في الوقت الذي تعلن امريكا الحرب على العالم اجمع من اجل منعه من التبادل التجاري والمالي مع الشعب الايراني لحرمانه من ابسط مقومات الحياة مثل الغذاء والدواء، عقابا له على سعيه لتحقيق نهضة علمية تشمل جميع مناحي الحياة من اجل القفز بإيران الى مصاف الدول المتقدمة، تحت ذريعة منعه من امتلاك السلاح النووي، تعلن أمريكا جهارا نهارا عن نيتها إجراء اختبارات تفجير نووي، بعد مرور عقدين على معاهدة الحظر الشامل للاختبارات النووية.
اللافت ان اختبارات التفجير النووي التي تحاول امريكا اجراءها، تأتي في الوقت الذي تملك امريكا الالاف من الرؤوس النووية التي يمكن ان تدمر الارض عدة مرات، الامر الذي يؤكد ان أمريكا ماضية في تطوير السلاح النووي، من اجل الابقاء على هيمنتها على العالم، ومنع الدول من التفكير في اي محاولة للتحرر من هيمنتها ، تحت ضغط السلاح النووي، الذي لم تلوح امريكا في استخدامه ضد الدول الاخرى التي تعتبرها "موانع" امام هيمنتها على العالم، بل استخدمتها فعلا ولاول مرة في تاريخ العالم، عندما القت قنبلتين نوويتين على اليابان وقتلت مئات الالاف من البشر في ثوان معدودة.
السلطات الامريكية ترى في امتلاكها السلاح النووي حق مشروع لها، ولا يملك الاخرون مثل هذا الحق، بل ان هذه السلطات تمنع الاخرين من امتلاك حتى الشق السلمي من التقنية النووية، التي تعتبر اليوم حاجة ضرورية لمواجهة التحديات التي تواجهها البشرية في مجال الطاقة والاستخدامات الطبية والعلمية الاخرى. ويبدو ان "تشريع" هذا "الحق" وحصره بامريكا وبعض الدول الغربية والقوى الكبرى، هو تشريع نابع من قانون الغاب، وهو قانون يشرعه الاقوياء، الذي يمنع حتى حق الحياة للضعفاء، او من يحاولون الخروج من حالة الاستضعاف.
مشروعو قانون "الغاب" هذا، يخرجون كل يوم على العالم وهم لا يبررون امتلاكهم السلاح النووي فقط ، بل يتبجحون على العالم بأن هذا السلاح يساهم في "المحافظة على مصالح دولهم"، كما تحدث مؤخرا الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، وكذلك المشروعون الامريكيون الذي خصصوا مبالغ طائلة لاجراء اختبارات التفجير النووي، من اجل الحصول على قوة نووية "تحافظ على مصالح امريكا في العالم".
من الواضح ان المصالح التي يتحدث عنها مشرعو قانون الغاب، هي المصالح غير المشروعة القائمة على السلب والنهب تحت وطأة السلاح النووي، وهو على كل حال "حلال" و "مشروع" بل "فضيلة" يجب الحفاظ عليها ومنع اي كان من الاقتراب منها و حتى التشكيك بها.
مشرعو قانون الغاب، يعتبرون انفسهم "الميزان" و "القياس" الذي يمكن ان يحدد للانسانية بين "الحلال" والحرام" ، فيما يخص الاستخدام العسكري والسلمي للطاقة النووية، فإذا كان "المُستخدم" من ناديهم او من اتباعهم او اذيالهم كما هو االكيان الاسرائيلي، فالاستخدام العسكري ليس "حلالا" فقط، بل "واجبا وفريضة"، أما اذا كان الطرف الاخر خارج دائرة مشرعي قانون الغاب واذنابهم، فان استخدامه السلمي للطاقة النووية لا يعد "حراماً" فحسب بل من "الكبائر" التي تستوجب محاصرته وتجويعه وتهديده وخنقه وحرمانه حتى من ابسط مقومات الحياة، كما راى العالم كيف تكالب هؤلاء المشروعون ومازالوا على ايران.