ما هي الفوائد التي نجنيها من عبادة الصوم؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ما هي الفوائد التي نجنيها من عبادة الصوم؟

من الأمور المهمّة التي تساهم في الاستعداد النفسيّ والروحيّ للدخول إلى شهر رمضان بروحٍ مقبلةٍ على الصوم، كعبادة سنوية استثنائية ينتظرها المؤمنون ليعيشوا أيامها ولياليها بخضوعٍ وتذلّلٍ في ضيافة الرحمان، هو استحضار آثار الصوم، فإن له آثاراً وفوائد كثيرة نستعرض بعضها هنا، ومن البديهي أن المقصود هو الصوم الحقيقي الذي لا تشوبه شائبة يمقتها الله عز وجلّ:
 
1- خصالٌ سبعة للصائم:
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من مؤمن يصوم يوماً من شهر رمضان حاسباً محتسباً إلا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أول الخصال: يذوب الحرام من جسده، والثاني: يتقرب إلى رحمة الله، والثالث: يكفّر خطيئته، والرابع: يهوّن عليه سكرات الموت، والخامس: آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادس: براءة من النار، والسابع: أطعمه الله من طيبات الجنة"[1].
 
2- تحقّق ملكة التقوى:
ولا تتحقق التقوى إلا بمراعاة الآداب المعنوية والباطنية للصيام، حيث يمتنع الصائمُ عن الكذب والحسد والغيبة وكل ذنب وإثم كما يمتنع عن الطعام والشراب، ويطهّر قلبه من الوسواس والأحقاد كما يطهر جسمه عن الأوساخ والمفطرات، ويتنزه عن المعاصي والموبقات كما يتنزه عن النجاسات والقذارات، ويترفّع عن البطنة والشره كما يترفّع عن الطمع والتعلّق بالدنيا.
 
3- تقوية إرادة الإنسان:
وقد ذكرنا سابقاً أن إحدى فوائد العبادات وتكرارها تقوية إرادة الإنسان وقوّة نفسه، والصوم منها.
 
روي أن شخصاً جاء إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وكان الإمام يتناول طعامه فرأى أن طعام الإمام في غاية البساطة، فقال علي عليه السلام: "وكأنّي بقائلكم يقول: إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضّعف عن قتال الأقران ومنازلة الشّجعان، ألا وإنّ الشّجرة البرّيّة أصلب عوداً والرَّواتِع الخَضِرَة أرقُّ جُلوداً والنّابِتات العِذْيَة أقوَى وقوداً وأبطأُ خُموداً، وأنا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كالصنو من الصنو والذراع من العضد. والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها ولو أمكنت من رقابها لسارعت إليها...."[2]. إذاً فكثرة الطعام ليست علّةً للقوة والقدرة. وقال عليه السلام في حادثة قلع باب خيبر: "والله ما قلعت باب خيبر بقوّة جسدانيّة ولا بحركة غذائيّة ولكنّي أُيِّدتُ بقُوة مَلَكيّة ونفس بنور بارئها مضيئة"[3].
 
إن الاعتدال في تناول الطعام يحفظ الإنسان قطعاً، ولكن يجب أن نحصل على القدرة المعنوية من طرقها الخاصة، يقول الإمام الصادق عليه السلام: "ما ضعف بدن عما قويت عليه النية"[4]، فإذا كانت إرادة الإنسان قوية، كان البدن قوياً، لأنه تابع للإرادة، وإذا كانت الإرادة ضعيفة فالبدن يكون ضعيفاً. إن لقوي الإيمان إرادة صلبة فلا يفكر ببدنه ولا يشعر بالمشقّة إن صام في وقت شديد الحر، أما ضعيف الإيمان فيشعر بالتعب والمشقّة، لأن كل حواسّه متّجهة إلى الطبيعة.
 
4- إبعاد الشيطان وتسويد وجهه:
في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ألا أخبركم بشيءٍ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: الصوم يسوّد وجهه"[5].
 
5- الدعاء من الملائكة:
فالملائكة تستغفر للصائمين حتّى يفطروا. قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله تبارك وتعالى وكّل ملائكة بالدعاء للصائمين، أخبرني جبرائيل عليه السلام عن ربّه تعالى ذكره، أنه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لأحد من خلقي إلا استجبت لهم فيه"[6].
 
6- البشرى والمغفرة:
قال الإمام الصادق عليه السلام: "من صام لله عزَ وجلّ يوماً في شدّة الحرِ فأصابه ظمأ وكَّل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشّرونه حتّى إذا أفطر، قال الله عزَ وجلّ: له ما أطيب ريحك وروحك ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له"[7].
 
7- جنة من النار:
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الصوم جنّة من النار"[8]، فالصوم حرزٌ من نار الآخرة.
 
8- استجابة الدعاء:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل، ودعاؤه مستجاب"[9].
 
ولكل صائم دعوة مستجابة عند إفطاره كما في الحديث عَنْ إمامنا مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام: "أنّ لكلّ صائم عند فطوره دعوة مستجابة فإذا كان أوّل لقمة فقل بسم الله يا واسع المغفرة اغفر لي"[10].
 
9- الشعور بآلام الفقراء وجوعهم:
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "أما العلة في الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك لأن الغني لم يكن ليجد مسّ الجوع، فيرحم الفقير لأن الغني كلما أراد شيئاً قدر عليه، فأراد الله عزّ وجلّ أن يسوّي بين خلقه وأن يذيق الغني مسّ الجوع والألم، ليرقّ على الضعيف ويرحم الجائع"[11].
 
10- الطمأنينة والخشوع:
عن الإمام الباقر عليه السلام: "...والصيام والحج تسكين القلوب..."[12]. وعن الإمام علي عليه السلام في إحدى خطبه: "...عن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصّلَوات والزّكوات ومجاهدة الصّيام في الأيام المفروضات تسكيناً لأطرافهم وتخشيعاً لأبصارهم وتذلِيلًا لنفوسهم وتخفيضاً لقلوبهم وإذهاباً للخُيلاء عنه..."[13].
 
11- تذكّر جوع يوم القيامة وعطشه:
عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في خطبة استقبال شهر رمضان: "... واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه...[14] "، فقد أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته هذه كما هو ظاهر أن يربط المؤمن الصائم الذي يشعر بالجوع والعطش بأهوال يوم القيامة وجوعه وعطشه.
 
12- صحّة للبدن:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لكل شيء زكاة وزكاة الأبدان الصيام"[15]، فالصيام زكاة البدن، فهو يزكّيها وينميها كما أن إخراج زكاة الأموال تزكيها وتنميها.
 
 روح العبادة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1] الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج 7، ص 396.
[2] العلامة الجلسي، بحار الأنوار، ج33، ص475.
[3] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج40، ص318.
[4] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج1، ص 53.
[5] الشيخ الكليني، الكافي، ج4، ص62.
[6] م. ن، ص64.
[7] الشيخ الكليني، الكافي، ج4، ص64.
[8] م. ن، ج2، ص18.
[9] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج10، ص7.
[10] م. ن، ص149.
[11] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 93، ص 371.
[12] م. ن، ج75، ص182.
[13] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج6، ص 114.
[14] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج10، ص313.
[15] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 62.

قراءة 323 مرة