لماذا تخلف من تخلف عن نصرة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
لماذا تخلف من تخلف عن نصرة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء؟

فيما يلي سنطل إطلالة مختصرة على أولئك الناس الذين تخلفوا عن الفتح في نهضة عاشوراء ولا أعني بهم الذين حاربوا الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه؛ فإن النظرة إليهم لا تحتاج إلى بيان، إنما أعني أولئك الذي لم يحاربوا ولم يقفوا إلى جانب من حاربه ولكنهم لم يناصروا إمام زمانهم، وهؤلاء هم على أنواع اقتصر بالحديث عن بعضها:
   
1- فمنهم من كانت مشكلته في عدم النصرة هو الجبن والخوف وهو ما يرجع بالتأكيد إلى ضعفٍ في العقيدة، من جملة هؤلاء نقرأ قصة عبيد الله بن الحرّ الجعفي الذي كان يعرف الإمام الحسين عليه السلام جيداً ويدرك قيمة الولاء له وهو الذي قال له قرب كربلاء على عتبة اليوم العاشر حينما طلب منه الإمام النصرة: "والله إني لأعلم أن من شايعك كان السعيد في الآخرة، ولكن ما عسى أن أغني عنك ولم أخلِّف لك بالكوفة ناصراً، فأنشدك بالله أن تحملني على هذه الخطة، فإن نفسي لم تسمح لي بالموت"([1]).
إن هذا الرجل لا تنقصه معرفة بصاحب الحق لكنه جبان وشفَّاف في الاعلان عن جبنه بخلاف البعض الذي أخذ يتذرَّع بأمور أخرى لعدم النصرة.
 
2- ومن هؤلاء من لم يتحدث عن عدم قناعة بالموقف بل برَّر خذلانه للإمام ببعض العناوين الدينية، ومن أمثلة هؤلاء عمرو المشرقي وابن عمه اللذين واجههما الإمام الحسين عليه السلام أعتاب العاشر فقال لهما: "اجئتما لنصرتي؟ فأجاب عمرو: إني رجل كبير السن كثير الدَّين كثير العيال، وفي يدي بضايع للناس، ولا أدري ما يكون وأكره أن أضيَّع أمانتي"([2]).
 
لقد امتطى هذا عنواناً دينياً هو حفظ الأمانة ليبرّرا خذلانهما للدين!
 
3- لكن من أولئك الذين حرموا من الفتح أناس من كبار شخصيات المجتمع ومنهم من لم يصلنا تبريرٌ عنه لعدم نصرته للإمام مع مناقبيته المشهودة له تاريخياً فما تحليل الموقف من هؤلاء؟
هل نجزم بمصيرهم الأسود الجهنمي على أساس ثقافة الفرز؟
أو أن هناك تحليلاً موضوعياً آخر؟
 
إننا نقرأ في كلمات التلميذ الأكبر في مدرسة الإمام الخميني قدس سره وهو آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله يقول عنهم: "كان هناك أشخاص مؤمنون ملتزمون بين الذين لم ينهضوا مع الإمام الحسين عليه السلام... فليس من الصحيح أن يعدّوا جميعاً من أهل الدنيا، لقد كان بين رؤساء ورموز المسلمين في ذلك الوقت أشخاص مؤمنون وأشخاص يذعنون بالعمل وفقاً للتكليف الشرعي، لكنهم لم يدركوا التكليف الرئيسي، ولم يشخِّصوا أوضاع ذلك الزمان، ولم يعرفوا العدو الرئيسي، وكانوا يخلطون بين الوظيفة الرئيسية والوظائف التي هي من الدرجة الثانية والثالثة".

هؤلاء قطعاً هم مخطئون لا مجال للدفاع عن عملهم، لقد كان عليهم أن يتبعوا الإمام المعصوم في تشخيص التكليف، لكن هذا أمر، والحديث عن خلفيَّاتهم ومصيرهم أمر آخر حسبنا في ذلك أدب الإمام الحسين عليه السلام حينما قال عنهم "ومن تخلَّف لم يبلغ الفتح"([3]).
 
([1]) الكليني، الكافي، ج2ص382-383.
([2]) الدنيوري، الأخبار الطوال، نهاية الحسين، ص251.
([3]) محاضرة القيت في محرم 1427 هـ.

قراءة 498 مرة