اكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي بان اميركا لم تقم باي خطوة من اجل تقدم افغانستان ومارست شتى انواع الظلم بحق شعبها، لافتا الى خروجها المخزي من هذا البلد بعد 20 عاما من الاحتلال.
جاء ذلك خلال اول لقاء لاعضاء الحكومة الجديدة مع قائد الثورة الاسلامية صباح اليوم السبت والذي تزامن مع ذكرى ايام استشهاد محمد علي رجائي ومحمد رضا باهنر واسبوع الحكومة.
واشاد سماحته بجهود الشهيدين رجائي وباهنر اللذين كان قد دخلا الساحة باخلاص وكانا يعتزمان الخدمة وكان اسلوبهما اسلاميا وشعبيا، معتبرا هذا الامر درسا لجميع من يتولون المسؤولية.
وقال قائد الثورة الاسلامية بشان القضية النووية: ان الاميركيين في الحقيقة تجاوزوا حدود الوقاحة في القضية النووية، فرغم انهم خرجوا من الاتفاق النووي امام انظار الجميع الا انهم يتحدثون اليوم ويطالبون بامور وكأن الجمهورية الاسلامية الايرانية هي التي خرجت من الاتفاق النووي والتزاماتها في حين انه لم يتم اتخاذ اي خطوة من جانب يران بعد فترة طويلة من خروج اميركا منه ومن ثم وضعت بعض التزاماتها جانبا بعد فترة من ذلك مع الاعلان عن ذلك.
واعتبر سماحته دور الدول الاوروبية مع اميركا في وضع العراقيل واساءة التصرف بانه ليس بأقل من الاميركيين واضاف: انهم كالاميركيين الا انهم يطالبون على الدوام بقضايا عبر التلاعب بالالفاظ واطلاق التصريحات وكأن ايران هي التي سخرت بالمفاوضات وتخلت عنها منذ امد.
واضاف: ان الادارة الاميركية الراهنة لا فرق بينها وبين الادارة السابقة لانها تطالب ايران في القضية النووية بذات ما كان ترامب يطالب به ولكن بلغة اخرى وفي ذلك الحين اكد المسؤولون الايرانيون بان تلك المطالب غير عقلانية واعتبروا القبول بها امرا غير ممكن.
ووصف قائد الثورة، الاميركيين بانهم ذئاب متوحشة ومفترسة وراء كواليس الساحة الدبلوماسية والابتسامات والكلمات التي تدعي جانب الحق واضاف: بطبيعة الحال فانهم احيانا يتصرفون كالثعلب الماكر كما نرى في اوضاع افغانستان اليوم.
واعتبر آية الله الخامنئي افغانستان بانها دولة شقيقة وذات مشتركات لغوية ودينية وثقافية مع ايران واعرب عن اسفه العميق للمشاكل الحاصلة للشعب الافغاني ومنها حادثة يوم الخميس في مطار كابول واضاف: ان هذه المشاكل والمصاعب هي من عمل الاميركيين الذين فرضوا 20 عاما من الاحتلال ومختلف انواع الظلم على الشعب الافغاني.
واعتبر قائد الثورة قصف مراسم الاعراس والمآتم وقتل الشباب وسجن الكثير من المواطنين الافغان بلا مبرر وزيادة انتاج المخدرات عشرات الاضعاف، جانبا من التداعيات السلبية لتواجد الاميركيين في افغانستان واضاف: ان اميركا لم تتخذ حتى خطوة واحدة من اجل تقدم افغانستان اذ ان افغانستان اليوم إن لم تكن اكثر تخلفا من الناحية المدنية والعمرانية مقارنة مع 20 عاما مضى فانها ليست اكثر تقدما.
واشار سماحته الى خروج الاميركيين المخزي ونقل المتعاونين معهم من الافغان الى مناطق اوضاعها اسوأ من افغانستان وقال بشان موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية: نحن مع الشعب الافغاني، ذلك لان الحكومات كما في الماضي تاتي وترحل الا ان الشعب هو الذي يبقى وان طبيعة علاقة ايران مع الحكومات متعلقة بطبيعة علاقتها مع ايران. اننا ندعو الباري تعالى بالخير والنجاة للشعب الافغاني من هذا الوضع.
وفي جانب آخر من حديثه اشار قائد الثورة حول مهام الحكومة الجديدة الى ان الزمن يمر سريعا ونصح باستثمار كل فرصة وساعة من هذه الاعوام الاربعة وعدم تضييع هذا الزمن المتعلق بالشعب والاسلام واكد ضرورة الاستفادة من جميع الامكانيات والطاقات والزمن.
وقال قائد الثورة: انه خلال الفترة الخدمة والمسؤولية ركزوا هممكم على عملية اعادة بناء ثورية وعقلانية ومتفكرة بطبيعة الحال في جميع مجالات الادارة ان شاء الله تعالى.
واكد بان الثورية يجب ان تكون مترافقة حتما مع العقلانية باعتباره الاسلوب الصحيح للجمهورية الاسلامية الايرانية من اليوم الاول للعمل لغاية الان بحيث تكون الجهود الثورية مترافقة مع الفكر والعقلانية.
واكد قائد الثورة ضرورة عملية البناء "الثورية والعقلانية والحكيمة" في جميع مجالات ادارة البلاد واشار الى اولوية القضايا الاقتصادية واستعرض نقاطا مهمة حول "الطابع الشعبي" و""ارساء العدالة" و"مكافحة الفساد" و"احياء الامل وكسب ثقة الشعب" و"انسجام واقتدار واشراف الحكومة".
كما اكد ضرورة التحرك على سكة الثورة وايجاد النهضة الثورية في جميع قطاعات "ادارة الاقتصاد والبناء والخدمة والسياسة الخارجية والثقاقة والتعليم وسائر المجالات" واضاف: ان الثورية يجب ان تترافق بالتاكيد مع العقلانية والحكمة وكان هذا هو اسلوب الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ البداية.
وبشان الطابع الشعبي اكد قائد الثورة على ضرورة توجه المسؤولين الى اوساط الشعب والتحدث اليهم بلا وساطة، لافتا الى الزيارة التي قام رئيس الجمهورية الى خوزستان أمس الجمعة كمثال على ذلك .
كما اكد ضرورة اتخاذ نمط الحياة البسيطة والسلوك غير المصطنع والابتعاد عن المظاهر الارستقراطية والرؤية الفوقية تجاه الشعب واضاف: انه ينبغي اطلاع الشعب على المشكلات والحلول وتجنب اطلاق تصريحات غير الحقيقية وتيئيس المواطنين والعمل على طلب المساعدة الفكرية والعملية منهم.
واعتبر سماحته "الاعتذار السريع من الشعب عند حصول الخطأ" وتقديم تقارير صادقة ومن دون مبالغة للانشطة الى الشعب بانها من المظاهر الاخرى للطابع الشعبي للحكومة.
ودعا قائد الثورة، رئيس الجمهورية واعضاء الحكومة لدراسة دقيقة للعهد المهم جدا من امير المؤمنين (ع) لمالك الاشتر وقال: انه تم في هذا العهد التاريخي تبيين مختلف الابعاد لان علاقة الحكم مع الشعب يجب ان تكن اخوية وودية على اساس الاسلام.
كما اوصى سماحته المسؤولين بالعمل على "ارساء العدالة" و"مكافحة الفساد والتصدي الجاد والدقيق للفساد" و"احياء ثقة وامل الشعب" واضاف: انه ينبغي الحذر كثيرا عند اعطاء الوعود واطلاق التصريحات وبذل الجهود للوفاء بها عند اطلاقها لان عدم تنفيذها سيؤدي الى عدم ثقة الشعب.
واعتبر "اضفاء الطابع الشبابي على الحكومة" احد المستلزمات الاخرى للتطور ولفت الى اهمية "الاستفادة من الحكومة الجماعية والعقلانية" واشار الى اولويات عمل الحكومة وقال: ان الاولوية الاهم للبلاد هي الاقتصاد ومن ثم الثقافة والاعلام والعلم وبطبيعة الحال هنالك اولوية عاجلة الان وهي عبارة عن تفشي كورونا وصحة المواطنين.
واشار الى الجهود الجيدة المبذولة من قبل الحكومة الماضية في مجال الصحة ومنها اللقاحات ووارداتها واعتبر القضايا المتعلقة بالعلاج والوقاية والكشف عن المصابين والتطعيم العام بانها مهمة جدا واضاف: ان احدى الحالات الضرورية هي الحجر الصحي الذكي والمراقبة الجادة في الجزء المتعلق بالحدود والحيلولة دون دخول اي انواع جديدة للمرض.
واكد واجب المواطنين في مكافحة المرض والتي تتمثل باربعة امور وهي ارتداء الكمامة والتزام التباعد الاجتماعي واهمية التهوية وغسل اليدين بالصابون واضاف: من المؤكد ان التزام هذه الامور سيكون مؤثرا في خفض الاضرار الكبيرة الراهنة.
*الاقتصاد
واعتبر آية الله الخامنئي الاقتصاد احدى الاولويات الاساسية للبلاد وقال: ان التضخم المرتفع وعجز الموازنة والقضايا المعيشية للمواطنين وانخفاض قيمة العملة الوطنية وانخفاض القدرة الشرائية وقضايا العمل والنظام البنكي، من المشاكل المهمة لاقتصاد البلاد واضاف: انه ينبغي التخطيط لحل كل من هذه المشاكل ومن ثم يعمل المسؤولون الاقتصاديون في الحكومة بصورة منسقة في مرحلة لاحقة حيث ان هذا التنسيق يعد احد مصاديق انسجام الحكومة.
واكد قائد الثورة الضرورة الملحة جدا في الاهتمام بمحركات الدفع الاقتصادية وتفعيلها مثل قطاع السكن وصناعة الصلب والسيارات وقطاعات الطاقة والبتروكيمياويات، مشددا على ضرورة التنسيق بين مسؤولي هذه القطاعات.
واكد سماحته على قضيتين مهمتين هما 1-السعي وراء حلول اساسية وليست موقتة للمشاكل الاقتصادية 2-عدم ربط حل المشاكل الاقتصادية برفع الحظر والعمل على التخطيط لرفع المشاكل مع افتراض وجود الحظر.
*الثقافة والاعلام
واكد قائد الثورة اهمية قضية "الثقافة والاعلام" واعتبر البنية الثقافية في البلاد بانها ذات اشكاليات وبحاجة الى اعادة بناء ثورية وقال: ان الحركة الثورية تعني الحركة البنيوية والحكيمة والعقلانية والنابعة من الفكر والحكمة وليست الحركة الاعتباطية وغير المدروسة.
واعرب عن سروره لنمو الجيش العظيم للشباب المهتم والمولع بقطاع الثقافة واكد مسؤولية الحكومة في تقديم الدعم الذكي لهؤلاء الشباب والمشاريع المبدعة، داعيا للعمل على كشف الطاقات الشبابية وضمان الحرية لهم في اطار القانون والتصدي للفساد الاخلاقي والفساد في مجال الثقافة من دون اي محاباة.
واضاف قائد الثورة: ان السبيل الرئيس لمواجهة الحرب الناعمة هو دعم الانشطة الصحيحة في مجال الثقافة وتشجيعها والوقوف امام الانشطة الخاطئة ذلك لان ساحة الثقافة والاعلام هي ساحة الصراع بين الصلاح والفساد وبين الحق والباطل وساحة الحرب الثقافية ضد مروجي الفساد في العالم.
*السياسة الخارجية
وفي جانب اخر من حديثه اشار الى التاثير المهم للسياسة الخارجية واكد ضرورة التحرك المضاعف في هذا المجال وقال: يجب تقوية الجانب الاقتصادي في الدبلوماسية ومثلما يقوم رئيس الجمهورية بمتابعة الدبلوماسية الاقتصادية في الكثير من الدول فانه يجب تقوية الدبلوماسية الاقتصادية في بلدنا وفق هذه الرؤية.
واعتبر توسيع التجارة الخارجية مع الدول الـ 15 الجارة لايران وكذلك الكثير من دول العالم الاخرى امرا ضروريا وممكنا وقال: ان الدبلوماسية لا ينبغي ان ترتبط او تقع تحت تاثير القضية النووية لانها قضية منفصلة ينبغي حلها بصورة مناسبة ولائقة.