الذنوب الكبيرة (8)

قيم هذا المقال
(0 صوت)

الذنوب الكبيرة (8)

قطع الرحم

قال تبارك وتعالى : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) (محمد / 22 - 23) .

وقال أيضا : ( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) (الرعد / 25) .

وروي عن الصادق ( عليه السلام ) ، أنه قال : " اتقوا الحالقة فإنها تميت الرجال ، قلت : وما الحالقة ؟ قال : قطيعة الرحم " .

جاء رجلالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسأله أي الأعمال أبغض إلى الله ؟

قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الشرك بالله ، قال : ثم ماذا ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : قطيعة الرحم ، قال : ثم ماذا ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف " .

وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا تقطع رحمك وإن قطعك " .

وروي عن الباقر ( عليه السلام ) ، قال : " ثلاث خصال لا يموت صاحبها حتى يرى وبالهن : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة " .

وهناك آيات وأحاديث كثيرة بهذا الصدد يعسرحصرها في هذه العجالة .

التعرب بعد الهجرة

التعرب بعد الهجرة ، معناه الهجرة إلى البلاد التي تكون سببا لنقص الدين ولا يتمكن المسلم من إقامة شعائره الدينية والمحافظة على إيمانه من الضعف والتناقص ، وبذلك يعود إلى وضعه السابق من الجهل وعدم المبالاة بأحكام الدين قبل أن يتعلم ما ينبغي أن يتعلمه .

وقد روي عن أهل البيت ( عليهم السلام ) كما ورد في مجمع البحرين : " من الكفر التعرب بعد الهجرة " . وروي في الكافي : " تفقهوا في الدين ولا تكونوا أعرابا ،ومن لم يتفقه في الدين فهو أعرابي " . وهذا الحديث يدلنا على أن أحد مصاديق التعرب هو ترك التفقه في الدين ، لأن من ترك التفقه لا يتمكن من أداء واجباته العبادية بالشكل الصحيح كما أمر الله عز وجل بها ، فتكون عبادته باطلة ، لأن الجاهل كالعامد لا يكون معذورا ، وكذلك معاملاته مع الغير قد تكون ربوية وغررية محرمة فاسدة من حيث لا يشعر ، ويترتب على ذلك التصرف الغصبي بما انتقل إليه بهذه المعاملات الفاسدة أو الدخول في كبيرة الربا .

والتعرب لا يراد منه السكنى في البادية مع أهل البوادي فحسب ، بل يشمل الهجرة والسكن والمخالطة في جميع البقاع التي لم ينشر فيها دين الإسلام وشعائره ، ويعجز المسلم عن القيام بمراسيم دينه والمحافظة على إيمانه وقد وردت روايات كثيرة تنهى أشد النهي عن هذا العمل ، علما بأن التعرب بعد الهجرة لا يشمل الهجرة إلى تلك البلدان لأجل الدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع المحافظة على الدين والإيمان ، بل على العكس هذا النوع من الهجرة ممدوح ومحبوب عند الله تعالى والنبي الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) وتعتبر هجرة إلى الله ورسوله ، كما بينه الله تعالى في محكم كتابه : (. . . فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) (التوبة / 122) .

كما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجبت له الجنة وكان رفيق أبيه إبراهيم ( عليه السلام ) ونبيه محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " .

وعلى العكس من ذلك كما تروي لنا الأخبار أن عددا من المسلمين الذين يقولون : " لا إله إلا الله " مثل قيس بن الفاكه ، وقيس بن الوليد ، وأمثالهم من المسلمين الذين لم يهاجروا من مكة إلى المدينة مع قدرتهم على ذلك ، ولما جاء رۆساء قريش إلى بدر لمحاربة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمسلمين ، حضروا معهم وقتلوا بسيوف المسلمين فنزل قوله تعالى فيهم : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) (النساء / 97) .

وقد روي عن عكرمة أن جمعا من المسلمين في مكة لم يقدروا على الهجرة استثنتهم الآية الثانية ، وهي قوله تعالى : ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لايستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا ) (النساء / 98 - 99) .

وقد سمع رجل من المسلمين الآيات السالفة وكان اسمه جندع بن ضمرة وكان بمكة فقال : والله ما أنا مما استثنى الله ، وإني لأجد قوة وإني لعالم بالطريق وكان مريضا شديد المرض ، فقال لبنيه : والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها فإني أخاف أن أموت فيها ، فخرجوا يحملونه على سرير حتى بلغ التنعيم ظهرت عليه آثار الموت ، فوضع يده اليمنى في اليسرى ، وقال : اللهم هذه لك وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايعك عليه ، ثم مات ، ولما وصل خبر وفاته إلى المدينة قال بعض الأصحاب لو وصل إلى المدينة لنال ثواب الهجرة ، فأنزل الله سبحانه فيه قرآنا ، حيث يقول : ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ) (النساء / 100) .

السرقة

معناها أخذ مال الغير بحالة تستر ، ومن حرز ، وقد وعد تعالى عليها القطع حيث يقول : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيزحكيم * فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) (المائدة / 38 - 39) .

وأما ما كان من أخذ المال ظاهرا فهو اختلاس أوانتهاب ، وإن منعها صاحبها فأخذها بالقوة فهو الغصب ، وإن أخذ المال عن طريق التزوير فهو محتال ، وهۆلاء ليس عليهم حد كما في باب الحدود ، وإنما يعزرون فقط .

روي أن أبا العلاء المعري قال للشيخ المفيد أو السيد المرتضى مستهزئا بهذا الحكم : يد بخمس مئين عسجد فديت * ما بالها قطعت في ربع دينار.

قراءة 2868 مرة