اثر الوهابية في انحطاط الحضارة الاسلامية

قيم هذا المقال
(4 صوت)

اثر الوهابية في انحطاط الحضارة الاسلامية

الاسلام منذ اللحظات الأولى دعى إلى ارساء أسس المدينة و الثقافة في المجتمع الإسلامي، بل كان يدعو إلى كل أمر يحقق الحضارة العالمية لجميع ابناء البشر، إذ إنه يرى من وظائفه الأولية العمل على انتشال الواقع الإنسان من واقع جاهلي تسوده الأمية و تنتشر فيه مظاهر التخلف إلى واقع حضاري تسوده الثقافة و التنوير بالمعارف الدينية التي لا معرفة فوقها، لأن الهدف هو إيصال الإنسان إلى كماله المطلوب ، و تحقيق السعادة له في الدارين قال تعالى : ( يآيها الذين ءامنوا استجيبوا لله و لرسول إذا دعاكم لما يحييكم )(1) فهي دعوة إلى إحياء النفوس بالعلم و المعرة و قال تعالى: ( أقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ) (2) وقال تعالى ( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ) (3)

وعلى هذا الأساس استطاع النبي الأكرم محمد (ص) أن يكون للمسلمين حضارة لا نظير لها، تقوم على اسس متينة و قواعد رصينة، كالعلم و التقوى و المحبة والنصرة و التعاون على البر و الخير، مع تأكيده على إحياء القيم و المبادئ الإنسانية والأخلاقية في المجتمع الإنسان، فالحضارة في الرؤية الإسلامية هي فكر و نتاج خاص، لا كما أريد لها ان تكون فكر بلا نتاج، كالحضارة القائمة على أسس فلسفية محضة، او نتاج بلاد فكر، كالحضارة القائمة على أسس مادية فقط.

• العوامل الحضارية و موقف الوهابية منها

هناك عدة عوامل إذا تحقق في الأمة تكشف عن تمتعها بمقومات الحضارة العالمية، نشير إليها هنا باختصار، ثم بعد ذلك نوضح كيف أن الوهابية قد عملت على منع تحقق مثل هذه العوامل في الأمة الإسلامية، حتى صارت سبباً في تحطيم الحضارة الإسلامية " فلم يكونوا ( أي: الوهابية و أهل الحديث ) (4) للعلم اولياء ولا للمدينة أحباء" (5)

وهذه العوامل ، هي:

أولاً : اولوية العلماء و الحكماء و تقدمهم على غيرهم ،

ثانياً: الدعوة إلى الحكومة العادلة،

ثالثاً: الحفاظ على الاستقرار السياسي و الأمني ،

رابعاً: مواكبة حالة التقدم والتطور في مختلف الميادين الحياتية،

خامساً: الثقة بالنفس، والعمل على كشف القدرات و الاستعدادات الكامنة في المجتمع

سادساً: العامل الاقتصادي و أثره في التقدم التكنولوجي و العلمي

سابعاً: العامل الثقافي و المعرفي و أثره في عرض وبيان مفاهيم الدينية الصحيحة.

فهذه و غيرها من العوامل إذا ما تحقق وجودها في أي أمة من الأمم الإنسانية فإنها تعمل على تقدم الأمة في ركبها الحضاري، ولكن المصيبة كل المصيبة ما لو أن أبناء هذه الأمة او زعماءها ممن بيدهم القرار أو ممن له التأثير في الأمة ان يقوم بنفسه مانعاً و حائلاً دون تحقق هذه العوامل الحضارية، كما في محاربة الوهابية لكل ما من شأنه ان يحقق المدينة و التقدمية للأمة الإسلامية ، وذلك بسبب ما يتمتع به هذا النهج الوهابي في التعاطي مع الواقع الخارجي على اساس الجهل المركب ، الجامع لمعاني التخلف و الجاهلية الجهلاء، لأنه نهج لا يعير للحياة أي اهتمام بقدر ما يسعى للوقوف بوجه الإنسان بما هو إنسان يريد لنفسه الحياة و البقاء و التقدم في ميادين الحياة العلمية المختلفة ، وقد كان من بين تلك المظاهر الحضارية التي قام بمواجهتها والوقوف بوجهها، مايلي :

*اولاً ، الحد من ظاهرة التعلم في الأوساط الإسلامية

قد يستغرب البعض عند قراءة هذا العنوان، إذ بعد هذا التقدم الهائل، و حاجة الإنسان لمواكبة المظاهر العصرية، كيف نجد أناساً يدعون إلى إفشاء حالة الأمية و انتشار الجهل في الأوساط الإسلامية ؟

نعم، وقد يعتذر لهؤلاء جماعة الخاصة من المسلمين ، بأنهم لا يريدون أن يقفوا بوجه العلم و التعلم بشكل مطلق ، بقدر ما يريدون أن يبينوا بموقفهم هذا ، ان هناك غزواً ثقافياً للمجتمع الإسلامي، يعمل تحت غطاء تعلم العلوم الحديثة، لأبعاد المسلمين عن تعلم معارفهم الإسلامية بالأنشغال بتعلم هذه العلوم الدنيوية و اللادينية، وبذلك تنحرف الأمة الإسلامية عن خط التوحيد و تميل إلى الشرك البغيض .

كما أن تعلم المرأة لهذه العلوم في المدارس و الجامعات الأكاديمية يدعو إلى خروجها من البيت و اختلاطها بالأجانب، ونحوها من اللوازم المخالفة للتعاليم الإسلامية ، فتحريمنا و منعنا للمرأة من تعلم هذه العلوم والحضور في هذه المدارس و الجامعات من باب الحفاظ على كرامتها و شخصيتها و صيانتها من جميع ما يلحق بها اثر خروجها من البيت إلى تلك المحافل و المدارس العلمية .

وقد يكون هذا التوجيه- كما جاء في ذيل فتاواهم و آرائهم إزاء هذه المسألة- مقبولاً في الوهلة الأولى، ولكن بلحاظ ما يرتبط عليه من نتائج و خيمة على الأمة الإسلامية في المستقبل ، قد يكون مرفوضاً من منطلق العقل و الدين، فالإسلام كما حرم على المرأة الاختلاط بالأجانب، وضع حلولاً مناسبة لا تمنع من تعلم المرأة لمختلف العلوم الإنسانية و الدينية، وبالخصوص المعارف الضورية التي يحتاج إليها المجتمع النسوي، كالطبابة، وسائر المهن الأخرى التي تحتاج إليها المرأة في مواكبة التقدم العلمي و التكنولوجي.

وقد أكد النبي (ص) على وجوب طلب العلم ، قال :" طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة " (6) لأن العلم وهو نقطة الإنطلاق في تحقق مظاهرر الحضارة و المدنية و معالمهما، وبدونه لا يمكن تحقق هذه المظاهر الحضارية في الواقع الخارجي، ولم يكن الإسلام في يوم من الأيام محارباً للعلم ابداً، بل شجع على ظاهرة الإبداع عند المسلمين، ولكن للأسف الشديد، نجد أن من بين زعماء الوهابية ، من يقف موقفاً سلبياً امام ظاهرة التعلم لمختلف المعارف و العلوم الإنسانية، و إليك أقوال بعضهم :

1- صالح اللحيدان ، رئيس المجلس الأعل للقضاء الذي قام بالربط بين ضعف الالتزام و انتشار المدارس! حيث يقول:ففي بلادنا تضعف روح الإسلام و يخف سلطانه على النفوس عند المتعلمين و يتسع هذا الضعف يخف ذلك السلطان بقدر ما يتسع التعليم و تنتشر المدارس . (7)

2- عبدالله بن حميد الذي كتب الى وزير المعارف عن رأيه حول أسباب الجهل بالدين و انه يعود إلى تعلم " هذه الفنون المعوقة كالرسوم والأشغال والرياضة البدنية والألعاب الأخرى "(8)

3- فتوى عبدالله سليمان بن حميد : كثيراً ما نسمع كلمات حول تعليم البنات، وفتح مدارس لهن، و كنا بين مصدق و مكذب حتى تحقق ذلك رسمياً ، فاستغربنا هذا، وأسفنا له غاية الأسف... وإني أنصح لكل مسلم: أن لا يدخل ابنته أو أخته في هذه المدارس التي ظاهرها الرحمة وباطنها البلاء و الفتنة، ونهايتها السفور والفجور الأخلاق و الفضيلة .

إلى أن قال:

فجانا خبر فادع ومصيبة عظيمة ، وطامة كبرى ، ألا وهي : فتح مدارس لتعليم البنات .... أيها المسلمون : يا أهل الغيرة والأنفة ، اسمعوا لهذا التصريح الشنيع الذي يقصد منه... مجاراة الأمم المنحلة في تعليم بناتكم لحساب والهندسة و الجغرافيا، ما للنساء وهذه العلوم، تضاف إلى ما يزيد عن أحد عشر درساً غالباً لا فائدة فيها، إنها لمصيبة و خطر على مجتمعنا .إن تعليم المرأة... خطرعظيم على المجتمع، ومصيبة لا تخبر، و عاقبته سيئة، إن تعليم المرأة سبب لتمردها، وهن ناقصات عقل و دين.(9)

4- الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن فريان، في تعلم بعض الحرف و الفنون المعاصرة، من قبيل تعلم فن التصوير، حيث يراه داءً عظيماً، ظهر و انتشر وحدث بسببه الشرك الأكبر في البشرية ، واعتبره " الداء القتّال " الذي لا يقتل الجسد بل " يقتل الدين " (10)

فقال وهو متألماً من ذلك محذّراً للأمة من التعاطي و الاهتمام بمثل هذه الامور: وأعظم من هذا و أطم إدخاله- أي التصوير – في التعليم، والنداء على المصورات بالبيع في المكاتب و الدور و الأسواق، بل بعض الناس يحمل معه آلة التصوير بجيبه ويصور كلما أراد. فقد سهلت يا عبادالله طرق الفساد فإنا لله وإنا إليه راجعون. (11)

• ثانياً ، موقفهم من مظاهر التقدم العلمي و التكنولوجي

لقد خالف الكثير من كبار الوهابين مظاهر التقدم العلمي و التكنولوجي الموجب للتقدم الحضاري في مختلف ميادين الحياة، مستغلون بذلك نقطة الفقر الثقافي عندالناس في الوصول إلى أهدافها المناهضة والمناقصة لمظاهر التقدم العلمي، وذلك من خلال نشر الدعايات و إطلاق الفتوى على أن مثل هذه الأمور مبتدعة، لأنها لم تكن موجودة في عصر النبي (ص) وأنّ الذي جاء بها هم الغرب بهدف أبعاد المسلمين و اشغالهم عن ممارسة طقوسهم و عباداتهم، وهم بذلك كما قال الشيخ آية الله لطف الله الصافي:

يسعون لأن يسدوا على المسلمين طريق التفكر و التعقل و يشجعون على الجمود الفكري، والوقوف وعدم الانطلاق إلى الأمام، حتى أن بعضهم ممن يعد عند طائفته من أكابر علماء المسلمين كفر في مقال نشرته جريدة البلاد كما نشرته جريدة الدعوة الإسلامية، كل من قال من المسلمين بأن الشمس ثابتة، والأرض جارية، فقال بكل جرأة وصراحة، إن كل من قال هذا القول، فقد قال كفراً وضلالاً ، فإنا لله و إنا اليه راجعون.(12)

وقال الورداني:

ولو كان القرآن والعقل قد أخذا دورهما في مسيرة الإسلام ما كانت قد وصلت الأمة إلى ما وصلت إليه من الخنوع و التشرذم و عبادة الرجال. ففي غيبة القرآن اخترعت الكثير من الروايات المضللة....(13)

وقال أيضاً:

إن تحكيم القرآن والعقل في دائرة الأطروحة الشيعية قد منحها القدرة على تجديد محتوياتها و مواكبة الواقع و المتغيرات. بينما بقيت الأطروحة السنية جامدة منغلقة لرفضها الخضوع لحكم القرآن و العق مما ولد قداسة غير مباشرة لجميع محتوياتها وفي مقدماتها كتب الأحاديث خاصة كتابا البخاري و مسلم اللذان حطيا بقداسة خاصة من دون الكتب الأخرى... (14)

حتى أنهم بعضهم يرى أن من يقول بتمجيد العقل و جعل مكانة له ، هو تمجيد إلى الوثنية و الصنمية، ولهذا رفضوا منطق العقل، تمسّكوا بالأسلوب الخشن، و التعصب الأعمى ، حتى أن بعضهم ذهب إلى تحريم وسائل العلم من قبيل : استخدام التلفزيون، النقال، الهاتف الأرضي ( الثابت ) ، الانترنت، الراديو و غيرها من الوسائل العلمية المتطورة، حتى وصفهم السيد الكثيري بقوله :

وبذلك تعمقت البداوة و ازدات قيمها السلبية رسوخاً في مجتمع يعاني سلفاً من التخلف الحضاري و تأخره عن ركب المدنية المعاصرة .(15)

• ثالثاً : تلفهم لكل مظاهر الحضارة والمدنية للأمة الإسلامية

إن المعالم الأثرية و التاريخية القديمة من جملة المظاهر الحضارية للأمة الإسلامية، و لكنها قد تعرضت إلى هجمة شعواء عملت على تحطيمها وخرابها و إندراسها على أيدي جهال الوهابية، بفتوى من يسمونهم بعلمائهم و فقهائهم، فقد هدموا معالم البقيع التي كانت تضم العديد من المعالم الأثرية للصحابة، وأهل بيت الوحي و النبوةص) فهذه فتوى ابن القيم، يأمر فيها جهالهم:" يجب هدم المشاهد التي ينيت على القبور ، ولا يجوز إبقاؤها- بعد القدرة على هدمها و إبطالها – يوماً واحد" (16)

اقول : وهل اكتف الوهابية بما قامت به سابقاً من أعمال تخريبية و تدميرية؟ كلا، فمازالت هي مستمرة في اتباع منهجها في تحطيم و طمس جميع المعالم و المظاهر الأثرية القيمة و ذلك بحجة أنها من بواعث الصنمية و الوثنية و الشرك بالله تعالى، وهي اليوم تمارس نفس الأعمال التخريبية في اغلب البلدان الإسلامية في المغرب الإسلامي، حيث قامت بدهم الكثير من أضرحة و مباني أثرية يعودبعضها إلى تاريخ الصحابة والأمة الإسلامية بنفس الحجة السابقة من أنها أحياء للوثنية و الصنمية و العبادات الشركية ، حتى أن جماعتها قامت بنبش القبور و استخراج الجثث و دفنها في أماكن مجهولة، وهو أسلوب لم يختلف عن أسلوبها السابق في التعامل مع هذه الآثار التاريخية، ففي صباح يوم الأثنين المصادف (12/8/202) قام بهدم مسجد السيد علي العريضي ( 766-825م) وقد واجهت تلك الحملة معارضة شديدة من قبل علماء المسلمين غير الوهابيين حيث قام البعض باتصالات مع كبار المسؤولين في الحكومة السعودية و المؤسسة الدينية بهدف إيقاف هدم هذا المعلم الأثري والديني الهام، إلا ان بعض المتشددين من رجال الدين قاموا في مساء ذات اليوم بهدم المسجد و تسويته بالأرض (17) وقد كان هذا المسجد و ملحقاته إلى ما قبل حوالي خمسين سنة مركزاً إسلامياً مهماً لتعليم الدروس الدينية، وكان يحتوي على مكتبة عامة كبرة تحوي عشرات الآلاف من الكتب والمصادر الرئيسية للدارسين و الباحثين في الدراسات الإسلامية و ذلك بحجة أن المسجد اصبح مقصوداً من قبل الكثير من المسلمين من أهالي المدينة المنورة و زائريها للصلاة فيه ، وهذا مخالف لما يعتقده الوهابي من ان ذلك تقديس غيرشرعي لمثل هذه الأماكن الدنيية وعلى الرغم من جهود الحكومة السعودية لتنشيط السياحة الدينية و الحفاظ على الآثار الإسلامية واستحداث لجنة عليا لذلك برئاسة الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، إلا ان النشاط الوهابي المتشدد يحول دون تطوير المعالم الدينية و تنشيط السياحة الدينية في البلاد، وقد سبق لهؤلاء أيضاً أن مارسوا ضغوطاً شديدة على الحكومة من أجل هدم قلعة أجياد في مكة المكرمة قبل بضعة أشهر و تحويلها إلى مراكز تجارية و سكنية حديثة بعد أن صو درت من متوليها، كما تم هدم العديد من المواقع الأثرية و الدينية في مناطق مختلفة من المملكة للغرض ذاته. قال صدقي الزهاوي :

ومن أعظم قبائح الوهابية اتباع ابن عبدالوهاب ... و نهبوا الأموال و النقود و الآثاث و طرحوا الكتب على البطاح وفي الأزقة والأسواق تعصف بها الرياح ، وكان فيها كثير من المصاحف ومن نسخ البخاري و مسلم و بقية كتب الحديث و الفقه و غير ذلك تبلغ الوفا مؤلفة فمكثت هذه الكتب أياماً وهو يطؤونها بأرجلهم ولا يستطيع أحد أن يرفع منها ورقة، ثم أخربوا البيوت وجعلوها قاعاً صفصفاً وكان ذلك سنة 1217 ق .(18)

وفيما عبر الدكتور محمد انور بن محمد علي البكري من كلية التربية بالمدينة المنورة عن دهشة الأهالي لهدم وإزالة مسجد و مدرسة و مقبرة الإمام ابو الحسن علي العريضي ، قائلاً:كان الاولى ... بالجهات المسؤولة عن المسجاد والاوقاف المحافظة عليه و صيانته، وتعيين إمام و مؤذن، و حراسة لإقامة الصلوات فيه بدلاً من هدمه و إزالته، وتحمل إثم ووزر هدم بيوت الله تعالى (19)

وفي رسالته إلى الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد جاء فيها :

إن هدم و نبيش قبور المسلمين بصفة عامة محرم في الإسلام ، فكيف ينبش قبر حفيد رسول الله(ص) وهو الإمام الورع الزاهد ، التقي، الجواد ، السخي ، قمر عترة رسول الله (ص) ومن معه ابنائه من أهل العلم و الفضل و الحسب والنسب المتصل بسيد الخلق(20)

وهكذا جاء بعد ذلك بأن الدكتور البكري قد شدد على أن مثل هذه الأعمال لا تخدم الصالح العام.

ثم إن من جملة المعالم الحضارية والأثرية القيمة التي تم تهديمها و خرابها على أيدي الوهابية (21) نذكر منها:

1- بيوتات بني هاشم ، التي من بينها البيت الذي ولد فيه الرسول (ص) و بيت النبي إبراهيم (ع) وبيت أبي طالب

2- قبور شهداء بدر وعريش تاريخي نصب للنبي محمد (ص) القائد الأعم وهو يشرف و يقود المعرك

3- دار الأرقم اول بيت تربت فيه طائع الرسالة المحمدية وكان يجتمع الرسول فيه سراً مع اصحاب

4- دار الخيزران : وهي الدار التي كان النبي (ص) يعبد الله فيها سراً مع الطائفة الكريمة المبادرة للإسلام من أصحابه

5- مولد الخليفة ابي بكر يقول بورخارت أنه ضمن مسجد يقع في مقابل الحجر الذي كان يحيي النبي (ص) عند مروره به

فهذه وغيرها من المعالم الأثرية والمظاهر الحضارية تهدم و تطمس و معالم آل سعود تحيا، فالأمر محزن و مخجل لمن يعقد مقارنة بين الاهتمام المفرط بآثار عبدالعزيز مصر فخر العائلة المالكة واعتزازها بمجدها الخاص و التفريط العابث بآثار المصطفى وآثار الإسلام الخالدة . فبينما يبالغ آل سعود في تكريم آبائهم و أجدادهم ببناء المتاحف وترميم القصور القديمة وبناء القرى التراثية لتخليد ماضيهم،فهناك تساهل يبلغ حد السفة في التعامل مع المعالم التاريخية و الآثار الإسلامية و النبوية في مكة والمدينة إلى حد بات المتشددون يعلنونها صراحة و تعنتاً بأنهم عازمون على هدم ما بقي من الآثار بما في ذلك غار حراء وقبور الصحابةن و آخرها إصدار قرار بإزالة قبر رافع بن رفاعة الزرقي، وهو من الأنصار البدريين واستشهد في أحد، كما سيزال مسجد الكاتبية الأثري بحجة تحسين المنطقة الأثرية بعد أن أزالوا كثيراً من الآثار عن الجدران الداخلية للكعبة المشرفة،وتمتد تلك الآثار و النقوشات إلى ما قبل تاريخ الإسلام، وقد ذكرت مصادر مطلعة بأن تلك الآثار المزالة وبعضها نقوشات مكتوبة بلغات قديمة تعود إلى أيام نبي الله إبراهيم حملت على متن قارب في جدة و رميت في أعماق البحر بحضور أحد المشايخ السلفيين المتشددين.

ولقد هانت على آل سعود عمليات الهدم المتواصلة لآثار المدينتين المقدستين فيما أفرطوا حد الإسفاف في رصد وصيانة كل أثر تركه آباؤهم و أجدادهم حتى صارت زيارة قصر الملك عبدالعزيز، جزءاً من بروتو كول الزائرين من رؤساء الدول إلى هذه البلاد، حيث تخبر مقتنيات القصر عن أن القائمين على تراث الآباء و الأجداد قد أجهدوا أنفسهم في جمع و عرض ما صغر وماكبر من مختصات الملك عبدالعزيز بما في ذلك فنجان القهوة و دلالها وحتى السفرة والتنور و الفرش و الوسادة و الخاتم و السيف و الدرع، بل لا يكاد المرء يصدق كيف أتقن القائمون على هذا القصر مهمة جمع أدق التفاصيل المادية و أصغرها شأناً وكان الزائر للمكان يشعر بأن عبدالعزيز ما زال حياً بفعل سطوة الحضور الرمزي لتلك الآثار.(22)

• رابعاً ، الاعتداءات المتكررة على الأماكن المقدسة و الأضرحة المباركة

قامت الجماعات الوهابية بعدة اعتداءات وجرائم بشعة بحق الأماكن المقدسة التي أوصى باحتراهمها الدين الإسلامي، باعتبارها من المعالم الثقافية و الحضارية للأمة الإسلامية، من جهة، و من جهة أخرى أنها محل لربط الإنسان المسلم بقادته و بربه تعالى، حتى أنّ الإسلام قد دعى إلى الانتهاء عن محاربة و سب غير المؤمنين به لئلا يقومون بالمثل في سب الله تعالى. قال تعالى: ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغيرعلم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ) (23) وفيها دلالة وعلى ان القرآن ينهى عن التجاوز على مقدسات المحترمة عند الناس بل لا يعد ذلك طريقاً وأسلوباً صحيحاً قائم على اساس الاستدلال و المنطق العقلي .

إلا أننا وجدنا الوهابية تجاوزت كل القيم والمبادئ الإنسانية و الأخلاقية والنصوص الشرعية في تعديها و تجاوزها على مقدسات المسلمين ، فضلاً عن غير المسلمين، غير أن الرزية كل الرزية، هي ان تقوم جماعة باسم الدين لهدم و طمس المعالم الإسلامية و التجاوز عليها بانتهاك حرمتها و قدسيتها، بحجة أن مثل ذلك يعد من معالم و مظاهر الوثينة والشرك بالله تعالى، وهم لا يعلمون بأنهم بعملهم هذا قاموا بطمس معالم الحضارية الإسلامية ، وهو في الواقع طمس للتراث والتاريخ الإسلامي .

ومنها قيام الوهابية بالهجوم الهمجي على قبر النبي ونهب ما فيه من الأشياء التاريخية النفيسة ، ثم القيام بحرق المكتبة الإسلامية التي تحتوي على الاف الكتب و الصحف والمخطوطات الثمينية لكبار الصحابة، وكذلك قيامهم بهدم قبور الصحابة و أئمة أهل البيت المتواجدة في مقبرة البقيع ( الغرقد) ، وهذا شاهد على وحشية و عنجهية و جاهلية هذه الجماعة .(24)

ويزيد في الطين بلّة ما أجاب به الوهابي سفر الحوالي عندما سئل عن ضريحي السيدة زينب و السيد البدوي، بقوله :" يجب القضاء على هذه الشركيات، و هذه الأصنام المعبودة من دون الله تبارك وتعالى " (25)

ولكن أعظم ما يتمونه هو هدم المرقد الشريف للإمام الحسين(ع) ليعيدوا بذلك جريمتهم في العشرين من نيسان عام (1802 م )عندما هاجموا كربلاء و قتلو أكثر من تسعة آلاف من الرجال و النساء و الأطفال، ونهبوا الضريح المقدس و ما حوته خزائنه من نفاش هدايا الملوك و السلاطين .(26)

وقد جاء في تقرير الباحث رايمون حول فاجعة كربلاء أنه قال فيه :

رأينا مؤخراً في المصير الرهيب الذي كان من نصيب ضريح الإمام الحسين مثالاً مرعباً على قساوة تعصب الوهابيين، فمن المعروف أنه قد تجمعت في هذه المدينة ثروات لا تعد و لا تحصى وربما لا يوجد لها مثيل... وها قد حل هذا السوم في الأخير وهو 20 نيسان – ابريل 1802 م فقد هجم 12 ألف وهابي فجأة على ضريح الامام الحسين و بعد ان استولوا على الغنائم الهائلة التي لم تحمل لهم مثلها اكبر الانتصارات تركوا ما تبقي للنار و السيف ، وهلك العجزة والأطفال و النساء جميعاً بسيوف هؤلاء البرابرة... وبنتيجة هذه الكارثة الدموية هلك أكثر من أربعة آلاف شخص.(27)

ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بحرق المرقد الطاهر بعدما عاثوا فيه فساداً. قال صاحب كشف الإرتياب عن بشاعة هذه الفاجعة:

وفي سنة 1216 جهز سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود الوهابي جيشاً عظيماً من أعراب نجد و غزا به العراق، وحاصر كربلاء ثم دخلها عنوة، و أعمل في أهلها السيف ولم ينج منهم إلا من فر هارباً أو اختفى في مخبأ او تحت حطب ونحوه ولم يعثروا عليه ، وهم جيران قبر ابن بنت رسول الله (ص) السبط الشهيد ونهبها وهدم قبر الحسين (ع) واقتلع الشباك الموضوع على القبر الشريف ونهب جميع ما في المشهد من الذخائر ، ولم يرع لرسول الله (ص) ولا لذريته حرمة و أعادبأعماله ذكرى فاجعة كربلاء ويوم الحرة ... وقال العلامة السيد جواد العاملي، صاحب مفتاح الكرامة ، وفي عصره كان غزوهم للعراق : " إنّ سعوداً الوهابي الخارج في أرض نجد اخترع ما اخترع في الدين و أباح دماء المسلمين و تخريب قبور الأئمة المعصومين، فأغار في السنة المذكورة على مشهد الحسين (ع) وقتل الرجال والأطفال وأخذ الأموال وعاث في الحضرة المقدسة فأفسد بنيانها وهدم أركانها ".(28)

فهذه وغيرها من التجاوزات والاعتداءات والجرائم البشعة تنم عن بغض وحقد هؤلاء للإنسانية والرسالة المحمدية ، ولما يرتبط بها من معالم الحضارة الإسلامية .

• خامساً : منهجهم الإرهابي في التكفير والتقتيل

إن استخدامهم لمنهج التكفير و التقتيل للمسلمين، سابقاً، وللشيعة و غير المسلمين في العصر الحاضر، سابقاً و حاضراً لأمر واضح وضح الشمس في رابعة النهار، إذ نجدهم لا يتعاملون بروح الإسلام مع جميع الطوائف الدينية كما لا حظنا ذلك جلياً في قتلهم للمسيحيين في العرا و العمل على تفجير كنائسهم، كفاجعة كنسية مريم في بغداد التي اودت بارواح عشرات المسيحيين الذين كانوا متواجدين فيها، فكانت جريمة بشعة تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، واستنكرتها أشد الاستنكار، لانها جريمة بحق الإنسانية ، و اما بالنسبة لجرائمهم بحق الشيعة الإمامية في العراق فقد لا يخلو يوم من الأيام إلا لهم فيه شهداء من الرجال و النساء والأطفال و الشباب، حتى تجاوز عدد الشهداء في بعضها على الالف شهيد في حادثة واحدة من النساء والأطفال و الشباب والشيوخ كحادثة جسر الأئمة التي طالت زوار الإمام الكاظم(ع)!

فأصبحت هذه الجرائم البشعة أفضل ذريعة لاجتماع الغرب و أعداء المسلمين في الاصطفاف صفاً واحداً، وإعلان الحرب على المسلمين، باسم الحرب على الإرهاب ، بل كانت أفضل الأساليب المنفرة والمبعدة لمن يريد اعتناق الديانة الإسلامية، لأنهم يرون الإسلام من خلال افعال المسلمين وهذه الجماعات التكفيرية تقوم بجميع جرائم اللا إنسانية باسم الدين الإسلامي، وباسم الجهاد والمقاومة الإسلامية فمن الطبيعي أن يكون مثل هذا الأمر يوجب في قلب هؤلاء الراغبين في اعتناق الدين الإسلامي، النفرة والابتعاد عنه، لأنهم يعتبرون الدين الذين يقبل بوجود مثل هذه الجماعات التكفيرية لا يستحق الاعتناق ، ولكنهم غفلوا عن وجود علماء مسلمين مخلصين أتقياء قد وقفوا بوجهه هذه الجماعات منذ يومها الأول وكشفوا حقيقتها و أهدافها، وعملوا بكل ما أتيح لهم في الحد والتحذير من الانتماء إلى هذه الحركة المعادية للإسلام و الإنسان، ولكن دون جدوى قال الدكتور محمد عوض الخطيب :

انطلقت الوهابية من نظرة خاصة للإسلام احتوت على الحد الاقصى من التزمت و ضيق الافق ، مسيئة الظن بالمسلمين إلى درجة اعتبارهم بشكل مسبق مشركين و كافرين (29)

وقال محمد سليم الأسكندراني في وصفهم: " إني اجتمع بكثير من علمائهم فوجدتهم من الجهل بمكان ومن العلم بمعزل".(30)

كما أنها لا تقتنع بالدليل والبرهان القاطع والحجة و الدامغة كما قال الشيخ كاشف الغطاء:

لو كنا نعلم أنهم يقنعون بالحجة البالغة و يخضعون للأدلة القاطعة، لملأنا الطوامير من الحجج الباهرة التي تترك الحق أضحى من ذكاء و أجلى من صفحة السماء، ولكن سلطان نجد له حجتان قاطعتان عليهما يعتمد، و إليهما يستند، ولا فائدة إلا بمقابلتهما أو بأقوى منهما، وهما: الحسام البتار، والدرهم والدينار، السيف والسنان، والأحمر الرنان، هذا لقوم وذلك للآخرين... (31)

وقال الأستاذ حسين أحمد امين: " التكفير سلاح من لا حجة له " (32)

ثم إن التفاوى التي تصدر عن رجال الدين السعوديين ، تعد تدخلاً سافراً في الشأن الأمني الوطني لتلك البلدان التي يتواجد فيها الشيعة و غير المسلمين، بحسب القانون الدولي، ولذا فعلى أصحاب القرار في السعودية أن يصدروا قراراً بإلغاء كل هذه الفتاوى وإلا فهم يتحملون المسؤولية الشرعية و القانونية الكاملة لما يجري من تفجيرات وأعمال تخريب وقتل و إتلاف للأموال و الممتلكات و هتك الأعراض بشكل قبلي و جاهلي غير مسبوق. كما أننا ندعو زعماء الوهابية المتصدين للفتوى أن يختاروا المنهج الانساني و الحواري المتحضر، بعيداً عن أعمال العنف ودعوات التكفير و القتل واستباحة الدماء وهدر اموال المسلمين، بل و ما يترتب على ذلك من الضرر المعنوي فضلاً عن الضرر المادي.

• سادساً : العمل على تمزق وحدة الأمة الإسلامية

إن زرع الفتنة و الفرقة من اكبر العوامل الباعث على تخلف الأمة و المجتمع عن الركب الحضاري وقد حارب الإسلام كل من يدعو إلى ذلك وأمر بمقاتلته و مقاطعته لأن مثل ذلك يؤدي إلى إضعاف المسلمين و تمزق صفهم الواحد ، قال تعالى : " ستجدون ءاخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم و يلقوا إليكم السلم و يكفوا أيديهم فخذوهم و اقتلوهم حيث ثقفتموهم و أولئكم جعلنا لكم عليهم سطنا مبينا )(33) وقال تعالى : ( يبغونكم الفتنة و فيكم سمعون لهم والله عليم بالظلمين ) (34) وقال تعالى ( لقد ابتغوا الفتنة من قبل و قلبوا لك الأمور )(35) وقال تعالى : ( ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سلموا الفتنة لاتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا)(36)

ولكننا نجد الوهابية قد كرست جهدها على رزع الفرقة بين المسلمين بشتى الوسائل و الطرق والأساليب الحديثة التي قد ساعدتها في أداء مهمتها هذه. قال السيد الكثيري: ففي مصر والسودان والمغرب على سبيل المثال يخوض السلفية صراعات مريرة مع الصوفية و أتباع الطرق يستخدمون فيها جل المصطلحات التي تزودهم بها ترسانتهم الدعوية: من ضال، و مبتدع، إلى كافر، وهلم جرا... (37)

ويقول الدكتور البوطي :

وانطلقوا يتصدون لكل متدين يخالفهم في اجتهادهم اويصر على تمسكه بمذهب إمام من الأئمة الأربعة، أو يعلن عن ضعفه عن الاجتهاد و حاجته إلى التقليد ، فيثيرون معهم جدالاً لا نهاية له و ينتهونبهم غلى شحناء لا مسوغ لها، و يتهمونهم بالضلال ويرمونهم بالجهل يصفون كتبهم بالصدأ و الانحراف... (38)

ويقول ايضاً:

" فلقد أخذت تقارع وحدة المسلمين وتسعى جاهدة إلى تبديد تآلفهم و تحويل تعاونهم إلى تناحر و تناكر... ولقد اشتدت هذه الخصوصات منذ بضع سنوات ، في مسجد واشنطن إلى درجة ألجأت السلطات الإمريكية إلى التدخل ثم إغلاق المسجد لبضعة شهور، و لقد اشتدت هذه الخصومات ذاتها وهاجت، في أحد مساجد باريس، منذ ثلاثة أعوام، حتى اضطرت الشرطة الفرنسية إلى اقتحام المسجد.... (39)

وقبل ذلك قد عاش المسلمين على مختلف مذاهبهم الفقهية و فرقهم الكلامية جنب إلى جنب، ولم يكن بين هؤلاء ما يدعو إلى وجوب المقاتلة و التكفير لبعضهم البعض، بل لم تكن هناك قيود خاصة او حظر معين من حضور و تتلمذ بعض أتباع هذه المذاهب في مدرسة وعلى يدي من لم يعتقد بمذهبه أو فكره من سائر المذاهب الإسلامية و المدارس الاخرى فالحنبلي يتتلمذ على يد الحنفي ، والحنفي على يد الشيعي، والشيعي على يد شافعي، وهكذا، والتاريخ زاخر باسماء هؤلاء التلاميذ، وكيف كانت المدارس حاضنة لمختلفة الطلاب من شتى المذاهب والفرق الإسلامي ، والجميع يعيش فيها بأمن واستقرار و محبة، ولا توجد فتاوى تحرم مثل هذا العمل الإسلامي والانساني.

• عوامل ساعدت الوهابية في زرع الفتنة والتفرقة

لقد قامت الوهابية بالعمل في عدة مجالات و اتخاذها لمجموعة من الطرق و الأساليب من شأنها ان تمزيق وحدة الأمة الإسلامية وزرع الفرقة و الاختلاف بين أبنائها وقد كانت من بين تلك الطرق و الوسائل التي استخدمتها لتحقيق مآربها ، هي :

1- نشر الكتب الداعية إلى تفريق الأمة والمتضمنة لعقائد الوهابية في التوحيد و نبد الشرك وفق الفكر الوهابي ، والعمل على توزيعها مجاناً على الزائرين و الحاجين لبيت الله تعالى في كل عام :

كما لا غرو ان يصدر كل ذلك في هذا العصر عصر العلم والتفتح العلمي ما دامت هناك حكومات و انظمة تجد بقاءها و استمرارها في إيجاد الفرقة بين طوائف المسلمين وإنقسام الأمة الواحدة إلى شعوب متنازعة بدل أن تكون متعارفة متعاطفة ... وقد كان كتاب الخطوط العريضة لمحب الدين هذا من جملة تلك الأوراق المسمومة والصحائف الصفراء التي قامت الحكومة السعودية الجائرة بطبعها ونشرها و ترويجها، وهو الكتاب الذي الصق فيه الخطيب الحاقد تهماً كثيرة بالشيعة وسعى في تشويه سمعتهم الناصعة بهدف ايجاد الشقاق والفرقة بين المسلمين فقد طبع هذا الكتاب على نفقة النظام السعودي و قامت سلطات السعودية بتوزيعه على الحجيج مجاناً تحقيقاً لأهداف الاستعمار البغيض الذي لا تروقه وحدة الصف الاسلامي و تماسكه .(40)

وقال السيد الكثيري:

وعليه فالأطنان من الكتيبات و الفتاوي التي وصلت الجزائر و وزعت مجاناً، كان الغرض منها خلق رأي عام ضد الشيعة و التشيع وسد الطريق على أبناء الصحوة الإسلامية هناك كي لا يعرفوا بعض الحقائق التاريخ، ومن ثم توجيههم مستقبلاً لضرب المذاهب المناهضة للاستعمار وعلى رأسها التشيع و الشيعة ، والعدو المهم للغرب و للملكة الوهابية في العصر الحاضر.(41)

وقد حذر المولى من استخدام هذه الاساليب العدائية، حيث قال تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتب بأيديهم ثم يقولون هذا من عندالله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتب أيديهم وويل لهم مما يكسبون) (42)

وقال الشيخ الصافي أيضاً في وصف هذه الكتب المؤلفة في السعودية وبالخصوص ما جاء في كتاب العواصم من القواصم:

فقرأته ، و عجبت من سعي كاتبه في تفريق كلمة المسلمين، ولعمر الحق ما كان يخطر ببالي أن أحداً من المسلمين يجعل مهمته الاحتفاظ باختلاف الكلمة، والتباعد، و تشديد المجادلات الطائفية، ويعارض دعوة المصلحين من الزعماء و الرؤساء والعلماء إلى التقريب إلى الوحدة الإسلامية ، و يخطئهم جميعاً، ويتبع غير سبيل المؤمنين ، ويرد في هذه النداءات، و الصيحات التي رفعت من العلماء والرجال البارزين الغيارى على الإسلام من الشيعة و السنة في شرق الأرض وغربها ويتهم الجميع بالجهل والكذب ، والنفاق والخداع . وأعجب من ذلك و أعظ مصيبة على المسلمين أن يكون القائم بنشرها جامعة المدينة المنورة الإسلامية التي ( ينبغي ) أن تكرس كل جودها للدفاع عن وجودنا الإسلامي شيعة وسنة، وإرشاد المسلمين إلى ترك الجفوة و البغضاء. وان تساهم بما عندها من طاقات مع العلماء المصلحين من الفريقين لتحقيق التقريب والأخوة الإسلامية.(43)

2- إرسال الدعاء والمبلغين إلى مختلف مناطق العالم الإسلامي و تكلفهم بمهمة رزع الفرق و الاختلاف بين المسلمين، بل تجاوز الأمر حده، إذ لم تسلم المناهج الدراسية من التحريف و التحريض على الفتنة، فقد استخدم النظام السعودي للترويج للمذهب الوهابي وبث ثقافة الكراهية لدى طلاب المدارس ، حيث تعتبر المناهج الدراسية للنظام السعودي من أكثر المناهج خطراً على الأفكار وبث روح الحقد و الكراهية ، لأنها تغذي التلاميذ بالمفاهيم والمبادئ الهدامة والقيم العنصرية ، ويتم تلوينها بمقولات دينية حتى تكتسب قداسة في عقول التلاميذ:

وأن برامج تعاليمهم وسياساتهم ، وحكوماتهم بعيدة عن روح الإسلام ومبادئة السمحاء التي لا خلاف فيها بين الأمة شيعة و سنة ، لا أن يقول عن طوائف المسلمين ما يورث الشنآن و البغضاء وما لا يستقبله جيلنا الحاضر إلا بالنفور، ولا يزيد الأمة غلا جهلاً، وفي كليهما خدمة لأعداء الإسلام ، - الاستعمار و الصهيونية. (44)

وهذه طريقة لتوظيف المؤسسات التربوية لخدمة الأغراض السياسية و تحرف معتقدات التلاميذ و تغرس مفهوم حماية الدين من خلال قمع الآخر و القضاء عليه مادياً .

3- العمل على تبليغ الفرقة والاختلاف عن طريق منبر الجمعة والدرس ووسائل الإعلام الحديث المرثية والمسموعة بهدف الدفاع عن التوحيد ومحاربة المشركين الخارجين عن الدين الإسلامي، حتى قال الشيخ الصافي :

على الخطيب الذي يخطب في المسجدين لهذه الجموع الغفيرة القادمة لأداء فريضة الحج المقدسة من كل فج عميق أن يزودهم من تعاليم الإسلام بما يؤدي بهم إلى اتباع سبيل الاستقامة و التضحية في سبيل إعلاء كلمة الإسلام والجهاد ضد الإلحاد الذي أحاط بالعالم الاسلامي من كل جانب و يحثهم على مقاومة التيارات الخبيثة ، و يوجههم إلى الأساليب التي أدت إلى ابعاد الشيعة عن المناهج الإسلامية وجعلت مجتمعاتهم اشبه بالمجتمعات الغربية.(45)

في حين نجد فتوى الشيخ عبدالرحمن البراك بكفر الرافضة الإمامية قد نشرت على موقعه على الإنترنت ، يقول فيها إنّ:

الرافضة في جملتهم هم شر طوائف الأمة ، و اجتمع فيهم من موجبات الكفر، تكفير الصحابة، وتعطيل الصفات.. والشرك في العبادة بدعاء الأموات ... و الاستغاثة بهم ... هذا واقع الرافضة الإمامية الذين أشهرهم " الاثنى عشرية " فهم في الحقيقة كفار، مشركون، لكنهم يكتمون ذلك.. ان مذهب اهل السنة ومذهب الشيعة ضدان لا يجتمعان فلا يمكن التقريب إلا على أساس التنازل عن اصول مذهب السنة او بعضها او السكوت عن باطل الرافضة، وهذا مطلب لكل منحرف عن الصراط المستقيم(46)

4- القيام بالعمليات الإرهابية لقتل الإبرياء و العزل، بحجة خروجهم عن الدين وكفرهم بالإسلام وباسم الجهاد والمقاومة الإسلامية وخير مثال ما جرى ومازال في العراق من جرائم قتل و اعتداءات بغيضة للشيعة و مقدساتهم .

أقول : لم يتعرض الاسلام – كدين سماوي- من الداخل إلى حالة من التشوية و المحاربة مثلما تعرض إليه في الوقت الراهن على يدي هذه الجماعات الارهابية التكفيرية، وربما يرجع هذا في نتيجته لأسباب خارجية متمثلة بحملة منظمة تشنها دول الاستكبار العالمية ضد الاسلام والمسلمين.

بينما يتم اليوم تجاهل الاسباب الداخلية، التي لعبت دوراً خطيراً في الابتعاد عن روحية الاسلام، كنظرية حياتية متكاملة تجعل القيم الاخلاقية العليا واحترام الانسان وصيانة عرضه وماله من أهم خصائصه كما يعتبر نمو التيار الوهابي المتطرف واستلامه السلطة في أحد أغنى دول العالم، وتويف قسم من أموال النفط الهائلة من أجل نشر هذا الفكر اللاانساني وغرس ثقافة العنف و تصديره إلى أوربا و دول إسلامية اخرى، وهو من أهم الأخطار الداخلية التي واجهها الإسلام منذ نشوئه الى الآن إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ان جميع التيارات الإسلامية المتطرفة الاخرى التي مر بها التاريخ كانت لها تأثيرات محدود لا ترتقي إلى التيارات السلبية التي تركتها الحركة الوهابية على الدين الاسلامي الحنيف.

وقد يرجع ذلك إلى طبيعة العلاقات السياسية والمصالح الاقتصادية والعمالة لأمريكا، التي اسكتت الدول المتضررة من الإرهاب من التشخيص الواقعي لمسببات الإرهاب ومادام حال هذه الدول من غض الطرف عن حقيقة و مصدر الإرهاب لأسباب سياسية وحفاظاً على مصالحها الاقتصادية التي تعتقد أنها ستتضرر لو أنها صرحت بالحقيقة وحرمت الفكر الوهابي واعتبرته خطراً داهماً على الأفراد والمؤسسات و تياراً متخلفاً يحقد على الحضارة الإنسانية ويلغي العقل ويعود بالانسان الى عصر البداوة والتخلف.

وعليه فيجب على كل الشعوب المحبة للسلام وللإسلام ان تعمل على كافة المستويات شعبياً و سياسياً و إعلامياً من أجل إماطة اللثام عن هذا الفكر المتحجر ، وكشف من يقوم بتينية ورعايته و تبيان بشاعة جرائمه في العراق ولندن ومدريد و الجزائر و المغرب و في غيرها، كما انه اصبح من الضروري جداً ان يتحرك المجتمع الدولي لإصدار قراراً أممياً يعتبر الفكر الوهابي فكراً لا يقل خطراً عن الناية والفاشية و يجرم أي دولة تتبناه او ترعاه او تجعل اراضيها منطلقاً لنشاطه، كما يجب على كافة المثقفين من كتاب و مبدعين التصدي لهذه الظاهرة المتخلفة التي زرعت في قلب الامة الإسلامية ومهد حضارتها ومهبط وحيها و رسالتها.

5- استخدامهم لمنطق القوة و العنف في مواجهة المخالفين لهم في العقيدة والفكر، او كل من يقف يوجههم ومحاربة افكارهم وهذا هو من مهمة القاعدة الإرهابية التي انتشر افرادها في مختلف بقاع العالم المعاصر باسم المجاهدين و الفدائيين حيث قامت هذه القاعدة بتجنيد بعض الأفراد وتوطين انفسهم على القيام بعمليات إرهابية انتحارية متى ما لزم الأمر و الحاجة الى ذلك.

ولما تبثه من أفكار وسلوكيات تحض على العنف والإرهاب و الكراهية و سهولة التكفير ضد كل من يخالفهم في الرأي، وتشوه بسلوكها الشائن المقاومة الإسلامية في فلسطين والعراق، و أنه من الواجب شرعاً و قانوناً مقاومة هذا الفكر و اتباعه بكافة السبل المتاحة كما جاء ذلك في الندوة الإسلامية المتخصصة و الموسعة التي عقدت السبت في القاهرة تحت عنوان " الوهابية : خطر على الإسلام و العالم " (47) وشارك فيها بالأبحاث والنقاش كل من الشيخ الدكتور عبدالرحمن السبكي من علماء الأزهر الشريف، المفكر الدكتور احمد السايح استاذ العقيدة الفلسلفة الإسلامية بالأزهر الشريف، المستشار ، أحمد عبده ماهر من كبار العلماء المتخصصين في الحركات الإسلامية في مصر، عبدالفتاح عساكر المفكر الإسلامي المعروف ، عبدالله السعداوي المفكر والمعارض القومي الحجازي احمد شوقي الفنجري المفكرالاسلامي المعروف، علي عبدالجواد الخبير في دراسات الحركات الإسلامية ولفيف من العلماء والخبراء. هذا وقد خلصت الندوة إلى جملة من التوصيات والنتائج كان أبرزها :

1- أكدوا على ان الوهابية كدعوة وفكر تقوم على نفي الآخر وتكفيره، وأنها تهدد الأمن والسلم في كافة دول العالم الإسلامي لما تبثه من أفكار ارهابية و اجرامية شديدة الخطورة افكار تدفع الشباب الإسلامي إلى تكفير وارهاب المجتمع والحكام لأوهي الأسباب.

2- أكدوا على موقف الوهابية السلبي من المرأة والعلم ، والموسيقي وجميع الفنون، ومن المسيحيين،بل من أصحاب المذاهب الإسلامية الاخرى كالشيعة والأشاعرة وغيرهم وهي دعوة للجاهلية، و أغلب الموروث الوهابي قائم على الإرهاب الفكري والديني، ومخاصمة الواقع والعقل.

3- مطالبتهم بضرورة إعداد استراتيجية إسلامية وعالمية ثقافية وسياسية لمقاومة الوهابية وانه ينبغي ان يكون للأزهر الشريف دور في ذلك ، لأنّه مؤسسة الاعتدال الإسلامي قبل ان يتم اختراقه من الوهابية ومن يسموا بالدعاة الجدد من السلفيين المتشددين.

 

عدم رعاية حقوق الإنسان وحرمته

لم يكن في منهج وفكر الوهابية ما يسمى بحقوق الانسان لانها تسعى دائماً الى سحق هذه الحقوق باسم الخروج عن الدين، حتى تجاوز الأمر إلى قتل الأبرياء من النساء والأطفال، والشيوخ من كبار السن، هؤلاء الذين أولى الإسلام بعدم قتلهم والتعدي عليهم بأنواع التجاوزات اللاانسانية واللااخلاقية، غير أن ما يرتكبه هؤلاء الوهابيين في حق هؤلاء الأبرياء مما يندى له الجبين، كالجرائم التي ترتكبها في العراق و افغانستان وباكستان و غيرها، يقول الدكتور محمد الخطيب:

فهم يطبقون الأحكام الإسلامية بطريقة جائرة ظالمة مثيرة للأشمئزاز و الاستغراب وتعود على الدين الحنيف بأسواء الأثر، فقطع الأيدي والأرجل، بل قطع الرؤوس من الأمور السائدة و المتمادية ، وهي تجري بناء على أحكام قضاة جهلة وبعد تحقيقات يقوم بها شرطة أميون ، كما تصدر تشريعات احياناً مجانبة للإسلام نصاً و روحاً... ففي كل يوم جمعة تجري فيم مدن المملكة المختلفة عمليات تنفيذ العقوبات لمن لا سند له نت الأمرة أو من السفارات الهامة، بطريقة تدل على وحشية بالغة تسمح لأعداء الإسلام بوصفه بأشنع التنعوتز(48)

وقال الشيخ محمد مرعي الأنطاكي:

كنا نسمع عن الوهابية بأنهم يقيمون الحدود و يجرون الأحكام الشرعية تماماً، فهاجرنا إلى الحجاز، و تخللنا بينهم مدة فوجدنا الاخبار التي وصلتنا من القطر الحجازي كانت على خلاف الواقع. فإنهم أضر على الإسلام من كل شيء وقد شوهوا سمعة الإسلام بأعمالهم و أفعالهم وبسوء فتاوى علمائهم.(49)

• سابعاً : واعتمادها على الفقر الثقافي لدى عامة الناس

إن من يتابع مسيرة وتحرك الوهابية في نشر افكارها و تعاليمها ، فإنه سيقف على ظاهرة عامة، وهي أنها تعتمد دائماً على استغلال الفقر الثقافي عند عامة الناس في الوصول إلى اهدافها، وفي محاربة للتقدم الحضاري ، بتوجيه أن مثل هذه الامور مبتدعة لم تكن موجودة في عصر النبي (ص) وانها جاء بها الغرب بهدف أبعاد المسلمين عن اشتغالهم عن العبادة.

قال صالح الورداني:

إن تحكيم القرآن والعقل في دائرة الأطروحة الشيعية قد منحها القدرة على تجديد محتوياتها و مواكبة الواقع و المتغيرات بينما بقيت الأطروحة السنية جامدة منغلقة لرفضها الخضوع لحكم القرآن والعقل مما ولد قداسة غير مباشرة لجميع محتوياتها وفي مقدماتها كتب الأحاديث خاصة كتابا البخاري و مسلم اللذان حظيا بقداسة خاصة من الكتب الأخرى...(50)

حتى أنهم يرون من يقول بتمجيد العق وجعل مكانة له في الواقع هو تمجيد إلى الوثينة والصنمية ولهذا رفضوا منطق العقل، تمسكوا بالأسلوب الخشن ن و التعصب الأعمى.ومن ثم ذهب كبارهم إلى تحريم وسائل العلم من قبيل استخدام التلفزيون ، النقال، الهاتف الأرضي( الثابت ) ، الانترنت، الراديو و غيرها من الوسائل العلمية المتطورة.

 

* النتيجة

أنه إذا استمرت هذه الجماعة ( الوهابية ) على مواصلة نهجها في التعامل مع أسس و مقومات الحضارة الإسلامية ، بالإضافة إلى سائر تصرفاتها الأخرى في الجانب الفكري و الثقافي و السياسي، فإن الأمة الإسلامية ستكون هي المسؤولة أمام الله تعالى عن جميع النتائج و الآثار السلبية التي ستجنيها في المستقبل القريب، ولذا نحن نذكرها ببعض الأمور، وهي :

اولاً : أن تلتفت إلى خطورة هذا النهج المنحرف عن المنهج الإسلامي الصحيح، الذي إذا ما استمر فإنه سوف يقوض أسس و مقومات الحضارة الإسلامية، و يقضى على معالمها في البلدان الإسلامية ، و بالتالي يؤدي إلى تخلف الأمة الإسلامية عن ركبها الحضاري .

ثانياً، إن ممارسة الوهابية في المجال الفكري و التطبيق العملي يتناغم مع أفكار و أساليب القوى المعادية للإسلام، التي تسعى للقضاء على الإسلام بالعمل من الداخل، وذلك عن طريق من يشوه صورة الإسلام في الخارج ، لإدراكهم لخطورته على دياناتها و عقائدها الباطلة.

ثالثاً: الالتفات إلى خطورة ما ستؤول إليه ثمرات الصحوة الإسلامية في البلدان العربية ، وما تخطط إليه قوى الاستكبار العالمي المعادي للإسلام والمسلمين ، عن طريق الاستفادة من هذه الجماعات الإسلامية في المجال السياسي، والتي بدأت تستثمر الفرصة في الانقضاض على السلطة و الحكومة في البلدان العربية المنتفضة، وبالتالي تكون أداة كبيرة لضرب الإسلام و المسلمين و تشويه صورتهما أمام الرأي العام، و الجاه الأمة إلى اختيار القادة اللبراليين و العلمانيين بعد ذلك بديلاً عنهم .

رابعاً: الالتفات إلى خطورة ما تخطط و تسعى إليه قوى الاستكبارية العالمية من وراء توقعيها لمعاهدات السلم والتعاون مع هذه الجماعات الإسلامية الفائزة في الانتخابات، ومنها الجماعة الوهابية ذات الحظ الأوفر في بعض البلدان العربية المنتفضة .

خامساً: إن حالة الصمت المطبق لعلماء الإسلام إزاء ما يحصل في الأمة الإسلامية نتيجة التصرفات الهمجية لأتباع الوهابية، من قتل و إفساد و هدم للمعالم الحضارية و الآثار التاريخية ، سيؤدي بالتالي إلى نتيجة و خيمة لا تحمد عقباها، وعندها لا يفيد العلاج مع الداء، مع مافيه مخالفة صريحة لما روي عن الصادقين(عليهم السلام) : " إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه . فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان " (51)

سادساً : الالتفات إلى عدم اتخاذ مجلس الأمن الدولي قراراً بمعاقبة الدول الحاضنة لأفراد القاعدة ( الوهابية) مع تظلمة و تظلم الدول الاستكبارية لخطورة القاعدة و استنكارهم لجرائمها في المشرق و المغرب العالمي، لهو أكبر دليل مؤشر على طبيعة العلاقة الحسنة بينها وبين القاعدة، وإلا كيف يمكن الجمع بين القول بأن القاعدة ( الوهابية ) تهدد الأمن و السلام العالمي وبين التعاطي و الانفاق معها ومع الدول الحاضنة لها في إبرام الاتفاقيات و المعاهدات في التعاون و العمل المشترك؟!

سابعاً: يجب على علماؤ وفكري الأمة الإسلامية أن يضعوا خطة و استراتيجية جديدة في التعامل والتعاطي مع الوهابية و أساليبها اللاانسانية، انطلاقاً من حرصهم على حفظ المبادئ و القيم و التعاليم الإسلامية ، ومن باب أدائهم لرسالتهم الإنسانية و وظيفتهم الشرعية إزاء أبناء جلدتهم .

شاكر ساعدي

المصادر

1- سورة الانفال الآية 24

2- سورة العلق الآيات 1-5

3- سورة النمل الآية 80

4- كما بين ذلك رشيد رضا بتعليقة في الهامش كتاب الإسلام و النصرانية مع العلم و المدنية

5- الإسلام و النصرانية مع العلم و المدنية ص 128

6- مستدرك الوسائل ج 17 ص 249 مصباح الشريعة المنسوب للإمام الصادق(ع) ص 13 عوالي اللئالي ج 4 ص 70 شرح مسند أبي حنيفة ص 537

7-انظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج 16 ص 50-51

8- انظر المصدر السابق ج 16 ص 15

9- المصدر السابق ج 16 ص 71-74-78-80-83

10- المصدر السابق ج 15 ص 319-320

11- المصدر السابق ص 323

12- صوت الحق و دعوة الصدق ص 24

13 الخدعة ( رحلتي من السنة إلى الشيعة ) ص 146

14- المصدر السابق

15- انظر السلفية بين أهل السنة و الإمامية ص 502

16- زاد المعاد في هدى خير العباد ص 661

17- راجع كتاب لا ذرائع لهدم آثار النبوة فقد ذكر فيه المقالات و البحوث التي نشرت والتي لم تنشر بما يرتبط بهذه المسألة و غيرها من المسائل الأخرى حيث قام مؤلفة بنقل المؤيدين و المخالفين لهدم المعالم الأثرية و ما يرتبط بآثار النبوة وقد جاء الكتاب في 239 صفحة

18- الفجر الصادق ص 22

19-فقد ناشد السيد واصف بن أحمد فاضل كابلي في رسالة لولي العهد السعودي في الرابع من جمادي الثانية لعام 1423 الموافق الثالث عشر من أغسطس 2002 بـ " تدارك أعمال الهدم ... لأثر من الآثار الأسلامية التاريخية يعود الى خير العصور عام 125 ق بالمدينة المنورة " . فيما عبر الدكتور محمد انور بن محمد علي البكري من كلية التربية بالمدينة المنورة عن دهشة الأهالي لهدم و ازالة مسجد و مدرسة ومقبرة الامام ابو الحسن علي العريضي، فيما جاء فيها: " كان الاولى ... بالجهات المسؤولة عن المساجد والاوقاف ... الخ ما نقلناه لك " . وقد تناقلتها العديد من المواقع تحت عنوان " متشدون يهدمون قبر و مدرسة السيد علي العريضي العلوي " .

20- الفجر الصادق ص 22

21- راجع موسوعة العتبات المقدسة جعفر الخياط ج 2 نجد و ملحقاته ص 256 و كذابحث بعنوان" تدمير السعوديين لتراث الإسلام و المقامات الإسلامية " مقدم للمعهد الإسلامي بلندن في مؤتمر متقبل الحرمين الشريفين المنعقد بتاريخ 906 يناير 1988 ملا عباس طاهر علي - الثورة الإسلامية عدد فبراير 1988 .

22- نقلاً عن مقالة بعنوان " نحو حملة دولية لحماية الإثار الإسلامية " تناقلتها أكثر المواقع الالكترونية

23-سورة الانعام الآية 108

24- انظر السلفية بين أهل السنة و الإمامية ص 320 -328

25- كيفية التعامل مع الشرك الشيخ محاضرة للدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي نشرت على موقعه

26- انظر السلفية بين اهل السنة و الإمامية ص 320 - 324

27- نقلاً عن تاريخ السعودية ص 116 - 117 و كذلك انظر أرشيف السياسة الخارجية لروسيا ( 1803 الإضبارة 2235 ص 38 -40 )

28- كشف الارتياب في اتباع محمد عبدالوهاب ص 20

29- صفحات من تاريخ الجزيرة العربية الحديث ص 130

30- المصدر السابق ص 156

31- مجلة ثراثنا العداد الرابع (13) لسنة الثالثة شوال 1408 ص 186

32- نقلاً عن السلفية بين اهل السنة و الإمامية ص 695

33- سورة النساء الآية 91

34- سورة التوبة الآية 47

35- سورة التوبة الآية 48

36- سورة الاحزاب الآية 14

37- السلفية أهل السنة و الإمامية ص 447

38- اللا مذهبية اخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية ص 90

39- السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي ص 244 -245

40- صوت الحق و دعوة الصدقة ص 17

41- السلفية بين أهل السنة و الإمامية ص 451

42 سورة البقرة الآية 79

43- السلفية بين اهل السنة و الإمامية ص 451

44- صوت الحق ودعوة الصدق ص 20

45- صوت الحق ودعوة الصدق ص 20

46- فتوى صدرها البراك ضد عوام الشيعة 17/12/2006 الموافق 26/11/1427 ق رقم الفتوى 18080

47- ذكر ذلك في ندوة عقدت في القاهرة حضرها علماء و خبراء تحت عنوان " الوهابية خطر على الإسلام "

48- صفحات من تاريخ الجزيرة العربية ص 154

49 - المستبصرون ص 374 -375

50- الخدعة ( رحلتي من السنة إلى الشيعة ) ص 146

51- عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 103

قراءة 7089 مرة