
emamian
کلمة الإمام الخامنئي عبر الشاشة مع رئيس القوة القضائية
کلمة الإمام الخامنئي عبر الشاشة مع رئيس القوة القضائية وجمع من مسؤوليها في أنحاء البلاد 7-4-1399 ه.ش (27 -6-2020م)
بسم اللّه الرّحمن الرّحیم
والحمد للّه ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وآله الطّاهرين، لا سيّما بقيّة اللّه في الأرضين.
في البداية، أبارك الذكرى المقبلة لولادة حضرة أبي الحسن الرضا (سلام اللّه عليه وصلوات اللّه عليه وعلى آبائه وأبنائه المعصومين المطهّرين) وكذلك أبارك أسبوع السلطة القضائية لجميع العاملين والكادحين في جهاز القضاء. وأشكر جناب السيد رئيسي - رئيس السلطة القضائية المحترم - على كلمته الشاملة والمفيدة، التي ضمّنها الكثير من المطالب الضرورية التي كان يجب أن نسمعها نحن، ويسمعها الناس وكل العاملين في السلطة القضائية، وسأشير إلى بعضها أيضًا.
سلام الله ورحمته على شهداء السابع من شهر" تير" (28 حزيران 1981م) - التي هي حادثة مهمة في تاريخ البلاد وتاريخ الثورة - وشهداء السلطة القضائية، وخاصة الشهيد المظلوم آية الله بهشتي والشهيد قدّوسي والشهيد لاجوردي والعديد من الشهداء العظماء الذين قدّمتهم السلطة القضائية في.من الثورة وطوال أربعين عامًا من خدمتها.
نحن تحدّثنا كثيرًا حول أهمية السلطة القضائية وموقعيتها، وشرحنا طوال السنوات المتمادية تكاليف وواجبات هذه السلطة، وكذلك قد تحدّث الأصدقاء، مسؤولو السلطة القضائية، ولا نريد أن نكرّر تلك المطالب. اليوم سأطرح عدّة أفكار، عدّة نقاط عن التحوّل القضائي، والتحوّل في جهاز القضاء، حيث كانت كلمة جناب السيد رئيسي بشكل محوري عن التحوّل، وهو أمرٌ أساسي وبالغ الأهمية. وكذلك عدّة نقاط حول مكافحة الفساد، التي تظهر اليوم بصورة جلية في (عمل) السلطة القضائية.
نفاط حول التحوّل القضائي:
1- أهمية وثيقة التحوّل التي تم إعدادها ثم تطويرها في السلطة القضائية
بالنسبة للتحوّل، أولًا لقد سمعت - والظاهر أنه ورد أيضًا في تقرير السلطة القضائية - أن وثيقة التحوّل، التي كان رئيس السلطة القضائية المحترم قد أعدّها وأبلغها العام الماضي، قد جرى تنقيحها وتعديلها وترقيتها، وما هو اليوم بمتناول السلطة القضائية ومورد اهتمامها، عبارة عن وثيقة، ذات مستوى أفضل وأكثر تطورًا من الوثيقة الأولى؛ وهذا خبر جيد جدًّا بالنسبة لنا. ما وصلني في التقارير بأن السلطة القضائية المحترمة قد أعدّت هذه الوثيقة وأصدرتها بالتعاون مع نخب متعددة من الحوزة والجامعة، أسلوب العمل هذا هو أسلوب صحيح بالكامل ومتين ومنطقي؛ وكذلك تمت ترقية وتطوير هذه الوثيقة بالاستفادة من تجارب الروّاد داخل السلطة القضائية وذوي الخبرة. إن لم يتم إبلاغ هذه الوثيقة، فقوموا بإبلاغها، تابعوها، ثم انشروا أيضًا، وفي الوقت المناسب، نتائج تنفيذ البرامج والخطط الصادرة بناءً على هذه الوثيقة، ليعلم الناس مقدار تقدّم هذه الوثيقة وهذه البرامج؛ كما ذكرتم اليوم بأنه مثلًا قد جرى تقدّم حوالي الثمانين بالمئة بالمجموع، بشكل متوسط، إن علم الناس هذه النتائج بالتفصيل، فلا شك بأن هذا مؤثّر في تقوية الأمل والثقة بالسلطة القضائية، فهذا أمر مهم جدًّا.
2- التحوّل وفق الأصول والمباني الفكرية الإسلامية والدينية
بالطبع فإن التحوّل ليس بالأمر الذي يتوقّف؛ بالتأكيد يتم طرح التحوّل في كل برهة من الزمن، من خلال أفكار جديدة ونتائج جديدة وابتكارات مستحدثة، وإن شاء الله ستستمر حركة التحوّل بهذا الشكل. بالطبع لقد ذكرنا هذا سابقًا، والآن نعيد التأكيد، بأن التحوّل يجب أن يكون مرتكزًا على الأصول والمباني الفكرية الإسلامية والدينية؛ وإلّا فإن التحوّل إن لم يكن قائمًا على مبنًى، فهو ليس بتحوّل، بل هو تذبذبٌ وهرجٌ ومرجٌ. التحوّل سيوجد في إطار وقالب مبانٍ متقنة ومتينة منبثقة من الإسلام والقرآن والمباني الدينية. كذلك فإن الإدارة أمر ضروري في التحوّل، وإدارته هي بعهدة رئيس السلطة القضائية المحترم.
3- التوكل على الله وعدم الانفعال مقابل مقاومة التحوّل وصعوباته
هناك نقطة أخرى وهي أن التحوّل هو عمل ٌصعبٌ جدًّا. من السهل القول باللسان بأن أوجدوا تحوّلًا؛ لكنّ التحوّل عمليًّا هو أمر شاقٌّ جدًّا؛ والسبب هو في وجود أنواع من المقاومة في مواجهة التحوّل. بعض هذه المقاومة ليس صادرًا عن سوء نية؛ البعض ليس لديه الدافع والمثابرة والشوق لتغييرات بنيوية، البعض ليس لديه القدرة، وكذلك فالبعض من الممكن أنه مستفيد من الوضع الموجود ولا يريد له أن يتغير؛ وبالطبع هناك خارج الجهاز القضائي شبكة مترابطة ما بين مجرم ومفسد وأمثالهما، وهؤلاء مخالفون للتغيير بشكل طبيعي؛ ووراء كل هؤلاء تقف أجهزة القوى المعادية والمعاندة لنظام الجمهورية الإسلامية، والتي يسوؤها بالأصل أي حركة إصلاحية في أي مكان في المجتمع الإسلامي، فتغضب وتواجهها وتخلق الأجواء. هؤلاء مخالفون؛ والمخالفون لا يهدأ لهم بال.
أنتم تنزلون إلى ساحة التحوّل، بقوة ومعنويات عالية وشجاعة، وهم لا يهدأون، يبدأون بالمواجهة. يقومون بخلق الأجواء؛ يثيرون أحيانًا أجواءً إعلامية، أجواءً متتابعة ومستمرة، يوجدون الوساوس لدى الرأي العام حيث هذا في الحقيقة من موارد "مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ"1 . من الأعمال التي بوسعهم القيام بها إيجاد تزلزل في العزم الراسخ لقادة التحوّل؛ حيث تنهال الاستشارات والنصائح المتعددة بأنه "لا مصلحة من هذا العمل"، فلا يسمحون بإنجاز هذا العمل. بناءً على هذا، فإن المقاومة في مواجهة التحوّل، ستكون كبيرة ومتعددة من قبل هذه التيارات التي أشرنا لها.
طريق المواجهة لهؤلاء هو التوّكل على الله؛ توّكلوا على الله "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"2 ؛ الله تعالى سيكفي ويعين. اختاروا الطريق بشكل صحيح، حدّدوا الهدف بشكل صحيح، وبعدها «فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ»3 ؛ تقدّموا إلى الأمام باستقامة؛ هذا هو الطريق. في مواجهة العراقيل، مقابل الوسوسة، مقابل الأذى والتشويه وخلق الأجواء وأمثالها، الطريق الوحيد والمؤثّر هو عدم الانفعال ومتابعة المسير والاستقامة؛ هذه توصيتي أنا العبد. هذه نقطة أيضًا.
4- المتابعة المتوازنة لجميع الواجبات في السلطة القضائية
من المواضيع المهمة في مجال التحوّل هو أن عليكم أن تتابعوا وتهتموا بجميع واجبات ومهام السلطة القضائية بشكل متوازن وتتقدموا بها كلّها - حسنًا، إنها مهام كثيرة؛ في الدستور تم بيان خمسة واجبات للسلطة القضائية، وهي بالطبع أكثر من خمسة أصول، لأن بعض هذه البنود يوجد عدة أعمال في كل منها - ولحسن الحظ أرى أن تقرير جناب السيد رئيسي قد أشار لهذا؛ (مثلًا) مسألة إحياء الحق العام التي هي جزء من هذه الواجبات، أو الوقایة لمنع حدوث الجرائم، وهي جزء من هذه الواجبات المهمة، لقد اهتم سماحته بهذه الأمور وهي موجودة. أريد أن أقول إن المتابعة المتوازنة لجميع الواجبات هي من القضايا التي يجب الاهتمام بها؛ أي إننا حين ننشغل بأحد هذه الواجبات، ينبغي ألا نغفل عن سائر الواجبات الأخرى فتبقی على الأرض.
على سبيل المثال خذوا مسألة إحياء الحق العام، التي هي من جملة هذه الواجبات، وهي بالغة الأهمية كذلك. إحياء الحق العام أمر مهم جدًّا؛ أو الإشراف على حسن تطبيق القوانين، التي وردت في الدستور كجزء من واجبات السلطة القضائية؛ أو الوقاية لمنع وقوع الجرائم أو إصلاح المجرمين؛ هذه من الواجبات المذكورة في الدستور، ولكل منها فصل مهمٌ ومُشبع بالتبيين اللازم.
إحياء الحق العام هو بعهدة المدّعين العامين بشكل أساسي؛ ولحسن الحظ، بدأنا نلاحظ هذا بالطبع في الآونة الأخيرة. الآن وقد صرّح جناب السيد رئيسي بأننا لا ننتظر شكاوى ودعاوى، بل نبادر بالتدخل؛ أجل، هذا هو المطلوب، أي إنّ المدّعين العامين، وفي المواقف المتعددة، ما إنْ يشعروا بأن هناك موردًا هو حقّ عام يتم تضييعه، يجب أن يبادروا ويقوموا بالادعاء والمتابعة، حيث شهدنا حالات كهذه. في حوادث السيول التي حدثت بدايات العام 98 هجريًّا شمسيًّا (فصل ربيع 2019 م) تدخل الادعاء العام وبادر في بعض الموارد وكذلك في حالات أخرى؛ ومؤخرًا تمت متابعة قضايا أخرى كذلك؛ هذا عمل صحيح جدًّا.
أو الوقاية لمنع الجرائم على سبيل المثال. ما يحوز أهميةً بالغةً في الوقاية هو أن ندرك بشكل صحيح الأرضية المهيِّئة ومقدّمات حصول الجرائم. إذا تمت معرفة هذه الأجواء والأرضيات وإدراكها بدقة - وسأشير لاحقًا إلى نقطة تتعلق بهذا الأمر- يمكنكم حينها بسهولة وبامتلاك البصيرة أن تواجهوا وتمنعوا وقوع الجريمة بحيث لا تحصل من الأساس. إن تمكّنا من إيجاد وقاية بالمعنى الحقيقي للكلمة ستخف تكلفة مواجهة الجرائم بشكل كبير. حين نستطيع إقامة وقاية فإن تكاليف وأثمان مواجهة الجريمة والمجرمين، ستخف وتوّفر كثيرًا على ميزانية البلاد ومصاريف السلطة القضائية بالأصل؛ وبالطبع هذا يحتاج إلى مواكبة من جميع السلطات، وخاصة السلطة التنفيذية التي ينبغي عليها أن تواكب السلطة القضائية في هذا المجال.
بناءً على هذا، فهذه مسألة أيضًا وهي الاهتمام بجميع هذه المهام والواجبات بشكل متوازن، وإن شاء الله تحظى جميعها باهتمام تحوّلي.
5- حاجة السلطة القضائية للاستفادة من علوم نخب الحوزة والجامعة
تلك النقطة التي طرحتها، مرتبطة بهذه بالمسألة - نقطة مهمة كذلك - وهي أن السلطة القضائية بحاجة إلى الاستفادة من العلوم والعلماء الذين لا ينحصر عملهم في العلوم القضائية فقط. مثلًا في قضية الوقاية من الجرائم هذه، حسنًا، إن بعض مقدمات وأجواء وقوع الجرائم تكون نفسية، بعضها اقتصادية، يصعب على هذا الشخص المتمكن فقط من علم القضاء أن يعرفها، فلا يتمكن من حلها؛ في هذا المجال، أنتم تحتاجون بالطبع إلى المتمكنين من العلم في مجال علم نفس الجماعة وعلم النفس الفردي، من لديهم الوعي والمعرفة في مجال القضايا الاقتصادية، ويعلمون جيدًا ما هي الأرضية والعوامل التي تساهم في وقوع أي حادثة أو مشكلة وما هو طريق الحل؛ إن لم تتم الاستفادة من النخب الحوزوية والجامعية في العلوم الأخرى، لن تتمكن السلطة القضائية بالطبع من متابعة هذا العمل كما يجب وبالشكل المناسب.
أو مسألة إحياء الحق العام التي أشير لها؛ حسنًا، إن تعريف الحق العام ليس بالأمر السهل، بل هو محل اختلاف بحد ذاته، والسؤال المطروح ما هي الحقوق العامة أصلًا؛ وهنا يمكن للمتخصصين في هذا المجال من الحقوق أن يبيّنوا لكم هذه المسألة ويشرحوها لكم بوضوح. مع العلم بأني سمعت بأن المدعي العام المحترم قام، وبهدف إزالة الإبهام والغموض عن مفهوم الحق العام، بأعمال متعددة، شملت تدوين مجموعة من المصاديق الواضحة تحت عنوان الحقوق العامة؛ ومن جملتها مثلًا قضية البيئة أو تلزيم المؤسسات الإنتاجية من دون تدقيق وتفحّص، هذا الأمر الذي يتابعه حاليًّا رئيس السلطة القضائية المحترم، وهو عمل صحيح جدًّا ويستحق الاهتمام، حيث يظهر هذا التلزيم أحيانًا بأنه عمل فردي، ولكنه في الواقع عمل جمعي ويتعلق بالحق العام؛ كتلزيم الوكالات والمراكز الإنتاجية من دون تدقيق إلى أشخاص غير صالحين، أو لا يمتلكون اللياقة والكفاءة، أو غير قادرين على العمل، حسنًا، سيؤدي هذا فجأة إلى ضربة مؤذية إلى كل الإنتاج المحلي في البلاد، فهذا لا يتعلق حينها بشخص أو اثنين، هذا حقٌّ عام. بناءً على هذا، فإن ملاحقة هذه القضية هي مسألة ضرورية وبالغة الأهمية، وبرأيي، فإن على السلطة القضائية أن تستفيد من العلوم والعلماء في قضية التحوّل أيضًا.
6- ضرورة الإيمان بالتحوّل من قبل كل العاملين في الجسم القضائي
هناك نقطة أخرى يحسن أن أطرحها، وهي أن الحركة التحوّلية في القوة القضائية لا يمكنها أن تستند فقط الى مجموعة في رأس السلطة القضائية - معلوم بوضوح أن رئيس السلطة المحترم يسعى للتحوّل بكل معنى الكلمة - أو الأفراد البارزين وأصحاب المناصب العليا؛ بل يجب أن يكون هناك إيمان بالتحوّل في كل جسم السلطة القضائية. حسنًا، الآن ولحسن الحظ، أشار جناب السيد في التقرير الذي قدّمه بأن هذا المعنى موجود في السلطة القضائية، هذا مبعث للرضا، وأنا أؤكد على هذا الأمر؛ أي أن يتم تحقيق ما من شأنه أن يعتقد مجموع العاملين والعناصر المتنوعة في السلطة، ويؤمنوا بوجوب إحداث تحوّل بالمعنى الحقيقي للكلمة، تحوّل تقدميّ نحو تحقق الأهداف العليا للسلطة القضائية.
7- فلتكونوا سلطة قضائية شعبية
نقطة أخرى هي قضية الشعبية التي طرحتها أنا العبد بشكل متكرر، والآن قد وردت "الشعبية" في تقرير جناب السيد رئيسي أيضًا؛ حسنًا، إن الشعبية لها أبعاد ومصاديق متعددة؛ أحد أبعاد الشعبية أن تعتبر السلطة القضائية نفسها ذات توجّه وروحية خدمة للناس؛ فلا تكون لديها نظرة فوقية للناس؛ أحيانًا يمكن أن تكون نظراتنا للناس وتصورنا لهم، وكأننا ننظر من الأعلى نحوهم؛ كلا، نحن جزء من الشعب، نحن بين الناس، والكثير من هؤلاء الناس هم أعلى منّا أيضًا، وعليه فمن الخطأ أن ينظر أحد للناس من موقع أعلى بشكل فوقي؛ ولهذا فإن روحية خدمة الناس مهمة. يجب علينا أن نعتبر أنفسنا خدمًا للناس؛ كلّ واحد منّا وفي كل موقع نحن فيه. هذا أحد أبعاد الشعبية. هناك بعدٌ آخر وهو أن نقوم بما من شأنه أن يجعل الوصول للسلطة القضائية والتواصل معها سهلًا ميسرًا. من الأعمال المهمة أن يتمكن الناس بكل سهولة من الوصول والتعامل المريح مع المراكز القضائية التي يحتاجونها.
من القضايا المهمة أيضًا أن يمتلك الناس معلومات قضائية؛ في بعض الأوقات يكون لدى بعض الناس معضلة ما، ويمكن حلّها مثلًا بمجرد مراجعة المركز القضائي الفلاني؛ ولكنهم لا يعلمون، ليس لديهم إطلاع كافٍ، فيما تضغط هذه المسألة عليهم، تصعّب عليهم حياتهم، وأحيانًا تخلق لهم الكثير من المشاكل. بناءً على هذا، يجب رفع مستوى الاطلاع والوعي القضائي لدى الناس كذلك.
من الأبعاد أيضًا، الحضور بين الناس، والحمد لله نرى بأن مسؤولي السلطة القضائية - جناب السيد رئيسي بنفسه وبعض المسؤولين الآخرين - يتواصلون مع الناس ببساطة وعفوية؛ هذا أمر مهم جدًّا؛ أي إنكم تلتقون بالناس وجهًا لوجه، تحضرون في أوساطهم؛ هذه نقطة أيضًا. بناءً على هذا، تلك كلها أبعاد ومصاديق مختلفة لشعبية القضاء.
وهناك مصداق آخر، وقد خصصته بنقطة مستقلة ومنفصلة عما عداها، ولحسن الحظ قد ورد اليوم في كلمة السيد رئيسي، وهو أن يقوم الناس بمساعدة السلطة القضائية. أنتم الآن تكافحون الفساد، جيد جدًّا، من العوامل التي بوسعها أن تعينكم في هذا الطريق "التقارير الشعبية"؛ عندما يرسل الناس تقاريرَ لكم حول المسائل المتعلقة بالفساد، يمكنكم أن تستفيدوا منها وتستخدموها لتحقيق الهدف، وسأشير لاحقًا إلى توضيح حول هذا الأمر؛ فهذه نقطة ترتبط بالقسم التالي لكلامنا حول قضايا الفساد.
8- ضرورة الأنشطة الإعلامية والأعمال الفنية عن القضاء
نقطة أخرى أطرحها وهي الأخيرة بالنسبة لقضية التحوّل، وهي الأنشطة الإعلامية والأعمال الفنية حول العمل القضائي والفعاليات القضائية. لاحظوا، إن أعداء التقدم لحركة نظام الجمهورية الإسلامية يستخدمون كل الطرق والوسائل الممكنة لاعتداءاتهم ويوجّهون ضرباتهم إلى أي نقطة يمكنهم الوصول إليها، وبطرقهم المختلفة هذه، لنقاط وعناصر نظام الجمهورية الإسلامية، والتي من جملتها القضاء. لا شأن لي الآن بالأجانب، ولكن للأسف حتى في الداخل، وفي ظل غفلة بعض المسؤولين المعنيين بهذه المجالات، يصنعون أفلامًا وبرامج تشكك بالأسس والمباني القضائية للجمهورية الإسلامية، وللأسف فإن هذه الأفلام لا يُلتفت إليها في هذه اللقاءات الفنية العامة وما شابه، بل يتم بثها، ثم تصل إلى الشاشات وتعرض للمشاهدين؛ هذا أمر سيّئ جدًّا. يجب على السلطة القضائية أن تنتبه إلى هذه المسائل، العمل الإعلامي والإعلاني ليس مجرد أن تقوموا وتستعرضوا إحصاءات وأرقامًا؛ حسنًا، نعم، يطل الناطق الرسمي المحترم باسم السلطة القضائية فيوضح الأعمال ويقدم إحصاءات، هذا جيد جدًّا، هذه المعلومات لازمة ولكنها ليست كافية. لا يكفي أن نقول نحن قمنا بهذه العمال أيها السادة؛ كلا، لكي تدرك أذهان الناس هذه القضايا بالمعنى الحقيقي للكلمة، هناك حاجة ضرورية للعمل الفني، العمل الإعلامي بمعناه الفني هو حاجة ملحّة؛ يجب اعتبار هذا العمل الفني من الأعمال الأساسية.
انظروا أنتم إلى الغربيين ولاحظوا ماذا يفعلون في هذا المجال؛ حسنًا، محاكم الغرب في أعمالهم الفنية وأفلامهم السينمائية - بالمقدار الذي شاهدته، سواء في الأفلام التي ينتجها الأمريكيون، الأفلام الهوليوودية، أو تلك الأفلام التي ينتجها الأوروبيون - تبدو كمظهر للعدالة الجافة الصرفة! فلا يوجد أي إساءة للمتهم ولا أي ضغط عليه، ولا يصدرون الحكم إلا عند وصولهم لليقين والدليل القاطع! ولكن شاهدوهم في الحقيقة والواقع، انظروا إلى وضع أمريكا حاليًّا، شاهدوا ماذا يفعلون. يلقون القبض على آلاف الأشخاص لمجرد حضورهم في الشارع. هذا الرئيس الأمريكي المحترم فصل آلاف الأطفال عن أمهاتهم، وضعهم في أقفاص! أي إن أسلوب تعامله المعتاد هو هكذا. يقول: "إذا قمتم بالعمل الفلاني، يجب أن تسجنوا لعشر سنوات"؛ حسنًا، ألا يحتاج هذا إلى قانون؟ ألا ينبغي أن يتم التصرف وفق قانون محدد؟ يقول: "أنا أقول يجب أن يسجن لهذه المدة!"؛ أي إن حكمهم هو هكذا، محاكمهم بهذا الشكل، لكنهم في الإعلام والترويج تشاهدون الوضع، يقدّمون صورة نظيفة ومرتبة ومشهدًا مزينًا بوسائل التبرج والتجميل. حسنًا، بالتأكيد أنا لا أوافق أبدًا أن نظهر ما هو خلاف الواقع، ونزيّن الأمور؛ كلا، لكن هذا الواقع الحقيقي، هذا العمل الذي تقومون به، قوموا بتحديده وبيّنوه كما هو، للأسف ما يجري هو بالعكس من هذا؛ أي إنه في بعض الأحيان في بلادنا، يتم إنتاج أفلام تتعرض للمسائل القضائية، ما يتعلق بالقضاء، هي خلاف الواقع بشكل كامل، بعكس الحقيقة وضدّها، ولا أريد الآن أن أذكر أسماءً. هذا فيما يتعلق بمسائل التحوّل.
عدة نقاط حول مكافحة الفساد:
1- ضرورة تعامل السلطة القضائية بحزم
بالنسبة لمسألة الفساد أطرح بعض النقاط أيضًا؛ حسنًا، الحمد لله فإن الاهتمام بموضوع الفساد قد بلغ ذروته في السلطة القضائية. بالطبع كان قد بدأ قبل هذه الدورة، ولكنه حاليًّا وبحمد الله في أعلى مستوياته ومورد اهتمام عال؛ وكذلك فإن الناس تنظر وترى كيف تتعاملون مع المفسدين، لا تسايرون وتنزلون إلى الساحة بكل حزم وجدية، يفرح الناس بهذا حقًّا، يقوى الأمل في نفوسهم؛ لأن الفساد والمفسدين يمثلون ضربة كبرى مهلكة لحياة الناس وروحيتهم وإيمانهم واعتقاداتهم. الحق والإنصاف، إن الفساد المالي - إضافة إلى أنواع الفساد الأخرى، والحال أن ما تكافحه السلطة القضائية الآن هو الفساد المالي والاقتصادي - هو بلاء كبير، يشبه فيروسًا خطيرًا، مثل فيروس كورونا هذا؛ ومثل فيروس كورونا هو معدٍ أيضًا؛ عدواه شديدة وسرايته قوية جدًّا؛ أي إن الفساد في موقع ما يعدي المواقع الأخرى وينتشر بسرعة وشدة. المفسد لا يبقى مفسدًا لوحده، بل يسوق الآخرين نحو الفساد بأسباب متنوعة؛ وللمفارقة فإن فيروس كورونا ينتقل بواسطة الأيادي الوسخة والملوثة، وكذلك هو الفساد ينتقل بواسطة الأيادي الوسخة والملوثة؛ غاية الأمر أن خطر كورونا يزول عند غسل اليدين وتنظيفهما بالصابون، لكن مسألة الفساد لا يمكن حلها بالماء والصابون، لا حل لها إلّا بقطع الأيدي المفسدة. بناءً عليه، فهذه القضية هي قضية مهمة جدًّا.
إن مهمة السلطة القضائية هي مكافحة الفساد في كل المجتمع؛ أي إن الهدف المسلّم به أنكم تريدون مكافحة الفساد في كل المجتمع، لكنّ مكافحة الفساد [تكون]بالدرجة الأولى داخل السلطة القضائية نفسها، هذا الأمر الذي أكدت عليه مرارًا، في أغلب اللقاءات السنوية مع الأعزاء في السلطة القضائية وأعيد التأكيد والإصرار عليه. إذا وُجد فساد في داخل السلطة القضائية، فإن ضرره سيكون أكبر بكثير من الفساد خارجها؛ كالحكمة (المنسوبة إلى السيد المسيح عليه السلام) القائلة "فإذا فسد الملح فأي شيء يملّحه؟"؛ أي إنه ليس بالشكل الذي يمكننا أن نتعامل معه مثل بقية أنواع الفساد؛ كلا، إن ضربته [وقْعه] وحمله ثقيل جدًّا ويحتاج حقًّا إلى تعامل حازم وجدي ومتخصص. بناءً عليه، يجب أن تكون المراقبة بالدرجة الأولى إلى الفساد في داخل القضاء. بالطبع حين نقول "بالدرجة الأولى"، فهذا لا يعني أن نتابعه حتى استئصاله بشكل نهائي، ثم نتصدى لباقي الأقسام وأنواع الفساد؛ كلا، بل ينبغي المتابعة بشكل متوازن كما أشير سابقًا، يجب التقدم في كل هذه المجالات معًا.
2- النظرة التخصصية إلى الأجواء الباعثة على الفساد ورعاية العدالة مع المتّهم
النقطة التالية هي أنه في مجال أرضية الفساد أيضًا، يجب الالتفات والاهتمام بالأجواء المؤدية إلى الفساد؛ وهذا الأمر يحتاج إلى نظرة تخصصية؛ أي إنه يجب، وبنظرة تخصصية، معرفة الأرضية الباعثة على الفساد والنتيجة للفساد، ومن ثم محاربة الفساد بتلك النظرة التخصصية نفسها، والعمل الدؤوب وبذل الجهد لاستئصال الفساد من جذوره. ومعيار السلطة القضائية لمكافحة الفساد هو الحق والعدل والقانون. فلا ينبغي إدخال أي ملاحظة ومسايرة ومراعاة لاعتبارات أخرى؛ يجب مراعاة الحق، مراعاة العدالة. وإذا كان هناك حالة مكافحة فساد ما، منطبقة مع الحق والعدل والقانون، فيجب التحرك من دون أي مسايرة واعتبارات.
بالطبع أنا أصرّ على عدم غض النظر والمسايرة، ومن جهة أخرى أنا أصرّ كذلك على عدم التعدّي؛ أي أن لا نعتمد فقط على المسايرة فقط، بل نعتمد أيضًا على عدم التعدّي. فلا سمح الله، إن كان شخص ما غير مجرم ولا فاسد ولا مفسد، وتم تعريفه بعنوان مفسد وفاسد والتعامل معه على هذا الأساس، فهذا ظلم كبير جدًّا؛ أو تمت مجازاته وعقابه أكثر من الحدّ الذي يستحقه، فهذا أيضًا خطأ وغير مقبول أبدًا؛ أي إن وجود الفساد والمفسدين خطر كبير، لكنّ التعدّي والاعتداء على البريء هو أخطر منه بكل معنى الكلمة؛ إنني أؤكد على هذا المعنى.
ليراقب الأعزاء ومسؤولو السلطة القضائية - العاملون منهم في الادعاء العام، وكذلك العاملون في المحاكم - ولينتبهوا بأن يكون سلوكهم وتعاملهم وفق الحق والعدل. فحين يقتضي الحق والعدل في مكان ما العمل بشدّة وحزم، فليقدموا من دون ملاحظة أي اعتبار. وحيثما يقتضي الحق والعدل عدم التعامل بشدة، فلا يتأثروا بالأجواء ويتمايلوا بحسب ما يروّج هنا وهناك، بأن نفعل هذا مثلًا؛ فهذا يرجع إلى الأعزاء في السلطة القضائية، وكذلك للأشخاص الذين هم في خارجها. كذلك فإن الحاضرين في محاكمكم يدلون بدلوهم في هذا المجال أيضًا؛ وبالأخص حاليًّا في الفضاء الافتراضي حيث أصبح هذا أمرًا رائجًا، والكثير من الناس يطرحون آراءهم ونظراتهم، بل يحاكمون ويصدرون الأحكام القضائية في الفضاء الافتراضي؛ ويجلسون مكان القاضي من خلال كلامهم وكتاباتهم، ويستنتجون ويعملون وفق هذه النتيجة؛ أحيانًا يكيلون السباب والشتائم، أو يوجّهون التهم ويقومون بمثل هذه الأفعال؛ على الجميع الانتباه والمراقبة، فلينتبه الذين هم خارج السلطة القضائية أيضًا أن لا تؤدي مكافحة الفساد إلى التعدّي على الأفراد.
وهنا أقول إنه في الآونة الأخيرة، وخلال هذه المحاكمات الأخيرة التي جرت في السلطة القضائية، جرى التعرّض لبعض كبار شخصيات القضاء النزيهة ممن تولوا مسؤوليات في الدورة السابقة، حيث تعرضوا للإهانة ولحق بهم ظلم؛ وهذا الجفاء لم يكن ينبغي أن يحصل وينبغي ألا يتكرر. بالطبع فإن كلامي موجّه للأشخاص المؤمنين، الشباب المؤمن، وإلاّ فإن المعاندين لا يمكن فعل شيء لهم. هناك البعض على سبيل المثال يريدون الانتقام من الشخص الفلاني بعد تركه لمنصبه بسبب مواقفه الثورية المتينة في السابق؛ لا شأن لي بهؤلاء. خطابي موجه للشعب المؤمن والناس المتدينين والشباب الطيبين، الذين يريدون السير وفق الحق، لينتبهوا وليراقبوا أنفسهم لئلا يتعدوا على أحد ولا يسيئوا لأحد ولا يظلموا أحدًا. حركة المكافحة للفساد هذه - التي بحمد الله - تظهر حاليًّا بهذه القوة في السلطة القضائية،كانت قد انطلقت في زمان (رئاسة) جناب الشيخ آملي (للسلطة القضائية)؛ أي إنه كان البادئ بهذه الحركة؛ لا ينبغي الغفلة عن هذه المسائل، سواء داخل السلطة القضائية أو خارجها.
3- مساعدة الحركة الاقتصادية ومنع تعطيل الوحدات الإنتاجية
هناك نقطة أخرى حول مسألة السلطة القضائية هذه ومكافحة الفساد، وهي أنه من الأعمال الجيدة للسلطة القضائية دعم الإنتاج ومنع تعطيل الوحدات الإنتاجية. والآن حين يذكر جناب السيد رئيسي في تقريره "ألف وحدة إنتاجية"، هذه قضية في غاية الأهمية. هذا عمل مهم جدًّا. وفي الحقيقة، كل قسم من نظام الجمهورية الإسلامية يتمكن من مساعدة الحركة الاقتصادية، فليقم بواجبه. الشعب يعاني على المستوى المعيشي، أي إن معيشة الناس صعبة؛ كل من بوسعه دعم قضية الاقتصاد، يجب عليه أن يساعد، إحدى مساعدات السلطة القضائية هي أن تقف بمواجهة تعطيل الوحدات الإنتاجية. لقد أبلغ جناب السيد رئيسي مؤخرًا قرارًا بأن المصارف التي صادرت مثلًا بعض وكالات الإنتاج أو قامت برهنها، لا يحق لها أن تعطّل إنتاج هذه الوحدات؛ وهذا كلام سليم جدًّا، هذا عمل صحيح بشكل كامل؛ وهذا أمر قابل للتعميم؛ أي إن بإمكانكم تعميم هذا على حالات أخرى. افرضوا مثلًا بأن القطاع الخاص يشتري مصنعًا من الحكومة، ثم يعطّل هذا المصنع، يؤخر تشغيله، يطرد عماله، يبيع آلاته في المزاد العلني، ثم يبني على أرضه مثلًا مبنى من عشرين أو خمسٍ وعشرين طبقة! حسنًا، هذه ضربة توجّه إلى اقتصاد البلاد؛ يمكنكم متابعة هذه المسائل بكل جدية فهي تتعلق بمعيشة الناس.
4- تشكيل المحاكم التجارية والبنية التحتية الحقوقية
نقطة أخرى هي تشكيل المحاكم التجارية، وقد ذكرت هذا سابقًا لأجل رفع الخلافات الاقتصادية أيضًا 4. من الأعمال المطلوبة في مكافحة الفساد التي أشرت إليها في سياق كلامي وقلت إنني سأعود لها، هو الإشراف الشعبي، حسنًا، إن الإشراف الشعبي وتقارير الناس يلزمها بنية تحتية داخل السلطة القضائية؛ فعليكم أن تحدّدوا مكان هذا داخل جسم القضاء، إلى أين تصل هذه التقارير، كيف يتم التدقيق فيها والتأكد من صحة وسقم هذه التقارير، ما هي آلية متابعتها، كيف تتم المحافظة على أمن وسلامة صاحب هذا التقرير؛ هذه من القضايا المهمة. الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الذي هو من جملة هؤلاء، هو ذلك الذي يقدّم تقريره لكم ويخبركم عن وجود فساد في النقطة الفلانية أو المعاملة الفلانية، في الإدارة الفلانية، يجب توفير الأمن والأمان له - سواء أمنه المادي أو أمنه المعنوي - وضمان عدم التعرّض له. يحصل أحيانًا بأن يقوم شابّ مؤمن "حزب اللهي" متدين، وشعورًا منه بالمسؤولية، بتقديم تقرير لكم، غاية الأمر أنه ليس عالـمًا متبحرًا بالقانون، قد يرتكب هنا خطأً ما ؛ فيصرّح مثلًا عن اسم لا ينبغي التصريح به في المكان الفلاني، يخطئ في هذا المجال؛ فيأتي ذاك المخالف للقانون وهو ضليع بالقوانين، فيستغل هذا الخطأ الصغير، ويخفي فساده خلف هذا الاشتباه ويدين هذا الشاب، ويخرج المفسد سالـمًا غانمًا! يجب الانتباه لهذه المسائل. وهذا يلزمه إيجاد بنية تحتية وأسس حقوقية، توفّر الأمن لأصحاب التقارير الشعبية، وتضمن التأكد من صحة أو سقم التقارير. وكذلك تغلق الباب ضمنًا على الافتراء وتوجيه التهم الباطلة، فالبعض حين يرى أن التقارير يتم الاستماع لها وقبولها، بمجرد أن يكون لديه مشكل بسيط مع أحدهم، يقدم تقريرًا ويتهمه فورًا! كلا، يجب القيام بإجراءات وقائية تمنع حالات كهذه. خلاصة الأمر، أن يشعر الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بحفاوة[تشجيع من قبل سلطة القضاء] وقوة قلب في تواصله مع القضاء، أن يعتبر أن السلطة القضائية هي داعمة وحامية له. هذا بالنسبة لهذه النقطة.
أرى لزامًا عليّ أن أتوجه بالشكر إلى جميع القضاة والمديرين الشرفاء والمتصدّين للأعمال الصعبة - في مجال التحوّل والواجبات المتعددة الأخرى للقضاء - في كل أرجاء ومواقع السلطة القضائية. الآن وقد أشار جناب السيد رئيسي الى أنه وفي زمان الكورونا ومشكلات قلة التواصل وما شابه، فإن عمل السلطة القضائية مستمر كما يجب ويتم التقدم بالأعمال، والبعض يبذل جهودًا كبيرة حقًّا في مجال مسائل التحوّل؛ إنني أشكر هؤلاء جميعًا، كما أشكر أسرهم وعائلاتهم؛ إن نصف الجهود والأتعاب التي يبذلها العاملون في أي قطاع، ممن يكدّون ويتعبون ويؤدون الخدمة ليلًا ونهارًا، تتعلق بالحقيقة بزوجاتهم وأزواجهم وعائلاتهم، والأجر الإلهي يشملهم أيضًا، إنني أشكرهم جميعًا.
الحاجة إلى المراقبة الشاملة من المسؤولين والناس في وباء كورونا
في آخر كلمتي، إشارة أيضًا إلى قضية كورونا هذه. يتخيل البعض بأن أزمة كورونا قد انتهت والمسألة قد حُلّت؛ كلا، قضية كورونا مستمرة. لحسن الحظ، وفي الدرجة الأولى، الأجهزة الطبية والصحية والاستشفائية وما شابه، هم حقًّا في الخطوط الأمامية، قدّموا التضحيات وآثروا على أنفسهم - وقد ذكرت هذا قبل الآن، وليس بالكثير عليهم، حتى لو كررته عشر مرات أيضًا، لأن عملهم كان إنجازًا بارزًا حقًّا، ولا يزالون يتابعونه حتى الآن - وبعدهم المجاهدون في سبيل الله، الذين نزلوا إلى الميدان بشكل تطوعي، وبادروا للخدمة في المستشفيات وداخل المدن وحتى المقابر وفي كل مكان، نهضوا وعملوا وساعدوا؛ للإنصاف، لقد أحسن الناس التعامل والمواجهة ولبّوا بشكل جيد، وأنا في بداية العام الهجري، حين عطّل الناس الاحتفال بيوم الطبيعة "سيزده به در"، شكرت الناس حقًّا ومن صميم القلب على تعاونهم إلى هذا الحد. فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة كانت أننا اشتهرنا في العالم كبلد ناجح في مواجهة كورونا. بعض رؤساء الدول الأخرى كانوا يتحدثون مع السيد رئيس الجمهورية - سماحته أخبرني- ويسألونه ماذا فعلتم وكيف تعاملتم مع هذه الأزمة؟ وهذا يدل على أن نجاح البلد في مكافحة كورونا قد شاع في العالم بحيث يسأل رؤساء بلدان رئيس جمهوريتنا ماذا فعلتم؛ هكذا كان الوضع في بداية الأمر؛ عندما ننظر الآن نرى وكأن تلك الحركة الأولى، تلك الجهود الأولى قد ضعفت وتراخت من قبل بعض الناس وبعض المسؤولين. أنا أشاهد كيف أن المسؤولين المحترمين الذين يظهرون على التلفاز والناس يحيطون بهم من كل جانب وهم لا يضعون الكمامات! أنا الآن لا أضع كمامة، ولكن لا يوجد أحد بالقرب مني، إذا اقترب مني اثنان أو ثلاثة أشخاص، فانا العبد سأضع الكمامة حتمًا، كما إني أضعها في حالات متعددة، بينما يرى الإنسان كيف أنها لا تراعى من قبل البعض؛ حسنًا، حين تكون أنت مسؤولًا رسميًّا ولا تضع الكمامة في لقاء شعبي، فإن ذلك الشاب الذي يسير في الشارع ولا صبر لديه على تحمل الكمامة، سيتشجع على عدم وضعها والالتزام بها، وماذا ستكون النتيجة؟ النتيجة هي ما نشهده الآن، فبعد أن تدنت أرقام وفياتنا في هذه الأزمة إلى عدد عَشْري برقمين ووصلت إلى بضع وثلاثين، عادت فارتفعت حاليًّا إلى أكثر من مئة وثلاثين! وصلت الآن إلى مئة وبضع وثلاثين؛ الأمر الذي يحزن الإنسان. قبل حوالي شهر أو شهر ونصف، حين وصلنا التقرير، ذكروا اسم بعض المحافظات التي لم يحصل فيها أي حالات وفاة، أنا العبد فرحت حقًّا من صميم قلبي، شكرت الله على عدد هذه المحافظات التي لا خسائر فيها ولله الحمد؛ حاليًّا وقبل عدة أيام حين قدّموا لي ذلك التقرير، رأيت كيف أن بعض تلك المحافظات التي كانت قد خلت من الخسائر، عادت لتشهد أعدادًا من الوفيات؛ ما يوجب غصّة الإنسان، يجب ألّا نقوم بهذا، يجب أن نراعي التدابير، يجب أن نراقب وننتبه؛ على الناس أن ينتبهوا، وعلى المسؤولين أن ينتبهوا. لحسن الحظ لا تزال المجموعات الطبية صامدة تتابع جهودها، إن قلقي عليهم من أن يتعبوا؛ لقد تحمّلوا الكثير؛ حسنًا، إلى متى وكم يتحملون؟ يجب علينا أن نقوم بما من شأنه أن يخفف ثقل الحمل عن كاهلهم قليلًا. لا سمح الله، إنْ تَعِبَ ممرضونا وأطباؤنا وسائر العاملين في القطاع الصحي والمستشفيات، وضعفوا عن تأدية أعمالهم، فإن الوضع سيتدهور ويتجه للأسوأ.
يقال إن المشكلات الاقتصادية تتفاقم (بسبب كورونا)؛ نعم، هكذا هو الوضع؛ يجب الاستعداد والتوقّي واستشراف الوضع بحيث إن المشكلات الاقتصادية، ينبغي ألا تحدث بسبب كورونا، أو أن تقل وتصبح أخف وأسهل، لكن، يجب الالتفات جيدًا، بأنه لا سمح الله،إذا لم ننتبه ونحذر، وعادت موجة الكورونا للانتشار الواسع مجددًا، فإن الوضع الاقتصادي سيزداد صعوبة وتعقيدًا وستكثر المشكلات؛ نحن اليوم نحتاج إلى المراقبة والانتباه من جميع الجهات. أنتم تشاهدون العداوات، ترون أمريكا الخبيثة، وبريطانيا الخبيثة والحكومات الأوروبية، وكلها لا تقصّر في القيام بكل ما بوسعها ضد الجمهورية الإسلامية، والحمد لله فإن رؤوس هؤلاء تصطدم بالصخر ولا يمكنهم تنفيذ مآربهم، وكل ما يقومون به، مما يسمونه "الحد الأقصى من الضغوط" كي يركعوا الشعب الإيراني، سيكون نتيجته تسديد ضربة على صدورهم بقبضة الشعب الإيراني، وسيفشلون ويتراجعون؛ إن قمنا نحن جميعًا إن شاء الله، وتمكنّا من العمل بواجباتنا.
أتقدّم بجزيل الشكر من جناب السيد رئيسي، رئيس السلطة القضائية المحترم، ومعاونيه والعاملين في هيئة الرئاسة، وفي الإدارات، والمعاونين ورؤساء المحاكم، وباقي الأفراد المسؤولين والمحترمين، وجميع القضاة الشرفاء، والعاملين المحترمين في السلطة القضائية؛ أشكرهم جميعًا.
أسأل الله أن يوفقكم ويعينكم جميعًا، وأن يفرح الروح المطهّرة لإمامنا العظيم بهذه الجهود التي تبذلونها، وأن يحشر الأرواح المطهّرة لشهدائنا الأعزاء مع النبي الأكرم إن شاء الله.
والسّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
[1] سورة الناس الآية 4.
[2] سورة الطلاق، جزء من الآية 3.
[3] سورة الشورى، جزء من الآية 15.
[4] كلمته مع الشركات الإنتاجيّة بمناسبة أسبوع العامل (۱۳۹۹/۲/۱۷) (6/5/2020م)
30-06-2020
فی ذکری میلاد الامام علی بن موسی الرضا علیه السلام
الإمام الرضا (عليه السلام): الولادة والنشأة
أولاً: الولادة
يوجد اختلاف بين المحدثين الشيعة في تحديد اليوم والشهر والسنة التي ولد فيها الإمام الرضا (عليه السلام): فقيل إن مولده كان بالمدينة سنة 148 هـ[1] وروى الصَّدوق أنه ولد بالمدينة يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة 153 هـ بعد وفاة أبي عبد اللّه (عليه السلام) بخمس سنين[2]. أما المحقق الأربلي فيساند هذا الرأي، ولكن يذكر أنه ولد في الحادي عشر من ذي الحجّة[3]. وأشار الشيخ الطبرسي إلى القولين ولكن لم يرجح أحدهما[4].
وذكر الذهبي: أنه ولد بالمدينة في سنة 148 هـ عام وفاة جدّه الإمام الصادق (عليه السلام)[5]، وهو الموافق للقول الأول.
من جانب آخر وردت روايات عن جدّه الإمام الصادق (عليه السلام) مفعمة بشحنة عاطفية كبيرة، تبشر بولادته المباركة وتكشف عن المكانة المرموقة التي سيحتلها في العالم الإسلامي، فعن يزيد بن سليط، قال: لقينا أبا عبد اللّه (عليه السلام) في طريق مكة ونحن جماعة، فقلت له: بأبي أنت وأمي أنتم الأئمة المطهرون والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث اليّ شيئا ألقيه إلى من يخلفني، فقال لي: «نعم هؤلاء ولدي، وهذا سيدهم» وأشار إلى ابنه موسى (عليه السلام) «... يخرج اللّه تعالى منه غوث هذه الأمة وغياثها وعلمها ونورها وفهمها وحكمها، خير مولود وخير ناشىء يحقن اللّه به الدماء ويصلح به ذات البين ويلمّ به الشعث[6] ويشعب به الصدع[7] ويكسو به العاري ويشبع به الجائع ويؤمن به الخائف وينزل به القطر ويأتمر له العباد، خير كهل وخير ناشىء، يبشر به عشيرته قبل أوان حلمه، قوله حكم وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه ..»[8].
ثانياً: النشأة
نشأ الإمام الرضا (عليه السلام) بين أحضان بيت أذهب اللّه تعالى عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا، فهو ابن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) الذي كان (أعبد أهل زمانه وأفقههم وأسخاهم كفّا، وأكرمهم نفسا... وكان الناس بالمدينة يُسمونه زين المتهجِّدين، ويعرف بالعبد الصالح)[9].
ولما كانت الفروع تتبع الأصول، والأصل الطيب يعطي ثمرا طيبا فمن الطبيعي والحال هذه أن يتحلى الابن بتلك الصفات الطيبة والخصال الحميدة، يقول الشيخ المفيد: «كان ـ أي الرضا (عليه السلام) ـ أفضل ولد أبي الحسن موسى: وأنبهَهُم وأعظمهُم قدرا وأعلمهم وأجمعهم فضلاً»[10].
أما أمه فعلى الرغم من وجود الاختلاف في اسمها وكنيتها، فهناك اتفاق على كونها من أفضل نساء زمانها من حيث العقل والدين.
قيل: تسمى الخيزران، وقيل: أروى، وتلقب بشقراء النوبية. وقيل أمّه أم ولد يقال لها أمّ البنين وقيل: اسمها تكتم، وقد يرجَّح ان الأخير هو اسمها، وما سبقه ألقاب لها، ويستدل لهذا بقول بعض مادحي الإمام:
ألا إن خير الناس نفسا ووالدا
ورهطا وأجدادا علي المعظم
أتتنا به للعلم والحلم ثامنا
إماما يؤدّي حجة اللّه (تكتم)[11]
والشيخ الصدوق يشير إلى القول الأخير برواية عن محمد بن يحيى الصولي ويقول: إن أمه هي أم ولد تسمى تكتم. ثم يروي عن عون بن محمد الكندي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن ميثم يقول: ما رأيت أحدا قط أعرف بأمور الأئمة وأخبارهم ومناكحهم منه، قال: اشترت حميدة المصفاة وهي أم أبي الحسن موسى بن جعفر ـ وكانت من أشراف العجم ـ جارية مولدة[12] واسمها تكتم، وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة المصفاة، حتى انها ما جلست بين يديها منذ ملكتها اجلالاً لها، فقالت لابنها موسى (عليه السلام): يا بني ان تكتم جارية ما رأيت جارية قط أفضل منها، ولست أشك أن اللّه تعالى سيظهر نسلها ان كان لها نسل، وقد وهبتها لك فاستوصِ خيرا بها، فلما ولدت له الرضا (عليه السلام) سماها الطاهرة[13].
ولقد تناهت شخصية الإمام الرضا (عليه السلام) في السمو والجلال حتى تطرزت بألقاب لامعة، تعكس جوانب مختلفة من أخلاقه وآدابه، منها: الصابر والرضي، والوفي، والزكي، والولي، ونور الهدى، وسراج اللّه، والفاضل، وقرّة عين المؤمنين، ومكيد الملحدين، وأشهر ألقابه (عليه السلام) هو الرّضا[14].
قيل: إن المأمون العباسي هو الذي أطلق عليه لقب «الرّضا» حين عهد إليه ولاية العهد، ولكن الإمام أبا جعفر الجواد (عليه السلام) قد نفى ذلك بشدة، فعن البزنطي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ان قوما من مخالفيكم يزعمون أن أباك انما سمّاه المأمون الرّضا لما رضيه لولاية عهده، فقال: «كذبوا واللّه وفجروا بل اللّه تبارك وتعالى سمّاه الرضا لأنه كان رضيّ اللّه عزّوجلّ ورضي رسوله والأئمة بعده في أرضه». قال: فقلت له: ألم يكن كل واحد من آبائك الماضين رضيّ اللّه عزّوجلّ ورسوله والأئمة بعده؟ فقال: «بلى»، فقلت: فلم سمّي أبوك (عليه السلام) من بينهم الرضا؟ قال: «لأنه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من أوليائه، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه: فلذلك سمّي من بينهم الرضا»[15].
كان يكنى بأبي الحسن، وورد على لسان بعض الرواة أبو الحسن الثاني، قال علي بن يقطين: كنت عند العبد الصالح ـ يعني الإمام الكاظم (عليه السلام) ـ فقال: «يا علي بن يقطين، هذا علي سيد ولدي، اما أنه قد نحلته كنيتي»[16].
الإمام الرضا (عليه السلام) سيرة وتاريخ، عباس الذهبي
[1] انظر: الإرشاد 2: 247، والكافي 1: 486 / 11.
[2] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 28، ح 1، باب (3).
[3] كشف الغمّة 3: 53.
[4] اعلام الورى 2: 41.
[5] سير أعلام النبلاء 9: 388، ترجمة 125.
[6] أي يسد به الخلل.
[7] أي يجمع به الشقّ والفرقة.
[8] اعلام الورى 2: 48، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 33، ح 96، باب (4).
[9] انظر: الارشاد 2: 231، 235.
[10] الارشاد 2: 244.
[11] راجع: الارشاد 2: 247، اعلام الورى 2: 41، دلائل الإمامة: 348.
[12] المولدة: هي التي ولدت بين العرب، ونشأت مع أولادهم.
[13] اعلام الورى / الطبرسي 2: 40، ح 2، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 24، باب (2)، كشف الغمة 3: 90.
[14] دلائل الإمامة: 359، الإمام الرضا (عليه السلام)، لقبه.
[15] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 22، ح1، باب (1).
[16] روضة الواعظين / الفتال النيسابوري 1: 222.
عندما يتحول اجتماع مجلس الأمن إلی مسرح للعزلة الأمريكية
سعى وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" مرةً أخرى إلى إظهار نفوذ بلاده المتضائل عالمياً، من خلال تحدّي مجلس الأمن الدولي لتمديد حظر الأسلحة على إيران، والذي سينتهي في أكتوبر المقبل.
لكن وفقًاً لمجلة "فورين بوليسي"، واجه كبير الدبلوماسيين الأمريكيين انتقاد أصدقاء وخصوم أمريكا لانسحابها من الاتفاق النووي الإيراني قبل عامين.
ووفقًاً للمجلة، في اليوم الذي أخرج فيه الاتحاد الأوروبي أمريكا من "القائمة الآمنة" للدول التي يسمح لمواطنيها بالسفر إلى هذه الكتلة المكونة من 27 دولة، فإن التعامل البارد مع بومبيو أكمل صورة العزلة الأمريكية المتزايدة، وأظهر الاحترام الضئيل للدول الأخرى لإدارة ترامب، التي تجد نفسها على وشك حملة انتخابية صعبة.
ألمانيا بدورها اتهمت واشنطن بانتهاك القانون الدولي بنبرة انتقادية واضحة بسبب انسحابها من الاتفاق النووي، وانضمت إلی الصين بأنه ليس لأمريكا الحقّ في إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.
وقبل كلمة مندوب ألمانيا، قال ممثل الصين إن أمريكا ليس لديها الحق في استخدام آلية العودة التلقائية للعقوبات لإحياء عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران، وذلك بسبب انسحابها من الاتفاق النووي.
كما قارن مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة العقوبات الأمريكية ضد إيران باغتيال "جورج فلويد" المواطن الأمريكي الأسود الذي قتل على يد الشرطة الأمريكية وأدى مقتله إلى احتجاجات مناهضة للعنصرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وقال إن هذه العقوبات مثل ضغط الركبة على الرقبة.
وأضافت فورين بوليسي: كان موضوع اجتماع مجلس الأمن عبر الإنترنت أول أمس، هو مصير الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، الذي يقف علی حافة الانهيار. وإدارة ترامب تسعى إلى القضاء الكامل عليه قبل الانتخابات بحيث لا يمكن إحياء الاتفاق النووي إذا وصلت إدارة ديمقراطية إلى السلطة في الولايات المتحدة. وفي الآونة الأخيرة، أصبح بند في هذا الاتفاق - انتهاء حظر الأسلحة على إيران في أكتوبر - ساحةً جديدةً للمواجهة.
وفي بداية اجتماع مجلس الأمن عبر الانترنت يوم الثلاثاء، وصفت "روزماري ديكارلو" المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأمريکية ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، الاتفاق النووي بأنه "إنجاز مهم للدبلوماسية والمفاوضات المتعددة الأطراف"، وأعربت عن أسفها لقرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي، مؤکدةً أن إيران امتثلت لالتزاماتها بموجب الاتفاقية قبل القرار الأمريكي المفاجئ. كما أسفت لانخفاض التزامات إيران النووية منذ يوليو 2019.
وأضافت روزماري ديكارلو: "نحن قلقون أيضاً بشأن الخطوات التي اتخذتها إيران رداً على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. ونتيجةً لذلك، تجاوزت إيران الحدود التي وضعها الاتفاق النووي لتخصيب اليورانيوم واحتياطيات المياه الثقيلة. كما انتهكت إيران القيود المفروضة على برنامجها النووي للبحث والتطوير. واليوم، نحثّ إيران مرةً أخرى على تنفيذ هذه الاتفاقية بالكامل".
ووفقًا للتقرير، لقد صاغت إدارة ترامب مؤخرًا مشروع قرار لتمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران، لكن الصين وروسيا اللتين تتمتعان بحق النقض في مجلس الأمن، قالتا إنهما لن تدعما الخطة الأمريكية.
کما کان رد فعل القوى الأوروبية علی ذلك باهتاً، ومن المتوقع أن تقترح تمديد أجزاء من حظر الأسلحة لمدة أقصاها ستة أشهر. ومن غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدعم الخطة الأوروبية أم لا
المصدر:الوقت
بنادق الكاظمي تُخطئ في تشخيص الأعداء
لا شك أنّ أيّ شخص أو طرف يقدّر شجاعة قوات الحشد الشعبي سيكون موضع تقدير واحترام من قبل الشعب العراقي، ولكن إذا تبنّت أيّ جهة، استراتيجيّة لمعارضة هذه القوات، فلن يكون من المتوقّع أن يُكتب له النجاح.
أثارت أوامر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بمهاجمة قوات الحشد الشعبي في 26 حزيران 2020 الكثير من الجدل في الساحة السياسية العراقية في الأيام الأخيرة. ففي الساعات الأولى من صباح ذلك اليوم، هاجمت قوات مكافحة الإرهاب العراقية، في منطقة الدورة ببغداد، مقر لواء 45 التابع لحركة كتائب حزب الله المنضوية تحت قوات الحشد الشعبي. كما أثار الهجوم، الذي تم فيه اعتقال 14 عنصرا من عناصر قوات الحشد الشعبي، مخاوف بشأن تورط أمريكا في العملية.
ومن الجدير بالذكر أنّ عملية "الدورة" كانت بحسب الحكومة العراقية، تهدف إلى حماية سيادة الحكومة وهيبة القانون، وتدّعي حكومة الكاظمي أن المعتقلين كانوا عازمين على مهاجمة السفارة الأمريكية والمنطقة الخضراء في بغداد. وفي الظروف الحالية، وعلى الرغم من إطلاق سراح المعتقلين، أثارت قضية تعاون الكاظمي مع الأمريكيين ضد قوات الحشد الشعبي الكثير من الانتقادات وردود الفعل الغاضبة.
وبالنظر إلى هذه المقدمة الآنف ذكرها، فإن الاستدلال الرئيس الآن هو أنه إذا كان مصطفى الكاظمي قد حاول بالفعل إضعاف الحشد الشعبي من خلال إصدار أوامر باعتقال إحدى فصائله في بغداد، فإنه إنما فتح الطريق لنفسه للخروج من المنطقة الخضراء، والواقع أن رئيس الوزراء الجديد في العراق سيواجَه بغضب شديد من قبل إرادة الشعب والقوى السياسية العراقية الوطنية في المستقبل القريب إذا استمر في فرض رغبته للضغط على الحشد الشعبي.
سراب الصداقة الأمريكية
خلافاً لمزاعم الحكومة العراقية، يتهم قادة الحشد الشعبي، مصطفى الكاظمي بتقديمه خدمة لأمريكا، وعلى الرغم من نفي أمريكا والتحالف الدولي ضدّ داعش تورّطهما في العملية، فالحقيقة هي أنّ أوامر مهاجمة مقرّ كتائب حزب الله يمكن عدّها أنه إشارة إيجابية من الرئيس مصطفى الكاظمي لواشنطن، يبدو أن الكاظمي يسعى للحصول على دعم أمريكا بغية الحفاظ على منصبه حتى بعد إجراء الانتخابات المبكّرة، وذلك تزامناً مع المفاوضات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن.
لكن الحقائق الميدانية والخلفية التاريخية لمثل هذه الأعمال تظهر للكاظمي ومستشاريه السياسيين أنّ هذا الطريق ليس سوى سراباً خادعاً ولن يكون نصيبه سوى الفشل بلا شك. ويمكن رؤية حقيقة هذا الكلام في خطوات وأفعال رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي بين عامي 2014 و 2018.
على الرغم من أن العبادي كان قد حقّق خلال عهده الانتصار ضد تنظيم داعش الإرهابي واستطاع أيضاً إحباط الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان عن العراق، إلا أنه لم يتمكن في النهاية من البقاء في مكتب رئاسة الوزراء بسبب قربه من الأمريكيين وموقفه الإيجابي تجاه أمريكا، يبدو أن الكاظمي بحاجة الآن إلى إعادة النظر في تبعات نهجه الحالي وفي المسار السياسي للدولة، لأنه من دون تغيير المسار، سيتوجّب عليه معرفة أنّ مصيره سيتوّج بخروجه من المنطقة الخضراء مُجرّداً من منصبه الحالي.
الوسطيّة والعداء في التعامل مع الحشد الشعبي
قد يكون مصطفى الكاظمي أهم شخصية وأرجح خيار اتفقت عليه القوى السياسية العراقية لتشكيل الحكومة، وعلى عكس شخصيات مثل عدنان الزرفي ومحمد توفيق علاوي، تمكّن الكاظمي وكابينته الوزارية من كسب ثقة مجلس النواب العراقي بسهولة، لكن من المهم الالتفات الى أن القسم الأكبر لهذا النجاح يعود الى تمتع الكاظمي بشخصية وطنية معتدلة في التعامل مع القوى السياسية العراقية. وحتى عند لقائه بفالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، وقادة آخرين في الحشد في الأيام الأولى من تولّيه منصب رئيس الوزراء، وارتدى في لفتة رمزية، زيّ قوات الحشد الشعبي، زادت هذه الخطوة من شعبيته أكثر.
ينظر الشعب العراقي والقوى السياسية الى قوات الحشد الشعبي نظرة الأبطال الوطنيين، الذين سجّلوا حروفهم في التاريخ بقلم من ذهب بعد قضائهم على تنظيم داعش الإرهابي وإنهاء خلافته المزعومة بقيادة ابو بكر البغدادي. ولا شك أنّ أي شخص أو طرف يقدّر شجاعة قوات الحشد الشعبي سيكون موضع تقدير واحترام من قبل الشعب العراقي، ولكن إذا تبنّت أيّ جهة، استراتيجية لمعارضة هذه القوات، فلن يكون من المتوقّع أن يُكتب له النجاح
المصدر:الوقت
القرآن الكريم وخلود الإعجاز
مضافا الى ان القرآن الكريم امتاز عن غيره من المعجزات وفاق عليها بأكبر الأمور الجوهرية في شؤون النبوّة والرّسالة ودعوتها «فمن ذلك» انه باق مدى السنين ممثل بصورته ومادّته لكل من يريد أن يطلع عليه ويمارس أمره وينظر في أمره ويعرف كنهه وحقيقته. فهو باد في كل آن ومكان لكل من يطلب الحجة على النبوة والرسالة ويريد النظر في حقيقة معجزها الشاهد لصدقها. ماثل لكل من يريد النظر في الحقائق ولا تحتاج معرفة حقيقته ووجه اعجازه الى أساطير النقل ومماراة قال او قيل. فلا يحتمل أمره. إنه دبرت دعواه بليل. ولا يستراب من أمره باحتمال التمويه بل ينادي هو بنفسه في كل زمان ومكان (هذا جناي وخياره فيه) وكله خيار فائق متفوق «ومن ذلك» انه بنفسه ولسانه وصريح بيانه قد تكفل بالاثبات لجميع المقدمات التي تنتظم منها الحجة على الرسالة الخاصة وشهادة اعجازه لها. ولم يوكل أمر ذلك الى غيره مما يختلج فيه الرّيب وتعرض فيه الشبهات وتطول فيه مسافة الاحتجاج وتكثر صعوباته: فالتفت واعرف ذلك من أمور:
(الأول) انه تكفل ببيان دعوى النبي للنبوّة والرّسالة كما في سائر النبوّات.
(الثاني) انه تكفل في صراحة بيانه بالشهادة للنبوّة والرّسالة فلم تبق حاجة لدلالة العقل ودفع الشبهات عنها.
(الثالث) انه تكفل في صراحته المتكررة ببيانه لكمالات مدّعي رسالته وأطرى بصلاحه وأخلاقه الفائقة كما هو معروف. فمهد المقدمات اللازمة في البيان وصورة الاحتجاج بأنه لو كان كاذبا لكان ظهور المعجزة له من الإغراء بالجهل القبيح الممتنع لقبحه على جلال الله وقدسه تعالى شأنه. وإليك فاسمع بعض ما جاء في القرآن في بيان هذه الأمور الثلاثة. ففي سورة الأعراف «157 : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) وسورة النجم المكية من الآية الثانية الى الخامسة (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) وفي سورة الفتح «29 : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) وفي سورة الأحزاب «40 : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) وفي أوائل سورة القلم المكية (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) الى قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) وقوله تعالى (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) وفي سورة الأعراف «156 : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) وفي سورة الأحزاب «44 : و 45 (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً).
(الأمر الرابع) انه تكفل بنفسه دفع الموانع عن الرسالة والنبوّة إذ بين مواد الدّعوة وأساسياتها ومعارفها وقوانينها الجارية بأجمعها على المعقول من عرفانيها وأخلاقيها واجتماعيها وسياسيها فلا يوجد فيها ما يخالف المعقول ليكون مانعا عن النبوّة وفي سورة الاسراء المكية «9 : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) ودونك القرآن الكريم وحقق وتبصر وتنوّر فيما تضمنه من هذه المواد الشريفة (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)
(الأمر الخامس) انه زاد على كونه معجزا بنفسه بأن كرّر النداء والمصارحة في الاحتجاج بإعجازه وتحدّي الناس وأعلن بالحجة وهتف بهم هتافا مكررا مؤكدا بأن يعارضوه لو لم يكن معجزا ويأتوا بمثله أو بعشر سور أو سورة واحدة من مثله ان كان مما تناله قدرة البشر المحدودة وقد نادى بقرار الإنصاف والمماشاة وجعل لهم ان أتوا بعشر سور او سورة من مثله أن تسقط عنهم هذه الدعوة ويستريحوا من ثقلها الباهظ لضلالهم ويدعوا من يستطيعون عقلا ان يدعوه من دون الله لو استطاعوا أو وجدوا إلى ذلك من المعقول سبيلا. جعل لهم ذلك من باب المماشاة والمجاراة في الحجة تعليقا على المستحيل ولهم في ذلك المهلة والأناة ليعدّوا عدّتهم في المظاهرة والتعاون ففي سورة هود المكية «16 : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) 17 : (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) وفي سورة يونس المكية «39 : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) وفي سورة البقرة «21 : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فيما تدعونهم وتصفونهم به (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي) وفي سورة الاسراء المكية «90 : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) هذا وقد مضت لهم عدة أعوام ودعوة الرسالة والإعذار والإنذار والاحتجاج بإعجاز القرآن دائمة عليهم وهم في أشد الضجر من ذلك والكراهية له والخوف من عاقبته. وفي أشد التألم من آثار الدعوة وتقدّمها وظهورها. وفي أشد الرغبة في أهوائهم وعاداتهم الوحشية ورئاساتهم والعكوف على معبوداتهم ومع ذلك لم يستطيعوا أن يعارضوا شيئا من القرآن الكريم ولو بأن يأتوا بسورة من مثله لكي تظهر حجتهم وتسقط عنهم حجة الرسول ويستريحوا من عناهم وقلقهم وآلامهم من دعوته التي شتتت جامعتهم الأوثانية وهدّدت رئاساتهم الوحشية وتشريعاتهم الأهوائية وفرّقت بين الأب منهم وبنيه والأخ وأخيه والزوج وزوجه والقريب وقريبه وكدّرت صفائهم ونافرت بين عواطفهم. وقد سامعهم في دعوته إصلاحا وخضوعا لم يكونوا يحتسبونه ولم يجدوا لذلك حيلة إلا الجحود السخيف والعناد الشديد وقساوة الاضطهاد والاستشفاع بأبي طالب في ترك الرسول لدعوته أو تمرّدهم بالمثابرة الوحشية فاقتحموا فيها الأهوال وتجشموا المصاعب وقتال الأقارب والاخوان ومقاساة الشدائد وذلة المغلوبية. فلماذا لم يتظاهروا بأجمعهم عشر سنوات او اكثر ويأتوا بشيء من مثل القرآن الكريم ولو سورة واحدة ويفاخروا الرسول (صلى الله عليه وآله) ويحاكموه في المواسم والمحافل التي أعدّوها لمثل ذلك فتكون لهم الحجة والانتصار في الحكومة وقرار النصفة وينادوا بالغلبة ويستريحوا من عناء هذه الدعوة وتهديدها لضلالهم. فلماذا لم يفعلوا ذلك والقرآن والرسول قد دعواهم إلى ذلك تعجيزا وهم هم وينابيع فصاحتهم وبلاغتهم غزيرة. وغرائزهم في الأدب العربي متدفقة. وقرائحهم سيالة ومواد القرآن في مفرداته وتراكيبه من لغتهم. وأسلوبه من نحو صناعتهم التي لهم فيها الممارسة التامة والمهارة الفائقة والرّقي المعروف ولله الحجة البالغة.
ولو كان هناك أقلّ قليل من المعارضة والإتيان بسورة واحدة من مثل القرآن لرفعه الضلال نارا على علم. واحتفلت فيه ألوف الألوف من أضداد الإسلام والقرآن. ولسجلته دواوينهم في أقطار الأرض وأجيال الأمم. وتلقوه بأحسن ابتهاج. وصالوا به أكبر صولة لأنه الفيصل السلمي والحجة الأدبية التي ما فوقها حجة لهم في الجدل والبرهان. ولكن هل سمعت أن أحدا نبس في ذلك ببنت شفة أو أجري فيه قلم. وإن أمر ذلك بمعزل عن داخلية الإسلام لكي يقال انه أخفته شوكة المسلمين او دسائس تواطيهم. بل إن بذرته ومغرسه وسوره وحفظه وحياطته ترجع إلى ألوف الألوف في كل جيل من أنصاره أضداد الإسلام والقرآن سواء كان ذلك قبل الهجرة أو بعدها أو بعد زمان الرسول (صلى الله عليه وآله). ألا ترى انه بعد أن ضرب الإسلام بجرانه في جزيرة العرب بقي في اليمن وسوريا والعراق كثير من اليهود والنصارى وأمثالهم وهم الألوف أو ألوف الألوف من العرب أو من يعرف اللغة العربية ويتكلم بها ويتأدب بآدابها. وأضف إلى ذلك المنافقين الذين كانوا يكيدون الإسلام جهد وسعهم في عصر الرسول وبعده. فهل يخفي هؤلاء ما هو ضالّتهم المنشودة، وسلاح سطوتهم، وعدّة صولتهم وأقطع حجة لهم واكبر مدافع عن أديانهم. فإنه لا عطر بعد عرس ولكن ماذا يصنعون بالعدم، وعدم القدرة من المتأخر على الاختلاق.
ومما يشهد لما ذكرناه ويجلو تمثيله لبداهة الاعتبار أن اليد الأثيمة غلبت بسنوح الفرصة حتى على المحدثين والمفسرين فدّست في كثير من كتب التفسير خرافة الغرانيق وخرافة سبب النزول في آية التمني من سورة الحج كما نجده في اكثر التفاسير. فلوّثت قدس رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما شاءت وسنحت به لها الفرصة. وكذا قدس جميع الأنبياء والمرسلين في حديثهم وتلاوتهم بحيث لا يبقى بهم ادنى وثوق في ذلك(1).
آلاء الرحمن في تفسير القرآن، الشيخ محمد جواد البلاغي - بتصرف
(1) فانظر في الجزء الأول من كتاب الهدى في صفحة 123 128 والجزء الاول من الرحلة المدرسية في صفحة 37 و 38.
التطبيع الاماراتي على قدم وساق مع كيان الاحتلال والحجة 'مكافحة كورونا'
عجلة التطبيع مع الكيان الاسرائيلي مستمرة في الامارات حيث وقعت "مجموعة 42" المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والتي تتخذ من أبوظبي مقرا لها - مذكرتي تفاهم مع شركة "رافاييل" للأنظمة العسكرية المتقدمة وإسرائيل لصناعات الطيران والفضاء"أي آية أي".
وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، يأتي توقيع "مجموعة 42" المذكرتين مع - شركتين من كبار شركات التكنولوجية الإسرائيلية من أجل التعاون في مجال البحث والتطوير وإيجاد حلول فعالة لمكافحة وباء "كوفيد 19".
وقالت الوكالة إن توقيع المذكرتين تم عبر تقنية الاتصال المرئي "فيديوكونفرنس" بمشاركة مسؤولين من الشركات الثلاث، حيث ناقش مسؤولو الشركات الثلاث خلال حفل التوقيع آفاق تبادل الخبرات والتقنيات من أجل تطوير حلول متطورة ومبادرات طبية يستفيد منها ليس شعبي الدولتين فقط ولكن جميع شعوب العالم.
وقال الرئيس التنفيذي لـ"مجموعة 42": "في مجموعة 42 نقوم بتبني التعاون كوسيلة للوصول إلى تقنيات أفضل وأكثر فعالية من أجل تعزيز الفائدة العامة. وتقود دولة الإمارات العربية المتحدة المثل في الجهود الدولية من أجل التغلب على وباء كوفيد 19"، مضيفا: "تتشرف مجموعتنا بأن يكون لها السبق في تبادل الموارد والخبرات في هذا المجال مع شركتي "رافاييل"وشركة"آي ايه أي" من أجل هذه القضية المهمة".
وتاتي هذه الخطوة بعدما نشرت هيئة البث الإسرائيلية كان، تقريرًا مصورًا، يظهر مدى تناغم العلاقة الإماراتية الإسرائيلية، وما يقدمه عيال زايد للصهاينة هناك.
وأظهر التقرير أغنية بالعبرية، تمجد حكام وأمراء الإمارات أنتجتها نساء "اسرائيليات" في دبي، وجاء في كلماتها: يا مانح الخلاص للحكومة والأمراء، بارك وانصر واحفظ رئيس الإمارات.
ومؤخرا استغلت الامارات جائحة كورونا للاعلان عن التطبيع من خلال ارسال مساعدات طبية الى فلسطين ونسقت مع سلطات الاحتلال بالأراضي المحتلة لتوزيعها بالتعاون مع الأمم المتحدة".
ورفضت السلطة الفلسطينية تسلم المساعدات لانه لم يتم التنسيق معها بهذا الشأن بل مع سلطة الاحتلال اي ان الامارات تعتبرهم مضمونا تحت السيطرة الاسرائيلية وتسويقه بأن العالم العربي مع مخطط الضم.
المصدر:العالم
الإمام الرضا (عليه السلام): الولادة والنشأة
أولاً: الولادة
يوجد اختلاف بين المحدثين الشيعة في تحديد اليوم والشهر والسنة التي ولد فيها الإمام الرضا (عليه السلام): فقيل إن مولده كان بالمدينة سنة 148 هـ[1] وروى الصَّدوق أنه ولد بالمدينة يوم الخميس لاحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة 153 هـ بعد وفاة أبي عبد اللّه (عليه السلام) بخمس سنين[2]. أما المحقق الأربلي فيساند هذا الرأي، ولكن يذكر أنه ولد في الحادي عشر من ذي الحجّة[3]. وأشار الشيخ الطبرسي إلى القولين ولكن لم يرجح أحدهما[4].
وذكر الذهبي: أنه ولد بالمدينة في سنة 148 هـ عام وفاة جدّه الإمام الصادق (عليه السلام)[5]، وهو الموافق للقول الأول.
من جانب آخر وردت روايات عن جدّه الإمام الصادق (عليه السلام) مفعمة بشحنة عاطفية كبيرة، تبشر بولادته المباركة وتكشف عن المكانة المرموقة التي سيحتلها في العالم الإسلامي، فعن يزيد بن سليط، قال: لقينا أبا عبد اللّه (عليه السلام) في طريق مكة ونحن جماعة، فقلت له: بأبي أنت وأمي أنتم الأئمة المطهرون والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث اليّ شيئا ألقيه إلى من يخلفني، فقال لي: «نعم هؤلاء ولدي، وهذا سيدهم» وأشار إلى ابنه موسى (عليه السلام) «... يخرج اللّه تعالى منه غوث هذه الأمة وغياثها وعلمها ونورها وفهمها وحكمها، خير مولود وخير ناشىء يحقن اللّه به الدماء ويصلح به ذات البين ويلمّ به الشعث[6] ويشعب به الصدع[7] ويكسو به العاري ويشبع به الجائع ويؤمن به الخائف وينزل به القطر ويأتمر له العباد، خير كهل وخير ناشىء، يبشر به عشيرته قبل أوان حلمه، قوله حكم وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه ..»[8].
ثانياً: النشأة
نشأ الإمام الرضا (عليه السلام) بين أحضان بيت أذهب اللّه تعالى عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا، فهو ابن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) الذي كان (أعبد أهل زمانه وأفقههم وأسخاهم كفّا، وأكرمهم نفسا... وكان الناس بالمدينة يُسمونه زين المتهجِّدين، ويعرف بالعبد الصالح)[9].
ولما كانت الفروع تتبع الأصول، والأصل الطيب يعطي ثمرا طيبا فمن الطبيعي والحال هذه أن يتحلى الابن بتلك الصفات الطيبة والخصال الحميدة، يقول الشيخ المفيد: «كان ـ أي الرضا (عليه السلام) ـ أفضل ولد أبي الحسن موسى: وأنبهَهُم وأعظمهُم قدرا وأعلمهم وأجمعهم فضلاً»[10].
أما أمه فعلى الرغم من وجود الاختلاف في اسمها وكنيتها، فهناك اتفاق على كونها من أفضل نساء زمانها من حيث العقل والدين.
قيل: تسمى الخيزران، وقيل: أروى، وتلقب بشقراء النوبية. وقيل أمّه أم ولد يقال لها أمّ البنين وقيل: اسمها تكتم، وقد يرجَّح ان الأخير هو اسمها، وما سبقه ألقاب لها، ويستدل لهذا بقول بعض مادحي الإمام:
ألا إن خير الناس نفسا ووالدا
ورهطا وأجدادا علي المعظم
أتتنا به للعلم والحلم ثامنا
إماما يؤدّي حجة اللّه (تكتم)[11]
والشيخ الصدوق يشير إلى القول الأخير برواية عن محمد بن يحيى الصولي ويقول: إن أمه هي أم ولد تسمى تكتم. ثم يروي عن عون بن محمد الكندي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن ميثم يقول: ما رأيت أحدا قط أعرف بأمور الأئمة وأخبارهم ومناكحهم منه، قال: اشترت حميدة المصفاة وهي أم أبي الحسن موسى بن جعفر ـ وكانت من أشراف العجم ـ جارية مولدة[12] واسمها تكتم، وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة المصفاة، حتى انها ما جلست بين يديها منذ ملكتها اجلالاً لها، فقالت لابنها موسى (عليه السلام): يا بني ان تكتم جارية ما رأيت جارية قط أفضل منها، ولست أشك أن اللّه تعالى سيظهر نسلها ان كان لها نسل، وقد وهبتها لك فاستوصِ خيرا بها، فلما ولدت له الرضا (عليه السلام) سماها الطاهرة[13].
ولقد تناهت شخصية الإمام الرضا (عليه السلام) في السمو والجلال حتى تطرزت بألقاب لامعة، تعكس جوانب مختلفة من أخلاقه وآدابه، منها: الصابر والرضي، والوفي، والزكي، والولي، ونور الهدى، وسراج اللّه، والفاضل، وقرّة عين المؤمنين، ومكيد الملحدين، وأشهر ألقابه (عليه السلام) هو الرّضا[14].
قيل: إن المأمون العباسي هو الذي أطلق عليه لقب «الرّضا» حين عهد إليه ولاية العهد، ولكن الإمام أبا جعفر الجواد (عليه السلام) قد نفى ذلك بشدة، فعن البزنطي، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ان قوما من مخالفيكم يزعمون أن أباك انما سمّاه المأمون الرّضا لما رضيه لولاية عهده، فقال: «كذبوا واللّه وفجروا بل اللّه تبارك وتعالى سمّاه الرضا لأنه كان رضيّ اللّه عزّوجلّ ورضي رسوله والأئمة بعده في أرضه». قال: فقلت له: ألم يكن كل واحد من آبائك الماضين رضيّ اللّه عزّوجلّ ورسوله والأئمة بعده؟ فقال: «بلى»، فقلت: فلم سمّي أبوك (عليه السلام) من بينهم الرضا؟ قال: «لأنه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من أوليائه، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه: فلذلك سمّي من بينهم الرضا»[15].
كان يكنى بأبي الحسن، وورد على لسان بعض الرواة أبو الحسن الثاني، قال علي بن يقطين: كنت عند العبد الصالح ـ يعني الإمام الكاظم (عليه السلام) ـ فقال: «يا علي بن يقطين، هذا علي سيد ولدي، اما أنه قد نحلته كنيتي»[16].
الإمام الرضا (عليه السلام) سيرة وتاريخ، عباس الذهبي
[1] انظر: الإرشاد 2: 247، والكافي 1: 486 / 11.
[2] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 28، ح 1، باب (3).
[3] كشف الغمّة 3: 53.
[4] اعلام الورى 2: 41.
[5] سير أعلام النبلاء 9: 388، ترجمة 125.
[6] أي يسد به الخلل.
[7] أي يجمع به الشقّ والفرقة.
[8] اعلام الورى 2: 48، وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 33، ح 96، باب (4).
[9] انظر: الارشاد 2: 231، 235.
[10] الارشاد 2: 244.
[11] راجع: الارشاد 2: 247، اعلام الورى 2: 41، دلائل الإمامة: 348.
[12] المولدة: هي التي ولدت بين العرب، ونشأت مع أولادهم.
[13] اعلام الورى / الطبرسي 2: 40، ح 2، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 24، باب (2)، كشف الغمة 3: 90.
[14] دلائل الإمامة: 359، الإمام الرضا (عليه السلام)، لقبه.
[15] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 22، ح1، باب (1).
[16] روضة الواعظين / الفتال النيسابوري 1: 222.
المصدر:شبکه المعارف الاسلامیه
لماذا يصعب على بعض الناس قول "أنا آسف"؟
الاعتذار يعني وضع الكبرياء جانبا لفترة كافية للاعتراف بالخطأ (بيكساباي)
يمكن أن يكون الاعتذار أحد أكثر الأفعال صحية وإيجابية؛ فله أهمية كبيرة في إصلاح العلاقات وفتح صفحات جديدة بين الأصدقاء.
من الضروري استمرار الحياة الاجتماعية للبشر، وأحيانا يكون الاعتذار مهمة ليست سهلة عند البعض؛ فهم يفضلون الصمت أو تجاهل الأمر، ويرفضون رفضا تاما الاعتذار لمن قاموا بإيذائهم؛ وهذا ما يسبب ضررا كبيرا في علاقاتهم، ويجعلهم يخسرون العديد ممن حولهم.
5 أسباب
يناقش كتاب "قوة الاعتذار لشفاء جميع العلاقات" الصادر عام 2002، لصاحبته المعالجة النفسية بيفرلي إنجل؛ الأسباب وراء صعوبة الاعتذار لدى بعض الناس، وتلخصها في ما يلي:
مسألة كبرياء: الاعتذار يعني وضع كبريائنا جانبا لفترة كافية للاعتراف بالخطأ الذي قمنا به، وبالنسبة لبعض الناس فإن هذا يعد ضعفا واعترافا بأنهم معيبون، وقد يميل هؤلاء إلى اختلاق الأعذار أو إلقاء اللوم على الآخرين، ويرفضون تقديم اعتذار واضح وصريح.
علامة ضعف: بالنسبة لكثيرين -لا سيما الرجال- فإن الاعتذار يعكس الضعف، ويميل هؤلاء إلى إظهار أنفسهم بأنهم على حق، وأنهم دائما أقوياء.
والحقيقة أن الاعتذار عن الضرر الذي تسببت فيه، وتحمل المسؤولية عن أخطائك؛ يمكن اعتبارهما بالفعل علامة على القوة وليس العكس.
الخوف من الخجل: بعض الناس يشعرون بالخجل الشديد لدرجة أنهم لا يستطيعون الاعتراف بأخطائهم أو الاعتذار عنها، لأن ذلك يسبب لهم الحرج الشديد.
الخوف من العواقب: يخشى البعض من أنه في حال خاطروا وقاموا بتقديم اعتذار فإنه قد يتم رفضهم وعدم قبول أسفهم، وقد يخشون أيضا من أن يعرف الآخرون ما قاموا به ويخسرون بذلك احترام الناس من حولهم.
قلة الوعي: كثير من الناس لا يعتذرون لأنهم غافلون عن تأثير أفعالهم على الآخرين؛ إنهم لا يعتذرون لأنهم ببساطة لا يدركون أن لديهم أي شيء يعتذرون عنه.
قد يركزون بشدة على ما يفعله الآخرون لإيذائهم، ولا يستطيعون رؤية كيف أساؤوا هم للآخرين، أو أنهم قد يركزون على أنفسهم لدرجة أنهم يكونون غير قادرين على رؤية تأثير سلوكهم على الآخرين.
عدم القدرة على التعاطف: السبب الأهم الذي يجعل البعض يجد صعوبة في الاعتذار، هو أنهم يفتقرون إلى التعاطف مع الآخرين. إنهم يفتقدون المشاعر التي تمكننا من وضع أنفسنا مكان الشخص الآخر فنتعاطف معه؛ وبالتالي نعتذر له عندما يستحق ذلك. هؤلاء بحاجة إلى تخيل كيف أثر سلوكهم أو موقفهم على الشخص الآخر. ولسوء الحظ، كثير من الناس غير قادرين على القيام بذلك.
البعض يترددون في الاعتذار خوفا من عدم تقبل الآخرين أسفهم (غيتي)
الاعتذار الهادف
وفقا لمؤلفة كتاب "قوة الاعتذار"، فإن كثيرا من الناس يحتاجون إلى تعلم كيفية الاعتذار بطريقة مسموعة ومقبولة. والاعتذار الفعال هو الذي ينقل إلى الشخص الذي نعتذر له "الندم والمسؤولية والعلاج".
وأن نبين لهذا الشخص الندم على ما قمنا به وتسبب في الإزعاج أو الأذى أو الضرر له، وأن نقبل المسؤولية كاملة عن أفعالنا من خلال عدم إلقاء اللوم على أي شخص آخر، وعدم تقديم أعذار عما قمنا به.
وأخيرا، بيان الرغبة في اتخاذ بعض الإجراءات لتصحيح الموقف، إما عن طريق الوعد بعدم تكرار ما فعلته ومحاولة معالجة الموقف، أو عن طريق التعويض عن الأضرار التي تسببت فيها.
لماذا الاعتذار مهم؟
تقول أندريا براندت -الحاصلة على الدكتوراه، ومقدمة المشورة الزواجية على موقع "سيكولوجي توداي"- الاعتذار شيء نقوم به لنكون مهذبين. إنها طقوس اجتماعية مهمة، وهي طريقة لإظهار الاحترام والتعاطف مع الأشخاص المظلومين.
الاعتذار لأولئك الذين آذيناهم مهم جدا، فهو يظهر أننا نهتم بمشاعرهم، كما أنه يؤدي إلى شعورهم بالارتياح والتنفيس عن غضبهم، ورغبتهم في استمرار العلاقة.
كما تقول الاختصاصية الاجتماعية إيمي مورين على موقع "سيكولوجي توداي" إن الاعتذار لديه القدرة على جعل أكثر الناس غطرسة متواضعين، فعندما تكون لدينا الشجاعة للاعتراف بأخطائنا والعمل على تجاوز مخاوفنا، فيكون لدينا شعور عميق باحترام أنفسنا، وهذا الاحترام للذات يمكن أن يؤثر بدوره على ثقتنا بأنفسنا وتوقعاتنا لحياتنا المستقبلية.
وتضيف مورين "عندما أعتذر لك، فأظهر لك أنني أحترمك وأهتم بمشاعرك، أعلمك أنني لم أكن أنوي إيذاءك، وأنني أعتزم معاملتك بشكل أفضل في المستقبل. من خلال قبول اعتذاري، فأنت لا تريني فقط أن لديك روحا كريمة بل تمنحني فرصة أخرى".
كثير من الناس لا يعتذرون لأنهم غافلون عن تأثير أفعالهم على الآخرين (غيتي)
ضحايا عدم الاعتذار
تقول بيفرلي إنجل، في سلسلة مقالاتها على موقع "سيكولوجي توداي"، والتي عرضت فيها كتابها "قوة الاعتذار"؛ "لقد تخصصت في عملي مع الضحايا السابقين لإساءة معاملة الأطفال لما يقرب من 40 عاما. مرة بعد مرة أسمع منهم أن الشيء الوحيد الذي يرغبون فيه، والذي يعتقدون أنه يمكن أنه يساعدهم على الشفاء من الإساءة التي تعرضوا لها؛ هو اعتراف من والديهم (أو الآخرين) بإساءة معاملتهم، والاعتذار عن الضرر الذي تسببوا فيه".
وتضيف "لقد كنت من حين لآخر شاهدة على الشفاء الذي يمكن أن يحدث عندما يتلقى أحد المرضى اعتذارا ذا مغزى، فقد سبب هذا النوع من الاعتذار شفاء تاما، حيث يشعر المريض بأنه تحقق أخيرا".
إن تقديم الاعتذارات يجعل الشخص يقر بأنه تعرض بالفعل للأذى، ولديه الحق في الشعور بالأذى أو الغضب. فكلنا نريد أن يتم الاعتراف بمشاعرنا، خاصة عندما نتأذى أو نتأثر عاطفيا، ونريد من الشخص المخطئ أن يظهر لنا أنه يعلم أنه أساء إلينا.
المصدر : مواقع إلكترونية
فلسفة الضم الصهيونية وسبل المواجهة الفلسطينية
الخلاف الحقيقي القائم بين أركان الائتلاف الحكومي في "إسرائيل" على عملية الضم، يتركز في الطريقة والآليات، والجداول الزمنية لتنفيذ عملية الضم لا في جوهر فكرة الضم.
تسارُع قضية سرقة الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية والأغوار بما يسمى "مخطط الضم"، يتطلب من الجميع التفكير في سبل المواجهة أكثر مما يدفعنا إلى ملاحقة وتتبع الأخبار الصادرة عن الحكومة الصهيونية وداعمتها الكبرى الولايات المتحدة، لكي ندخل كفلسطينيين وأمة عربية وإسلامية إلى دائرة الفعل وتسلّم زمام المبادرة وعدم الاكتفاء بمشهد المتفرج، أو على الأقل كي لا نتحول إلى ردّ فعل يحدد حجمه واتجاهه الفعل الصهيوأميركي.
الوصول إلى أفضل سبل المواجهة لمشروع الضم الصهيوني، يتطلب منا إدراك طبيعة الصراع، والفلسفة التي تنطلق منها الحركة الصهيونية في عملية توسعها على حساب الأرض الفلسطينية والعربية.
تأسست الحركة الصهيونية على مرتكز رئيسي مركزي، يعتبر بوصلة السلوك السياسي الصهيوني على مدار تاريخ الحركة الصهيونية منذ البدايات حتى وقتنا الحالي.
تنطلق الحركة الصهيونية من مبدأ "سموّ" اليهود على بقية الجنس البشري (شعب الله المختار)، الأمر الذي جعل المؤسسين للفكر الصهيوني يختطفون الأفكار القومية التي ظهرت في أوروبا في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، وإسقاطها عنوةً على أوضاع اليهود، ساعين إلى تحويلهم من أتباع دين من شعوب مختلفة ومن جغرافيات متباعدة ومن أجناس مختلفة وخلفيات تاريخية متعددة، إلى شعب من عرق واحد ذي قومية واحدة وتاريخ موحد.
وعندما بحثوا عن الرابط لم يجدوا أي رابط حقيقي بين هذه الجماعات المختلفة والمشتتة إلا إن يستخدموا عنصر الدين اليهودي، ليحوّلوا اليهودية من عنصر لاهوتي إلى رابط قومي عرقي، رغم أن الغالبية العظمى من مؤسّسي الحركة الصهيونية كانوا علمانيين، فبات اليهود في كل الجغرافيات ومن كل الأجناس شعباً واحداً بالمفهوم القومي على غرار النازية والفاشية وغيرهما من الحركات القومية المتطرفة، بل أكثر من ذلك، شعباً مختاراً بقرار إلهي.
الأخطر في الموضوع أنه عندما خرجت الفكرة الصهيونية من الإطار النظري إلى الإطار العملي التنفيذي، من خلال ثيودور هرتزل، مؤسّس الحركة الصهيونية وصاحب كتاب "دولة اليهود"، بات البحث عن دولة قومية لليهود، يمارس فيها هذا الشعب المزوّر حقه في تقرير مصيره، هدفاً استراتيجياً للحركة الصهيونية، دولة يتجمع كل اليهود فيها، وحق المواطنة في تلك الدولة مرتبط بشكل جذري بالقومية اليهودية التي تزعم أن كل اليهود في العالم يربطهم رباط الدم (نقاوة العرق)، رافضين بالمطلق مفهوم المواطنة المبني على الارتباط بالأرض (السكان الأصليين)، لأنه بذلك تصبح "إسرائيل" دولة الفلسطيني كما هي دولة اليهودي، وهذا يتنافى مع الهدف الأساسي من وراء إنشاء الدولة في الفكر الصهيوني. لذا الحديث عن أي شكل من أشكال الدولة لا يحافظ على يهودية الدولة على غرار دولة ثنائية القومية، تعتبره الحركة الصهيونية قاطبة تهديداً وجودياً للفكرة الصهيونية، وهنا مكمن الخوف الصهيوني ممّا يسمى القنبلة الديموغرافية الفلسطينية.
ممّا سبق، ندرك أن طبيعة الخلاف الحقيقي القائم بين أركان الائتلاف الحكومي في "إسرائيل" على عملية الضم، تتركز في الطريقة والآليات، والجداول الزمنية لتنفيذ عملية الضم لا في جوهر فكرة الضم.
بني غانتس شريك نتنياهو في الائتلاف ووزير الحرب، عندما يضع شرطاً أنه سيوافق على عملية الضم إذا ضمنت العملية ضم الأرض من دون سكانها الفلسطينيين، يدرك خطر تنامي القنبلة الديموغرافية الفلسطينية داخل دولة الاحتلال، وتأثيرات ذلك المستقبلية على صبغة الدولة وطبيعتها، وأكبر مؤشر على هذا تنامي قوة "القائمة المشتركة" في انتخابات الكنيست الاخيرة، إلى درجة أنها كادت هي من يحدد رئيس الحكومة وشكل الائتلاف الحاكم في "إسرائيل"، الأمر الذي اعتبرته مراكز البحث والتفكير تهديداً مباشراً ليهودية الدولة، جوهر الفكر الصهيوني.
على المقلب الآخر من الخارطة السياسية الإسرائيلية، اليمين الاستيطاني الديني المولع بالشعارات التوراتية وأساطير التلمود، والباحث عن عودة ما يسمى "يهودا والسامرة"، منتهزاً فرصة وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض، مدرك لمخاطر ضم ما يراوح بين خمسين ألفاً ومئة ألف فلسطيني جديد في "إسرائيل"، لكنه تحت وطأة الشعارات الدينية الاستيطانية مستعد لتحمل المخاطرة، لكنه يعتقد أن المخاطرة مؤقتة، إذ منذ عام ٢٠١٧م قدم بتسلئيل سيموترتش أهم قادة الاستيطان الديني خطة أطلق عليها اسم الترانسفير الطوعي للفلسطينيين من الضفة ومن داخل أراضي فلسطين التاريخية. بمعنى آخر، إن فكرة ترحيل الفلسطيني ونزعه من أرضه ما زالت قائمة في العقل الصهيوني حتى ولو بعد ٧٢ عاماً من النكبة الفلسطينية.
من هنا ندرك أن تعزيز الوجود الفلسطيني على أرضه، ومساعدته في التشبث بأراضي الأغوار والضفة الغربية، والعمل على زيادة تعداده السكاني في تلك المناطق التي تنوي "إسرائيل" سرقتها، والعمل على ربط الفلسطيني بأرضه، من أهم الخيارات ذات الجدوى في مواجهة مخطط الضم الصهيو أميركي تجاه الأرض الفلسطينية في الأغوار والضفة الغربية، وفي الوقت ذاته ينسجم مع الكفاح الفلسطيني الشامل في معركته لتحرير كامل التراب الفلسطيني من الاحتلال الصهيوني.
طهران: أوامر باعتقال 36 مسؤولاً أميركياً ومن دول أخرى ضالعين بجريمة اغتيال سليماني
مدعي عام طهران يقول إنه "تم تحديد 36 شخصاً متورطين في اغتيال قائد قوة القدس قاسم سليماني، بمن فيهم مسؤولون سياسيون وعسكريون من الولايات المتحدة وحكومات أخرى".
أعلن المدعي العام في طهران علي القاصي، تحديد هوية 36 شخصاً متورطين في اغتيال قائد قوة القدس قاسم سليماني.
وأشار إلى الخطوات المتخذة لمتابعة قضية اغتيال سليماني، قائلاً "تم تحديد 36 شخصاً متورطين في اغتيال الحاج قاسم سليماني، بمن فيهم مسؤولون سياسيون وعسكريون من الولايات المتحدة وحكومات أخرى وقد تم إصدار مذکرة اعتقال وإعلان الشرطة الدولية الوضع الأحمر بحقهم وذلك بإیعاز من السلطة القضائية".
واتهمهم "بالقتل" و"العمل الإرهابي"، مضيفاً "یکون على رأس القائمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وستتم متابعة ملاحقته حتى بعد انتهاء فترة ولايته".
وكان رئيس السلطة القضائية في إيران إبراهيم رئيسي أكد أن "الترويكا الأوروبية دعمت الولايات المتحدة" بعد اغتيال قائد قوة القدس الفريق الشهيد قاسم سليماني الذي استشهد في عدوان صاروخي أميركي قرب مطار بغداد في 3 كانون الثاني/يناير الماضي، لافتاً إلى أنه "لا يمكن الاعتماد عليها".
المصدر:المیادین