حقيقة عاشوراء بحسب ما ورد من أقوال الإمام الخميني قدس سره باعتبارها حدثاً يتخطّى حدود الزمان والمكان حيث إنّ مؤثّريّة شهادة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه وتضحياتهم لا زالت تفعل فعلها بكلّ أرض وكلّ زمان مهما اختلفت الألسن والألوان والأعراق وحتّى الأديان. لذا فإنّ النهضة الحسينيّة في عاشوراء إلهيّة بكلّ تفاصيلها، وإنسانيّة بمحض شمول مفاعيلها وتأثيراتها لكلّ حرّ. وعن ذلك يقول الإمام قدس سره: "ينبغي لنا أن نُدرك أبعاد هذه الشهادة ونعي عمقها وتأثيرها في العالَم ونلتفت إلى أنّ تأثيرها ما زال مشهوداً اليوم أيضاً"([1]).
وبحسب قول الإمام الخميني قدس سره فبالإضافة إلى كون النهضة الحسينيّة قياماً لله ـ وأداءً للتكليف الإلهيّ ـ هي أيضاً حركة سياسيّة كبرى بكلّ تفاصيلها من أوّل خطوة فيها حتّى الشهادة وعن ذلك تحدّث قدس سره: "إنّ مجيء سيّد الشهداء عليه السلام إلى مكّة وخروجه منها بتلك الحال يعدّ حركة سياسيّة كبيرة، ففي الوقت الّذي كان فيه الحجيج يدخلون مكّة كان الحسين عليه السلام يُغادرها وهي حركة سياسيّة، فكلّ سلوكات الحسين عليه السلام وأعماله كانت سياسيّة إسلاميّة وهي الّتي قضت على بني أميّة ولولا ذلك الدم لكان سُحِق الإسلام وانتهى"([2]).
ويقول عن كون نهضة سيّد الشهداء قياماً للَّه: ليست أكثر من موعظة واحدة هي ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّه﴾([3]) قوموا لله عندما تشاهدون الخطر يحدق بدين الله.
قام أمير المؤمنين عليه السلام لله عندما شاهد دين الله في خطر وأنّ معاوية يُحرِّف دين الله ونفس الشيء بالنسبة لسيّد الشهداء فقد قام لله وهذا أمر لا يختص بزمن معيّن إنّ موعظة الله دائميّة..."([4]).
وهي تكليف إلهيّ يقول قدس سره: "عندما يرى سيّد الشهداء عليه السلام أنّ حاكماً ظالماً جائراً يحكم الناس فإنّه يُصرِّح ويقول إنّ من يُشاهد حاكماً جائراً يحكم بين الناس ويظلمهم فيجب عليه أن يقف بوجهه ويمنعه بقدر استطاعته. إنّ بضعة أنفار لم يكونوا شيئاً يُذكر أمام ذلك الجيش، ولكنّها المسؤوليّة والتكليف إذ كان يجب عليه أن ينتفض، ويُقدِّم دمه حتّى يُصلح هذه الأمّة وحتّى يقضي على راية يزيد، وهذا ما قام به فعلاً فقد قدّم دمه ودم أولاده، وكلّ ما يملك من أجل الإسلام"([5]).
([1]) نهضة عاشوراء، ص 27.
([2]) نهضة عاشوراء، ص 64.
([3]) سورة سبأ، الآية: 46.
([4]) منهجية الثورة الإسلامية، ص 469.
([5]) منهجية الثورة الإسلامية، ص 468.