ما هي الأوصاف الخاصّة بالإمام المهدي (عليه السلام) ؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ما هي الأوصاف الخاصّة بالإمام المهدي (عليه السلام) ؟

وأمَّا أوصاف الإمام المهدي (عليه السلام) الخاصّة فقد نطقت بها الروايات، فهناك أكثر من (١٨٠) لقب واسم وصفة له (عليه السلام)(1)، منها أنَّه (عليه السلام) خليفة الله، والخليفة هو الذي يقوم بدور عظيم ويمثِّل الله تعالى في أرضه، يمثِّله في الكمالات، يمثِّله في القدرة، فهو مظهر لأسماء الله تبارك وتعالى.

عقيدتنا هي أنَّ الله تعالى لا يتجسَّد، ولا يحسّ، وليست له جوارح، وإنَّما هو الغني المطلق، والقادر المطلق، والكامل المطلق، والعالم المطلق، ولكن يُعرَف الله تبارك وتعالى بآياته وهم الأئمّة الكرام (عليهم السلام)، إذن فهو (عليه السلام) خليفة الله تعالى.

يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشركُونَ) (الصفّ: ٩)، أكَّدت الروايات بأنَّه لم ينزل تأويلها بعد، فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: (والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتَّى يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبقَ كافر بالله العظيم ولا مشرك بالإمام إلَّا كره خروجه حتَّى أن لو كان كافراً أو مشركاً(2) في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله)(3)، فهو (عليه السلام) نور الله الذي لا يُطفئ، وهو الحافظ لأسرار ربّ العالمين.

ويجب على الإنسان أن يعرف إمام زمانه لأنَّه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، فمعرفة الإمام هي التي تحافظ على إسلام الإنسان ودينه، وتصحُّ أعماله بمعرفته، على الإنسان اليوم أن يعرف أنَّ إمام زمانه هو الحجَّة بن الحسن الثاني عشر من الأئمّة (عليهم السلام)، المفترض الطاعة، الكامل المعصوم، قد فرض الله تعالى طاعته على العباد، وجعله إماماً عليهم، كلّ هذه المعارف إذا اجتمعت تجعل من الإنسان شيعياً، أمَّا الشكّ في ولادته (عليه السلام) فإنَّه يُخرج الإنسان عن التشيّع، الشكّ في كونه (عليه السلام) معصوماً أيضاً يخرجه عن التشيّع، وهكذا الشكّ في كونه واجب الطاعة وأنَّه معصوم وغير ذلك، كلّ ذلك يُخرج الإنسان عن التشيّع، إذن الذي يحافظ على تشيّع الإنسان هو هذه المعتقدات.

الإمام والعلم اللدنّي:

إنَّ الله تبارك وتعالى زوَّد الإمام المهدي (عليه السلام) بالعلم اللدنّي كما زوَّد الخضر به، قال تعالى: (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف: ٦٥)، وبواسطة هذا العلم اللدنّي تصرف الخضر تصرّفات لم يكن نبيّ الله موسى (عليه السلام) يعرفها.

قال تعالى: (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) (الكهف: ٦٦)، إذن يوجد عند الخضر علم لا يوجد عند نبيّ الله موسى (عليه السلام)، وليس ذلك العلم إلَّا العلم اللدنّي، نحن لا نعرف كيفيته ولا نعرف ماهيَّته، ولكن نعرف بأنَّ الخضر استند إلى هذا العلم وخرق السفينة وقتل الغلام قبل أن يبدر من الغلام شيء، ولهذا استنكر نبيّ الله موسى (عليه السلام) عليه، لأنَّ موسى (عليه السلام) عنده الشريعة الظاهرية وبحسب موازين الشريعة الظاهرية لا يجوز قتل الغلام، ولكن الخضر لا يعمل بموازين الشريعة الظاهرية وإنَّما يعمل بموازين العلم اللدنّي، والعلم اللدنّي له مقتضيات وآثار غير آثار العلم الظاهري المستند إلى الشريعة الظاهرة.

ثمّ إنَّ الخضر بيَّن لنبيّ الله موسى (عليه السلام) تأويل ما فعله، (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (الكهف: ٧٨)، يقول الخضر: عندي تأويل وتفسير لأفعالي توافق مع العلم اللدنّي، قال: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً * وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) (الكهف: ٧٩ - ٨١)، فلو بقت السفينة لأخذها الملك، وهكذا لو بقي الغلام لجرَّ والديه إلى الكفر ومنع من وجود سبعين نبيّاً، فقد ورد أنَّ الله تعالى أبدلهما به جارية ولدت سبعين نبيّاً(4).

إذن نظر الخضر بواسطة العلم اللدنّي نظرة مستقبلية لما يحتاج إليه العالَم وشخَّص أنَّه لا بدَّ من قتل الغلام، لأنَّ مصلحة العالَم تتوقَّف على قتله الآن، والنظرة للتغيّرات وما يجري وما يحتاج إليه الناس في المستقبل حصل عليه الخضر (عليه السلام) من العلم الخاصّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع: النجم الثاقب ١: ١٦٥ - ٢٦٨/ الباب الثاني في أسماء الإمام المهدي وألقابه صلوات الله عليه.

(2) في بحار الأنوار: (حتَّى لو كان كافر أو مشرك).

(3) كمال الدين: ٦٧٠/ باب ٥٨/ ح ١٦؛ بحار الأنوار ٥٢: ٣٢٤/ ح ٣٦.

(4) راجع: الكافي ٦: ٧/ باب فضل البنات/ ح ١١.

قراءة 117 مرة