أهم مصدر للإجابة على هكذا أسئلة، روايات أهل البيت (عليهم السلام) الذين تمّ إختيارهم من قِبَل الله تبارك وتعالى لهداية العالمين. بعض الروايات الصادرة عنهم (عليهم السلام) ترسم لنا أجواءاً تقربنا من الإجابة على هذه الأسئلة؛ بأن البشر في إثر تجاربهم في الحكومات الظالمة، يصلون إلى وعي ينجذبون معه إلى فضائل إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وأصحابه بحيث يلتحقون به من كل مكان؛ كما قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
يأوي إلى المهدي أمته كما تأوي النحل إلى يعسوبها يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول لا يوقظ نائما و لا يهريق دما. [1] فتتسع حكومة المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلى شرق الأرض وغربها فيضيء نور الإسلام المجتمعات البشرية.
عندما يظهر الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ينادي ملك من فوق رأسه أن المهدي هذا، خليفة الله فاتبعوه؛ فيخضع الناس أمامه ويستوعبوا محبته وتعمّ حكومته شرق العالم وغربه؛ يخرج تابوت السكينة لبني إسرائيل من غار أنطاكية ويستخرج النُسخ الأصلية للتورات من جبال تقع في أطراف الشام فيستدل ويحتج بها على اليهود فيُسلم أكثرهم. [2]
قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): إذا نادى مناد من السماء " إن الحق في آل محمد " فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ويشربون حبه فلا يكون لهم ذكر غيره. [3]
أفضل دليل على إمكانية تحقق الحوادث في المستقبل، وقوع حوادث مثلها في الماضي. شهد تأريخ البشرية سقوط مئات من الحكومات المتقدرة وسيشهد ذلك في المستقبل أيضا. من باب المثال ففي زماننا هذا، نظام السلطة الذي كان يتمتع بآخر مستجدات زمانه إستسلم أمام الإمام الخميني (رحمه الله) الذي هو أحد تلامذة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) فتمزق هذا النظام من دون أي مقاومة يُعتد بها وفشى إسم الإمام بين الناس بسرعة فأصبح من أحب الأسماء وأكثرها إستعمالا في الزمن المعاصر.
المثال الآخر: إنهيار النظام الشيوعي السوفيتي الذي عمل على أسر عدد يُعتد به من البشر عسكريا وإيديولوجيا وذلك لأكثر من سبعين سنة. هذه الحكومة الظالمة التي سلبت من الناس حتى حق عبادة الله تبارك وتعالى الذي أودعه الله في فطرة الناس، تبددت وإنهارت لنفسها.
نظرا لهذين المثالين، يمكن القول: هذا الأمر بالنسبة إلى إمام الزمان (عج الله تعالى فرجه الشريف) الذي هو حجة الله على العباد ومظهرا لتجلي قدرة الله تبارك وتعالى وهو المؤيّد من قبل الله تبارك وتعالى، أسهل وأيسر بكثير؛ بحيث لايتسرّب إليه الشك أيضا.
الملاحظة الأخرى التي يجب الإنتباه إليها، كلمة الإمام الباقر (عليه السلام) حول آية 44 من سورة مباركة الأنعام: «فَلَمَّا نَسُوا ما ذُکِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ أَبْوابَ کُلِّ شَیْءٍ حَتَّی إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ» [4] يقول الإمام (عليه السلام): أما قوله «فلما نسوا ما ذكروا به» يعني فلما تركوا ولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام) و قد أمروا به «فتحنا عليهم أبواب كل شيء» يعني دولتهم في الدنيا و ما بسط لهم فيها -و أما قوله «حتى إذا فرحوا بما أوتوا- أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون» يعني بذلك قيام القائم حتى كأنهم لم يكن لهم سلطان قط. [5]
عندما يصل الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلى مقاتلة الأعداء، فعندها يتمتع الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وأصحابه بمزيتين أمام أسلحة الأعداء المتطورة.
أولا: بالإضافة إلى أن الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أعلم رجال زمانه فلايعلم بالعلم البشري وحسب، بل يتجاوز علمه، علم البشر آنذاك؛ فإن الكثير من أصحاب الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أيضا من أكبر علماء زمانهم بحيث يكون لديهم إشراف على مختلف العلوم والفنون وسيتمكنون من التغلب على التقنية المتطورة بسلاح العلم.
ثانيا: سيحصل الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وأصحابه على الإمدادات الإلهية؛ ومن دون أي شك عندما ينصر الله قوم فسيكون النصر حليفهم لامحالة.
ولكن بشأن كيفية مقابلة الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وأصحابه مع الأسلحة المتطورة، لايمكن الجزم إلى قول ما؛ لأنه من الممكن أن يُعطل الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) كل الإسلحة تلك مستعينا بعلمه أو بالإمدادات الإلهية، فيكون الحرب بالأسلحة القديمة، أو أن يكون الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لديه أسلحة ذات تطور أكبر فيتغلب على أعدائه بتلك الأسلحة.
النتيجة
في آخر الزمان، سيلتحق أكثر الناس الذين أرهقوا من الظلم والجور بالإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف). وعلم الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) المتفوق وأصحابه والإمدادات الغيبية ستكون سببا في نصرته على المستكبرين والمعتدين.
المصادر
[1] الشيخ الحر العاملي، إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات، ج5، ص 271
[2] القندوزي، ينابیع المودة، ج3، ص244
[3] المتقي الهندي، کنزالعمال، ج14، ص588
[4] الأنعام، 44
[5] تفسير القمي، ج1، ص200