ردّ الشّمس للإمام علي (عليه السلام) في مسجد الفضيخ (15/ شوال/ السنة 3 هـ)

قيم هذا المقال
(7 صوت)
ردّ الشّمس للإمام علي  (عليه السلام)  في مسجد الفضيخ (15/ شوال/ السنة 3 هـ)

إنّ حادثة ردّ الشّمس لعلي(عليه السلام)  وردت في مصادر كتب الفريقين وصحّحها بعض من علماء أهل السنة، قال ابن حجر في کتاب فتح الباري: وقع في (الأوسط) للطبراني من حديث جابر أن النبي أمر الشمس فتأخرت ساعة من نهار، وإسناده حسن. ووجه الجمع أن الحصر محمول على ما مضى للأنبياء قبل نبينا(ص)،  فلم تحبس الشمس إلا ليوشع، وليس فيه نفي أنها تحبس بعد ذلك لنبينا(ص) .

وروى الطحاوي والطبراني في (الكبير) والحاكم والبيهقي في (الدلائل) عن أسماء بنت عميس أنه (ص)،  دعا لما نام على ركبة علي ففاته صلاة العصر. فردت الشمس حتى صلى علي ثم غربت وهذا أبلغ في المعجزة([1]).

وقال ابن حجر الهيثمي في كتابه (الصواعق المحرقة) عند ذكر فضائل علي(عليه السلام) : ومن كراماته الباهرة أن الشمس ردت عليه لما كان رأس النبي(ص)،  في حجره والوحي ينزل عليه وعلي لم يصل العصر فما سري عنه (ص)،  إلا وقد غربت الشمس فقال النبيn: «اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فأردد عليه الشمس فطلعت بعدما غربت»([2]).

ويعتبر ابن كثير أن فعل علي(عليه السلام)  وحده حجة وهذا دأب كل من يحسن الأدب أمام أمثال الإمام علي(عليه السلام) ، فعلى قول رسول الله(ص)،: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فأردد عليه الشمس. فهذا إقرار لعلي(عليه السلام)  على فعله.

ولكن مع ذلك كله فالرواية الأسلم من مصادر الشيعة أن علي(عليه السلام)  صلى من جلوس إيماءاً وردّت الشمس لكي يصلي صلاة تامة من الركوع والسجود، فقد قال الشيخ المفيد في (الإرشاد): ومما أظهره الله تعالى من الأعلام الباهرة على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)  ما استفاضت به الأخبار ورواه علماء السيرة والآثار ونظمت فيه الشعراء الأشعار: رجوع الشمس له (عليه السلام)  مرتين: في حياة النبي(ص)،  مرة وبعد وفاته مرة أخرى.

وكان من حديث رجوعها عليه في المرة الأولى ما روته أسماء بنت عميس وأم سلمة زوج النبي(ص)،  وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري في جماعة من الصحابة: أن النبي(ص)،  كان ذات يوم في منزله وعلي(عليه السلام)  بين يديه إذ جاءه جبريل(عليه السلام)  يناجيه عن الله سبحانه فلما تغشاه الوحي توسد فخذ أمير المؤمنين(عليه السلام)  فلم يرفع رأسه عنه حتى غابت الشمس فاضطر أمير المؤمنين(عليه السلام)  لذلك أن يصلي صلاة العصر جالساً يومئ بركوعه وسجوده إيماءاً فلما أفاق من غشيته قال لأمير المؤمنين(عليه السلام) : أفاتتك صلاة العصر؟ قال له: لم أستطع أن أصليها قائماً لمكانك يا رسول الله والحال التي كنت عليها في استماع الوحي، فقال له: ادع الله حتى يردد عليك الشمس لتصليها قائماً في وقتها كما فاتتك فإن الله تعالى يجيبك لطاعتك الله ورسوله، فسأل أمير المؤمنين(عليه السلام)  الله في رد الشمس فردت…([3]).

 

 ثم ذكر المرة الثانية قائلاً:

وكان رجوعها بعد النبي(ص)،  أنه لما أراد أن يعبر الفرات ببابل اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم فصلى (عليه السلام)  بنفسه في طائفة معه العصر، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس وفاتت الصلاة كثيراً منهم وفات الجمهور فضل الاجتماع معه، فتكلموا في ذلك فلما سمع كلامهم فيه سأل الله تعالى أن يرد الشمس عليه لتجتمع كافة أصحابه على صلاة العصر في وقتها فأجابه الله في ردها عليه([4]).

وكذلك نقل العلامة المجلسي في (البحار) قول الشيخ الصدوق تعليقاً على رواية ظاهرها أنه لم يصل: ولعله صلى إيماء قبل ذلك أيضاً([5]).

وهذه الحادثة (ردّ الشمس) نظمها السيد الحميري في شعر له، فقال:

ردّت عليه الشمس لما فاته
حتى تبلّج نورها في وقتها
وعليه قد ردّت ببابل مرة

 

وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
للعصر ثم هوت هوى الكوكب
أخرى وما ردّت لخلق مغرب

 

([1]) فتح الباري 6: 222.

([2]) الصواعق المحرقة: 197.

([3]) الإرشاد 1: 345.

([4]) الإرشاد 1: 246.

([5]) بحار الأنوار 41: 167.

قراءة 6406 مرة