذات مستوى أفضل وأكثر تطورًا من الوثيقة الأولى؛ وهذا خبر جيد جدًّا بالنسبة لنا. ما وصلني في التقارير بأن السلطة القضائية المحترمة قد أعدّت هذه الوثيقة وأصدرتها بالتعاون مع نخب متعددة من الحوزة والجامعة، أسلوب العمل هذا هو أسلوب صحيح بالكامل ومتين ومنطقي؛ وكذلك تمت ترقية وتطوير هذه الوثيقة بالاستفادة من تجارب الروّاد داخل السلطة القضائية وذوي الخبرة. إن لم يتم إبلاغ هذه الوثيقة، فقوموا بإبلاغها، تابعوها، ثم انشروا أيضًا، وفي الوقت المناسب، نتائج تنفيذ البرامج والخطط الصادرة بناءً على هذه الوثيقة، ليعلم الناس مقدار تقدّم هذه الوثيقة وهذه البرامج؛ كما ذكرتم اليوم بأنه مثلًا قد جرى تقدّم حوالي الثمانين بالمئة بالمجموع، بشكل متوسط، إن علم الناس هذه النتائج بالتفصيل، فلا شك بأن هذا مؤثّر في تقوية الأمل والثقة بالسلطة القضائية، فهذا أمر مهم جدًّا.

2- التحوّل وفق الأصول والمباني الفكرية الإسلامية والدينية
بالطبع فإن التحوّل ليس بالأمر الذي يتوقّف؛ بالتأكيد يتم طرح التحوّل في كل برهة من الزمن، من خلال أفكار جديدة ونتائج جديدة وابتكارات مستحدثة، وإن شاء الله ستستمر حركة التحوّل بهذا الشكل. بالطبع لقد ذكرنا هذا سابقًا، والآن نعيد التأكيد، بأن التحوّل يجب أن يكون مرتكزًا على الأصول والمباني الفكرية الإسلامية والدينية؛ وإلّا فإن التحوّل إن لم يكن قائمًا على مبنًى، فهو ليس بتحوّل، بل هو تذبذبٌ وهرجٌ ومرجٌ. التحوّل سيوجد في إطار وقالب مبانٍ متقنة ومتينة منبثقة من الإسلام والقرآن والمباني الدينية. كذلك فإن الإدارة أمر ضروري في التحوّل، وإدارته هي بعهدة رئيس السلطة القضائية المحترم.

3- التوكل على الله وعدم الانفعال مقابل مقاومة التحوّل وصعوباته
هناك نقطة أخرى وهي أن التحوّل هو عمل ٌصعبٌ جدًّا. من السهل القول باللسان بأن أوجدوا تحوّلًا؛ لكنّ التحوّل عمليًّا هو أمر شاقٌّ جدًّا؛ والسبب هو في وجود أنواع من المقاومة في مواجهة التحوّل. بعض هذه المقاومة ليس صادرًا عن سوء نية؛ البعض ليس لديه الدافع والمثابرة والشوق لتغييرات بنيوية، البعض ليس لديه القدرة، وكذلك فالبعض من الممكن أنه مستفيد من الوضع الموجود ولا يريد له أن يتغير؛ وبالطبع هناك خارج الجهاز القضائي شبكة مترابطة ما بين مجرم ومفسد وأمثالهما، وهؤلاء مخالفون للتغيير بشكل طبيعي؛ ووراء كل هؤلاء تقف أجهزة القوى المعادية والمعاندة لنظام الجمهورية الإسلامية، والتي يسوؤها بالأصل أي حركة إصلاحية في أي مكان في المجتمع الإسلامي، فتغضب وتواجهها وتخلق الأجواء. هؤلاء مخالفون؛ والمخالفون لا يهدأ لهم بال.

أنتم تنزلون إلى ساحة التحوّل، بقوة ومعنويات عالية وشجاعة، وهم لا يهدأون، يبدأون بالمواجهة. يقومون بخلق الأجواء؛ يثيرون أحيانًا أجواءً إعلامية، أجواءً متتابعة ومستمرة، يوجدون الوساوس لدى الرأي العام حيث هذا في الحقيقة من موارد "مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ"1 . من الأعمال التي بوسعهم القيام بها إيجاد تزلزل في العزم الراسخ لقادة التحوّل؛ حيث تنهال الاستشارات والنصائح المتعددة بأنه "لا مصلحة من هذا العمل"، فلا يسمحون بإنجاز هذا العمل. بناءً على هذا، فإن المقاومة في مواجهة التحوّل، ستكون كبيرة ومتعددة من قبل هذه التيارات التي أشرنا لها.

طريق المواجهة لهؤلاء هو التوّكل على الله؛ توّكلوا على الله "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"2 ؛ الله تعالى سيكفي ويعين. اختاروا الطريق بشكل صحيح، حدّدوا الهدف بشكل صحيح، وبعدها «فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ»3 ؛ تقدّموا إلى الأمام باستقامة؛ هذا هو الطريق. في مواجهة العراقيل، مقابل الوسوسة، مقابل الأذى والتشويه وخلق الأجواء وأمثالها، الطريق الوحيد والمؤثّر هو عدم الانفعال ومتابعة المسير والاستقامة؛ هذه توصيتي أنا العبد. هذه نقطة أيضًا.

4- المتابعة المتوازنة لجميع الواجبات في السلطة القضائية
من المواضيع المهمة في مجال التحوّل هو أن عليكم أن تتابعوا وتهتموا بجميع واجبات ومهام السلطة القضائية بشكل متوازن وتتقدموا بها كلّها - حسنًا، إنها مهام كثيرة؛ في الدستور تم بيان خمسة واجبات للسلطة القضائية، وهي بالطبع أكثر من خمسة أصول، لأن بعض هذه البنود يوجد عدة أعمال في كل منها - ولحسن الحظ أرى أن تقرير جناب السيد رئيسي قد أشار لهذا؛ (مثلًا) مسألة إحياء الحق العام التي هي جزء من هذه الواجبات، أو الوقایة لمنع حدوث الجرائم، وهي جزء من هذه الواجبات المهمة، لقد اهتم سماحته بهذه الأمور وهي موجودة. أريد أن أقول إن المتابعة المتوازنة لجميع الواجبات هي من القضايا التي يجب الاهتمام بها؛ أي إننا حين ننشغل بأحد هذه الواجبات، ينبغي ألا نغفل عن سائر الواجبات الأخرى فتبقی على الأرض.
على سبيل المثال خذوا مسألة إحياء الحق العام، التي هي من جملة هذه الواجبات، وهي بالغة الأهمية كذلك. إحياء الحق العام أمر مهم جدًّا؛ أو الإشراف على حسن تطبيق القوانين، التي وردت في الدستور كجزء من واجبات السلطة القضائية؛ أو الوقاية لمنع وقوع الجرائم أو إصلاح المجرمين؛ هذه من الواجبات المذكورة في الدستور، ولكل منها فصل مهمٌ ومُشبع بالتبيين اللازم.

إحياء الحق العام هو بعهدة المدّعين العامين بشكل أساسي؛ ولحسن الحظ، بدأنا نلاحظ هذا بالطبع في الآونة الأخيرة. الآن وقد صرّح جناب السيد رئيسي بأننا لا ننتظر شكاوى ودعاوى، بل نبادر بالتدخل؛ أجل، هذا هو المطلوب، أي إنّ المدّعين العامين، وفي المواقف المتعددة، ما إنْ يشعروا بأن هناك موردًا هو حقّ عام يتم تضييعه، يجب أن يبادروا ويقوموا بالادعاء والمتابعة، حيث شهدنا حالات كهذه. في حوادث السيول التي حدثت بدايات العام 98 هجريًّا شمسيًّا (فصل ربيع 2019 م) تدخل الادعاء العام وبادر في بعض الموارد وكذلك في حالات أخرى؛ ومؤخرًا تمت متابعة قضايا أخرى كذلك؛ هذا عمل صحيح جدًّا.

أو الوقاية لمنع الجرائم على سبيل المثال. ما يحوز أهميةً بالغةً في الوقاية هو أن ندرك بشكل صحيح الأرضية المهيِّئة ومقدّمات حصول الجرائم. إذا تمت معرفة هذه الأجواء والأرضيات وإدراكها بدقة - وسأشير لاحقًا إلى نقطة تتعلق بهذا الأمر- يمكنكم حينها بسهولة وبامتلاك البصيرة أن تواجهوا وتمنعوا وقوع الجريمة بحيث لا تحصل من الأساس. إن تمكّنا من إيجاد وقاية بالمعنى الحقيقي للكلمة ستخف تكلفة مواجهة الجرائم بشكل كبير. حين نستطيع إقامة وقاية فإن تكاليف وأثمان مواجهة الجريمة والمجرمين، ستخف وتوّفر كثيرًا على ميزانية البلاد ومصاريف السلطة القضائية بالأصل؛ وبالطبع هذا يحتاج إلى مواكبة من جميع السلطات، وخاصة السلطة التنفيذية التي ينبغي عليها أن تواكب السلطة القضائية في هذا المجال.

بناءً على هذا، فهذه مسألة أيضًا وهي الاهتمام بجميع هذه المهام والواجبات بشكل متوازن، وإن شاء الله تحظى جميعها باهتمام تحوّلي.

5- حاجة السلطة القضائية للاستفادة من علوم نخب الحوزة والجامعة
تلك النقطة التي طرحتها، مرتبطة بهذه بالمسألة - نقطة مهمة كذلك - وهي أن السلطة القضائية بحاجة إلى الاستفادة من العلوم والعلماء الذين لا ينحصر عملهم في العلوم القضائية فقط. مثلًا في قضية الوقاية من الجرائم هذه، حسنًا، إن بعض مقدمات وأجواء وقوع الجرائم تكون نفسية، بعضها اقتصادية، يصعب على هذا الشخص المتمكن فقط من علم القضاء أن يعرفها، فلا يتمكن من حلها؛ في هذا المجال، أنتم تحتاجون بالطبع إلى المتمكنين من العلم في مجال علم نفس الجماعة وعلم النفس الفردي، من لديهم الوعي والمعرفة في مجال القضايا الاقتصادية، ويعلمون جيدًا ما هي الأرضية والعوامل التي تساهم في وقوع أي حادثة أو مشكلة وما هو طريق الحل؛ إن لم تتم الاستفادة من النخب الحوزوية والجامعية في العلوم الأخرى، لن تتمكن السلطة القضائية بالطبع من متابعة هذا العمل كما يجب وبالشكل المناسب.

أو مسألة إحياء الحق العام التي أشير لها؛ حسنًا، إن تعريف الحق العام ليس بالأمر السهل، بل هو محل اختلاف بحد ذاته، والسؤال المطروح ما هي الحقوق العامة أصلًا؛ وهنا يمكن للمتخصصين في هذا المجال من الحقوق أن يبيّنوا لكم هذه المسألة ويشرحوها لكم بوضوح. مع العلم بأني سمعت بأن المدعي العام المحترم قام، وبهدف إزالة الإبهام والغموض عن مفهوم الحق العام، بأعمال متعددة، شملت تدوين مجموعة من المصاديق الواضحة تحت عنوان الحقوق العامة؛ ومن جملتها مثلًا قضية البيئة أو تلزيم المؤسسات الإنتاجية من دون تدقيق وتفحّص، هذا الأمر الذي يتابعه حاليًّا رئيس السلطة القضائية المحترم، وهو عمل صحيح جدًّا ويستحق الاهتمام، حيث يظهر هذا التلزيم أحيانًا بأنه عمل فردي، ولكنه في الواقع عمل جمعي ويتعلق بالحق العام؛ كتلزيم الوكالات والمراكز الإنتاجية من دون تدقيق إلى أشخاص غير صالحين، أو لا يمتلكون اللياقة والكفاءة، أو غير قادرين على العمل، حسنًا، سيؤدي هذا فجأة إلى ضربة مؤذية إلى كل الإنتاج المحلي في البلاد، فهذا لا يتعلق حينها بشخص أو اثنين، هذا حقٌّ عام. بناءً على هذا، فإن ملاحقة هذه القضية هي مسألة ضرورية وبالغة الأهمية، وبرأيي، فإن على السلطة القضائية أن تستفيد من العلوم والعلماء في قضية التحوّل أيضًا.

6- ضرورة الإيمان بالتحوّل من قبل كل العاملين في الجسم القضائي
هناك نقطة أخرى يحسن أن أطرحها، وهي أن الحركة التحوّلية في القوة القضائية لا يمكنها أن تستند فقط الى مجموعة في رأس السلطة القضائية - معلوم بوضوح أن رئيس السلطة المحترم يسعى للتحوّل بكل معنى الكلمة - أو الأفراد البارزين وأصحاب المناصب العليا؛ بل يجب أن يكون هناك إيمان بالتحوّل في كل جسم السلطة القضائية. حسنًا، الآن ولحسن الحظ، أشار جناب السيد في التقرير الذي قدّمه بأن هذا المعنى موجود في السلطة القضائية، هذا مبعث للرضا، وأنا أؤكد على هذا الأمر؛ أي أن يتم تحقيق ما من شأنه أن يعتقد مجموع العاملين والعناصر المتنوعة في السلطة، ويؤمنوا بوجوب إحداث تحوّل بالمعنى الحقيقي للكلمة، تحوّل تقدميّ نحو تحقق الأهداف العليا للسلطة القضائية.

7- فلتكونوا سلطة قضائية شعبية
نقطة أخرى هي قضية الشعبية التي طرحتها أنا العبد بشكل متكرر، والآن قد وردت "الشعبية" في تقرير جناب السيد رئيسي أيضًا؛ حسنًا، إن الشعبية لها أبعاد ومصاديق متعددة؛ أحد أبعاد الشعبية أن تعتبر السلطة القضائية نفسها ذات توجّه وروحية خدمة للناس؛ فلا تكون لديها نظرة فوقية للناس؛ أحيانًا يمكن أن تكون نظراتنا للناس وتصورنا لهم، وكأننا ننظر من الأعلى نحوهم؛ كلا، نحن جزء من الشعب، نحن بين الناس، والكثير من هؤلاء الناس هم أعلى منّا أيضًا، وعليه فمن الخطأ أن ينظر أحد للناس من موقع أعلى بشكل فوقي؛ ولهذا فإن روحية خدمة الناس مهمة. يجب علينا أن نعتبر أنفسنا خدمًا للناس؛ كلّ واحد منّا وفي كل موقع نحن فيه. هذا أحد أبعاد الشعبية. هناك بعدٌ آخر وهو أن نقوم بما من شأنه أن يجعل الوصول للسلطة القضائية والتواصل معها سهلًا ميسرًا. من الأعمال المهمة أن يتمكن الناس بكل سهولة من الوصول والتعامل المريح مع المراكز القضائية التي يحتاجونها.

من القضايا المهمة أيضًا أن يمتلك الناس معلومات قضائية؛ في بعض الأوقات يكون لدى بعض الناس معضلة ما، ويمكن حلّها مثلًا بمجرد مراجعة المركز القضائي الفلاني؛ ولكنهم لا يعلمون، ليس لديهم إطلاع كافٍ، فيما تضغط هذه المسألة عليهم، تصعّب عليهم حياتهم، وأحيانًا تخلق لهم الكثير من المشاكل. بناءً على هذا، يجب رفع مستوى الاطلاع والوعي القضائي لدى الناس كذلك.

من الأبعاد أيضًا، الحضور بين الناس، والحمد لله نرى بأن مسؤولي السلطة القضائية - جناب السيد رئيسي بنفسه وبعض المسؤولين الآخرين - يتواصلون مع الناس ببساطة وعفوية؛ هذا أمر مهم جدًّا؛ أي إنكم تلتقون بالناس وجهًا لوجه، تحضرون في أوساطهم؛ هذه نقطة أيضًا. بناءً على هذا، تلك كلها أبعاد ومصاديق مختلفة لشعبية القضاء.

وهناك مصداق آخر، وقد خصصته بنقطة مستقلة ومنفصلة عما عداها، ولحسن الحظ قد ورد اليوم في كلمة السيد رئيسي، وهو أن يقوم الناس بمساعدة السلطة القضائية. أنتم الآن تكافحون الفساد، جيد جدًّا، من العوامل التي بوسعها أن تعينكم في هذا الطريق "التقارير الشعبية"؛ عندما يرسل الناس تقاريرَ لكم حول المسائل المتعلقة بالفساد، يمكنكم أن تستفيدوا منها وتستخدموها لتحقيق الهدف، وسأشير لاحقًا إلى توضيح حول هذا الأمر؛ فهذه نقطة ترتبط بالقسم التالي لكلامنا حول قضايا الفساد.

8- ضرورة الأنشطة الإعلامية والأعمال الفنية عن القضاء
نقطة أخرى أطرحها وهي الأخيرة بالنسبة لقضية التحوّل، وهي الأنشطة الإعلامية والأعمال الفنية حول العمل القضائي والفعاليات القضائية. لاحظوا، إن أعداء التقدم لحركة نظام الجمهورية الإسلامية يستخدمون كل الطرق والوسائل الممكنة لاعتداءاتهم ويوجّهون ضرباتهم إلى أي نقطة يمكنهم الوصول إليها، وبطرقهم المختلفة هذه، لنقاط وعناصر نظام الجمهورية الإسلامية، والتي من جملتها القضاء. لا شأن لي الآن بالأجانب، ولكن للأسف حتى في الداخل، وفي ظل غفلة بعض المسؤولين المعنيين بهذه المجالات، يصنعون أفلامًا وبرامج تشكك بالأسس والمباني القضائية للجمهورية الإسلامية، وللأسف فإن هذه الأفلام لا يُلتفت إليها في هذه اللقاءات الفنية العامة وما شابه، بل يتم بثها، ثم تصل إلى الشاشات وتعرض للمشاهدين؛ هذا أمر سيّئ جدًّا. يجب على السلطة القضائية أن تنتبه إلى هذه المسائل، العمل الإعلامي والإعلاني ليس مجرد أن تقوموا وتستعرضوا إحصاءات وأرقامًا؛ حسنًا، نعم، يطل الناطق الرسمي المحترم باسم السلطة القضائية فيوضح الأعمال ويقدم إحصاءات، هذا جيد جدًّا، هذه المعلومات لازمة ولكنها ليست كافية. لا يكفي أن نقول نحن قمنا بهذه العمال أيها السادة؛ كلا، لكي تدرك أذهان الناس هذه القضايا بالمعنى الحقيقي للكلمة، هناك حاجة ضرورية للعمل الفني، العمل الإعلامي بمعناه الفني هو حاجة ملحّة؛ يجب اعتبار هذا العمل الفني من الأعمال الأساسية.

انظروا أنتم إلى الغربيين ولاحظوا ماذا يفعلون في هذا المجال؛ حسنًا، محاكم الغرب في أعمالهم الفنية وأفلامهم السينمائية - بالمقدار الذي شاهدته، سواء في الأفلام التي ينتجها الأمريكيون، الأفلام الهوليوودية، أو تلك الأفلام التي ينتجها الأوروبيون - تبدو كمظهر للعدالة الجافة الصرفة! فلا يوجد أي إساءة للمتهم ولا أي ضغط عليه، ولا يصدرون الحكم إلا عند وصولهم لليقين والدليل القاطع! ولكن شاهدوهم في الحقيقة والواقع، انظروا إلى وضع أمريكا حاليًّا، شاهدوا ماذا يفعلون. يلقون القبض على آلاف الأشخاص لمجرد حضورهم في الشارع. هذا الرئيس الأمريكي المحترم فصل آلاف الأطفال عن أمهاتهم، وضعهم في أقفاص! أي إن أسلوب تعامله المعتاد هو هكذا. يقول: "إذا قمتم بالعمل الفلاني، يجب أن تسجنوا لعشر سنوات"؛ حسنًا، ألا يحتاج هذا إلى قانون؟ ألا ينبغي أن يتم التصرف وفق قانون محدد؟ يقول: "أنا أقول يجب أن يسجن لهذه المدة!"؛ أي إن حكمهم هو هكذا، محاكمهم بهذا الشكل، لكنهم في الإعلام والترويج تشاهدون الوضع، يقدّمون صورة نظيفة ومرتبة ومشهدًا مزينًا بوسائل التبرج والتجميل. حسنًا، بالتأكيد أنا لا أوافق أبدًا أن نظهر ما هو خلاف الواقع، ونزيّن الأمور؛ كلا، لكن هذا الواقع الحقيقي، هذا العمل الذي تقومون به، قوموا بتحديده وبيّنوه كما هو، للأسف ما يجري هو بالعكس من هذا؛ أي إنه في بعض الأحيان في بلادنا، يتم إنتاج أفلام تتعرض للمسائل القضائية، ما يتعلق بالقضاء، هي خلاف الواقع بشكل كامل، بعكس الحقيقة وضدّها، ولا أريد الآن أن أذكر أسماءً. هذا فيما يتعلق بمسائل التحوّل.

عدة نقاط حول مكافحة الفساد:

1- ضرورة تعامل السلطة القضائية بحزم
بالنسبة لمسألة الفساد أطرح بعض النقاط أيضًا؛ حسنًا، الحمد لله فإن الاهتمام بموضوع الفساد قد بلغ ذروته في السلطة القضائية. بالطبع كان قد بدأ قبل هذه الدورة، ولكنه حاليًّا وبحمد الله في أعلى مستوياته ومورد اهتمام عال؛ وكذلك فإن الناس تنظر وترى كيف تتعاملون مع المفسدين، لا تسايرون وتنزلون إلى الساحة بكل حزم وجدية، يفرح الناس بهذا حقًّا، يقوى الأمل في نفوسهم؛ لأن الفساد والمفسدين يمثلون ضربة كبرى مهلكة لحياة الناس وروحيتهم وإيمانهم واعتقاداتهم. الحق والإنصاف، إن الفساد المالي - إضافة إلى أنواع الفساد الأخرى، والحال أن ما تكافحه السلطة القضائية الآن هو الفساد المالي والاقتصادي - هو بلاء كبير، يشبه فيروسًا خطيرًا، مثل فيروس كورونا هذا؛ ومثل فيروس كورونا هو معدٍ أيضًا؛ عدواه شديدة وسرايته قوية جدًّا؛ أي إن الفساد في موقع ما يعدي المواقع الأخرى وينتشر بسرعة وشدة. المفسد لا يبقى مفسدًا لوحده، بل يسوق الآخرين نحو الفساد بأسباب متنوعة؛ وللمفارقة فإن فيروس كورونا ينتقل بواسطة الأيادي الوسخة والملوثة، وكذلك هو الفساد ينتقل بواسطة الأيادي الوسخة والملوثة؛ غاية الأمر أن خطر كورونا يزول عند غسل اليدين وتنظيفهما بالصابون، لكن مسألة الفساد لا يمكن حلها بالماء والصابون، لا حل لها إلّا بقطع الأيدي المفسدة. بناءً عليه، فهذه القضية هي قضية مهمة جدًّا.

إن مهمة السلطة القضائية هي مكافحة الفساد في كل المجتمع؛ أي إن الهدف المسلّم به أنكم تريدون مكافحة الفساد في كل المجتمع، لكنّ مكافحة الفساد [تكون]بالدرجة الأولى داخل السلطة القضائية نفسها، هذا الأمر الذي أكدت عليه مرارًا، في أغلب اللقاءات السنوية مع الأعزاء في السلطة القضائية وأعيد التأكيد والإصرار عليه. إذا وُجد فساد في داخل السلطة القضائية، فإن ضرره سيكون أكبر بكثير من الفساد خارجها؛ كالحكمة (المنسوبة إلى السيد المسيح عليه السلام) القائلة "فإذا فسد الملح فأي شيء يملّحه؟"؛ أي إنه ليس بالشكل الذي يمكننا أن نتعامل معه مثل بقية أنواع الفساد؛ كلا، إن ضربته [وقْعه] وحمله ثقيل جدًّا ويحتاج حقًّا إلى تعامل حازم وجدي ومتخصص. بناءً عليه، يجب أن تكون المراقبة بالدرجة الأولى إلى الفساد في داخل القضاء. بالطبع حين نقول "بالدرجة الأولى"، فهذا لا يعني أن نتابعه حتى استئصاله بشكل نهائي، ثم نتصدى لباقي الأقسام وأنواع الفساد؛ كلا، بل ينبغي المتابعة بشكل متوازن كما أشير سابقًا، يجب التقدم في كل هذه المجالات معًا.

2- النظرة التخصصية إلى الأجواء الباعثة على الفساد ورعاية العدالة مع المتّهم
النقطة التالية هي أنه في مجال أرضية الفساد أيضًا، يجب الالتفات والاهتمام بالأجواء المؤدية إلى الفساد؛ وهذا الأمر يحتاج إلى نظرة تخصصية؛ أي إنه يجب، وبنظرة تخصصية، معرفة الأرضية الباعثة على الفساد والنتيجة للفساد، ومن ثم محاربة الفساد بتلك النظرة التخصصية نفسها، والعمل الدؤوب وبذل الجهد لاستئصال الفساد من جذوره. ومعيار السلطة القضائية لمكافحة الفساد هو الحق والعدل والقانون. فلا ينبغي إدخال أي ملاحظة ومسايرة ومراعاة لاعتبارات أخرى؛ يجب مراعاة الحق، مراعاة العدالة. وإذا كان هناك حالة مكافحة فساد ما، منطبقة مع الحق والعدل والقانون، فيجب التحرك من دون أي مسايرة واعتبارات.

بالطبع أنا أصرّ على عدم غض النظر والمسايرة، ومن جهة أخرى أنا أصرّ كذلك على عدم التعدّي؛ أي أن لا نعتمد فقط على المسايرة فقط، بل نعتمد أيضًا على عدم التعدّي. فلا سمح الله، إن كان شخص ما غير مجرم ولا فاسد ولا مفسد، وتم تعريفه بعنوان مفسد وفاسد والتعامل معه على هذا الأساس، فهذا ظلم كبير جدًّا؛ أو تمت مجازاته وعقابه أكثر من الحدّ الذي يستحقه، فهذا أيضًا خطأ وغير مقبول أبدًا؛ أي إن وجود الفساد والمفسدين خطر كبير، لكنّ التعدّي والاعتداء على البريء هو أخطر منه بكل معنى الكلمة؛ إنني أؤكد على هذا المعنى.

ليراقب الأعزاء ومسؤولو السلطة القضائية - العاملون منهم في الادعاء العام، وكذلك العاملون في المحاكم - ولينتبهوا بأن يكون سلوكهم وتعاملهم وفق الحق والعدل. فحين يقتضي الحق والعدل في مكان ما العمل بشدّة وحزم، فليقدموا من دون ملاحظة أي اعتبار. وحيثما يقتضي الحق والعدل عدم التعامل بشدة، فلا يتأثروا بالأجواء ويتمايلوا بحسب ما يروّج هنا وهناك، بأن نفعل هذا مثلًا؛ فهذا يرجع إلى الأعزاء في السلطة القضائية، وكذلك للأشخاص الذين هم في خارجها. كذلك فإن الحاضرين في محاكمكم يدلون بدلوهم في هذا المجال أيضًا؛ وبالأخص حاليًّا في الفضاء الافتراضي حيث أصبح هذا أمرًا رائجًا، والكثير من الناس يطرحون آراءهم ونظراتهم، بل يحاكمون ويصدرون الأحكام القضائية في الفضاء الافتراضي؛ ويجلسون مكان القاضي من خلال كلامهم وكتاباتهم، ويستنتجون ويعملون وفق هذه النتيجة؛ أحيانًا يكيلون السباب والشتائم، أو يوجّهون التهم ويقومون بمثل هذه الأفعال؛ على الجميع الانتباه والمراقبة، فلينتبه الذين هم خارج السلطة القضائية أيضًا أن لا تؤدي مكافحة الفساد إلى التعدّي على الأفراد.

وهنا أقول إنه في الآونة الأخيرة، وخلال هذه المحاكمات الأخيرة التي جرت في السلطة القضائية، جرى التعرّض لبعض كبار شخصيات القضاء النزيهة ممن تولوا مسؤوليات في الدورة السابقة، حيث تعرضوا للإهانة ولحق بهم ظلم؛ وهذا الجفاء لم يكن ينبغي أن يحصل وينبغي ألا يتكرر. بالطبع فإن كلامي موجّه للأشخاص المؤمنين، الشباب المؤمن، وإلاّ فإن المعاندين لا يمكن فعل شيء لهم. هناك البعض على سبيل المثال يريدون الانتقام من الشخص الفلاني بعد تركه لمنصبه بسبب مواقفه الثورية المتينة في السابق؛ لا شأن لي بهؤلاء. خطابي موجه للشعب المؤمن والناس المتدينين والشباب الطيبين، الذين يريدون السير وفق الحق، لينتبهوا وليراقبوا أنفسهم لئلا يتعدوا على أحد ولا يسيئوا لأحد ولا يظلموا أحدًا. حركة المكافحة للفساد هذه - التي بحمد الله - تظهر حاليًّا بهذه القوة في السلطة القضائية،كانت قد انطلقت في زمان (رئاسة) جناب الشيخ آملي (للسلطة القضائية)؛ أي إنه كان البادئ بهذه الحركة؛ لا ينبغي الغفلة عن هذه المسائل، سواء داخل السلطة القضائية أو خارجها.

3- مساعدة الحركة الاقتصادية ومنع تعطيل الوحدات الإنتاجية
هناك نقطة أخرى حول مسألة السلطة القضائية هذه ومكافحة الفساد، وهي أنه من الأعمال الجيدة للسلطة القضائية دعم الإنتاج ومنع تعطيل الوحدات الإنتاجية. والآن حين يذكر جناب السيد رئيسي في تقريره "ألف وحدة إنتاجية"، هذه قضية في غاية الأهمية. هذا عمل مهم جدًّا. وفي الحقيقة، كل قسم من نظام الجمهورية الإسلامية يتمكن من مساعدة الحركة الاقتصادية، فليقم بواجبه. الشعب يعاني على المستوى المعيشي، أي إن معيشة الناس صعبة؛ كل من بوسعه دعم قضية الاقتصاد، يجب عليه أن يساعد، إحدى مساعدات السلطة القضائية هي أن تقف بمواجهة تعطيل الوحدات الإنتاجية. لقد أبلغ جناب السيد رئيسي مؤخرًا قرارًا بأن المصارف التي صادرت مثلًا بعض وكالات الإنتاج أو قامت برهنها، لا يحق لها أن تعطّل إنتاج هذه الوحدات؛ وهذا كلام سليم جدًّا، هذا عمل صحيح بشكل كامل؛ وهذا أمر قابل للتعميم؛ أي إن بإمكانكم تعميم هذا على حالات أخرى. افرضوا مثلًا بأن القطاع الخاص يشتري مصنعًا من الحكومة، ثم يعطّل هذا المصنع، يؤخر تشغيله، يطرد عماله، يبيع آلاته في المزاد العلني، ثم يبني على أرضه مثلًا مبنى من عشرين أو خمسٍ وعشرين طبقة! حسنًا، هذه ضربة توجّه إلى اقتصاد البلاد؛ يمكنكم متابعة هذه المسائل بكل جدية فهي تتعلق بمعيشة الناس.

4- تشكيل المحاكم التجارية والبنية التحتية الحقوقية
نقطة أخرى هي تشكيل المحاكم التجارية، وقد ذكرت هذا سابقًا لأجل رفع الخلافات الاقتصادية أيضًا 4. من الأعمال المطلوبة في مكافحة الفساد التي أشرت إليها في سياق كلامي وقلت إنني سأعود لها، هو الإشراف الشعبي، حسنًا، إن الإشراف الشعبي وتقارير الناس يلزمها بنية تحتية داخل السلطة القضائية؛ فعليكم أن تحدّدوا مكان هذا داخل جسم القضاء، إلى أين تصل هذه التقارير، كيف يتم التدقيق فيها والتأكد من صحة وسقم هذه التقارير، ما هي آلية متابعتها، كيف تتم المحافظة على أمن وسلامة صاحب هذا التقرير؛ هذه من القضايا المهمة. الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الذي هو من جملة هؤلاء، هو ذلك الذي يقدّم تقريره لكم ويخبركم عن وجود فساد في النقطة الفلانية أو المعاملة الفلانية، في الإدارة الفلانية، يجب توفير الأمن والأمان له - سواء أمنه المادي أو أمنه المعنوي - وضمان عدم التعرّض له. يحصل أحيانًا بأن يقوم شابّ مؤمن "حزب اللهي" متدين، وشعورًا منه بالمسؤولية، بتقديم تقرير لكم، غاية الأمر أنه ليس عالـمًا متبحرًا بالقانون، قد يرتكب هنا خطأً ما ؛ فيصرّح مثلًا عن اسم لا ينبغي التصريح به في المكان الفلاني، يخطئ في هذا المجال؛ فيأتي ذاك المخالف للقانون وهو ضليع بالقوانين، فيستغل هذا الخطأ الصغير، ويخفي فساده خلف هذا الاشتباه ويدين هذا الشاب، ويخرج المفسد سالـمًا غانمًا! يجب الانتباه لهذه المسائل. وهذا يلزمه إيجاد بنية تحتية وأسس حقوقية، توفّر الأمن لأصحاب التقارير الشعبية، وتضمن التأكد من صحة أو سقم التقارير. وكذلك تغلق الباب ضمنًا على الافتراء وتوجيه التهم الباطلة، فالبعض حين يرى أن التقارير يتم الاستماع لها وقبولها، بمجرد أن يكون لديه مشكل بسيط مع أحدهم، يقدم تقريرًا ويتهمه فورًا! كلا، يجب القيام بإجراءات وقائية تمنع حالات كهذه. خلاصة الأمر، أن يشعر الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحفاوة[تشجيع من قبل سلطة القضاء] وقوة قلب في تواصله مع القضاء، أن يعتبر أن السلطة القضائية هي داعمة وحامية له. هذا بالنسبة لهذه النقطة.

أرى لزامًا عليّ أن أتوجه بالشكر إلى جميع القضاة والمديرين الشرفاء والمتصدّين للأعمال الصعبة - في مجال التحوّل والواجبات المتعددة الأخرى للقضاء - في كل أرجاء ومواقع السلطة القضائية. الآن وقد أشار جناب السيد رئيسي الى أنه وفي زمان الكورونا ومشكلات قلة التواصل وما شابه، فإن عمل السلطة القضائية مستمر كما يجب ويتم التقدم بالأعمال، والبعض يبذل جهودًا كبيرة حقًّا في مجال مسائل التحوّل؛ إنني أشكر هؤلاء جميعًا، كما أشكر أسرهم وعائلاتهم؛ إن نصف الجهود والأتعاب التي يبذلها العاملون في أي قطاع، ممن يكدّون ويتعبون ويؤدون الخدمة ليلًا ونهارًا، تتعلق بالحقيقة بزوجاتهم وأزواجهم وعائلاتهم، والأجر الإلهي يشملهم أيضًا، إنني أشكرهم جميعًا.

الحاجة إلى المراقبة الشاملة من المسؤولين والناس في وباء كورونا
في آخر كلمتي، إشارة أيضًا إلى قضية كورونا هذه. يتخيل البعض بأن أزمة كورونا قد انتهت والمسألة قد حُلّت؛ كلا، قضية كورونا مستمرة. لحسن الحظ، وفي الدرجة الأولى، الأجهزة الطبية والصحية والاستشفائية وما شابه، هم حقًّا في الخطوط الأمامية، قدّموا التضحيات وآثروا على أنفسهم - وقد ذكرت هذا قبل الآن، وليس بالكثير عليهم، حتى لو كررته عشر مرات أيضًا، لأن عملهم كان إنجازًا بارزًا حقًّا، ولا يزالون يتابعونه حتى الآن - وبعدهم المجاهدون في سبيل الله، الذين نزلوا إلى الميدان بشكل تطوعي، وبادروا للخدمة في المستشفيات وداخل المدن وحتى المقابر وفي كل مكان، نهضوا وعملوا وساعدوا؛ للإنصاف، لقد أحسن الناس التعامل والمواجهة ولبّوا بشكل جيد، وأنا في بداية العام الهجري، حين عطّل الناس الاحتفال بيوم الطبيعة "سيزده به در"، شكرت الناس حقًّا ومن صميم القلب على تعاونهم إلى هذا الحد. فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة كانت أننا اشتهرنا في العالم كبلد ناجح في مواجهة كورونا. بعض رؤساء الدول الأخرى كانوا يتحدثون مع السيد رئيس الجمهورية - سماحته أخبرني- ويسألونه ماذا فعلتم وكيف تعاملتم مع هذه الأزمة؟ وهذا يدل على أن نجاح البلد في مكافحة كورونا قد شاع في العالم بحيث يسأل رؤساء بلدان رئيس جمهوريتنا ماذا فعلتم؛ هكذا كان الوضع في بداية الأمر؛ عندما ننظر الآن نرى وكأن تلك الحركة الأولى، تلك الجهود الأولى قد ضعفت وتراخت من قبل بعض الناس وبعض المسؤولين. أنا أشاهد كيف أن المسؤولين المحترمين الذين يظهرون على التلفاز والناس يحيطون بهم من كل جانب وهم لا يضعون الكمامات! أنا الآن لا أضع كمامة، ولكن لا يوجد أحد بالقرب مني، إذا اقترب مني اثنان أو ثلاثة أشخاص، فانا العبد سأضع الكمامة حتمًا، كما إني أضعها في حالات متعددة، بينما يرى الإنسان كيف أنها لا تراعى من قبل البعض؛ حسنًا، حين تكون أنت مسؤولًا رسميًّا ولا تضع الكمامة في لقاء شعبي، فإن ذلك الشاب الذي يسير في الشارع ولا صبر لديه على تحمل الكمامة، سيتشجع على عدم وضعها والالتزام بها، وماذا ستكون النتيجة؟ النتيجة هي ما نشهده الآن، فبعد أن تدنت أرقام وفياتنا في هذه الأزمة إلى عدد عَشْري برقمين ووصلت إلى بضع وثلاثين، عادت فارتفعت حاليًّا إلى أكثر من مئة وثلاثين! وصلت الآن إلى مئة وبضع وثلاثين؛ الأمر الذي يحزن الإنسان. قبل حوالي شهر أو شهر ونصف، حين وصلنا التقرير، ذكروا اسم بعض المحافظات التي لم يحصل فيها أي حالات وفاة، أنا العبد فرحت حقًّا من صميم قلبي، شكرت الله على عدد هذه المحافظات التي لا خسائر فيها ولله الحمد؛ حاليًّا وقبل عدة أيام حين قدّموا لي ذلك التقرير، رأيت كيف أن بعض تلك المحافظات التي كانت قد خلت من الخسائر، عادت لتشهد أعدادًا من الوفيات؛ ما يوجب غصّة الإنسان، يجب ألّا نقوم بهذا، يجب أن نراعي التدابير، يجب أن نراقب وننتبه؛ على الناس أن ينتبهوا، وعلى المسؤولين أن ينتبهوا. لحسن الحظ لا تزال المجموعات الطبية صامدة تتابع جهودها، إن قلقي عليهم من أن يتعبوا؛ لقد تحمّلوا الكثير؛ حسنًا، إلى متى وكم يتحملون؟ يجب علينا أن نقوم بما من شأنه أن يخفف ثقل الحمل عن كاهلهم قليلًا. لا سمح الله، إنْ تَعِبَ ممرضونا وأطباؤنا وسائر العاملين في القطاع الصحي والمستشفيات، وضعفوا عن تأدية أعمالهم، فإن الوضع سيتدهور ويتجه للأسوأ.

يقال إن المشكلات الاقتصادية تتفاقم (بسبب كورونا)؛ نعم، هكذا هو الوضع؛ يجب الاستعداد والتوقّي واستشراف الوضع بحيث إن المشكلات الاقتصادية، ينبغي ألا تحدث بسبب كورونا، أو أن تقل وتصبح أخف وأسهل، لكن، يجب الالتفات جيدًا، بأنه لا سمح الله،إذا لم ننتبه ونحذر، وعادت موجة الكورونا للانتشار الواسع مجددًا، فإن الوضع الاقتصادي سيزداد صعوبة وتعقيدًا وستكثر المشكلات؛ نحن اليوم نحتاج إلى المراقبة والانتباه من جميع الجهات. أنتم تشاهدون العداوات، ترون أمريكا الخبيثة، وبريطانيا الخبيثة والحكومات الأوروبية، وكلها لا تقصّر في القيام بكل ما بوسعها ضد الجمهورية الإسلامية، والحمد لله فإن رؤوس هؤلاء تصطدم بالصخر ولا يمكنهم تنفيذ مآربهم، وكل ما يقومون به، مما يسمونه "الحد الأقصى من الضغوط" كي يركعوا الشعب الإيراني، سيكون نتيجته تسديد ضربة على صدورهم بقبضة الشعب الإيراني، وسيفشلون ويتراجعون؛ إن قمنا نحن جميعًا إن شاء الله، وتمكنّا من العمل بواجباتنا.

أتقدّم بجزيل الشكر من جناب السيد رئيسي، رئيس السلطة القضائية المحترم، ومعاونيه والعاملين في هيئة الرئاسة، وفي الإدارات، والمعاونين ورؤساء المحاكم، وباقي الأفراد المسؤولين والمحترمين، وجميع القضاة الشرفاء، والعاملين المحترمين في السلطة القضائية؛ أشكرهم جميعًا.

أسأل الله أن يوفقكم ويعينكم جميعًا، وأن يفرح الروح المطهّرة لإمامنا العظيم بهذه الجهود التي تبذلونها، وأن يحشر الأرواح المطهّرة لشهدائنا الأعزاء مع النبي الأكرم إن شاء الله.

والسّلام‌ عليكم ورحمة اللّه ‌وبركاته

[1] سورة الناس الآية 4.
[2] سورة الطلاق، جزء من الآية 3.
[3] سورة الشورى، جزء من الآية 15.
[4] كلمته مع الشركات الإنتاجيّة بمناسبة أسبوع العامل (۱۳۹۹/۲/۱۷) (6/5/2020م)

30-06-2020

قراءة 789 مرة