ولادة السيدة سكينة بنت الحسين(عليها السلام) (21 / رجب)

قيم هذا المقال
(12 صوت)
ولادة السيدة سكينة بنت الحسين(عليها السلام) (21 / رجب)

شخصية السيدة سكينة(عليها السلام)

اسمها - على المشهور - أميمة، وقيل: آمنة، ولقّبت بسكينة([1])، أبوها الإمام أبو عبد الله الحسين(ع) سبط رسول الله، وسيد شباب أهل الجنة، والإمام إن قام وإن قعد، وأمها - بالاتفاق - الرباب بنت امرئ القيس بن عدي القضاعية([2])، المرأة الوفية للحسين، والتي لم تبق بعد واقعة الطف إلا عاماً - على الأغلب - ثم ماتت حزناً وكمداً على زوجها وإمامها، وقد هبّ لخطبتها أجلاء العرب وشيوخهم، فكانت تقول لبني هاشم:

والله لا أبتغي صهراً بصهركم

 

حتى أوسد بين الرمل والطين([3])

وكانت في ذلك العام الذي عاشته بعد الحسين باكية حزينة، حتى أنها اقتلعت سقف بيتها وبقيت تحت حرارة الشمس، ولما كانت تسألها زينب(عليها السلام) عن فعلها هذا، تقول: كيف أستظل بظل وبعيني رأيت جسد الحسين تصهره رمضاء كربلاء([4]).

ترعرعت سكينة(عليها السلام)  في حجر هذه الأم، وتغذّت من فكر الحسين، وارتشفت من أخلاقه وعلمه وقداسته، حتى أن الحسين(ع)  كان شغفاً بها وبأمها، لما وجده فيهما من الإخلاص والإيمان والفضيلة، وقد قال فيهما؛ - على ما رواه البعض -:

لعمري إنني أحب داراً

 

تكون بها سكـينة والرباب

أحبهما وأبذل جلّ مالي

 

وليس لعاتب عندي عتاب([5])

وكان هذا الحب قد أوجد روابط الإيمان والتعلّق بالله تعالى في نفس سكينة، حتى بلغت من التقوى والانقطاع مبلغاً جعلت الحسين(ع)  يعرض عن زواجها لمّا خُطبت؛ لأنها لا تصلح إلا للانقطاع والتبتل، حيث قال (ع) : «أما سكينة فغلب عليها الاستغراق مع الله فلا تصلح للرجال»([6])، وقيل تزوّجها مصعب بن الزبير وذكر لها صاحب كتاب الأغاني أزواجاً أخر([7]).

وقد ذكر جميع المؤرخين أنها (عليها السلام)  كانت قد خرجت مع أبيها الحسين إلى كربلاء ورأت بأم عينها مقتل أبيها وأعمامها وإخوتها، وكانت صابرة محتسبة، كما أنها آخر
من ودعت الحسين(ع)  في حملته الأخيرة والتي نادى فيها: «يا سكينة يا فاطمة يا زينب (يا أم كلثوم) عليكنّ مني السلام»، فنادته سكينة: يا أبه استسلمت للموت؟ فقال: «كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين»، فقالت: يا أبه ردّنا إلى حرم جدنا، فقال (ع): «هيهات لو ترك القطا لنام»، فتصارخن النساء، ثم أقبل على أخته زينب، وقال لها: «أوصيك يا أخية بنفسك خيراً، وإني بارز إلى هؤلاء القوم». فأقبلت سكينة وهي صارخة، وكان يحبها حباً شديداً، فضمّها إلى صدره ومسح دموعها، وقال:

سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي
لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة
فإذا قتلت فأنت أولى بالذي

 

منك البـكاء إذا الحمام دهاني
ما دام مني الـروح في جثماني
تأتينه يا خيـرة النّسوان([8])

وبعد مقتل الحسين(ع)  تحمّلت مرارة السبي من أرض الطف إلى الكوفة، ومنها إلى الشام، ولشدة ما كانت عليه من الصون والحجاب، لما دخلوا الشام قالت لسهل بن سعد الساعدي (صاحب رسول الله(ص): قل لصاحب هذا الرأس - أي حامل رأس الحسين - أن يقدم الرأس أمامنا حتى ينشغل الناس بالنظر إليه، ولا ينظروا إلى حرم رسول الله(ص)([9]).

رجعت مع الإمام زين العابدين ونساء العترة إلى المدينة، وبقيت فيها عابدة زاهدة، كان قد غمرها الحزن على أبيها وأهلها حتى أدركتها الوفاة، في يوم الخميس (5 ربيع الأول سنة 117هـ)، ودفنت في المدينة([10]).

 

 

([1]) أعيان الشيعة 3: 491، نقله عن الكثير من المؤرخين، والأغاني لأبي الفجر الأصفهاني 14: 166.

([2]) نفس المهموم: 528.

([3]) الأغاني 14: 160، نقله عنه في نفس المهموم: 528.

([4]) الكامل في التاريخ، لابن الأثير 4: 88.

([5]) مقاتل الطالبيين: 90.

([6]) إسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار): 21.

([7]) راجع أعيان الشيعة 3: 492 وكتاب الأغاني 16: 99.

([8]) منتخب الطريحي: 316، ونفس المهموم: 346.

([9]) بحار الأنوار 10: 223.

([10]) أعيان الشيعة 3: 492، ونفس المهموم: 530.

قراءة 13117 مرة