دور النساء في زمن الغيبة وظهور الإمام المهدي

قيم هذا المقال
(0 صوت)
دور النساء في زمن الغيبة وظهور الإمام المهدي

مسألة الغيبة والظهور من الموضوعات المحورية في الفكر الإسلامي، خصوصًا في السياق الشيعي. حيث نعتقد أن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف قد غاب عن الأنظار منذ القرن التاسع الميلادي، وأن ظهوره سيكون بمثابة نقطة تحول تاريخية تعيد العدل والسلام إلى العالم. في هذا الإطار، يبرز دور النساء كعنصر أساسي في المجتمع، حيث أنهن لم يكن مجرد متلقين للمعرفة والتعاليم الدينية، بل كن ناشطات ومؤثرات في تشكيل الفكر الديني والاجتماعي.


إن دور النساء في زمن الغيبة يتجاوز حدود المنزل والأسرة، ليشمل المشاركة الفعالة في المجالات الاجتماعية والسياسية والدينية. فقد أظهرت العديد من النساء في التاريخ الإسلامي، وخاصة في الفترات التي تلت غيبة الإمام، قدرات قيادية ومبادرات فردية وجماعية تهدف إلى تعزيز القيم الإنسانية والدينية. من خلال التعليم، والكتابة، والدعوة، استطاعت النساء أن يكنّ رائدات في نشر الفكر الإسلامي وتعزيز الوعي المجتمعي. كما أن التحديات التي واجهتها النساء في زمن الغيبة كانت متعددة، بدءًا من الضغوط الاجتماعية والثقافية، وصولاً إلى التحديات السياسية. ومع ذلك، فإن هذه التحديات لم تمنع النساء من السعي نحو تحقيق أهدافهن، بل كانت دافعًا لابتكار طرق جديدة للتعبير عن آرائهن والمشاركة في الحياة العامة.


فمع حلول النصف من شعبان وذكرى ميلاد الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، قررنا أن نكتب لكم عن دور النساء في زمن الغيبة الكبرى وفي زمن ظهور صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.


دور النساء في تربية العائلة في زمن الغيبة


في زمن غيبة الإمام المهدي، يكتسب دور النساء في تربية العائلة أهمية خاصة، حيث يُنظر إليهن كعناصر فاعلة في تشكيل الهوية الدينية والثقافية للأجيال القادمة.


تتسم النساء بقدرة فريدة على التأثير في الأجيال الجديدة، حيث أنهن غالبًا ما يكنّ المسؤولات عن تربية الأطفال ورعايتهم. في زمن غيبة الإمام المهدي، يصبح دور النساء أكثر أهمية، حيث يتطلب الوضع الاجتماعي والديني تعزيز القيم والمبادئ التي تتماشى مع انتظار ظهور الإمام. من خلال التربية، يمكن للنساء أن يغرسن في نفوس الأطفال مفاهيم العدالة، الإيثار، والتضحية، وهي قيم تتماشى مع فلسفة ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه.


في زمن الغيبة، يكون لهن دور محوري في نقل التعاليم الدينية. من خلال القصص، والأحاديث، والكتب، يمكن للنساء أن يعلمن الأطفال عن الإمام المهدي، ويشرحن لهم أهمية الغيبة وكيفية التحضير لظهوره. النساء هن ركيزة أساسية في بناء مجتمع منتظر يتطلع إلى ظهور الإمام المهدي. من خلال تربية الأطفال على القيم الإسلامية وتعزيز الوعي الديني، يمكنهن أن يساهمن في خلق جيل يملك الوعي الكافي للاستعداد لظهور الإمام. إن دور النساء في تربية العائلة لا يقتصر على التعليم فقط، بل يمتد إلى تعزيز روح التعاون والمشاركة في المجتمع، مما يُسهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.


دور النساء في تقوية الإيمان في عصر الغيبة 


النساء في المجتمع الإسلامي، وخاصة الأمهات، المربيات الرئيسيات في العائلة. فهن يقمن بتعليم الأطفال القيم الدينية من خلال قصص الأنبياء والأئمة، ويُعززن في نفوسهم أهمية الإيمان بالله والتمسك بالتعاليم الإسلامية. في عصر الغيبة، يُمكن للأمهات أن يُلقنّ أطفالهن أهمية الانتظار والترقب لظهور الإمام المهدي، مما يُعزز من إيمانهم ويجعلهم يشعرون بأنهم جزء من هذا الانتظار.


تُسهم النساء في تقوية الإيمان من خلال ممارساتهن اليومية، مثل الصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن. عندما ترى الأطفال أمهاتهم يمارسن هذه العبادات بانتظام، يتعلمون أهمية الإيمان في حياتهم. لهذا تُعتبر النساء قدوة لأبنائهن، حيث يتأثر الأطفال بسلوكهن وأخلاقهن. من خلال التحلي بالقيم الإسلامية مثل الصدق، والأمانة، والرحمة، تُظهر النساء كيف يمكن للإيمان أن يُترجم إلى أفعال يومية.


تُعزز النساء الإيمان في العائلة من خلال تقديم الدعم النفسي والعاطفي لأفراد الأسرة. في عصر الغيبة، قد يشعر البعض بالقلق أو الإحباط بسبب الغياب المستمر للإمام. هنا، يأتي دور الأمهات في تقديم التوجيه والدعم، مُشجعاتً على الثقة بالله والاعتقاد بأن الفرج قريب. من خلال الحوار المفتوح والمناقشات حول الإيمان والتحديات، يمكن للنساء أن تُعزز من إيمان أفراد الأسرة وتساعدهم على التكيف مع الظروف.


الدور الاجتماعي للنساء في عصر الغيبة


النساء جزء أساسي من النسيج الاجتماعي. حيث يلعبن دورًا محوريًا في تشكيل المجتمعات وتعزيز قيمها. في عصر غيبة الإمام المهدي، تكتسب النساء أهمية خاصة في السياق الاجتماعي. 


النساء من العوامل الأساسية في عملية التغيير الاجتماعي. من خلال مشاركتهن الفعالة في المجتمع، يُمكنهن أن يُسهمن في تحسين الظروف المعيشية وتعزيز العدالة الاجتماعية. في عصر الغيبة، يتطلب الوضع الاجتماعي والسياسي تعزيز روح التعاون والمشاركة، وهو ما يمكن أن تُسهم فيه النساء من خلال الانخراط في الأنشطة المجتمعية والمبادرات التي تهدف إلى التغيير.


النساء رائدات في العمل الاجتماعي، حيث يُمكنهن أن يُنظمن الفعاليات والمبادرات التي تهدف إلى خدمة المجتمع. من خلال العمل التطوعي، يُمكن للنساء أن يُسهمن في تحسين ظروف الحياة للفئات الضعيفة والمهمشة. إن العمل الاجتماعي لا يُعزز فقط من روح التعاون والمشاركة، بل يُعزز أيضًا من الوعي بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمع.


وأيضا من أهم الأمور هي الوسائل التواصل الاجتماعي وكيفية استخدامها بشكل إيجابي. لأنه في عصر التكنولوجيا، أصبح لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي دور بارز في نشر الوعي الاجتماعي. والنساء من أكثر المستخدمين لهذه الوسائل، حيث يمكنهن استخدامها كمنصة لنشر الأفكار والمعلومات. من خلال الكتابة، وإنشاء المدونات، ومشاركة الفيديوهات، يُمكن للنساء أن يُسلطن الضوء على القضايا الاجتماعية المهمة، مثل حقوق المرأة، والتعليم، والصحة. هذا الاستخدام يُعزز من قدرة النساء على التأثير في المجتمع ورفع مستوى الوعي بالقضايا التي تهمهن.


لكن من المهم تعزيز دور النساء. تعزيز دور النساء في الحياة العامة من الأمور الضرورية لبناء مجتمع متوازن. في عصر غيبة الإمام المهدي، يُمكن للنساء أن يُسهمن في مجالات متعددة، مثل السياسة، والاقتصاد، والثقافة. من خلال المشاركة في صنع القرار، يُمكن للنساء أن يُعبرن عن احتياجاتهن وتطلعاتهن، مما يُعزز من تمثيلهن في المجتمع.


دور النساء في زمن ظهور الإمام المهدي 


ظهور صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف حدث محوري في العقيدة الشيعية والشريعة الإسلامية. 


حركة الإمام المهديّ ليست إستثناءً عن المسار العامّ لحركة الإسلام، بل هي حركة شاملة تستهدف الإصلاح في جميع مناحي الحياة، فمن الطبيعيّ أن يكون للمرأة دور محوريّ بوصفها ركنا أصيلا لإقامة أيّ مجتمع إيماني. 


ودور النساء في هذه الواقعة العظيمة من الأمور التي كانت محور سؤال منذ زمن الأئمة الأطهار عليهم السلام. وقد جاءت بعض الأخبار بما يؤكد الدّور القيادي للمرأة في نهضة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، حيث نصت تلك الرّوايات على وجود أعداد من النساء ضمن عدة الثلاثمئة والثّلاث عشر الذين هم قيادات النهضة المهدويّة. فقد روي عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام:« ويجتمعُ لهُ بمكّةَ ثلاثمائةٌ وبضعةُ عشرَ كعدّةِ أصحابِ بدر، وفيهم خمسونَ إمرأةً مِن غيرِ ميعادٍ يجتمعونَ قزعاً كقزعِ الخريفِ فيُبايعونَه » (1).


وأيضا روي عن مفضل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام:« يكون مع القائم ثلاثة عشر امرأة قلت وما يصنع بهن قال يداوين الجرحى ويقمن على المرضى كما كن مع رسول الله قلت فسمهن لي قال القنوا بنت رشيد وام ايمن وحبابة الوالبية وسمية ام عمار بن ياسر وزبيدة وام خالد الاحمسية وام سعيد الحنفية وصبانة الماشطة وام خالد الجهنية.» (2).


ولا يعني ذلك إنحصار دورهن في هذا المجال، وإنّما ذكر على سبيل المثال لا الحصر، وهذا ما تؤكده الرّواية الأخرى التي تجعلهن من بين الثلاثمئة والثلاثة عشر. ويكفي في مقام هؤلاء النساء ما روي عن الحذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:« إذا كان عند خروج القائم ينادي مناد من السماء : أيها الناس قطع عنكم مدة الجبارين وولى الامر خير امة محمد فالحقوا بمكة ، فيخرج النجباء من مصر والابدال من الشام وعصائب العراق رهبان بالليل ، ليوث بالنهار ، كأن قلوبهم زبر الحديد فيبايعونه بين الركن والمقام.» (3).


هذه كانت جملة من الأدوار المهمة للنساء في زمن غيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه وفي زمن ظهوره. أرجوا أنكم استفدتم منها.

 

1) معجم أحاديث الإمام المهدي (للشيخ علي الكوراني) / المجلد: 5 / الصفحة: 21/ الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث – قم / الطبعة: 1.
2) دلائل الإمامة (للطبري) / المجلد: 1 / الصفحة: 259 / الناشر: منشورات الرضي – قم / الطبعة: 3.
3) بحار الأنوار (للعلامة المجلسي) / المجلد: 52 / الصفحة: 304 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.

قراءة 25 مرة