إستوقفتني فكرة طرحها الصحفي العراقي اسعد البصري ، حول مفهوم "الوطنية" التي روج لها البعث الصدامي قرابة اربعين عاما وعلاقتها بعداء امريكا واذيالها للحشد الشعبي، فـ"الوطنية" من منظار البعث الصدامي تعني "ان تناصب ايران العداء" وان تجند كل امكانياتك للنيل منها، وفي حال ثبت انك لا تتخذ موقفا معاديا من ايران او حتى تقف منها على الحياد، فأنت "عميل"، وهذه المفاهيم وفقا للقاموس البعثي الصدامي لا تنطبق على "عملاء" بريطانيا او امريكا او اي دولة اخرى، لان مثل هذه الدول لا تحتل المكانة التي تحتلها ايران في العقلية الصدامية.
العداء البعثي الصدامي لايران هو عداء عنصري، لم يتحرر منه الطاغية صدام حتى وهو يعترف علنا انه شنّ عدوانه على ايران بسبب مؤامرة وتحريض من الرجعية العربية والكيان الاسرائيلي وامريكا لتدمير قدرات ايران والعراق وانه قد وقع في هذا الفخ، الا انه ومع ذلك ووفقا للتسريبات التي سربها المحتل الامريكي والمراقبون عن الطاغية انه تعهد قبل وبعد الغزو الامريكي بان "يتصدى" لايران مرة اخرى في حال تركوه وشانه ولم يسقطوا نظامه.
هذه الفكرة منتشرة الان لدى ايتام صدام المقبور، فرغم ان العراق محتل من امريكا الا ان فكرة"الوطنية" الصدامية لا تنسحب على امريكا التي غزت العراق ولا على تركيا التي تتواجد عسكريا وترفع العلم التركي في شمال العراق ، ولا على بريطانيا وحلفاء امريكا الذين احتلوا العراق عام 2003 ولا على السعودية والكويت وقطر والامارات التي انطلقت منها جحافل الغزاة، فالمستمع لخطاب ايتام صدام ترى انهم لا يرون من "عدو" الا "ايران"، والتي امتزج دماء شهدائها مع دماء شهداء العراق في منازلتم للغزاة الامريكيين والبريطانيين والتكفيريين والدواعش.
اما لماذا لا يستشعر البعثي الصدامي اي عداء امام كل غزاة الارض حتى لو احتلوا اقدس مقدساته، بينما يصاب بهستريا اذا ما سمع بعبارة "ايراني" كما نسمعها اليوم من سفاحي البعث الصدامي من امثال المجرم عزة الدوري وغيره، الذي ينتشي فرحا عندما ينتهك الدواعش الحرمات في المناطق الغربية، بل ويمد يده حتى الى الغزاة الامريكيين ومموليهم من السعوديين من اجل محاربة "عدو وهمي لا يوجد الا في مخيلته اسمه ايران"، والسبب الرئيس وراء كل هذه الحالة المرضية الشاذة، هو استغلال الاستعمار البريطاني وبعد ذلك الامريكي لعصابة البعث ولافكاره العنصرية ضد ايران ، وتمكينه من السيطرة على حكم العراق وتحويله الى جدار لحماية ممالك ومشايخ النفط امام ما تعتقده امريكا والغرب خطرا ايرانيا يهددها، كما سيمنع وجود حكومة عنصرية صدامية في العراق اي علاقة طبيعية تجمع بين الشعبين العراقي والايراني وهي علاقة يرى فيها امريكا والغرب تهديدا لمصالحهما.
هذا العداء لاقامة اي علاقات طبيعية بين ايران والعراق هو الذي يفسر العداء المكشوف لامريكا والغرب والعصابات الصدامية والجوكرية والسعودية والكيان الاسرائيلي والدواعش للحشد الشعبي وكل حملات التخوين والتشكيك بولاء و وطنية الحشد الشعبي، لان الحشد لايعترف بالمفهوم الذي روج له البعث الصدامي بمباركة امريكا وبريطانيا لـ"الوطنية العراقية" التي ترى في ايران "عدوا ابديا" للعراق والعرب، فالحشد، وكذلك غالبية الشعب العراقي يرى في ايران بلدا اسلاميا شقيقا يشكل عمقا استراتيجيا للعراق والعرب ضد الاطماع الامريكية الصهيونية في ثروات الشعوب العربية والاسلامية.
المصدر:العالم