مسار جديد من المقاومة يبرز بشكل كبير في فلسطين المحتلة على ايدي شبان في مقتبل العمر يطلق عليهم "المقاومون الجدد"، مسار يضع الاحتلال أمام واقع جديد ومعادلة جديدة فرضتها المقاومة الفلسطينية، في توازن رعب هذه المرة سيكون له أبجديات جديدة.
شبان فلسطينون أو ما باتوا يعرفون بـ "المقاومين الجدد" يعيدون امجاد سنين خلت للمقاومة في جنين، ينتظرون الجنود الصهاينة لينقضوا عليهم عند محاولة قوات الاحتلال اقتحام المدينة ويشتبكون معهم من مسافة صفر، في واقع جديد ومعادلة جديدة فرضتها المقاومة الفلسطينية تزامنت مع معركة "سيف القدس".
ظاهرة أخذة بالتصاعد تزامنت مع الحرب الأخيرة على غزة، أعادت بعض المظاهر المسلحة في جنين، ولاسيما حين هاجم مقاومون حاجز الجلمة شمالي المدينة عدة مرات، ثم أعقب ذلك اشتباكات في داخل المدينة والمخيم خلال المداهمات الليلية لجيش الاحتلال ويربطها كثيرون بمجموعات عملت مع شهيد سرايا القدس، جميل العموري.
شبان في مقتبل العمر او ما بات يعرف بـ "المقاومين الجدد" يشتبكون مع الاحتلال من مسافة صفر وينتظرون عناصر وحدة اليمام لينقضوا عليها عند كل اقتحام لها في مدينة جنين، وهذا ما حصل فجر الخميس حيث اندلعت مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال تخللها اشتباك مسلح عقب اقتحامها المدينة.
وافادت المصادر الفلسطينية ان وحدة خاصة من قوات الاحتلال اقتحمت مدينة جنين واعتقلت الشاب /عز الدين ابو نعسة/ عقب دهم منزله لافتة الى ان مواجهات عنيفة اندلعت مع قوات الاحتلال تخللها اشتباكات مسلحة استمرت حتى انسحاب قوات الاحتلال من المدينة.
وتلقى هذه الظاهرة، بحسب مواطنين، تقديرًا منهم؛ لأنها تعيد البوصلة في الاتجاه الصحيح بعد ان باتوا مقتنعين بأن تفعيل المقاومة المسلحة مع الاحتلال هو السبيل للخروج من الحالة الحرجة التي يمرون بها.
ويتعرض "المقاومون الجدد" لحملة ملاحقة شرسة هدفها القضاء على هذه الظاهرة قبل توسعها، خاصة وأن انتشار الظاهرة قد يشجع مناطق أخرى للحذو حذوها؛ فتصبح الاشتباكات المسلحة حالة يومية مع الاقتحامات التي تتم بشكل مستمر في مختلف المدن والبلدات.
الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده شعب مقاوم وشعب مضحي ومرابط، وان كل مدينة من مدن الشعب الفلسطيني لديها مستوى من الاداء الثوري والجهادي ولكن مدينة جنين تتميز عن بقية المدن الفلسطينية بتقديم نموذج متقدم ورائع جدا وبنفس الوقت مقلق جدا بالنسبة للاحتلال ومطمئن بالنسبة للمقاومة والشعب التواق للانعتاق من الاحتلال ونيل الحرية.
فعندما نتحدث عن ظاهرة المقاومة في جنين وحدية المقاومة في جنين وذهابها الى الامل المقصود نحن نريد مقاومة بالمعنى والشكل الصحيح مقاومة تحمل السلاح وتصطدم مع المحتل لان هذا هو الحل الاصعب ولكنه الاصوب.
الشعب الفلسطيني دائما يفاجأ القريب والبعيد على حد سواء، ويفاجأ قادة وسياسيي الاحتلال وينسف بالكامل في كل مرة تقديرات كيان العدو الإسرائيلي، وخير دليل ما يجري في جنين من تصدي مسلح لاقتحامات قوات الاحتلال وكذلك المعادلة الجديدة التي فرضتها المقاومة الفلسطينية، التي تُرجمت عبر صواريخ استهدفت العمق المحتل، ما يشي بأنّ المعادلات الجديدة التي هندستها فصائل المقاومة، ستشكل في مضمونها بداية جديدة، لهندسة مسار تحرير فلسطين بالكامل، خاصة أنّ الكثير راهنوا على إفراغ القضية الفلسطينية من مضمونها، جراء مسار التطبيع، والتحديات التي خيّمت على المنطقة، إبان ما سُميّ بـ "الربيع العربي".
ومن قلعة الصمود جنين الى "سيف القدس" المعركة واحدة، فاللمرة الاولى منذ الانتصار في معركة سيف القدس اجتمع الامناء العامون للفصائل الفلسطينية حول طاولة واحدة للبحث في استثمار النصر في المعركة وصياغة استراتيجية جديدة للمشروع الوطني الفلسطيني.
وحضر اللقاء كل من الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد النخالة ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية وطلال ناجي الامين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة وممثلين عن قادة الفصائل الفلسطينية وذلك بدعوة من المكتب الاعلامي لحركة حماس في لبنان.
وأكد المشاركون خلال اللقاء استمرار المقاومة الفلسطينية في مشروع الاعداد والتجهيز لمعركة التحرير القادمة، مشددا على ضرورة الوحدة لدعم صمود ونضال الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج والعمل على تمكينه بالسبل والطرق المتاحة كافة لحين العودة والتحرير.
وناقش المجتمعون اسباب وتطورات معركة سيف القدس وتداعياتها على القضية الفلسطينية واولويات العمل في المرحلة المقبلة، متوقفين امام مبادرة المقاومة في الرد على جرائم الاحتلال ومخططاته التهويدية في القدس، مثنين على صورة الوحدة التي قدمها الشعب الفلسطيني دفاعا عن القدس والتفافهم حول المقاومة، كما شدد المجتمعون على ضرورة العمل الجاد لاستكمال الوحدة الوطنية من خلال تجديد الشرعيات للمؤسسات الوطنية خاصة المجلس الوطني كما شددوا على حماية الحريات في البيئة الوطنية الفلسطينية مجددين الرفض الكامل لمشاريع التطبيع.
ان الالتفاف الفلسطيني حول مدينة القدس ومسجدها الاقصى المبارك في الداخل والخارج والتي تمثلت بالهبة التي شهدناها مؤخرا ودخول الفصائل الفلسطينية على الخط وتهديدها الاحتلال وضربه في العمق وما افرزته من ولادة مقاومين جدد يتصدون للاحتلال، أعاد مفاهيم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى سياقه ونصابه الحقيقي، أنّ الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية، تمكنوا من وضع الكيان الصهيوني وجنرالاته وساسته ومنظريه، أمام حقيقة واحدة تتمحور حول مشهد فلسطيني جديد قوامه، معادلات ردع جديدة، على العدو أنّ يدركها جيداً، وإنجازات تراكمية سيتم استثمارها سياسياً، للحصول على كافة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني.
المصدر:العالم