مقرمشة ولذيذة ودهنية، تُعد البطاطس المقلية من أكثر الأطعمة التي تحظى بإقبال وشعبية في أنحاء العالم؛ فهي خيار سهل وسريع وشهي يناسب مختلف الوجبات خلال اليوم، ويمكن تناولها كوجبة ثانوية أو كصحن أساسي مع مختلف أنواع الصلصات والمشروبات.
وعلى الرغم من أن البطاطس المقلية قد ارتبطت طويلًا بالسعرات الحرارية بسبب محتواها العالي من الدهون ودورها في كسب الوزن وتهديد الصحة والعديد من التبعات الخطرة عند الإفراط في تناولها، مثل ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول والسكري وغيرها، فإن الجديد ربطها أيضًا ببعض أمراض الصحة النفسية مثل التوتر والاكتئاب. فما القصة؟
ما علاقة المقليات بالصحة العقلية؟
كشفت دراسات علمية حديثة أن تناول الأطعمة المقلية قد يكون له تأثير سلبي على الصحة العقلية، ووجد فريق بحثي في مدينة هانغتشو بالصين أن الاستهلاك المتكرر للأطعمة المقلية، بخاصة البطاطس، مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالقلق بنسبة 12% وخطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 7% مقارنة بالأشخاص الذين لا يتناولون الأطعمة المقلية.
واتضح هذا الارتباط أكثر لدى الفئات العمرية الشابة وبين المستهلكين الأصغر سنا، إذ تعدّ الأطعمة المقلية من عوامل الخطر المعروفة للسمنة وارتفاع ضغط الدم والآثار الصحية الأخرى.
ومع ذلك، قال الخبراء إن تلك النتائج لا توضح بالضرورة إذا كانت الأطعمة المقلية تسبب مشكلات في الصحة العقلية لدى المستهلكين لها، أو أن الأشخاص الذين يعانون من أعراض الاكتئاب أو القلق يميلون أكثر إلى استهلاك الأطعمة المقلية.
ووجدت الدراسة أن مخاطر الإصابة بالسرطان والوفاة، بخاصة سرطان المبيض، ارتفعت لدى من تناولن مزيدا من الأطعمة المعالجة.
وبعد متابعة ما يزيد على 140 ألف شخص على مدى أكثر من 10 سنوات، اتضح أن البطاطس المقلية على وجه التحديد تسببت في زيادة بنسبة 2% في خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق المزمن نتيجة لتغيير كيمياء الدماغ.
ومع ذلك، فإن النتائج قد تكون معكوسة الأسباب، بمعنى أنه يُعتقد أن الأشخاص المصابين بالقلق والاكتئاب واضطرابات مثل التوتر المزمن يميلون إلى استهلاك "الطعام المريح" للإحساس بشعور أفضل.
ويلجأ من يعانون من أعراض أساسية للقلق والاكتئاب والاضطرابات العقلية والنفسية الأخرى إلى عادات مثل "الأكل العاطفي" للعلاج الذاتي والشعور بالراحة ولو مؤقتًا.
أهمية الطعام الصحي لصحة نفسية متوازنة
ولحماية الصحة العقلية بوجه عام، يوصي الخبراء في الصحة العامة والتغذية بتناول الأطعمة الطبيعية الكاملة التي تأتي معالجتها بأقل قدر ممكن، مع ضرورة تجنب الأطعمة التي تحتوي على السكريات المضافة والمواد الحافظة والمواد الكيميائية، وتقليل الأطعمة المقلية إلى أقل قدر ممكن بسبب أضرارها المتعددة.
كذلك ينبغي معرفة أن العلاقة بين سوء التغذية وسوء الصحة العقلية والنفسية هي طريق ذو اتجاهين، فالأطعمة غير الصحية تضر بالميكروبيوم (البكتيريا النافعة في الجسم المسؤولة عن تعزيز كفاءة العديد من الوظائف المهمة مثل الهضم وعملية الأيض)، ويمكن أن تؤدي إلى تفاقم أعراض الاكتئاب، ولكن في الوقت نفسه يميل أولئك الذين يعانون من مزاج منخفض إلى الحصول على الأطعمة المريحة التي تعطي شعورًا فوريا بالتحسن، مثل الأطعمة المقلية والحلويات.
هل هناك أطعمة تزيد أو تقلل من مشاكل الاكتئاب؟
وعما إذا كانت هناك أي أطعمة قد تفيد أو تمنع الاكتئاب والقلق، تجيب الطبيبة جونسون أربور اختصاصية السموم الطبية -لموقع "ميديكال نيوز توداي" للصحة والمعلومات الطبية- بأنه "لا توجد أطعمة محددة ثبت أنها تعالج أو تمنع الاكتئاب أو القلق".
وتضيف أن النظام الغذائي السائد في البحر الأبيض المتوسط الذي يتضمن استهلاك الخضراوات والفواكه والفاصولياء والحبوب الكاملة يرتبط بمستويات أقل من البروتين التفاعلي "سي" (C) مقارنة بأي نظام غذائي.
وأوضحت أن البروتين التفاعلي "سي" مرتبط بالالتهاب في الجسم، ولذا فإن المستويات المنخفضة منه قد يكون لها تأثير إيجابي على تطور الاكتئاب والقلق والحالات الأخرى التي تتأثر بالالتهاب.
في المقابل، فإن المستويات المرتفعة من تناول الأطعمة المقلية، بخاصة البطاطس، تؤدي إلى زيادة مستويات مادة "الأكريلاميد" السامة في الدم، وتؤدي المستويات المرتفعة من هذا السم إلى اختلافات في وظيفة الخلايا العصبية في الدماغ وقد تسبب الاكتئاب والقلق، بخاصة عند الشباب.
واختتمت بالتنبيه على ضرورة التقليل من تناول الأطعمة المقلية مثل البطاطس إلى أدنى حد ممكن، وحصرها في المناسبات النادرة فقط، بما لا يزيد على مرة واحدة في الشهر تقريبًا، وذلك لتجنّب المعاناة من القلق والاكتئاب.