وُلد الإمام الحسين عليه السلام في الثالث من شهر شعبان بالمدينة، سنة أربع من الهجرة، في المدينة المنوّرة، وأبوه أمير المؤمنين عليه السلام، وأمّه السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام. ونشأ الإمام بين والديه نشأة طيّبة مملوءة بالإيمان والتقوى، وتربّى بين يدي الإمام عليّ عليه السلام والسيّدة الزهراء عليها السلام أكمل تربية.
وتسلّم الإمام الحسين عليه السلام الإمامة بعد شهادة أخيه الإمام الحسن عليه السلام. وقد استمرّت إمامته عشر سنوات تقريباً.
ومن ألقابه: السيّد، الطيّب، الوفيّ، المبارك، النافع، الدليل على ذات الله، السبط، التابع لمرضاة الله، وكنيته أبو عبد الله.
وكان للإمام الحسين عليه السلام ستّة أولاد: علي بن الحسين زين العابدين، كنيته أبو محمد، وأمّه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد، وعلي الذي استشهد في كربلاء، وأمّه ليلى بنت أبي مرّة الثقفيّة، وجعفر بن الحسين، وأمّه قضاعية وتوفّي في حياة الإمام الحسين عليه السلام.
وعبد الله بن الحسين وهو الرضيع الذي ذبح في كربلاء، وسكينة بنت الحسين، وأمّهما الرباب بنت امرئ القيس بن عدي، وهي أم عبد الله بن الحسين، وفاطمة بنت الحسين، وأمّها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله[1].
وكان من أصحابه عليه السلام تلك الثلّة المؤمنة التي استشهدت معه في كربلاء، ومن غيرهم أيضاً: أنس بن الحارث الكاهلي، جعيد الهمداني، سيف بن مالك، سوار بن المنعم بن الحابس، ضرغامة بن مالك، قيس بن مسهّر الصيداوي[2].
وقد أوصى قبل شهادته المباركة بالإمامة والوصاية لابنه الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام[3].
أمّا شهادته المباركة فكانت يوم السبت العاشر من المحرّم، سنة إحدى وستّين من الهجرة بعد صلاة الظهر في كربلاء العراق مظلوماً ظمآن صابراً محتسباً، وله يومئذٍ ثمان وخمسون سنة، ودُفن في كربلاء المقدّسة.
مكارم أخلاقه وعبادته
واتّصف الإمام عليه السلام بفضائل الأخلاق وأرفعها. وكان حريصاً على خدمة الناس وتقديم العون والمدد لهم كما فعل مع ذلك الأعرابيّ الذي عجز عن أداء دية كانت عليه، فدفعها إليه الإمام[4].
وكان عليه السلام إذا توضّأ تغيّر لونه وارتعدت مفاصله، فقيل له في ذلك فقال: "حقّ لمن وقف بين يدي الملك الجبّار أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله"، وسأله رجل فقال له: ما أعظم خوفك من ربّك، قال: "لا يأمن يوم القيامة إلّا من خاف الله في الدنيا"[5].
مكانة الإمام الحسين عليه السلام وفضله
لقد امتاز الإمام الحسين عليه السلام بمكانة خاصة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى قال فيه جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "حسين منّي وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسيناً. حسين سبط من الأسباط"[6].
وكان الناس يهابون الإمام الحسين عليه السلام، فقد روى إبراهيم بن الرافعي، عن أبيه، عن جدّه قال: رأيت الحسن والحسين عليهما السلام يمشيان إلى الحجّ، فلم يمرّا براكب إلا نزل يمشي، فثقل ذلك على بعضهم فقالوا لسعد بن أبي وقاص: قد ثقل علينا المشي، ولا نستحسن أن نركب وهذان السيدان يمشيان، فقال سعد للحسن عليه السلام: يا أبا محمّد، إنّ المشي قد ثقل على جماعة ممّن معك، والناس إذا رأوكما تمشيان لم تطب أنفسهم أن يركبوا، فلو ركبتما، فقال الحسن عليه السلام: "لا نركب، قد جعلنا على أنفسنا المشي إلى بيت الله الحرام على أقدامنا، ولكنّنا نتنكّب الطريق، فأخذا جانباً من الناس"[7].
دروس تمهيدية في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم والأئمة المعصومين عليهم السلام، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] الشيخ المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد، ج2، ص135، الشيخ الطبرسي، الفضل بن الحسن، تاج المواليد، ص34.
[2] الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي، ص99، وللاطلاع أكثر يراجع كتب علم الرجال.
[3] الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج2، ص302، باب الإشارة والنص على علي بن الحسين عليه السلام.
[4] الشيخ عبد الله البحراني، العوالم (الإمام الحسين)، تحقيق ونشر: مدرسة الإمام المهدي، قم، 1407هـ، ص61.
[5] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص225.
[6] الشيخ المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد، ج2، ص127.
[7] م.ن.