emamian

emamian

نتائج واعدة قد تفتح الباب لعلاجات صحية وتجميلية عديدة تمنح مظهراً أكثر شباباً من العمر الحقيقي.. ما هو هذا الفيتامين الشائع؟

أظهرت دراسة حديثة أنّ فيتامين "سي" (Vitamin C) يوقف ترقّق الجلد المرتبط بالشيخوخة، عبر تنشيط جينات تحفّز نمو خلايا البشرة.

وتمثّل الدراسة التي نشرت في مجلة "الأمراض الجلدية الاستقصائية" Journal of Investigative Dermatology، خطوة مهمة نحو تطوير علاجات تعتمد على فيتامين "سي" تمنح البشرة مظهراً أكثر شباباً من العمر الفعلي.

وجاء في الدراسة: "يعد (فيتامين سي) جزيئاً واعداً يمكن استخدامه لتطوير علاجات لمشكلة ترقّق البشرة، بما في ذلك تلك المرتبطة بالشيخوخة".

ويعتبر الجلد خط الدفاع الأول في الجسم ضد التهديدات الخارجية، لكن طبقته الخارجية – البشرة – تزداد ترققاً مع التقدّم في العمر وتفقد قوتها الواقية، مما يسهم في ظهور علامات الشيخوخة.

وتتكوّن هذه الطبقة من خلايا تعرف باسم "الخلايا الكيراتينية" keratinocytes، تنشأ من طبقات أعمق في الجلد وتتحرّك تدريجاً نحو السطح.

وفي هذا السياق، تشير الأبحاث السابقة إلى أنّ "فيتامين سي" يجدد الشباب للبشرة عبر قوته المضادة للأكسدة، فيما يضيف الباحثون حديثاً أنه يوقف ترقق الجلد من خلال تنشيط جينات مسؤولة عن نمو وتطور خلايا البشرة.

يقول الباحث أكيهيتو إيشيغامي، أحد مؤلفي الدراسة "يبدو أنّ فيتامين (سي) يعيد تشكيل بنية ووظائف الطبقة الخارجية للبشرة عبر تحفيز نمو خلاياها"، موضحاً: "درسنا تأثيره في زيادة تكاثر وتمايز هذه الخلايا من خلال تغيّرات فوق جينية".

وللوصول إلى هذه النتائج، أجرت الدراسة تجارب على خلايا جلدية مزروعة في المختبر تحاكي عن كثب بنية الجلد البشري. وعرّضت هذه الخلايا للهواء، بينما كانت تتغذى من الأسفل عبر محلول غذائي سائل، في محاكاة لطريقة تغذية الجلد البشري عبر الأوعية الدموية في الطبقات العميقة. وعند معالجة الخلايا بفيتامين "سي" بتركيزات مشابهة لما يصل إليها من الدم طبيعياً، لاحظ الباحثون سماكة ملحوظة في طبقة الجلد الخارجية في اليوم السابع.

وتعزّزت هذه النتائج أكثر بعد مرور أسبوعين فقط، إذ ازدادت سماكة الطبقة الداخلية بصورة واضحة، مما يدل على أنّ الفيتامين يحفّز تكاثر خلايا الكيراتين وتجدّدها.

كما تشير الدراسة إلى أنّ "فيتامين سي" يساعد خلايا الجلد على النمو من خلال تفعيل جينات خاملة مرتبطة بتكاثر الخلايا. فعندما تكون أجزاء من الحمض النووي مقيّدة بجزيئات تعرف باسم "مجموعة الميثيل"، فإنّ ذلك يكبح نشاط الجينات. ويسهم "فيتامين سي" في إزالة هذه المجموعات من الحمض النووي داخل خلايا الجلد، مما يساعدها على النمو والانقسام والتمايز.

وفي ضوء هذه المعطيات، تكشف النتائج في النهاية كيف يعزّز "فيتامين سي" تجديد البشرة من خلال تنشيط المسارات الجينية المسؤولة عن النمو والإصلاح.

ويعتقد الباحثون بأنّ هذا الاكتشاف يحمل أملاً جديداً لكبار السن، ومن يعانون ضعف الجلد، إذ يوضح الدكتور إيشيغامي أنّ "فيتامين (سي) يعيد للبشرة سماكتها عبر تحفيز نمو خلايا الكيراتين من خلال تعديل جيني، مما يجعله علاجاً واعداً لترقق الجلد المرتبط بالعمر".

الثلاثاء, 29 تموز/يوليو 2025 20:58

5 أطعمة تدمر كبدك

الكبد السليم مهم لتنقية الجسم من السموم والحفاظ على الصحة العامة، لكن هناك أطعمة عديدة نتناولها ومشروبات أيضاً ظنّاً منا أنها غير ضارة، إلّا أنّ لها آثاراً سلبية على صحة كبدنا.. ما هي هذه الأطعمة؟

يعتبر الكبد من أهم أعضاء الجسم، إذ يقوم بوظائف حيوية مثل تنقية الدم من السموم وتنظيم مستويات السكر والمساعدة في الهضم وتخزين العناصر الغذائية. إلّا أنّ هناك أطعمة تعتبر ضارة على صحة الكبد.

كيف تؤثر هذه الأطعمة على صحة الكبد؟

يحذّر أطباء وخبراء تغذية من أنّ بعض الأطعمة والمشروبات تسبب ضرراً مباشراً ومتراكماً للكبد، مما يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض مزمنة مثل الكبد الدهني، والتهاب الكبد، والتليف، وربما السرطان.

وفي ما يلي أبرز خمسة أنواع من الأطعمة التي تحذّر منها المصادر الطبية المتخصصة.

الكحول

تأتي الكحول في مقدمة المواد المضرّة بالكبد، حتى عند استهلاكها بكميات "غير مفرطة" على المدى الطويل، فهي يؤدي إلى تآكل الخلايا الكبدية وتسبب التهابات مزمنة، قد تتطور إلى تليّف الكبد أو ما يعرف بالـCirrhosis، وقد تصل في بعض الحالات إلى سرطان الكبد.

وبحسب ما ورد في تقارير منشورة في موقع "Eat This, Not That" وفي مدونة "PureHealth Research" فإنّ الإقلاع عن الكحول يسهم في استعادة وظائف الكبد بصورة ملحوظة، ويمكن أن يقلّل من تراكم الأضرار التي يسببها هذا المشروب تدريجياً.

المشروبات السكرية

تُعد المشروبات الغازية والعصائر الصناعية ومشروبات الطاقة من المصادر الرئيسة للفركتوز المركز. وتشير تقارير صحية منشورة في "The Times of India" و"GoodRx" إلى أنّ هذه المشروبات تسهِم بصورة مباشرة في تراكم الدهون في الكبد، مما يؤدي إلى ما يعرف بـ"الكبد الدهني غير الكحولي" (NAFLD)، وهي حالة ترتبط لاحقاً بالتهاب مزمن واختلال في وظائف الكبد.

الدهون المهدّرجة والوجبات السريعة

الأطعمة المقلية والمصنّعة، وخصوصاً تلك التي تحتوي على الدهون المهدّرجة والدهون المشبعة تُحمِّل الكبد عبئاً كبيراً وتعرضه للإجهاد الدائم. وبحسب تقارير نشرتها "GoodRx" و"The Times of India"، فإنّ هذه الدهون تبطئ قدرة الكبد على معالجة الدهون الطبيعية، مما يفاقم من احتمالات الإصابة بالكبد الدهني والتهاب الكبد المزمن.

اللحوم الحمراء والمصنّعة

تحتوي اللحوم الحمراء والمعالجة (كالنقانق والسلامي، وغيرهما) على نسب عالية من الدهون المشبعة، فضلاً عن مركبات تسبب التهابات في الجسم من بينها الكبد. وقد أظهرت دراسة منشورة في موقع "Verywell Health" أنّ الإفراط في تناول هذه اللحوم مرتبط بزيادة خطر الإصابة باضطرابات الكبد الدهني والتهاب الكبد المزمن.

الكربوهيدرات المكررة

يشير متخصصون إلى أنّ الكربوهيدرات المكررة مثل الخبز الأبيض والمعجنات والمشروبات المحلّاة صناعياً تسهم في رفع سريع لمستويات السكر في الدم، مما يؤدي إلى تحفيز تخزين الدهون في الكبد، وفقاً لـ"Insigh Med"، كما تسهم هذه الأطعمة في إضعاف استجابة الجسم للأنسولين، مما يزيد من تراكم الدهون حول الكبد ويُعطِّل وظائفه.

كما يحذّر الأطباء من تجاهل التأثير التراكمي لهذه الأطعمة والمشروبات في الكبد، مؤكّدين أنّ تعديل النظام الغذائي هو من أبسط وأقوى الوسائل لحماية هذا العضو الحيوي. والإقلاع عن الكحول وتجنُّب السكر المفرط والحد من استهلاك اللحوم والدهون الصناعية يمكن أن تُشكِّل فارقاً كبيراً في الوقاية من أمراض الكبد المزمنة.

الثلاثاء, 29 تموز/يوليو 2025 20:50

12 علامة خفية لنقص الزنك عند النساء.. ما هي؟

قد يؤدي نقص الزنك إلى مجموعة من المشاكل الصحية التي غالباً ما يتم تجاهلها أو تشخيصها بشكل خاطئ. إذا كنت تعانين من أيٍّ من هذه الأعراض فقد يكون الوقت قد حان الوقت لفحص مستويات الزنك لديك.

كشفت دراسة جديدة أجرتها مجموعة من الأطباء، عن أعراض نقص الزنك لدى النساء، والتي شملت مشاكل في المعدة وتساقط الشعر، بالإضافة ضعف الخصوبة وتقلّب الحالة المزاجية.

يعتبر معدن الزنك بمثابة فريق يعمل خلف الكواليس ويحافظ على سير كل شيء في الجسم بسلاسة، من الهرمونات إلى البشرة، ومن المناعة إلى الحالة المزاجية.

وهذه الدراسة الجديدة التي نشرتها مجلة "تايمز أوف إنديا"، أشارت إلى أنه إذا لم تحصل الإناث على ما يكفي من الزنك، وهو أمر شائع، فربما يبدأ الجسم بإرسال إشارات غريبة.

واستعرضت الدراسة نحو 12 علامة يمكن أن تكون مؤشراً على نقص الزنك لدى النساء، وهي كالآتي:

1. مشاكل الخصوبة
يلعب الزنك دوراً بسيطاً ولكنه فعّال في توازن الهرمونات، وعند نقصه تضطرب الدورة الشهرية لتصبح متأخرة أو مبكرة، أو منقطعة تماماً. كما يمكن أن يؤثر نقص الزنك أيضاً على الخصوبة.

2. تساقط الشعر وهشاشة الأظافر
إذا لوحظ تساقط الشعر أو بدأت الأظافر تتكسر فجأةً فربما يكون الزنك هو الحلقة المفقودة. فهو معدن ضروري لنمو شعر صحي وأظافر قوية. ومن دون الزنك يكافح الجسم لإصلاح ونمو الكيراتين، وهي المادة التي يتكون منها الشعر والأظافر. ويمكن أيضاً ملاحظة ظهور بقع بيضاء صغيرة على الأظافر أو نتوءات غريبة.

3. تقلّبات الحالة المزاجية
 يمكن أن تكون العصبية  واضحة أكثر من المعتاد أو ربما الشعور باكتئاب شديد دون معرفة السبب، نتيجة لتأثير نقص الزنك على كيمياء الدماغ وعلى طريقة تعامل الجسم مع التوتر. كما يمكن أن تؤثر مستوياته المنخفضة على هرمونات تنظيم الحالة المزاجية، مما يؤدي إلى الانفعال وتقلبات المزاج أو حتى الاكتئاب الخفيف.

4. مشاكل جلدية مزمنة
تعزى البثور والبقع المتقشرة والطفح الجلدي الغريب إلى نقص الزنك. يساعد الزنك في التئام الجروح وإنتاج الزيوت والسيطرة على الالتهابات. عندما يعاني الجلد من نقصه، يمكن أن يصاب بحب شباب مستعصي أو بشرة متشققة ونزيف أو طفح جلدي يشبه الأكزيما ولا يستجيب للكريمات المعتادة.

5. ضعف الجهاز المناعي
يعتبر الزنك مساعد للجهاز المناعي. يمكن أن يكون سبب الإصابة بنزلات البرد المتكررة أو بطء شفاء الجروح هو نقص الزنك. تحتاج خلايا الدم البيضاء إلى الزنك للقيام بوظيفتها، ومكافحة الفيروسات والبكتيريا ومساعدة الجروح على الالتئام.

6. فقدان وزن غامض
يمكن أن يبدو فقدان الوزن دون سبب أمراً غامضاً. إذا تمّ ملاحظة تغيرات في الشهية أو انخفاضاً غير مبرر في الوزن أو مجرد فقدان تام للاهتمام بالطعام، فيمكن أن يكون نقص الزنك جزءاً من المشكلة. يرتبط الزنك بهرمونات الجوع والهضم، لذا فعندما ينخفض، تصبح الإشارات الغذائية غامضة.

7. مشاكل في المعدة
يعد نقص الزنك من الأسباب غير المتوقعة لمشاكل الجهاز الهضمي مثل الإسهال المتكرر أو الانتفاخ أو اضطراب المعدة العام. يساعد الزنك في الحفاظ على قوة بطانة الأمعاء ويقلل الالتهاب. ودون كمية كافية، يمكن أن يصاب الجهاز الهضمي بتسرّب مما يسمح للسموم بالانتقال إلى الجسم، وهو ما يعرف بـ"الأمعاء المتسربة". يمكن أن يسبب نقص الزنك حساسية تجاه الطعام وتقلّصات في المعدة وسوء امتصاص العناصر الغذائية.

8. تغيرات في الطعم والرائحة
إذا أصبح طعم الوجبة المفضلة فجأةً كطعم الكرتون، أو أصبحت رائحة القهوة الصباحية كريهة، فربما تكون مشكلة في الزنك لأنه ضروري لوظيفة مستقبلات التذوّق والشم بشكل صحيح. ومن دونه، يمكن أن يكون طعم الطعام باهتاً أو معدنياً، أو ببساطة "غير طبيعي". كما يمكن أن تضعف حاسة الشم أو تتغير. إنها ظاهرة خفية، لكنها تؤثر حقاً على الأكل والشرب.

9. التعب المستمر وضبابية الدماغ
يمكن أن يؤثر نقص الزنك على مستويات الطاقة وحدة الذهن. ولأنه مرتبط بإنتاج الطاقة الخلوية والناقلات العصبية، فإن نقصه يمكن أن يؤدي إلى شعور بالإرهاق أو الضبابية، حتى لو كان الشخص ينام جيداً.

10. مشاكل الفم واللسان
إنّ تقرحات الفم التي لا تلتئم أو حساسية اللثة أو طبقة بيضاء على اللسان يمكن أن ترتبط بنقص الزنك. يدعم الزنك إصلاح أنسجة الفم ويساعد في السيطرة على البكتيريا في الفم. عندما تنخفض مستوياته، يصبح الفم أكثر عرضة للتهيج والالتهابات. ويمكن أن يشير اللسان المغطى أيضاً إلى تغير في البكتيريا النافعة في الفم أو وظيفة المناعة، والتي غالباً ما تكون ناجمة عن نقصه. عند الإحساس بشعور غريب وألم متكرر في الفم، ربما يكون قد حان الوقت للتحقق من مستوى المغذيات الدقيقة في الجسم.

11. مشاكل العين وحساسية الضوء
يدعم الزنك العينين من خلال مساعدة فيتامين "A" على العمل بشكل صحيح. عند انخفاض مستوى الزنك، يمكن ملاحظة جفاف العينين أو عدم وضوح الرؤية أو زيادة الحساسية للضوء، خاصة في الليل. يلعب الزنك أيضاً دوراً في صحة شبكية العين، لذا قد يؤدي غيابه إلى الشعور ببعض الاضطراب في الرؤية.

12. ضعف العظام وآلام المفاصل
يساعد الزنك في بناء العظام والحفاظ على قوة المفاصل. فهو يشارك في تخليق الكولاجين ونمو العظام، وهو مهم بشكل خاص للنساء. إذا كان هناك شعور بصرير أو ألم أو قلق بشأن كثافة العظام، فربما يكون من المفيد فحص الزنك. فهو لا يعمل بمفرده، بل يدعم الكالسيوم وفيتامين "D" ولكن من دونه، يقل تأثيرهما.

وخلصت الدراسة إلى أنه ينبغي التركيز على إدراج الأطعمة الغنية بالزنك في النظام الغذائي. ومن الخيارات الممتازة المحار، واللحوم الحمراء، والدواجن، والمأكولات البحرية مثل السلطعون والكركند.

كما أشارت إلى أنه بالنسبة للنباتيين، تعدّ بذور اليقطين، والفاصولياء، الحمراء، والعدس، والمكسرات مثل الكاجو وبذور دوار الشمس خيارات جيدة، كما تسهم منتجات الألبان مثل الحليب والجبن في زيادة كمية الزنك المتناولة.

وبمناسبة أربعينية شهداء العدوان الإسرائيلي الأخير على البلاد، قال آية الله خامنئي إن السبب الرئيس في هذا العداء هو معارضة الأعداء لإيمان ومعرفة ووحدة الشعب الإيراني، مضيفاً أن الشعب الايراني لن يتخلى عن العلوم والمعارف المتنوعة، وسيتمكن رغم أنف الأعداء من الوصول بإيران إلى ذروة المجد والتقدم.

وتابع قائد الثورة الإسلامية أن ما يطرحه الاستكبار العالمي حول الموضوع النووي وتخصيب اليورانيوم وحقوق الانسان في إيران مجرد ذرائع للمواجهة.

واعتبر آية الله خامنئي هذا العدوان فرصة لتجلي إرادة الجمهورية الإسلامية وقدرتها، ولإبراز متانة أسسها الفريدة، مؤكدًا أن السبب الجوهري للعداء يكمن في رفض الأعداء لإيمان الشعب الإيراني وعلمه ووحدته، وقال: شعبنا، بتوفيق من الله، لن يتخلى عن مسار تعزيز الإيمان وتوسيع المعارف المتنوعة، وسنستطيع رغم أنف الأعداء إيصال إيران إلى قمة التقدم والعزة.

وأضاف قائد الثورة الإسلامية معزيًا ذوي القادة العسكريين والعلماء وأفراد الشعب الأعزاء الذين استُشهدوا في العدوان الأخير: لقد تمكن الشعب الإيراني، إضافة إلى ما حققه من مفاخر عظيمة في هذه الأيام الـ12 – والتي أقرّ بها اليوم العالم بأسره – من إظهار قوته وصموده وعزيمته وإرادته ويده المليئة، بحيث شعر الجميع بقوة الجمهورية الإسلامية عن كثب.

وأشار آية الله خامنئي إلى أن بروز متانة أسس الجمهورية الإسلامية كان من بين مميزات هذه الحرب، وأضاف: هذه الأحداث لم تكن جديدة علينا، فالجمهورية الإسلامية على مدار 46 عامًا الماضية، إلى جانب الحرب المفروضة التي استمرت ثمانية أعوام، واجهت مرارًا أحداثًا مثل الانقلابات، والفتن العسكرية والسياسية والأمنية المختلفة، ومحاولات لدفع الضعفاء إلى مواجهة الشعب، وقد تمكنت من إحباط جميع مؤامرات العدو.

ووصف قائد الثورة بناء الجمهورية الإسلامية بأنه قائم على ركيزتي "الدين" و"العلم"، وقال: الشعب الإيراني وشبابه استطاعوا اعتمادًا على هذين الركيزتين أن يُرغموا العدو على التراجع في ميادين شتى، وسيواصلون ذلك في المستقبل.

وأكد أن السبب الحقيقي لمعارضة الاستكبار العالمي وعلى رأسه أمريكا المجرمة للجمهورية الإسلامية هو الدين والعلم ووحدة الإيرانيين تحت راية القرآن والإسلام، وقال: ما يطرحونه من ذرائع مثل الملف النووي والتخصيب وحقوق الإنسان، ليس سوى حجج، أما السبب الحقيقي لسخطهم وعدائهم فهو بروز خطاب جديد وقدرات الجمهورية الإسلامية في ميادين العلم والمعارف الإنسانية والتقنية والدينية.

وشدد على أن الشعب الإيراني، بتوفيق من الله، لن يتخلى عن دينه وعلمه، وأضاف: سنسير بخطى واثقة في طريق تعزيز الدين وتوسيع وتعميق شتى أنواع المعارف، وسنبلغ بإذن الله قمة العز والازدهار، رغم أنف الأعداء.

وشهدت المراسم تلاوة آيات من الذكر الحكيم من قبل عدد من قرّاء القرآن الكريم، كما ألقى حجة الإسلام رفيعي كلمة استند فيها إلى الخطبة 182 من نهج البلاغة وتناول فيها خصائص شهداء معركة صفين، معتبرًا أنها تنطبق على شهداء الحرب الأخيرة ذات الاثني عشر يومًا.

وأشار حجة الإسلام رفيعي إلى ثماني خصال: الثبات على الطريق، السير في درب الحق، تلاوة القرآن والعمل به، أداء الفرائض، إحياء السنن الإلهية، مواجهة البدع، الحضور في ميادين الجهاد، واتباع القيادة، وقال: وفقًا لنص القرآن الكريم، فإن الإيمان والتوكل هما العاملان الأساسيان في النصر الإلهي، وقد كانا بارزين في هذه الحرب وشكّلا أساس صمود الشعب الإيراني وانتصاره.

عشية زيارة الأربعين الحسيني، وخاصة للزوار الإيرانيين في الأيام المقبلة، نعيد في هذا التقرير قراءة 9 نقاط من هذه المراسم الروحانية العظيمة التي أشار اليها قائد الثورة الاسلامية في خطاباته وكلماته:

1. زيارة الأربعين جزء من شعائر الله

"على الزار الذين يتشرفون بالمشاركة في هذه الزيارة وبفضل الله أن يتذكروا دائما أنهم نجحوا في الحفاظ على شعيرة من شعائر الله".

2. زيارة الاربعين هي رمز خلود النهضة الحسينية

"أهمية زيارة الأربعين في الأساس هي أنه في هذا اليوم، مع التدبير الإلهي لآل النبي (ص)، تم تخليد ذكرى نهضة الامام الحسين إلى الأبد. إذا لم يلتزم الناجون من الشهداء، في مختلف المناسبات - مثل استشهاد الحسين بن علي (ع) في عاشوراء - بالحفاظ على ذكرى وآثار الاستشهاد، فإن الأجيال القادمة لن تستفيد كثيراً من انجازات الاستشهاد."

3. أهمية العمل الدعائي والثقافي من تعاليم زيارة الأربعين

"بقدر ما كان جهاد الامام الحسين(ع) وأصحابه من حملة الراية واجه العوائق والصعوبات، كذلك كان جهاد سيدة زينب (ع) والإمام السجاد (ع) والأخرين كان صعبا... وبطبيعة الحال، ان جهادهم ما كان جهادا عسكريا؛ بل كان جهادا دعائي وثقافي. فعلينا أن ننتبه لهذه النقاط. الدرس الذي يعلمنا إياه زيارة الأربعين هو أن ذكرى الحقيقة وذكرى الاستشهاد يجب أن تظل حية في مواجهة العاصفة الدعائية للعدو".

4. وحدة العالم الإسلامي وعظمته

"بقدر ما نقف إلى جانب بعضنا البعض حتى في تصريحاتنا، فإن ذلك سيعطي عظمة للعالم الإسلامي؛ يُعطي عظمة لشخصية الأمة الإسلامية؛ وحيثما شاهدنا نماذج من هذه الاجتماعات، رأينا انعكاسها في العالم أصبح مصدر عزة وشرف للإسلام والمسلمين؛ وأصبحت مصدر سمعة النبي صلى الله عليه وسلم... إذا اجتمعنا واصبحت قلوب شعوب الدول الإسلامية والأمم الإسلامية - سنة وشيعة، اصبحت صافية، فسترون ماذا سيحدث في العالم؛ وأي شرف سيحظى به الإسلام! الوحدة؛ الوحدة."

5- المشاركة المليونية في زيارة الاربعين تظهر ذروة فكر الجهاد

"هذا الكمالهائل للملايين من مختلف أنحاء العالم - عدة ملايين من إيران وملايين من العراق نفسه ومن دول أخرى - هذه الحركة الضخمة، على الرغم من التهديدات الإرهابية التي كانت موجودة دائما وما زالت قائمة حتى اليوم، هي ظاهرة ضخمة للغاية؛ انه مهم جدا. وهذا يدل على صعود تفكير الجهاد في سبيل الله وفي سبيل الإسلام والإعداد العام للجميع في هذا السبيل. ونتمنى من الله عز وجل أن يبارك في هذه الحركات ويبارك في الناس".

6- علاقة الصداقة بين البلدين إيران والعراق

"إن مسيرة مراسم يوم الأربعين هي مثال على هذه العلاقة الودية [دولتي إيران والعراق] بحيث لا يترك شعب العراق أي شيء أقل من الكرم والحب والتفاني في الترحيب بالزوار الإيرانيين. ويجب على المسؤولين في إيران والعراق الاستفادة القصوى من هذه المساحة والفرصة لتحقيق مصالح البلدين".

7- أقصى درجات الكرامة للشعب العراقي في الاستضافة

"إن قلوب جميع الزوار الإيرانيين بعد عودتهم [من مراسم الأربعين] تكون مليئة بالامتنان لحسن استضافة الشعب العراقي، وهذا يدل على أقصى درجات الكرامة لدى العراقيين في استضافة الزوار الإيرانيين، وهذه الضيافة والارتباط مع الشعب العراقي والحب والمودة بين الشعبين لا يمكن وصفها الا بلغة الفن".

8- السلوك الروحي المعنوي للشعب العراقي في العالم المادي

"إن الضيافة والكرم في استقبال زوار الأربعين الحسيني هي سمة أخرى من سمات الشعب العراقي. إن هذا السلوك الروحي الرومانسي مهم جداً ولافت للنظر في عالم اليوم المادي، ولم يعرف بعد عمق هذه الفضيلة لدى الشعب العراقي بشكل صحيح.

عندما نتحدّث عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكـر، قد يُبادر الكثير من الناس ليتساءل عن وجوب أداء هذه الفريضة في حال إمكانيّة تعرّض الإنسان لموقف سـلبيّ أو خـوف الضـرر، أو قد يُـبادر آخرون ليسألوا عن بعض الحالات الّتي لا أمل في إمكانيّة التأثير فيها، كما لو استنفدنا كلّ الطرق للنهي عن منكر ما ولم نصل إلى نتيجة، فهل يجب الاستمرار والنهي مرّة بعد أخرى رغم علمنا بعدم تأثر الطرف المقابل؟
 
الله سبحانه وتعالى لا يُريد لنا الضرر، ولا يُريد لنا أن نشغل أنفسنا ونستنزف أوقاتنا في مورد معيّن لا فائدة منه. لذلك وضع قيوداً وشرائط لوجوب هذه الفريضة، فإن تحقّقت هذه الشرائط يجب على الإنسان أن يُبادر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإذا لم تتحقّق سقط عنه التكليف. وبالإضافة إلى الشروط العامّة الّتي تُشترط في كلّ تكليف كالبلوغ والعقل، وهناك شرائط أخرى خاصّة بهذا الباب يجب توفرها ويمكن تلخيصها بما يلي:
 
1 ـ العلم والمعرفة
 العلم والمعرفة هما من الشرائط الأساس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الشرط يجب تحقّقه في طرفين:
 
أ- علـم الآمـر الـنـاهـي: فيجب عليك أن تتعلّـم أوّلاً ما هـو الحـلال وما هو الحرام وما هـو الـواجـب ومـا هـو المبـاح، فـإذا اسـتطعت أن تميّز بينها بشكل واضح عندها تتصدّى لمهمّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمّا مع عدم علمك وشكّك وترددك في أنّ هذا الأمر هـو واجب أو لا وذاك الآخر محرّم أم مباح، فلا تستطيع أن تأمر الناس مع شكّك به.
 
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلّا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر به رفيق بما ينهى عنه، عدل فيما يأمر به عدل فيما ينهى عنه، عالم بما يأمر به عالم بما ينهى عنه"([1]).
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "صاحب الأمر بالمعروف يحتاج إلى أن يكون عالماً بالحلال والحرام"([2]).
 
ب- علم مرتكب الحرام: فإذا فعل فعلاً محرّماً مع عدم علمه بحرمته، فعليك أن تعلّمه أوّلاً أنّه حرام.
 
ولكن إذا أصرّ على فعل المحرّم بعد علمه يجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
 
ملاحظة: لو كان هناك مسألة مختلف فيها بين المراجع العظام وكان مرجعه يقول بالحرمة لم يجز له أن ينهى عن هذه المسألة الشخص الّذي يقلّد المرجع الآخر القائل بالجواز، وإذا لم يعرف من يقلّد لم يجب عليه ـ بل لم يجز له ـ نهيه أيضاً.
 
2 ـ احتمال التأثير
 فإذا كان يائساً من إمكانيّة التأثير بأيّ أسلوب كان، سقط الوجوب عنه، ولا يكفي الظنّ بعدم التأثير إذا لم يصل إلى حالة اليأس من ذلك، فيجب عليه النهي عن المنكر حتّى لو ظنّ بعدم التأثير.
 
وهناك عدّة نقاط ينبغي الالتفات إليها:
 
أ- إذا كان التأثير لا يحصل إلّا مع تكرار النهي عن المنكر عدّة مرات وجب النهي عن المنكر.
 
ب- لو علم أو احتمل تأثيره في تقليل المعصيَة لا قلعها، يجب عليه ذلك.
 
ج- إذا كان التأثير لا يحصل إلّا إذا نهاه عن المنكر علناً وأمام الناس، فإنّ كان الفاعل متجاهراً بمعصيته جاز نهيه أمام الناس بل يجب ذلك، وأمّا إن لم يكن متجاهراً فيُشكل شرعاً نهيه أمام الناس.
 
د- إذا كان التأثير لا يحصل إلّا من خلال ارتكاب المحرّم في نهيه لا يجوز، ذلك وسقط وجوب النهي عن المنكر، إلّا إذا كان المنكَر مهماً جدّاً لا يرضى الله به كيفما كان كقتل النفس المحترمة، فإذا توقّف نهيه عن القتل على الدخول في الدار المغصوبة مثلاً، وجب الدخول.

3 ـ الأمن من الضرر
 يجب أن لا يكون هناك ضرر مترتّب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإذا علم أو حتّى احتمل الضرر ـ احتمالاً يترتّب عليه الخوف عادةً ـ لم يجب عليه ذلك.
 
المقصـود مـن الضـرر هـو الضـرر المـاديّ المتوجـّه على النفـس أو العرض أو المال، سـواء كـان سـيصيب نفس الآمر الناهي أم غيره من المؤمنين.

ومثل احتمال الضرر الماديّ احتمال الوقوع في الحرج والشدّة.
 
واحتمال الضرر يرفع التكليف إذا لم نكن متيقّنين من فائدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أي أنّ هذا الشرط مختصّ بالأمر والنهي في صورة احتمال التأثير.
 
أمّا إذا كنّا متأكّدين من التأثير فعلينا أن نقوم بتقييم المنكر والضرر، ونقدّم الأهمّ. فيمكن في بعض الحالات تقديم النهي عن المنكر حتّى لو كنّا متأكّدين من تضرّرنا بسبب ذلك.
 
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّما هو على القويّ المطاع العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعفة الّذين لا يهتدون سبيلاً..."([3]).
 
هذا في المنكرات العاديّة، وأمّا الأمور الخطيرة جدّاً، الّتي لا يرضى بها الله بحال من الأحوال فتهون النفوس عندها وتجب حتّى لو أدّت للاستشهاد، كحفظ نفوس المسلمين وأعراضهم والمنع من محو آثار الإسلام وشعائره كبيت الله الحرام، ففي مثل هذه الأمور يجب مراعاة الأهمّ ولا يكون مجرّد الضرر رافعاً للتكليف.
 
4 ـ الإصرار على الاستمرار (ولو مرّة واحدة)
 فيجب أنّ نعلم أنّه لا زال مستمرّاً على هذه المعصيّة مصرّاً عليها، أو على الأقلّ نعلم بأنّه كان يبني على ذلك، ففي هذه الصورة يجب نهيه عن المنكر.

وأمّا إذا علمنا أنّه ترك هذه المعصيّة لم يجب نهيه عنها. ويمكن معرفة ذلك من خلال إظهاره التوبة والندامة، أو من خلال قيام بيّنة على ذلك (شهادة عدلين) أو حصول العلم والاطمئنان لدينا بسبب من الأسباب. بل يكفي مجرّد ظنّنا أو حتّى الشكّ بأنّه ترك هذه المعاصي (إذا لم يظهر منه الإصرار عند ارتكاب المعصيَة على الاستمرار بها) ففي هذه الصورة يسقط الوجوب أيضاً.
 
وإذا علمنا قصده ارتكاب معصيَة معينة فالظاهر وجوب نهيه وإن لم يرتكبها إلى الآن.
 


([1]) بحار الأنوار، المجلسي، ج 97، ص 87.
([2]) مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج 12، ص 214.
([3]) بحار الأنوار، المجلسي، ج 97، ص 93.

وقال الرئيس "بزشكيان" اليوم الاثنين خلال مراسم تسلم أوراق اعتماد السفير الفرنسي الجديد في طهران "بيير كوشار"، أن "جمهورية ايران الإسلامية، وخاصة في عهد الحكومة الرابعة عشرة، تسعى إلى التوافق الداخلي والتفاعل مع العالم، لكن الدول الغربية تعطل هذا المسار من خلال الدعاية الكاذبة وتوجيه اتهام إلى إيران بالسعي لامتلاك أسلحة نووية".

وأضاف الرئيس الإيراني : نحن نطالب بحقوقنا في إطار القوانين الدولية، ونلتزم بمتطلبات هذا الإطار، وكما وافقنا سابقا على فرض أشد انواع الأنظمة الرقابية على أنشطتنا النووية، فإننا لانزال مستعدين للتعاون في هذا المجال ولكن هذا لا يعني التنازل عن حق الشعب الإيراني.

وفي إشارة إلى الجرائم غير المسبوقة والوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني المظلوم بغزة، انتقد الرئيس "بزشكيان" بشدة صمت وتقاعس الدول الأوروبية وفرنسا تجاه هذه المجازر؛ متسائلا : أي ذريعة أو سبب يبرر قتل الأطفال والنساء وحتى الرجال جوعا نتيجة الحصار الإجرامي على شعب بأكمله؟، وهل الأطفال الذين ولدوا للتو إرهابيون لكي يُقتلوا إما بالقصف أو بسبب الجوع الناتج عن حصار غزة؟؛ نأمل بأن تلعب دول مثل فرنسا دورا أكثر فعالية في وقف استمرار جرائم الكيان الصهيوني.

من جانبه، أعرب السفير الفرنسي الجديد لدى ايران، عن تعازيه لاستشهاد عدد من المواطنين الإيرانيين في الحادث الإرهابي الذي وقع أمس بمدينة زاهدان (جنوب شرقي البلاد)؛ مشددا على التزام بلاده بالحفاظ على مسار الحوار والدبلوماسية وسعيها لتعزيز الثقة، وقال في هذا السياق : ان فرنسا لم تغلق سفارتها في طهران حتى خلال حرب الأيام الـ 12.

وأشار "كوشار" خلال اللقاء مع الرئيس بزشكيان اليوم، إلى "القدرات والمجالات المتنوعة المتاحة للتعاون بين باريس وطهران"؛ مؤكدا اهتمام بلاده بتوسيع العلاقات الثنائية، والتركيز على الحوار باعتباره السبيل الوحيد لحل الخلافات بشأن الملف النووي وأنه يجب إتاحة الفرصة الدبلوماسية كي تأخذ مسارها.

الإثنين, 28 تموز/يوليو 2025 20:17

من آداب مسيرة الأربعين

في سبيل إبطال دسائس العدوّ لمسيرة الأربعين، حسبنا مراعاة بعض آداب هذه الزيارة:

• باعتبار أن أعداءنا لن يجلسوا متفرّجين لهذه المسيرة العظيمة ولن يتركوها بلا دسائس ومؤامرات، حريّ بنا أن نتذاكر بعض آداب الأربعين.

• أنا في طوال هذه السنين التي مرّت علينا بعد انتهاء الدفاع المقدّس، كان لي حضور وارتباط مع كثير من الهيئات والمواكب الجيّدة. فكلّ موكب توسّع ونجح في نشاطاته وازداد عدد روّاده، نصحت شبابه بنصيحة واحدة وهي أن: «احذروا من أن يفرّق الشيطان بينكم ويلقي بينكم عداوات واختلافات، فإنكم الآن تتعاونون مع بعض بحبّ ومودّة، ولكن الشيطان يحاول أن يخرّب عملكم» وأقولها لكم من وحي التجربة أن كلّ موكب لم يراقب هذه المسألة المهمّة، نشأت فيه خلافات ونزاعات، لأن هذا هو عمل الشيطان.

• لقد أثبتت التجربة أن كلّ جماعة يقومون بعمل جميل، يلقي الشيطان بينهم العداوة والبغضاء لكي يخرّب نشاطهم. فبطبيعة الحال من المؤكد أن قد خطّط شياطين الجنّ والإنس من كبيرهم إبليس والشيطان الأكبر أمريكا إلى الشياطين الصغار، بعضَ المؤامرات والدسائس لمسيرة الأربعين العظيمة. أما نحن ففي سبيل إبطال دسائسهم حسبنا أن نطبّق بعض آداب هذه الزيارة:

1ـ إظهار المحبّة والإخوة الدينية:
• على رأس آداب مسيرة الأربعين هو «إظهار الحب والشعور بالإخوة الدينية». يجب أن تكون هذه المحبّة والأخوّة في قلوب مقيمي عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) وتظهر على سلوكهم. أما كيف تجسّدوا هذا الحب والأخوة فهذا ما يرجع إلى ذوقكم.

• قال صاحب موكب عراقي: بسبب كثرة التبلیغات التي كان يبثّها النظام الصدّامي وباقي الأنظمة الفاسدة في البلدان الإسلامية، كنت أكره الإيرانيّين. حتى في السنين السابقة كان يأتي بعض الزوّار من إيران ولكن لم يزل في قلبي شيء تجاههم، إلى أن بدأت هذه الزيارات الجماهيرية في الأربعين فعشقت الإيرانيّين. لأني رأيتهم متواضعين وطيّبين ويمشون على أقدامهم ويتحمّلون الصعاب لحبّ أبي عبد الله الحسين (عليه السلام). يعني رأيت الأخوة الدينية في موسم الأربعين في سلوك الإخوة الإيرانيّين.

• كان يذهب الإيرانيّون إلى زيارة كربلاء عبر حملات، ولكنّهم لم ينجحوا في إظهار الأخوّة الدينية خلال تعاملهم مع الإخوة العراقيّين ولا سيما في تسوّقهم وشرائهم ومساومتهم. ولكنكم تستطيعون أن تجعلوا أيام الأربعين موسما لتعزيز المحبّة والأخوّة الدينية بين الشعبين الإيراني والعراقي.

بابتسامة واحدة، أبطلوا أثر مليارات الدولارات التي قد صرفها العدوّ لبثّ الفرقة بين هذين الشعبين
• ثقوا بأن أعداء هذين الشعبين قد صرفوا مليارات الدولارات لبثّ الفرقة بينهما، فأبطلوا أثر هذه الأموال الطائلة بابتسامة واحدة وبسلام حارّ. ما هو الإشكال لو تعلّمتم أربع مصطلحات في المجاملة وإظهار المحبّة لتستخدموها هناك؟! فعلى سبيل المثال، كم تشعرون بالودّية والعلاقة الحميمة لو قال لكم أخ عراقي: «آقا جون»، فكذلك بإمكانكم أن تتعلموا عبارات ومصطلحات من هذا القبيل وتستخدمونها في مواجهة إخوتنا من أبناء الشعب العراقي الحارّ.

يجب أن نجسّد أروع مظاهر الأخوّة في مسيرة الأربعين
• يجب أن نجسّد أروع مظاهر الأخوّة في الأربعين. ليجسّد الزوّار الإيرانيّون هذه الأخوّة بينهم وكذلك ليجسّدوها في تعاملهم مع الإخوة العراقيّين. بإمكانكم في الأربعين أن تجسّدوا الرحمة والصفاء والمحبّة وأمثال هذه العناوين التي رفعوا شعارها في العالم، ثم انظروا كيف يستقبلكم الحسين (عليه السلام)! فراقبوا أنفسكم ولا تنسوا الابتسامة وإظهار المحبّة لإخوتكم المؤمنين.

• أحد العوامل التي أدّت إلى تضاعف عدد الزوّار بسرعة رهيبة من المئة ألف إلى مليون ومنه إلى عشرة مليون ثم إلى عشرين مليون، هو تبلور هذا الحبّ بين المؤمنين. فإن الإنسان عندما يكون بين هذا العدد الكبير من الناس يشعر بالمحبّة والأخوّة جيّدا.

2ـ لا نكثر من الطعام/ اعتراض الإمام الصادق (عليه السلام) على إكثار زوار الحسين (عليه السلام) من الطعام
• من الآداب الأخرى لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) هو أن يقتصد الإنسان في الأكل والطعام. لا يخفى عليكم أن الضيافة في مسيرة الأربعين على أوجها وستجدون أصحاب المواكب يقدّمون لكم أحسن ضيافة لحبّهم للحسين (عليه السلام)، ولكن ينبغي لكم أن لا تحرصوا وتطمعوا بأنواع الأطعمة والأشربة، بل حتى اكتفوا أحيانا بالخبز اليابس الساقط على المائدة. فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً أَرَادُوا الْحُسَيْنَ عليه السلام حَمَلُوا مَعَهُمُ السُّفَرَ فِيهَا الْحَلَاوَةُ وَ الْأَخْبِصَةُ وَ أَشْبَاهُهَا لَوْ زَارُوا قُبُورَ أَحِبَّائهِمْ مَا حَمَلُوا مَعَهُمْ هَذَا»[كامل الزيارات/ص129]

• وكذلك روي عنه عليه السلام قال: «بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً إِذَا زَارُوا الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِيٍّ حَمَلُوا مَعَهُمُ السُّفَرَ فِیهَا الْحَلَاوَةُ وَ الْأَخْبِصَةُ وَ أَشْبَاهُهَا لَوْ زَارُوا قُبُورَ أَحِبَّائِهِمْ مَا حَمَلُوا ذَلِكَ» [كامل الزيارات/ص129 , من لا يحضره الفقيه/ج2/ص281]

• و قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: «تَأْتُونَ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: تَتَّخِذُونَ لِذَلِكَ سُفْرَةً؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا لَوْ أَتَیْتُمْ قُبُورَ آبَائِکُمْ وَ أُمَّهَاتِکُمْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ. قَالَ قُلْتُ: أَيَّ شَيْ‏ءٍ نَأْکُلُ؟ قَالَ الْخُبْزَ بِاللَّبَنِ». [من لا يحضره الفقيه/ج2/ص281]

• وفي رواية أخرى قال أبو عبد الله (عليه السلام): «تَزُورُونَ خَیْرٌ مِنْ أَنْ لَا تَزُورُوا وَلَا تَزُورُونَ خَیْرٌ مِنْ أَنْ تَزُورُوا. قَالَ قُلْتُ: قَطَعْتَ ظَهْرِي. قَالَ: تَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَکُمْ لَیَذْهَبُ إِلَى قَبْرِ أَبِیهِ کَئِیباً حَزِیناً وَ تَأْتُونَهُ أَنْتُمْ بِالسُّفَرِ. کَلَّا حَتَّى تَأْتُونَهُ شُعْثاً غُبْرا» [كامل الزيارات/ص130]

إن كنّا قادرين على ذكر الله في مسيرة الأربعين ببطن فارغة، فلماذا نعرّض أنفسنا للغفلة بالإكثار من الطعام؟
• لقد أوصانا أهل البيت بالعبادة بغير بطنة، وإن المشي في مسيرة الأربعين من أعظم العبادات النيّرة. طبعا لعلّ بعض الزوّار يقصد هذا الطريق ليحظى بالضيافة المتوفّرة على طول الطريق باسم الحسين (عليه السلام) ويتمتّع بها ولعلّ معرفته لم تتعدّ هذا المستوى، ولكن اعلموا أن الزيارة ولا سيّما زيارة الحسين (عليه السلام) تقتضي بعض الآداب ومنها قلّة الطعام والشراب كما صرّحت بذلك الروايات.

• نحن ذاهبون إلى مجلس ضيافة. ونحن نتذكّر أيام طفولتنا كيف كانت الأمهات يمنعون أولادهم من الإكثار من الطعام عند ذهابهم إلى مجلس الضيافة. يعني كان الأمهات يأمرن أولادهم بشيء من كفّ النفس وعدم الإكثار من الطعام حفاظا على سمعتهم. كذلك ينبغي لنا أن نجسّد هذه الآداب عند حضورنا في مجلس الضيافة هذا. طبعا بعض الأحيان قد ترون بعض الخدّام وأصحاب المواكب يصرّون عليكم لتستريحوا عندهم وتأكلوا من مائدتهم، فلا بأس باستجابة دعوتهم ولكن حاولوا أن لا تملأوا بطنكم. لماذا يملأ الإنسان بطنه ويعرّض نفسه للغفلة وهو قادر على الذكر ببطن خالية في تلك الأجواء الرائعة؟ فإنها لخسارة كبيرة.

طوّلوا تعقيبات صلاتكم والزموا العبادة بالتركيز على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن/ المخضرمون في زيارة الأربعين يقطعون طريق النجف إلى كربلاء في خمسة أيام لا يومين
• النقطة الثانية في زيارة الأربعين هي لزوم العبادة بالتركيز على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن. يا حبّذا لو تكون صلوات جماعتنا بمزيد من الجمال والروحانيّة وبتعقيبات أطول. لا تستعجلوا في القيام بعد انتهاء صلاة الجماعة وأطيلوا التعقيبات بعد الصلاة فإن المخضرمين وأصحاب الخبرة في زيارة الأربعين لا يستعجلون لطيّ الطريق من النجف إلى كربلاء خلال يومين، بل يقطعونه في أربعة أو خمسة أيام. والعجيب أن روحانيّة المشي إلى كربلاء أكثر من روحانيّة الإقامة في كربلاء، وهي حقيقة لا تخلو من أسرار.

• إذا أردتم تحديد أماكن الاستراحة وسط الطريق، فيا حبّذا لو تجعلون مكان استراحتكم نفس المكان الذي تصلون إليه وقت الأذان. يعني كل ما تسمعون صوت الأذان وسط الطريق، توقفوا للصلاة واجعلوا ذلك المكان نفسه مكان استراحتكم. ثم طوّلوا التعقيبات قليلا.

اقرأوا مصائب أبي عبد الله في صفوف الصلاة/ يجب أن يتحوّل هذا الطريق إلى محلّ للعبادة!
• حتى إذا أردتم أن تقرأوا مصائب الحسين (عليه السلام) فاقرأوها في صفوف صلاة الجماعة. وأساسا يجب أن يتحوّل هذا الطريق إلى محلّ للعبادة! وهذا أيضا من المشاهد التي يجب أن تجسّدوها.

• لقد قرّر بعض الإخوة أن يختموا القرآن في طريقهم من النجف إلى كربلاء وهذا أمر ممكن. بإمكانكم أن تستخدموا سماعة الموبايل وتختموا كلّ القرآن أو بعضه تهدوا ثواب ختمتكم إلى فاطمة الزهراء (عليها السلام) والعقيلة زينب (عليها السلام) وباقي المعصومين (عليهم السلام). ثم اهدوا ثواب إهدائكم هذا إلى روح الإمام الخميني (ره) وأرواح الشهداء. وبعد ذلك اهدوا كلّ هذا الثواب المتضاعف إلى أرواح أمواتكم.

3ـ عدم النزاع أولى من إصلاح بعض الأعمال غير الصحيحة/ لا تثيروا في هذا السفر بعض النزاعات بذريعة النهي عن المنكر
• النقطة الأخرى التي يجب أن نلتفت إليها في هذا السفر، هو أن لا تثيروا في هذا السفر بعض النزاعات بذريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ سوف يزداد نشاط بعض التيّارات والجهات هناك ليثيروا النزاع. وعدم النزاع أولى من إصلاح بعض الأعمال غير الصحيحة. فراقبوا أنفسكم ولا تعمدوا إلى إصلاح كلّ شيء في دفعة واحدة!

وصية الإمام الباقر (عليه السلام): لا تتنازع مع من سبّ أمير المؤمنين (عليه السلام) بل صافحه!
• باعتبار أن هذا التيّار الخبيث السياسي المعادي للإسلام والتشيّع وجبهة الإيمان، يهدف إلى إثارة الفتنة والنزاع، فحاولوا أن لا تعطوه فرصة لتحقيق أهدافه. يقول أحد أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام): «قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنِّي أَرَاكَ لَوْ سَمِعْتَ إِنْسَاناً یَشْتِمُ عَلِیّاً فَاسْتَطَعْتَ أَنْ تَقْطَعَ أَنْفَهُ فَعَلْتَ. قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ. ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَأَسْمَعُ الرَّجُلَ یَسُبُّ عَلِیّاً [جَدّی] وَ أَسْتَتِرُ مِنْهُ بِالسَّارِیَةِ فَإِذَا فَرَغَ أَتَیْتُهُ فَصَافَحْتُهُ.[المحاسن/ج1/ص260]

اجتنبوا عن المواجهات التي يستغلّها الأعداء/ من الطبيعي جدّا أن يكون العدوّ قد خطّط بعض المؤامرات في هذا المجال!
• لا شكّ في أنه يجب الحذر من إثارة النزاع، من قبيل النزاعات السياسيّة أو غيرها. حتى إذا رأيتم أحدا من الناس يحاول أن يبتدع بدعة، فلا بأس أن تتحدّثوا معه إن توفّرت الظروف للتحدّث معه في جوّ هادئ غير متوتّر، أمّا إذا وجدتموه يحاول أن يستفزكم ليثير نزاعا، فاحذروا بشدّة من النزاع ومرّوا كراما. عندنا أسلوب الإمام الصادق (عليه السلام) مع الناصبي الذي سبّ أمير المؤمنين (عليه السلام)، يجب أن نجتنب نحن أيضا عن بعض المواجهات التي تصبّ في صالح العدوّ. إذ من الطبيعي جدّا أن يكون العدوّ قد خطّط بعض المؤامرات في هذا المجال. وقد حدثت بعض التوتّرات المختصرة في العام الماضي. وبالتأكيد سوف يبرمج العدوّ لمثل هذه المواجهات.

• إن إنكلترا من الخباثة بحيث لا توظّف أجهزتها الأمنيّة والاستخباراتية فقط، بل حتى توظّف وسائل إعلامها التي تحاول أن تعطيها صبغة حياديّة وسمعة طيّبة لبث خبثها، فقد قالت إحدى قنواتها قبل عدة سنوات: «الیوم یوم تاسوعاء ويقيم الشيعة الإيرانيّون فيه العزاء على الأخ غير الشقيق للإمام الحسين (عليه السلام)»! بينما نحن نرى أن في العبّاس أعلى درجات الأخوّة. أما إنكلترا الخبيثة هذه تعبّر عن العبّاس بتعبير لم يخطر على قلب شيعيّ أبداً. وهذا ما يدلّ على أنها تحاول أن تطعن وتفرّق بكلّ وسيلة. ومنذ سنين تبرمج لبث الفرقة والنزاع بين الشيعة في أيّام محرّم وبين مواكب العزاء.

يجب أن يتمّ إعداد منشور لآداب الأربعين ويوزّع بين جميع الزوّار
• أنا آمل أن يتمّ إعداد قائمة طويلة لآداب زيارة الأربعين المعنوية والسلوكية والاجتماعية ليطّبقها زوّارنا في هذا السفر الروحاني. حريّ بأصحاب الذوق والدقّة أن يكتبوا آداب الأربعين ثم يوزّعوها على الزوّار ويشرحوها لهم، بحيث لا يبقى زائر ومشارك في هذه المسيرة إلا وتصله نسخة من هذا المنشور. واطمئنوا أن ثواب هذا السفر العظيم سيتضاعف بمراعاة هذه الآداب. ونحن على يقين بأن هذه الزيارة العظيمة ستمهّد لظهور الإمام الحجّة (عج) إن شاء الله.

كل من خطا خطوة لزيارة الأربعين، فسوف يسجّل الإمام الحسين (عليه السلام) اسمه
• باعتقادي أن كلّ من يحاول أن يقدّم شيئا ويخطو خطوة لزيارة الأربعين، فسوف يسجّل الإمام الحسين (عليه السلام) اسمه. وحقيقةً كلّ خطوة يخطوها الإنسان من أجل الأربعين يشعر بتحوّل في قلبه. أسأل الله أن يوفّقكم للمشي في هذا الطريق الروحاني، ولا سيّما في أربعين هذا العام الذي يقارب موقعه من فصول السنة، مع زمن مجيئ الحوراء زينب (عليها السلام) إلى كربلاء في العام 61 هـ.

الإثنين, 28 تموز/يوليو 2025 20:14

لا مثيل للحريّة في الإسلام

متى رأيتم في تاريخ العالم، أنّ بلداً يمتلك جميع أهاليه مشاعر وإحساسات دينيّة، يسمحون لأعداء الدّين إلى حدّ، أن يأتوا إلى مسجد النبيّ، أو إلى مكّة، ويتحدّثوا ويبرزوا عقائدهم كيفما يشاؤون، ينكرون الله وينكرون نبوّة النبيّ ويردّون على الصلاة والحجّ و...، ويقولون إنّهم لا يقبلونها، وفي الوقت نفسه يقابلهم المؤمنون المتديّنون بكلِّ ترحاب واحترام.

نرى نماذج مشرقة كثيرةً من هذا في تاريخ الإسلام، وبمثل هذه الحريّات تمكّن الإسلام من البقاء، فإذا كانوا في بداية الإسلام يردُّون على من يأتي ويُنكر وجود الله، بالضّرب والقتل، فإنّ الإسلام لم يكن ليَبقى حتى اليوم، لقد بقي الإسلام إلى اليوم، وذلك لأنّه قابلَ الأفكار بكلِّ شجاعةٍ وصراحة.

لقد سمعتم جميعاً قصّة رجلٍ يُدعى "مفضَّل". كان مفضَّل هذا، من أصحاب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، كان يُصلّي يوماً في مسجد النبي، وفي أثناء الصلاة دخل رجلان ماديَّان (أي منكران لوجود الخالق)، وجلسا قريباً منه، وشرعا يتكلّمان بصوتٍ عالٍ بحيث كان يسمعهما.

وفي ضمن حديثهما جرى البحث حول النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، فادّعيا أنّه كان رجلاً عبقرياً، وأراد أن يخلق تحوّلاً وثورةً في المجتمع، فرأى أنّ أحسن السّبل معتقداً بالله واليوم الآخر.

فبدأ "مفضَّل" يهاجمهما، في لهجة قاسية، فقالا له: قُلْ لنا: من أيّ الفرق أنت؟ ومَنْ هو إمامك؟ فإنْ كنت من أصحاب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، فعليك أن تعلم بأنّنا نتحدّث بهذه الأحاديث في مجلسه، بل ونعرض أحاديث بأقسى ممّا سمعت، ولكنه لم يغضب أبداً، بل يسمع أقوالنا بكلِّ وقارٍ وطُمأنينة، ويردّ في النهاية على جميع أقوالنا، بالدلائل والبراهين، ويصحّح أخطاءنا.

بهذا استطاع الإسلام أن يبقى ويدوم، تُرى مَنْ الذي نقل وعرض أقوال واعتراضات الماديّين وحافظ عليها؟ وعلى مدى التاريخ الإسلامي؟ هل الماديّون أنفسهم؟ لا، اذهبوا وطالعوا لتروا، أنّ علماء الدّين هم الذين حافظوا على اعتراضات الماديّين؛ أي إنّهم عندما كانوا يعرضون أسئلتهم على علماء الدّين، ويقوم العلماء بالبحث معهم، فإنّ العلماء سجّلوا هذه المباحثات في كتبهم، وبقيت هذه الاعتراضات إلى زماننا هذا، بسبب ورودها في كتب علماء الدّين؛ وإلّا، فإنّ أكثر آثارهم قد اضمحلّت، أو أنّها ليست في متناول اليد.

 انظروا على سبيل المثال إلى كتاب "الاحتجاج" للطبرسي [1] أو كتاب "بحار الأنوار"[2]، لكي تروا مقدار ما عرضاه من اعتراضات وادِّعاءات هذه الفئة.

 وفي المستقبل أيضاً، يستطيع الإسلام فقط، عن طريق المواجهة الصريحة، والوقوف بشجاعة أمام العقائد والأفكار المختلفة، من الاستمرار في حياته.

 إنّني أُحذّر الشباب المعتقدين بالإسلام، أن لا يتصوّروا بأنّ طريق المحافظة على المعتقدات الإسلامية، هو بمنع الآخرين من إبراز عقائدهم.

 لا نستطيع حراسة الإسلام، إلّا عن طريق قوة واحدة فقط، ألا وهي قوّة العلم وإعطاء الحريّة للأفكار المخالفة، ومِن ثمّ مواجهتها مواجهةً صريحةً واضحة، لقد كان لثورتنا دوياً عظيماً في العالم.

 يُقال في العالم اليوم: إنّ التظاهرات التي تقع هذه الأيّام في إيران[3] لم يسبق لها مثيل في التاريخ.

يا إخواني؛ إنّني أتساءل: ما هي القوّة التي تتمكّن من تحريك وإثارة 30 مليوناً على الأقلّ من شعب عدده 35 مليون نسمة؟ إنّ الذين قرؤوا تاريخ الثورات في العالم، يعرفون أنّه لم تصِلْ أية ثورة إلى ما وصلت إليه ثورة إيران، من حيث السعة والشمول.

 لاحظوا إخواننا الطيّارين على سبيل المثال، ربّما كان قليل هم الذين يتصوّرون مدى قُدرة، وقوّة الأحاسيس والعقائد الدينية، المتفشيّة في صميم وأرواح هذه الطبقة.

 إنّهم - وسط دهشة الجميع - يُضربون عن العمل، بإيمانٍ وإخلاص، ولم يخضعوا لأيّة قدرة ولا يُرعبهم أيَّ تهديد. ولكن عندما يأتي الإعلان عن قدوم الإمام، يتطوعون لقيادة طائرته.

 تخالفهم السلطة وتهدّدهم - كما نقلوا لي بأنفسهم - وتحذِّرهم من مغبةِ إقدامهم على مثل هذا العمل، مع أنّهم لا يملكون وظيفة ولا منصباً (بعد أنْ أضربوا عن العمل)، بل وتهديدهم بأنّهم إذا قادوا الطائرة، فإنّ الحكومة سوف تقصفهم بالصواريخ وتقضي عليهم.

 غير أنّهم يُجيبون: بالرّغم من كلِّ ذلك، فإنّنا عازمون على الحركة، واعملوا ما شئتم، عند ذاك تضطرّ السلطة إلى التراجع، وتسمح بفتح خطٍ واحدٍ من بين جميع الخطوط الجويّة، فيُسمّيه الطيارون: خطّ الثورة، ويا له من اسمٍ بديع!

 أين هم أولئك الذين يقولون: إنّ الدّين يخصّ كبار السن، والعجائز وأهالي الجنوب[4]؟ ألم يُشارك بهذه الثورة، القرويُّ والحضريُّ، العامل والفلاح، الطالب والأستاذ، المحامي والموظّف؟ فما هي القوّة التي تستطيع أن تخلُقَ ثورةً كهذه، غير قوّة العقيدة، وبالأحرى عقيدة مثل الإسلام؟

 إنّ هذا الأمل يحيا في قلبي تدريجياً: وهو أنّ الثورة لن تنحصر في إيران، وأنّها سوف تحتضن سبعمائة مليون مسلماً، وسوف يكون الفخر لإيران، حيث أنّ الثورة الإسلامية بدأت منها لِتعمّ كافّة البلاد الإسلامية، ولا شك في ذلك.

 أخبروني قبل بضعة أيّام أنّ (كارتر) حذَّر الإمام الخميني(قدس سره): من أنّ القوّتين العظميين توافقان على حكومة "بختيار"15؛ وعليه أن يعرف ذلك، ولكن هذا الرجل العظيم لم يهتم بهذا التهديد أبداً.

أنا الذي درست وتتلمذت في محضر هذا الرجل العظيم، قرابة اثني عشر عاماً، فإنّني خلال سفري الأخير إلى "باريس" وزيارتي له، أدركت من روحيّته أشياء، لم تُزد من إعجابي فحسب، بل زادت من إيماني به أيضاً.

عندما رجعت سألني أصدقائي ماذا شاهدت؟ أجبتهم لمست فيه الإيمان بأربعة:

1.إيمانه بهدفه: إنّه يؤمن بهدفه، بحيث لو اجتمع العالم، ما استطاع أنْ يصرفه عنه.

2. إيمانه بسبيله: إنّه يؤمن بالطريق الذي اختاره، ولا يمكن لإنسان أن يحيده عن سبيله، ومثلما كان النبيّ يؤمن بهدفه وبطريقه فإنّه كذلك.
 
3. إيمانه بشعبه: لم أرَ أحداً قطُّ مثله، من بين جميع أصحابي وأصدقائي، مَنْ يؤمن بمعنوية الشعب الإيراني، ينصحونه أنْ يخفّف قليلاً من مواقفه، قائلين إنّ الشعب بدأ يتراجع تدريجياً، وإنّ معنوياته محطّمة، ولكنه يقول: لا، ليس الشعب "الإيراني" كما تقولون، إنّني أعرفه أحسن منكم، وها نحن نرى جميعاً صدق كلامه يتّضح يوماً بعد يوم.

4. وأهم من ذلك كلّه إيمانه بربّه: كان يقول لي في جلسةٍ: لا تتصوّر أنّنا نحن الذين نعمل هكذا (نقوم بالثورة)، إنّني أرى وألمس يدّ الله بوضوح، إنّ الذي يشعر بقوّة الله وعنايته ويسير في سبيل الله، فإنّ الله يُضيف إلى قوّته النصر، تصديقاً لقوله تعالى: ﴿ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾[5]، وتصديقاً لما يتحدّث به القرآن عن أصحاب الكهف، إذ يقول تعالى: ﴿ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾[6]، إنّهم قاموا لله، والله يربط على قلوبهم، ﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾[7]

 إنّني أرى هذه الهداية والتأييد (الإلهيين) بوضوح في هذا الرجل، إنّه قام لله، فمنحه الله تعالى قلباً قوّياً، حيث لا يأتيه الخوف، ولا يتزعزع أبداً.

 إنّ الأطبّاء الفرنسيّين، الذين فحصوا - أخيراً - هذا الشيخ، وقد تعرّض خمسة عشر عاماً - على الأقل - للحرب النفسيّة، والتأثُّرات الروحية، وفقد أخيراً ذلك الشابّ الصالح[8]؛ إنّهم، يعتقدون: بأنّ الإمام يمتلك قلباً، كقلب شابّ عمره عشرون سنة، إنّه الذي يسير في سبيل الله، وقد رأى بالتجربة ما وَعَدَنا القرآن[9].

 لقد وعد القرآن أنّكم إذا قمتم لله وعملتم من أجل الله، فإنّكم ترون وقتئذٍ عناية الله. تحرَّكْ من أجل الله، لترى الله وترى عنايته.

 إنّ الإنسان الذي تحرّك لله، وتوكّل عليه، فإنّه لا يخشى من تهديدات أمريكا، حتى ولو أضيفت إليها تهديدات الاتّحاد السو ڤييتي.

 ولأذكر لكم مورداً آخر من مختصّات هذا الرجل العظيم، هذا الرجل الذي، ينشر ويُرسل في النهار تلك البيانات الثائرة اللاهبة، هو الذي يُناجي ربّه في الأسحار ساعةً واحدةً على الأقلّ، وتُسكب دموعه بطريقةٍ يصعُب تصديقها. إنّ هذا الرجل هو نموذج حقيقي ممّن سار على خُطى الإمام علي (عليه السلام).

قيل في الإمام علي (عليه السلام) إنّه هو الضحَّاك إذا اشتدَّ الضِّراب في ميدان القتال، وهو البكّاء في محراب العبادة بحيث يُغشى عليه من شدّة البكاء.

 أتمنّى أنْ يمنح الله هذا القائد عمراً طويلاً ويوفّقه للخدمة، ويوفّقنا جميعاً أنْ نكون حماةً حقيقييّن للإسلام.
 


[1]  من كبار الفقهاء والمفسّرين توفي سنة 548هـ. وللتوسُّع يراجع معالم العلماء، ص 25، كشكول البحراني، ج1، ص301، إيضاح المكنون ذيل كشف الظنون،ج1، ص31، معجم المؤلفين،ج 2، ص10، أعيان الشيعة،ج 9، ص99، الذريعة إلى تصانيف الشيعة،ج 1، ص281، وغيرها.
[2]  كتاب "بحار الأنوار" عبارة عن دائرة معارف إسلامية في 110 مجلدات، للعلّامة محمّد باقر المجلسي، المتوفّى سنة 1111هـ. وللتوسُّع يُراجع: مقدّمة "بحار الأنوار" ج 1، ص 4 - 34؛ بقلم الحجّة: عبد الرحيم الرباني الشيرازي.
[3]  أيّام الثورة.
[4]   أهالي الجنوب، كناية عن الفقراء والمستضعفين حيث إنّ معظم سكانه هم من الفقراء.
[5] آخر رئيس وزراء للشاه هرب في الأيّام الأولى للثورة إلى باريس.
[6]  القرآن الكريم،سورة محمّد، الآية 7.
[7]  القرآن الكريم،سورة الكهف، الآية 14.
[8]   نجلّ الإمام الأكبر، آية الله السيد مصطفى الخميني، الذي تُوفي في النجف الأشرف في عصر الشاه، وبقي سرّ وفاته غامضاً إلى الآن، (المترجم).
[9]  إنّ الشهيد مطهّري(رضوان الله عليه) يُريد أن يقول: إنّ القائد الخميني(قدس سره) قد وجد بالتجربة أنّ ما كان لله ينمو، وأنّ مَن كان مع الله كان الله معه.

الإثنين, 28 تموز/يوليو 2025 20:13

الإطار الاجتماعي للشهادة

الإطار الاجتماعي للشهادة ينظر إلى المسألة باعتبارها ظاهرة لها جذورها الممتدة في أعماق المجتمع، ولها آثارها الجسيمة التي ستتركها على الحياة الاجتماعية.

موقف المجتمع من الشهيد ومن حادثة الشهادة لا يرتبط بالشهيد ذاته فقط بما حقّقه الشهيد من نجاح فردي، أو بما مُني به من فشل فردي فحسب.. بل إنّ هذا الموقف يرتبط برد الفعل الذي سيبديه المجتمع تجاه الشهيد، وتجاه جبهة الشهيد من جهة، وتجاه الجبهة المعارضة للشهيد من جهة أخرى.

الشهيد يرتبط بمجتمعه عن طريقين:

الأوّل: ارتباطه بأفراد حرموا من وجوده ومن معطياته.

ووقع الشهادة على هؤلاء الأفراد مؤلم محزن. وإن بكى هؤلاء على الشهيد فإنّما يبكون في الحقيقة على أنفسهم.

الثاني: ارتباطه بالأفراد الذين ثار الشهيد بوجههم، لما بثّوه في المجتمع من إثم وفساد.

أي ارتباطه بالجو الفاسد الذي ناضل الشهيد لمحوه وسقط صريعاً على طريق نضاله.

هذا الارتباط يلقي على المجتمع أوّل درس من دروس الشهيد.

هذا الدرس يتلخّص في الطلب من أفراد المجتمع عدم السماح للأجواء الفاسدة أن تظهر في المجتمع..

شهادة الشهيد تطرح في إطار هذا الدرس على أنّها أمر مؤلم مفجع، لكن هذا الألم يتحوّل في نفوس الأفراد إلى سخط على الذين ثار الشهيد بوجههم، وعلى الذين قتل الشهيد بأيديهم..

وهذا السخط يحول دون ظهور قتلة جناة في المجتمع.

وهذا الدرس نتلمس آثاره في الذين تربوا في مجالس العزاء الواقعية على الحسين عليه السلام، إنّهم يأبون أن يتشبهوا قيد أنملة بقتلة الحسين (عليه السلام).

وللشهادة دروس اجتماعية أخرى. المجتمعات الإنسانية لا تخلو من أجواء فاسدة تتطلب الشهادة.

وهنا ينبغي دفع مشاعر أفراد المجتمع على طريق الاستشهاد، عن طريق سرد ما قام به الشهيد من أعمال بطولية عن "وعي" و"اختيار".

فعن هذا الطريق ترتفع مشاعر أفراد المجتمع إلى مستوى مشاعر الشهيد، وتنطبع بطابعها ومن هنا قلنا إنّ البكاء على الشهيد: اشتراك معه فيما سجله من ملاحم، وتعاطف مع روحه، وانسياق مع نشاطه وتحركه وتياره.