كيف نبني علاقتنا بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

قيم هذا المقال
(0 صوت)
كيف نبني علاقتنا بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

تستند العلاقة بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلى ثلاثة أبعاد أساسيّة هي: البعد العقائدي، البعد العاطفي، والبعد العملي.

1- البعد العقائدي:
ويتحقّق بالعقيدة الإسلاميّة السليمة بالدين الإسلامي، مضافاً إلى عدّة أمور ترتبط بالعلاقة المباشرة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، أهمّها:

أ- معرفة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حقّ المعرفة:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): "من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية"([1]). يستفاد من الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)، أنّ لمعرفة الإمام المعصوم أهمّية عظيمة، وأنّها أساس لمعرفة الله، وإنّ طريق الهداية للحقّ والثبات على الصراط المستقيم لا يتمّ إلا بمعرفة الإمام المعصوم، واقتفاء أثره، والسير على خطاه، والاستضاءة بنوره، والثبات على ولايته، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: "إنّما يعرف الله عزّ وجلّ ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت، ومن لا يعرف الله عزّ وجلّ ولا يعرف الإمام منّا أهل البيت فإنّما يعرف ويعبد غير الله، هكذا والله ضلالاً!"([2]).
 
وما دام لمعرفة الإمام كلّ هذه الأهمّية الكبرى، فإنّ المراد منها ليس معرفة اسمه ونسبه فقط، بل إنّ المقصود بالمعرفة هو ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث يقول: "وأدنى معرفة الإمام أنّه عدل النبيّ إلّا درجة النبوّة، ووارثه، وأنّ طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله، والتسليم له في كلّ أمر والرد إليه والأخذ بقوله، ويعلم أنّ الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ أنا، ثمّ من بعدي موسى ابني، ثمّ من بعده ولده عليّ، وبعد عليّ محمّد ابنه، وبعد محمّد عليّ ابنه، وبعد عليّ الحسن ابنه والحجة من ولد الحسن"([3]).
 
وعن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾([4]). فقال: "يا فضيل اعرف إمامك فإنّك إذا عرفت إمامك لم يضرّك، تقدّم هذا الأمر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه"([5]).

ب- الثبات على الدين في عصر غيبته (عجل الله تعالى فرجه الشريف):
من أهمّ التكاليف الشرعيّة في عصر الغيبة هو الثبات على العقيدة الصحيحة بإمامة الأئمة الاثني عشر(عليهم السلام)، وخصوصاً خاتمهم وقائمهم المهدي (عليه السلام)، كما يتوجب علينا عدم التأثّر بموجات التشكيك وتأثيرات المنحرفينَ، مهما طال زمان الغيبة أو كثرت ضروب المشكّكين, فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "والذي بعثني بالحقّ بشيراً، ليغيبنّ القائم من ولدي بعهد معهود إليه منّي، حتّى يقول أكثر الناس: ما لله في آل محمد حاجة، ويشكّ آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسّك بدينه، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا يشكّكه، فيزيله عن ملّتي، ويخرجه من دينيّ"([6]). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "للقائم منّا غيبة أمدها طويل، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه، ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه، فهو معي في درجتي يوم القيامة"([7]).
 
ج- تجديد البيعة والولاية له (عجل الله تعالى فرجه الشريف):
جاء في دعاء العهد الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام): "اللهم إنّي أجدّد له في صبيحة يومي هذا، وما عشت من أيامي، عهداً وعقداً وبيعةً له في عنقي، لا أحول عنها ولا أزول أبداً"([8]).
 
2- البعد العاطفي:
وذلك من خلال العلاقة العاطفيّة والروحيّة الخاصّة، التي تتجلّى من خلال:

أ - الدعاء للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف):
أي الدعاء له (عجل الله فرجه) بتعجيل فرجه، فقد ورد من الناحية المقدّسة على يد محمّد بن عثمان، في آخر توقيعاته (عليه السلام): "وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم"([9]). ومن ذلك الدعاء المعروف: "اللهم كن لوليك الحجّة بن الحسن..."([10])، وهناك أدعية كثيرة للإمام تراجع في مصادرها. فنحن مأمورون بالدعاء للإمام كما جاء ذلك في كثير من الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام)، ولعلّ ذلك من أجل بقاء الصلة والرابطة العاطفيّة مع الإمام، ولعلّ لذلك أيضاً آثاراً أخرى نحن لا نعلمها. فعن يونس بن عبد الرحمن قال: إنّ الرضا (عليه السلام) كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر بهذا الدعاء: "اللهم، ادفع عن وليك، وخليفتك وحجّتك على خلقك، ولسانك المعبّر عنك بإذنك، الناطق بحكمتك وعينك الناظرة في بريتك وشاهدك على عبادك الجحجاح المجاهد، العائذ، بك العابد عندك" ([11]).
  
ب- إظهار محبّته (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وتحبيبه إلى الناس:
إظهار الشوق للقائه (عجل الله فرجه الشريف) ورؤيته، والبكاء والإبكاء والتباكي والحزن على فراقه، والتصدّق عنه (عجل الله فرجه الشريف) بقصد سلامته، وإقامة مجالس يذكر فيها فضائله (عجل الله فرجه الشريف) ومناقبه، أو بذل المال في إقامتها، والحضور فيها، والسعي في ذكر فضائله ونشرها.
 
3- البعد العملي:
ومن أجلى مصاديقه الانتظار الإيجابي لصاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف): تؤكّد الأخبار أنّ انتظار الفرج أفضل العبادة، وهو في توأم الجهاد، فقد سأل شخص الإمام الصادق (عليه السلام): ماذا تقول فيمن مات وهو على ولاية الأئمّة بانتظار ظهور حكومة الحق؟ فقال عليه السلام: "هو بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه" ـ ثمّ سكت هنيئة - ثمّ قال: "هو كمن كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)"([12]). ونقل هذا المضمون في روايات كثيرة، منها: أنّه بمنزلة المجاهد بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّه بمنزلة من استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّه بمنزلة من كان قاعداً تحت لواء القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)([13]).
 


([1]) الغيبة، النعماني، ص 130. الكافي، ج 2، ص 21.
([2]) الكافي، ج 1، ص 181.
([3]) بحار الأنوار، ج2، ص 120.
([4]) القرآن الكريم، سورة الإسراء، 71.
([5]) الكافي، ج 1، ص 371. غيبة النعماني، ص 329، غيبة الطوسي، ص 276.
([6]) كمال الدين، ج 1، ص 51. بحار الأنوار، ج 51، ص 68.
([7]) كمال الدين، ج1، ص303. إعلام الورى، ص 400.
([8]) مصباح الزائر، ص 169. البلد الأمين، ص 82. مصباح الكفعمي، ص 550.
([9]) كمال الدين وتمام النعمة، ص485. الغيبة للشيخ الطوسي، ص293. الاحتجاج، ج2، ص284.
([10]) الإقبال، ص 85. مصباح الكفعمي، ص146.
([11]) بحار الأنوار، ج 92، ص 333. مصباح المتهجّد، ص 409.
([12]) بحار الأنوار، ج 52، ص 125.
([13]) يراجع: بحار الأنوار، ج52، ص125.

قراءة 33 مرة