الحج من منظار الإمام الخامنئي

قيم هذا المقال
(0 صوت)

المعرفة هدية الحج:

أولا: مع أن خيرات الحج تستغرق جميع جوانب الحياة البشرية، وهذه الأمطار الرحيمة السخية تسبغ الخصب والحيوية و توثّب الحياة على خلوات الإنسان و أفكاره و كذلك على مساحات السياسية و المجتمع والقوة الوطنية للمسلمين و التعاون بين الشعوب المسلمة. لكن ربما أمكن القول إن «المعرفة« هي مفتاح جميع ذلك، و إن المعرفة هي الهدية الأولى التي يقدمها الحج للشخص الذي يرغب في فتح عينيه على الحقائق و الانتفاع من قدرة «فهم الظواهر« التي يمنّ الله بها على البشر. إنها المعرفة التي عادة ما لا تمنح لحشود المسلمين الهائلة إلا في الحج. و ما من ظاهرة دينية أخرى بوسعها تزويد الأمة الإسلامية دفعة واحدة بمجموعة المعارف التي يمكن اكتسابها في مراسم الحج.

ثانيا: الحج رمز الأمة الإسلامية تتزامن أيام الحج من كل عام بشوق وحنين في القلوب العاشقة و الأرواح التائقة من كل أنحاء العالم الإسلامي لكي تسجد على أعتاب الحب و التقديس بجوار بيت المعبود و ديار المحبوب، و تمرّغ جباه العبودية و التقرب في تراب ذلك المقام السامي. يقضون أياماً معلومات في ظل الذكر و المناجاة، و يسكنون في ملاذ الرحمة و المغفرة، و يلتقون إخوانهم الأبعدين من أقصى أنحاء العالم، و يستشعرون عظمة الأمة الإسلامية في نموذج حي و متجسّد. الحج رمز الأمة الإسلامية و معلِّمُ نوع السلوك الذي يجب أن تنتهجه هذه الأمة الكبيرة لتأمين سعادتها. يمكن تلخيص الحج بأنه حركة هادفة و واعية و متنوعة و جماعية باتجاه واحد. نسيج هذه الحركة هو ذكر الله و تعاطف عباد الله، و هدفها إيجاد مركز معنوي مكين لحياة إنسانية سعيدة: «جعل الله الكعبة البيت الحرام قياماً للناس و الشهر الحرام و الهدي و القلائد«..

ثالثا: الخصوصية البارزة مع أن أسرار الحج و رموزه أكثر من أن يمكن ذكرها في كلمة واحدة، و لكن أية عين بصيرة بالأسرار يمكنها مشاهدة خصوصيته البارزة منذ النظرة الأولى: أولاً الحج هو الفريضة الوحيدة التي يدعو الله لأدائها جميع المسلمين - من استطاع منهم - إلى مكان واحد من كافة أنحاء العالم و من خلوات بيوتهم و معابدهم، و يربطهم في أيام معدودات بمختلف مساعيهم و حركاتهم و سكناتهم و قيامهم و قعودهم: «ثمّ أفيضوا من حيث أفاض الناس و استغفروا الله إن الله غفور رحيم«.

رابعا: التقارب الوطني و الدولي حينما يتوجّه قسم من الشعب باتجاه معين و في سفر واحد نحو هدف واحد و يعودون، فسوف يزداد تقاربهم بالتأكيد و يرتفع مستواهم المعنوي و الأخلاقي الوطني و الدولي أيضاً. فالشعوب إلى جانب قواسمها المشتركة لها فوارقها و تبايناتها التي تفصل بينها و قد تخلق دوافع عدوانية بينها. و من شأن الحج أن يؤدي إلى تقليل هذه الفوارق، و تكريس نقاط الاشتراك و الاتحاد بين مختلف الشعوب. لذلك ليس لدينا أية فريضة بهذه الأبعاد الواسعة و العظيمة.

خامسا: معالجة مشكلات المجتمعات الإسلامية نحمد الله الحكيم العزيز و نثني عليه أن مَنَّ على عباده و دعاهم للاجتماع في بيته، و أمر رسوله الكبير بالأذان للحج من على مآذن التاريخ، و جعل مساحة بيته أمناً و أماناً و طهّرها من أوثان الجاهلية و جعلها مطافاً للمؤمنين و ميعاداً للأبعدين و مظهراً للجماعة و تجلياً لشوكة الأمة و اجتماعها. بيت الله الذي جعله سدنة الكعبة و خدام المطاف و المسعى في عهد الجاهلية الأولى سوقاً لتجارتهم و دكاناً لرئاستهم و سيادتهم، جعله الله للناس مصدراً لانتفاعهم، و قرّر للقادمين إليه حقاً مساوياً لحقوق المساكين فيه على الرغم من إرادة الاحتكاريين و الحصريين، و جعل الحج رمزاً لوحدة المسلمين و عظمتهم و التناغم و التلاحم فيما بينهم و مبطلاً لسحر الكثير من الابتلاءات التي راح المسلمون أفراداً و مجتمعات يعانون منها نتيجة تخلفهم عن أصولهم و جذورهم، نظير: الميل للأجانب، و نسيان الذات، و الخضوع للحيل و الألاعيب، و الغفلة عن الله، و الوقوع في أسر أهل الدنيا، و سوء الظن بالإخوة، و الإصغاء لكلام الأعداء فيهم، و عدم الاهتمام لمصير الأمة الإسلامية، بل و عدم معرفة كلٍّ اسمه الأمة الإسلامية، و عدم الاطلاع على أحداث سائر البلاد الإسلامية، و عدم اليقظة إزاء مخططات أعداء الإسلام و المسلمين، و الكثير من الأمراض المهلكة الأخرى التي هدّدت المسلمين دوماً و على امتداد التاريخ الإسلامي نتيجة تسلّط غير المؤهلين و غير المتدينين على الحياة السياسية للمسلمين و مصيرهم، و اكتسبت في القرن الأخير شكلاً متأزماً و هداماً بفعل تواجد القوى الاستعمارية الأجنبية في المنطقة أو عملائهم الفاسدين اللاهثين وراء الدنيا.

سادسا: التواجد ذو المعنى العميق الواقع أن تواجد المسلمين في الحج يجب أن يكون تواجداً له معناه، و إلا لو كان القصد مجرد الجانب المعنوي و ذكر الله لكان بوسع الإنسان أن يقعد في بيته و يذكر الله. لذلك قيل لهم اجتمعوا في مكان واحد. اجتماعهم من أجل المنافع التي يجب أن يشهدها المسلمون في أيام الحج. بمقدور الحج أن يوجد تحولاً داخلياً في كل واحد من المسلمين و يخلق لديهم روح التوحيد و الارتباط بالله و الثقة به، و بوسعه أيضاً أن يصنع من الأعضاء المبضّعة للأمة الإسلامية جسداً واحداً كفوءاً قوياً. بوسعه أن يعرِّفهم على بعضهم و يطلعهم على كلام بعضهم و آلام بعضهم و تقدم بعضهم، و حاجات بعضهم، و يدفعهم إلى تبادل تجاربهم. يمكن القول بكل ثقة إن هذا الواجب الإسلامي إذا استثمر بشكل صحيح فسوف يبلغ بالأمة الإسلامية عزتها و قدرتها الجديرة بها بعد مدة ليست بالطويلة. للحج في جوهره و ذاته عنصران أصليان: التقرّب إلى الله في الفكر و العمل، و اجتناب الطاغوت و الشيطان بالجسم و الروح. كل أعمال الحج و تروكه إنما هي من أجل هذين الشيئين و في سبيلهما و لتأمين أدواتهما و مقدماتهما. و هذه في الحقيقة خلاصة للإسلام و لجميع الدعوات الإلهية.

الأبعاد المعنوية للحج

أولا: آداب الحج ما أغفلهم أولئك الذين يقللون من أهمية مراسم الحج و أيامه و مناسكه بانصرافهم نحو الشؤون الدنيوية. ينبغي أداء الحج بتوجّه و حضور قلب و مراعاة آدابه. ما عدا مناسك الحج و الأعمال التي تشكل الصورة الظاهرية للحج، هناك للحج آداب هي روح الحج. البعض يؤدون هذه الصورة لكنهم غافلون عن روح الحج و حقيقته. أدب الحج هو الخضوع و الذكر و التوجّه. أدب الحج هو الشعور بالوقوف أمام الله في كل اللحظات. أدب الحج هو اللجوء إلى ساحة الأمن الإلهي التي أعدها الله للمؤمنين و المتمسكين بأذيال التوسل بالذات الإلهية المقدسة. ينبغي معرفة هذه الجنة و الدخول فيها. يجب فهم الحج بهذه الطريقة. أدب الحج هو المسالمة و المداراة. العنف مع المؤمنين و الشجار مع الإخوة و الفسوق و الجدال حالات ممنوعة في الحج. أدب الحج هو الغور في حقيقة معنى الحج و الانتهال و التزود منه لكل فترات الحياة. أدب الحج هو الإخوة و تكريس المحبة و الوحدة. فرصة خلق الوحدة بين الشعوب المسلمة غير متاحة إلا في الحج. كل هؤلاء البشر جاءوا من أقصى أنحاء العالم إلى هناك حباً للكعبة، و حباً لمرقد الرسول، و حباً لذكر الله، و حباً للطواف و السعي. هذه فرصة مغتنمة للأخوة.

ثانيا: تجربة معنوية بالنسبة للإنسان كفرد فإن فرصة الحج فرصة دخول إنسان في القضاء المعنوي اللامتناهي. إنه ينتشل نفسه من ثنايا حياته العادية بكل أدرانها و إشكالاتها، و يتوجه نحو فضاءات الصفاء و المعنوية و التقرب إلى الله و الرياضة الاختيارية. منذ بداية دخولكم هذه المراسم تحرِّمون على أنفسكم الأشياء المباحة لكم في أيام حياتكم العادية. الحرام معناه تحريم الأشياء المباحة و الشائعة في الحياة الدارجة. و البعض منها من أسباب الغفلة و بعضها من عوامل الانحطاط. التطهّر من الأدران المادية و مشاهدة الله دوماً و في كل مكان و في جميع الأعمال تعد زاداً كبيراً للإنسان حتى لو استمرت مدة أيام معدودات. جميع آداب الحج و مناسكه هي من أجل أن يتوفر الحاج على هذه التجربة المعنوية و يشعر بهذه اللذة في روحه. معنوية الحج هي ذكر الله المودع كالروح في كل واحد من أعمال الحج. هذا النبع المبارك يجب أن يبقى دفاقاً حتى بعد أيام الحج، و لا بد لهذا المكسب أن يستمر.

ثالثا: التحرر من مظاهر التفاخر تنتزع منا جميع وسائل التفاخر الظاهري و المادي، و أولها الثياب. تزاح المراتب و المناصب و الرتب و الثياب و أزياء التفاخر و كل شيء و تودع كلها في ثوب واحد. لا تنظروا في المرآة لأن ذلك من تجليات الأنانية و الانبهار بالذات. لا تستخدموا العطور لأنها من أدوات التظاهر. لا تتهربوا من أشعة الشمس و هطول الأمطار و لا تنحرفوا إلى تحت السقوف – أثناء المسير – لأن ذلك من مظاهر طلب الراحة و الدعة. و كذلك باقي أعمال الإحرام، إنها تحريم للأشياء المسببة للراحة و الشهوات النفسية، فالشهوة الجنسية محرمة في هذه المدة، و أسباب التفاخر و التمييز كذلك. هذه كلها ممارسات تترك و تزول في أيام الحج.

رابعا: فرصة لبناء الذات الخطوة الأولى للحجاج هي بناء الذات. الإحرام، و الطواف، و الصلاة و المشعر، و عرفات، و منى، و التضحية، و الرمي، و الحلق، هذه كلها مظاهر خشوع الإنسان و تواضعه أمام الله و مواضع ذكره و تضرعه و تقربه إليه. ينبغي عدم المرور بهذه المناسك ذات المعاني العميقة مرور الغافلين. مسافر ديار الحج عليه أن يرى نفسه في كل هذه المراسم في حضرة الله تعالى، و يعتبر نفسه وحيداً مع المحبوب رغم أنه وسط الحشود الهائلة، فيناجيه، و يطلب منه، و يعشقه، و يطرد عن فؤاده الشيطان و الهوى، و يمحو عن نفسه صدأ الحرص و الحسد و الجبن و الشهوة. و يحمد الله على هدايته و نعمه، و يروّض القلب على الجهاد في سبيل الله، و ينمي في فؤاده العطف على المؤمنين و البراءة من المعاندين و أعداء الحق، و يكرس عزيمته على إصلاح نفسه و إصلاح الحياة من حوله، و يعاهد ربه على عمارة دنياه و آخرته. الحج فرصة كبيرة تضع هذه الحقائق و حقائق كثيرة أخرى من هذا القبيل – توفرت لشعبنا المسلم في إيران بفضل المعرفة و الهداية الإسلامية – في متناول أيدي الرأي العام العالمي و توقظه. الكثير من القلوب في العالم الإسلامي يقظة، و يجب أن تشعر أن لأفكارها أنصار في شتی أرجاء العالم الإسلامي حتى تكتسب الجرأة و الشهامة و الشجاعة اللازمة. كل هذا يحصل في ظل معنوية الحج. لا تغفلوا عن معنوية الحج و الاغتراف من المفاهيم السامية للأدعية و الزيارات و الآيات القرآنية الكريمة.

خامسا: عبادات لدفع الغفلة الحج فرصة استثنائية. جميع العبادات فرصة لاستعادة الإنسان لذاته. الإنسان يغفل عن نفسه و عن قلبه و عن حقيقته بسبب الغفلة عن الله تعالى و هو روح الوجود و حقيقته. «نسوا الله فأنساهم أنفسهم«. هذا هو داء البشرية الكبير اليوم. الإنسان يغفل عن نفسه بغفلته عن الله تعالى. حاجيات الإنسان و حقيقته و الهدف من خلقته تُنسى تماماً تحت عجلات الأجهزة المادية. ما ينبّه الإنسان لنفسه و لحقيقته و لحاجاته و لقلبه في ظل التنبه إلى الله هو الدعاء و العبادة و التضرع. و الحج من هذه الناحية هو خير العبادات، إذ من حيث الزمان، و من حيث المكان، و من حيث توالي الحركات التي يقوم بها الحاج و الناسك أثناء الحج، تعد هذه الفريضة عبادة استثنائية. من هنا كانت مدينة مكّة و مراسم الحج وسيلة لأمن الإنسان. الإنسان بخضوعه، و توجهه، و تضرعه، و غرقه في ذكر الله أثناء تلك المراسم العجيبة العظيمة يشعر قلبه بالأمن. هذه أكبر حاجة من حاجيات الإنسان. الجحيم الذي خلقته القوى المادية و المحفزات المادية حول الإنسان، يستطيع الإنسان بلجوئه إلى الحج تحويله إلى برد و سلام جنائني في ذلك المكان و الزمان . نعم، الحج عبادة و ذكر و دعاء و استغفار، لكنها عبادة و ذكر و استغفار باتجاه إيجاد الحياة الطيبة للأمة الإسلامية و إنقاذها من أغلال الاستعباد و الاستبداد و آلهة المال و العسف، و بث لروح العزة و العظمة في الأمة الإسلامية، و إزاحة للكسل و الملل عنها. هذا هو الحج الذي يعد من أركان الدين، و الذي يعتبره الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في نهج البلاغة علم الإسلام و جهاد كل عاجز عن الجهاد و مزيل الفقر و الفاقة و مبعث اقتراب أهل الدين من بعضهم.

سادسا: الحج الإبراهيمي الحج الإبراهيمي هو الذي يسير فيه المسلمون من التفرق إلى الاجتماع. فهم يطوفون حول الكعبة التي تعد صرحاً لذكرى التوحيد و رمزاً للبراءة و النفور من الشرك و عبادة الأوثان عارفين معناها الرمزي و منتقلين من ظاهر المناسك إلى باطنها و روحها... و التزود فيها لحياتهم و حياة الأمة الإسلامية. الحج الإبراهيمي هو الحج المحمدي الذي تعد فيه الحركة نحو التوحيد و الاتحاد روح جميع المراسم و الشعائر و عنوانها. حج يبعث على البركة و الهداية و يقوم مقام العمود الرئيسي في حياة الأمة الواحدة و قيامها.. حج زاخر بالمنافع و ذكر الله.. حج تلمس فيه الشعوب المسلمة وجود الأمة المحمدية الشاملة و تواجدها في هذه الأمة، و تتحرر بفضل شعورها بالإخوة و التقارب بين الشعوب من شعورها بالضعف و العجز و انهزام الذات. الحج الإبراهيمي هو ذلك الذي يسير فيه المسلمون من التفرقة إلى الاجتماع.

سابعا: سفر بالجسم و الروح ليس الحج سفرة ترفيهية إنما هو سفرة معنوية. إنه سفر إلى الله بالجسم و الروح كلاهما. السفر إلى الله ليس سفراً جسمانياً بالنسبة لأهل السلوك، إنه سفر قلبي و روحي. إنه سفر إلى الله بالجسم و الروح كلاهما بالنسبة لنا نحن الناس. فهل يصح أن نأخذ الجسم إلى هناك و لا نأخذ القلب. أو قد يتحول الحج و نتيجة تكرر هذه النعمة – حيث يوفق البعض لأداء هذه الفريضة و زيارة و رؤية بيت الله بشكل متكرر – يتحول تدريجياً لا سمح الله إلى شيء قليل الأهمية و غير مؤثر، و لا يعودون قادرين على إشعال تلك الثورة في داخلهم .. هذا شيء سلبي. للحج في جوهره و ذاته عنصران رئيسيان: التقرب إلى الله في الفكر و العمل، و اجتناب الطاغوت و الشيطان بالجسم و الروح. جميع أعمال الحج و تروكه إنما هي لأجل هذين العنصرين و باتجاههما و لتأمين الوسائل و المقدمات اللازمة لهما. و هذه في الحقيقة خلاصة للإسلام و لجميع الدعوات الإلهية.

الأهداف العامة للحج

أولا: دراسة القضايا المهمة في العالم الإسلامي الموضوع المهم الذي يتعين على حجاج بيت الله الخوض فيه كجزء من أهداف الحج هو القضايا الجارية و المهمة للعالم الإسلامي. إذا كان الحج مؤتمراً سنوياً عظيماً للمسلمين من كل أصقاع الأرض، فلا شك أن المهمة الأكثر فورية لهذا المؤتمر هي قضايا الساعة التي يعيشها المسلمون في أية نقطة من العالم. تطرح هذه القضايا في الدعاية الاستكبارية بحيث لا تعود منها على مسلمي العالم أية دروس أو تجارب أو أمل، و إذا كان للنوايا السيئة و الأعمال السيئة للاستكبار تأثير في تلك الحادثة، فإن دعايتهم لن تفضح مجرماً و لن تكشف حقيقة، أو أن القضية لا تطرح على العموم. الحج مناسبة يجب أن تطرح فيها هذه الخيانة الدعائية و تفضح، و ينبغي للحقيقة أن تتجلى هناك، و تتوفر الأرضية لتوعية عموم المسلمين. أية روح ضامئة تغترف هذه الجرعات من فيوض الكوثر المحمدي و تدفق الزمزم الحسيني و تنقی مع ذلك في شك و غموض من المضمون السياسي للحج؟ الحج من دون البراءة و من دون الوحدة و من دون التحرك و القيام و الحج الذي لا ينبعث منه تهديد للكفر والشرك ليس بحج، و يفتقر لروح الحج و معناه.

ثانيا: وحدة المسلمين و خوف الاستكبار من أكبر أهداف الحج إلى بيت الله هو تقريب المسلمين من بعضهم. حين يقول الله عزّ و جلّ: «و أذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً و على كلِّ ضامِرٍ يأتين من كل فجّ عميق«. و يجمع كل مسلمي العالم في أيام معلومات و في أماكن محددة مثل عرفات و المشعر و منى و المسجد الحرام، فلماذا يخاف أولئك من تعارف المسلمين إلى هذه الدرجة؟! القضية هي أن الوحدة الإسلامية و وحدة النظرة و وحدة كلمة المسلمين أمر خطير على الاستكبار و على رأسه أمريكا الغدارة و أذنابها في مؤسسات الهيمنة في العالم. هذه حقيقة ذكرها الإمام الخميني (رض) مراراً.

ثالثا: رسالة التوحيد و الوحدة الحج من أجل التقريب بين المسلمين في العالم و إيصال أصواتهم إلى بعضهم. الرابطة التي تربط كل هذه القلوب ببعضها هي الرسالة التي ارتفع هتافها لأول مرة من هذه الأرض و جابت طول العالم و التاريخ و عرضهما.. رسالة التوحيد و الوحدة. توحيد الله و وحدة الأمة. التوحيد هو رفض ألوهية الطواغيت و المستكبرين و أرباب المال و القوة. و الوحدة مظهر عزة المسلمين و اقتدارهم. الحج يعيد صياغة هذه الرسالة الخالدة كل عام في اجتماعه الهائل و بأفضل من أية كتابة أو أقوال، و يبعثها إلى العالم بأسره. أي مسلم في أي صقع من العالم الإسلامي عليه أن يعيد معرفة هذه الحقيقة في موسم الحج و هي أن الازدهار و الشموخ و الظفر الشامل للبلدان الإسلامية إنما يتحقق في ظل هذين الأمرين: التوحيد بكل أبعاده الفردية و الاجتماعية و السياسية، و الوحدة بمفهومها الصحيح الممكن التحقيق في عالم اليوم.

أهداف الحج الشاملة :

من الذكر و الحضور المعنوي و استعادة الإنسان المسلم لذاته في اختلائه بالخالق و تطهير فؤاده من أدران الذنوب و المعصية و إلى شعور الفرد بوجوده في الجماعة و شعوره بالتحامه مع كل الأمة الإسلامية و شعوره بالاقتدار الناجم عن عظمة جماعة المسلمين، و جهود كل فرد للشفاء من الجراح و الأمراض المعنوية أي المعاصي، و إلى التحري و السعي لمعرفة و معالجة الأوجاع و الجراح العميقة في جسد الأمة و التعاطف مع الشعوب المسلمة، أي سائر أعضاء هذا الجسد العظيم، كلها كنوز مودعة في الحج و في إطار أعماله ومناسكه المتنوعة.

أولا : البعد عن الهدف ينبغي الاعتراف بمرارة أن الشكل الحالي لأداء هذه الفريضة الإلهية يختلف اختلافاً كبيراً عن شكلها المنشود. لقد بذل الإمام الخميني جهوداً مؤثرة بهذا الاتجاه، و وضع أمام أعين الأمة الإسلامية صورةً ساطعةً للحج الإبراهيمي الباعث على العظمة و العزة و البناء و التحول، و قد أثمرت تلك الجهود لحد الآن خيرات جمة للعالم الإسلامي. و لكن مع كل هذا الاتساع، تحتاج هذه الأفكار و هذا المنهج لانتشاره بين كل الشعوب المسلمة إلى جهاد مخلص من قبل علماء الدين، و بصيرة و مساعدة الحكام في كل البلدان الإسلامية عسى أن يتنبهوا لهذه الوظيفة الأساسية و يعملوا بها.

ثانياً: الحج عامل وحدة - عظمة الشعور بالوحدة الحج مظهر وحدة المسلمين و اتحادهم. أن يدعو الله تعالى جميع المسلمين و كل من استطاع منهم للقدوم إلى منطقة معينة و في زمن معين، و يجمعهم طوال أيام و ليالٍ إلى جانب بعضهم في أعمال و حركات ترمز للتعايش و النظام و الانسجام، فإن أول الآثار الجلية لذلك هو بثّ الشعور بالوحدة و الجماعة في كل واحد منهم و تعريفهم بعظمة اجتماع المسلمين و شوكته، و إرواء ذهن كل واحد منهم من الشعور بالعظمة. بمثل هذا الشعور بالعظمة لو عاش المسلم وحيداً في صدع جبل لم يشعر بالوحدة. بفضل الشعور بهذه الحقيقة يكتسب المسلمون في كل البلدان الإسلامية شجاعة مواجهة معسكر معاداة الإسلام أي الهيمنة السياسية و الاقتصادية للعالم الرأسمالي و عملائه و أذنابه و أحابيلهم و فتنهم، و لن ينفع معهم سحر الإذلال و هو السلاح الأول الذي يستخدمه المستعمرون الغربيون ضد الشعوب التي يهاجمونها. بفضل هذا الشعور بالعظمة تعتمد الحكومات المسلمة على شعوبها و تشعر نفسها غنية عن الاعتماد على القوى الأجنبية، و لا تظهر هذه الفواصل الكارثية بين الشعوب المسلمة و أجهزتها الحاكمة. بفعل هذا الشعور بالوحدة و الجماعة سوف تعجز حيل الاستعمار بالأمس و اليوم – أقصد إحياء المشاعر الوطنية المتطرفة – عن خلق هذه الفواصل الواسعة العميقة بين الشعوب المسلمة، و سوف تتحول القوميات العربية و الفارسية و التركية و الأفريقية و الآسيوية و بدل أن تكون منافسةً و معارضة لهويتها الإسلامية الواحدة، إلى جزء من هذه الهوية و دليلاً على سعة هذه الهوية و عظمتها. و بدل أن تتحول كل قومية إلى وسيلة و ذريعة لإلغاء القوميات الأخرى و إذلالها ستكون أداةً لنقل السمات التاريخية و العرقية و الجغرافية الإيجابية لديها إلى القوميات الإسلامية الأخرى.

ثالثاً: معنى هذا التجمع العظيم رغم وجود عبادات اجتماعية في الإسلام مثل صلاة الجماعة و صلاة الجمعة و صلاة العيد، إلا أن هذا الاجتماع العظيم [الحج] و هذه المركزية التي تُضفى على ذكر الله و توحيده، و دعوة كل المسلمين من آفاق العالم الإسلامي إلى منطقة واحدة له معان كثيرة. أن تكون الأمة الإسلامية كلها رغم اختلاف لهجاتها و أعراقها و عاداتها و تراثها و تقاليدها و أذوقها و مذاهبها مكلفةً بالاجتماع في مكان واحد و أداء أعمال خاصة لا تخرج عن إطار العبادة و التضرع و الذكر و التوجه إلى الله فلهذا معناه الكبير. يتجلى من ذلك أنه طبقاً لنظر الإسلام و بحسب الرؤية الإسلامية أن اتحاد القلوب و الأرواح ليس في ميدان السياسة و الجهاد فقط، بل حتى التوجه إلى باب بيت الله و تجاور القلوب و الأجسام و الأرواح أمور لها أهميتها. لذلك يقول عزّ و جلّ في القرآن الكريم: «و اعتصموا بحبل الله جميعاً«. الاعتصام المتفرق بحبل الله لا فائدة من ورائه. «جميعاً« هي المهمة. اعتصموا بحبل الله سويةً و تمسكوا سويةً بالتعاليم و التربية و الهداية الإلهية. الاجتماع هو المهم. القلوب سويةً و الأرواح معاً و الأفكار إلى جانب بعضها و الأجسام بجوار بعضها.. الطواف الذي تؤدونه – هذه الحركة الدائرية حول نقطة معينة – رمز لحركة المسلمين حول محور التوحيد. جميع أعمالنا و خطواتنا و هممنا يجب أن تدور حول محور توحيد الله و التوجه للذات الربوبية المقدسة. إنه درس للحياة كلها.

رابعاً: استغلال أداة الوحدة يا له من جفاء أن يستخدم شخص أداة الوحدة هذه لبث الخلاف و الصدع. هذا خطاب للجميع، و ليس فقط لذلك التفكيري السلفي المتعصب الذي يقف في المدينة و يسبُّ مقدسات الشيعة، بل هو خطاب للجميع. على مسؤولي الحج – مسؤولي قوافل الحجاج و رجال الدين فيها – أن يحذروا من أن يصنعوا من أداة الوحدة هذه وسيلة للتفرقة، و يملأوا القلوب بالبغضاء و الحقد ضد بعضها. ما الشيء الذي يملأ قلب الشيعي بالضغينة ضد أخيه المسلم غير الشيعي، و يملأ قلب السني بالبغض لأخيه المسلم الشيعي.. انظروا ما هي هذه الأشياء.. ينبغي معرفتها و نبذها، و يجب عدم تصيير الحج وسيلة لخلق البغضاء و الفواصل و هو وسيلة للوئام و الوحدة و توحيد القلوب و النوايا و العزائم في العالم الإسلامي. معرفة هذه القضية و مصاديقها أمر يتطلب درجة عالية من الدقة و الوعي.

خامساً : عرقلة مسيرة الوحدة الذين يعملون أثناء مراسم الحج على بث الخلافات و إشعال الفتن، و إشاعة أفكارهم الوهمية الخرافية المتحجرة، هم أصابع الاستكبار – علموا بذلك أم لم يعلموا – التي تنسف هذا الرصيد و تقضي عليه. الذين لا يسمحون لشوكة هذه الوحدة و عزتها و عظمتها بالتجلّي و الظهور في أعين الأمة الإسلامية الكبرى هم من جملة من ينسفون هذا الرصيد و يهددونه. الذين لا يسمحون لوحدة و عظمة الأمة الإسلامية بالظهور و الانعكاس في العالم الإسلامي، و ذلك طبعاً في سبيل الله – و ليس من باب التفاخر، و العظمة هنا ليست عظمة الاستعمار و إذلال الآخرين، و ليست بمعنى إشعال الحروب ضد ضعفاء العالم، بل العظمة باتجاه القيم الإلهية و في سبيل التوحيد – إنما يظلمون الإنسانية. العالم الإسلامي اليوم يتلقّى الضربات نتيجة تجاهل هذا الرصيد الإلهي العظيم.

سادساً: التفرقة الاستعمارية من الأهداف الأساسية للاستكبار و أمريكا في العالم الإسلامي زرع الخلافات و تأجيجها بين المسلمين. و أفضل طريق لذلك هو بث النـزاعات بين الشيعة و السنة. تلاحظون ما الذي يقوله تلامذة الاستعمار في العالم بمناسبة قضايا العراق.. أية سموم يرشونها و ينشرونها و أية بذور نفاق ينثرونها حسب ظنهم. منذ سنوات طويلة و أيدي الاستعمار و أيدي القوى الغربية الجشعة تمارس هذا الدور. ثمة في الحج فرصة مواتية لهم لإغضاب الشيعي من السني و السني من الشيعي؛ يحضّون هذا على إهانة مقدسات ذاك، و يدفعون ذاك لإهانة مقدسات هذا. ينبغي التحلي باليقظة، و هذه حالة لا تختص بالحج. يجب التحلي باليقظة طوال الوقت و في جميع الميادين و الأصعدة. الحرب بين الشيعة و السنة هي الأمل الحقيقي لأمريكا. بعد مضي قرون طويلة يجلس الشيعة و السنة في وجه بعضهم – كالذين يتجابهون في الحرب – و يتحدثون ضد بعضهم بقلوب ملؤها الضغينة .. هذا يسبّ ذاك، و ذاك يسبّ هذا. ليس مستبعداً أبداً خصوصاً في هذا الظرف الحساس جداً أن يستأجروا في مراسم الحج أشخاصاً من أجل العمل على خلق هذه الخلافات.. على الناس الحذر و اليقظة، و على رجال الدين المحترمين في قوافل الحج الشعور بتمام المسؤولية حيال هذه القضية و أن يتفطنوا و يعلموا ما الذي يريده الأعداء. إنها لغفلة كبيرة أن يتصور الإنسان أنه يدافع عن الحقيقة و الحال أنه يدافع عن خطط الأعداء و يعمل لصالحهم. البعض يتقاضون المال و يصبحون مرتزقة و يفعلون ذلك. و قد يستفزون بعض العوام السطحيين المتعصبين أيضاً ضد معتقدات و مقدسات غيرهم من المسلمين. و إذا واجه هؤلاء ممارسات مماثلة من الطرف المقابل يكون الأعداء قد بلغوا أهدافهم دون شك. هذا ما يريده الأعداء.. يريدون لنا أن نشتبك لتطمئن قلوبهم و ترتاح خواطرهم.

سابعاً : البراءة من المشركين - الركن الأساسي في الحج في هذا الميدان العظيم [الحج]، كما أن ذكر الله:«فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً« و أعلان البراءة من المشركين: «و أذان من الله و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين و رسوله« يعدان ركنين للحج، كذلك لا بد أن يرتفع التحسس من أية حركة تفصل بين الإخوة – أي مكوِّنات هذه الأمة الواحدة – و تفشي العداوة بينهم إلى أعلى الدرجات. حتى أن القيل و القال بين الأخوين المسلمين و الذي لا يبدو شيئاً مهماً في الحياة العادية، يُمنع في الحج و يُحرَّم. «فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج«. نعم، الساحة التي تلزم فيها البراءة من المشركين – أي الأعداء الأساسيين للأمة التوحيدية الواحدة – يُحرّم فيها الجدال مع الإخوة المسلمين – أي المكوِّنات الأساسية للأمة التوحيدية الواحدة – و هكذا تكتسب رسالة الوحدة و الجماعة صراحة أكبر في الحج. الواقع أن الحج من أفضل التدابير التي يتخذها الإسلام لإزالة الغفلة. عالمية هذه المراسم تبعث رسالة فحواها أن الأمة الإسلامية في هويتها الجماعية أيضاً مكلّفة بمحو الغفلة عن نفسها.

ثامناً : فرصة التنوير ينبغي عدم تفويت فرصة الحج للتنوير في هذه المجالات و إعلان البراءة من الاستكبار و من أمريكا. على العالم الإسلامي أن يعلم ما هي القضايا التي يواجهها. يجب أن تتحول هذه إلى وسيلة نشاط و حركية في العالم الإسلامي. يشيعون في إعلامهم أنه لم يعد هناك، فائدة فقد تسلّط الاستكبار و لا يمكن فعل شيء. ليس هذا هو واقع القضية. واقع القضية هو أن الأمة الإسلامية كائن حي قدير. إذا أراد و صمّم و بادر فلن تستطيع القوة الأمريكية و لا أقوى من القوة الأمريكية أن تفعل أي شيء. لتُظهر الشعوب بأي شكل من الأشكال استطاعت انشدادها إلى مصالح العالم الإسلامي، و عليها التشديد على الوحدة فيما بينها و إعلان البراءة من أعداء العالم الإسلامي. هذا هو أقل ما يمكن فعله و توقعه في الحج الذي يريده الإسلام.

تاسعاً: الروح السائدة على الحج إننا لم نأت بالبراءة من الخارج لندخلها في الحج. إنها جزء من الحج و روح الحج و المعنى الحقيقي لاجتماع الحج العظيم. البعض يحبون أن يقولوا دوماً في الصحافة و في تصريحاتهم و في همزهم و لمزهم في أطراف العالم: «لقد سيّستم الحج«.. ما معنى هذا؟ إذا كان القصد أننا أدخلنا مفهوماً سياسياً إلى الحج فيجب القول لهم إن الحج لم يكن أبداً خلواً من المفهوم السياسي. البراءة من المشركين و إبداء النفور من الأصنام و صنّاع الأصنام هو الروح السائدة على حج المؤمنين. كل موضع من الحج دليل على التوق إلى الله و السعي و الجد في سبيله و البراءة من الشيطان و رميه و طرده و الاصطفاف بوجهه و ضده. و كل موطن من مواطن الحج مظهر للاتحاد و الانسجام بين أهل القبلة و انهيار التباينات الطبيعية و الاعتبارية، و تجلي الوحدة و الإخوة الحقيقية و الإيمانية بينهم. الحج إنما هو إعادة قراءة لهذه الدروس الكبرى و إتقانها.

عاشرا : إلغاء البراءة ليس من المقبول بالنسبة لي أن تحول الدولة الملتزمة بخدمة زوار بيت الله دون إقامة مراسم هي مبعث اتحاد بين المسلمين و مبعث عزة للشعوب الإسلامية وعلامة نفور من المستكبرين و أعداء العالم الإسلامي. لصالح أي طرف في الاصطفافات الحالية في العالم هذا الشيء؟ هل دعم الشعوب المسلمة المظلومة جريمة؟ و هل فضح المخططات الأمريكية و مخططات سائر المستكبرين ضد الإسلام و المسلمين شيء بخلاف الواجب؟ أليست دعوة المسلمين للاتحاد و إبداء النفور من عوامل التفرقة أمراً قرآنياً صريحاً؟ الذي يستفيد من تعطيل مثل هذه الواجبات المهمة هو أمريكا والصهيونية. هتاف البراءة الذي يرفعه المسلمون في الحج اليوم هو هتاف البراءة من الاستكبار وعملائه الذين يتنفذون في البلدان الإسلامية باقتدار للأسف، و يفرضون على المجتمعات الإسلامية ثقافة و سياسة و نظام حياة طابعه الشرك، و يهدمون أركان التوحيد العملي في حياة المسلمين، و يدفعونهم إلى عبادة ما سوى الله، و توحيدهم هو مجرد لقلقة لسان و أسم للتوحيد فقط حيث لم يبق أي أثر لمعنى التوحيد في حياتهم.

قراءة 2382 مرة