مِنْ معالِم شخصيّة الإمام الخمينيّ (قدس سره)

قيم هذا المقال
(0 صوت)
مِنْ معالِم شخصيّة الإمام الخمينيّ (قدس سره)

يذكر الإمام الخامنئيّ دام ظله، وعلى مدى خطبٍ عديدةٍ الكثير من الصّفات الّتي تتمتّع بها شخصيّة الإمام الخمينيّ قدس سره، ونحن هنا سنستعرض أهمَّها تاركين التّفصيل فيها، وكذلك عرْض غيرها إلى ما يلي من الدّروس، بسبب التّداخل الموجود بينها وبين مضامين الدّروس التّالية.
 
1- الثّقة بالنّفس:
"الإيمان بالذّات - الثّقة بالنّفس - لقد علّم الإمام الشّعب الإيرانيّ معنى "نحن قادرون". وقبل أن يُلقِّن الإمام الشّعب الإيرانيّ ويعلِّمهم "نحن قادرون"، كان قد أحياها في داخله، وقد أظهر وأبرز اعتقاده بقدراته الشخصيّة بالمعنى الحقيقيّ للكلمة. في عاشوراء 1963م، هدّد الإمام - وعلى الرُّغم من غربته وسط طلّاب وأهالي قمّ في المدرسة الفيضيّة - "محمّد رضا شاه" قائلًا: إذا فعلت كذا، وإن أكمَلت على هذا المنوال، فسأطلب من الشّعب الإيرانيّ أن يطرُدك من إيران"... وفي ذلك اليوم الّذي عاد فيه الإمام من منفاه، هدّد حكومة "بَختيار" في خطابه في "جنّة الزّهراء عليها السلام"، وقال بالصّوت الملآن: "سأصفع وجه حكومة "بختيار"، و"سأعيّن الحكومة"، هذه هي الثّقة بالذّات"[1].
 
2- الإيمان والعمل الصّالح وتزكية النّفس:
"الخصوصيّة الأولى هي الإيمان، والخصوصيّة الثّانية هي العمل الصّالح، وفي آخر الدُّعاء الوارد في الآية الكريمة ذُكرت صفة ثالثة، هي صفة تزكية النّفس وتهذيبها... وهذه الخصوصيّات الثّلاث كانت تشكِّل معالم بارزة في حياة إمامنا قدس سره... وما تشاهدونه اليوم من المكانة الرّفيعة الّتي يحظى بها إمامُنا الرّاحل في جميع أرجاء المعمورة، مردُّها إلى تلك الخِصال الثّلاث الّتي كان يتمتّع بها قدس سره"[2].
 
3- حُبّ الشّباب له:
"كان - الإمام الخمينيّ- الأستاذ الّذي يجذِبُ إليه الطّلبة الشّباب المتعطّشين منذ الوهلة الأولى، هو الشّخص الّذي كان معروفًا بين تلاميذه في تلك الأيّام باسم "السّيد روح الله"، وكان الشّباب الأفاضل المُثابرون المتحمّسون مجتمعين في حلقة درسه، وفي مثل هذا الجوّ كان دخولنا على قم"[3].
 
4- المُجدِّد:
"كان الإمام الخمينيّ مَظهرًا للتّجديد العلميّ، والتبحُّر في الفقه والأصول. وكنت قد شاهدت قَبلَهُ أستاذًا بارعًا في مشهد، وهو المرحوم آية الله الميلانيّ، الّذي كان من الفقهاء البارزين، وكان زعيم الحوزة العلميّة في قمّ آنذاك، هو المرحوم آية الله العظمى البروجرديّ، الّذي كان أستاذًا للإمام الخمينيّ، وكان هنالك أيضًا أساتذة كبار آخرون، إلّا أنّ الوسط الدّراسيّ الّذي كان يجتذب إليه القلوب الشابّة المتلهّفة الدّؤوبة المتحفّزة نحو تفعيل الطّاقات، هو درس الفقه والأصول الّذي كان يُلقيه الإمام. وأخذنا نسمع بالتدرّج من الطّلبة الأقدم منّا، بأنّ هذا الرّجل فيلسوفٌ كبيرٌ أيضًا". وكانت دروسُه الفلسفيّة أوّل دروس فلسفيّة في قمّ، غير أنه يرجِّح في الوقت الحاضر تدريس الفقه"[4].
 
5- شخصيّة الإمام الجامعة:
"ما تجلّى من أبعاد شخصيّته، من بعد تأسيس الحكومة الإسلاميّة كان أهمّ وأعظم ممّا شوهِدَ منها من ذي قبل، فقد انعكست شخصيّتُهُ الفذّة على أُفقَين:
- الأوّل: أُفق القائد والمتصدّي لزمام الأمور.
- والثّاني: أُفق الزّاهد والعارف، لأنّ مَزْج هاتَين الصِّفتين، بعضهما ببعض، عملٌ لا يتسنّى للإنسان مشاهدته، إلّا لدى الأنبياء مثل داوود وسُليمان، ومثل خاتم الأنبياء"[5].
 
6- الإمام قدس سره الإنسان الرّقيق الرّؤوف:
"كان الإمام الخمينيّ من أهل الخَلوة وأهل العبادة والتّضرّع والدُّعاء والبكاء في منتصف اللّيل، وكان من أهل الشّعر والقِيَم والمعاني الرّوحيّة والعرفان والتعلُّق بالله. هذا الشّخص الّذي بثّ الرّعب في أوصال أعداء الشّعب الإيرانيّ، وهذا السّدّ المنيع والجبل الشّامخ، حينما تَعرُض له مواقف عاطفيّة وإنسانيّة تراه إنسانًا رقيقًا ورؤوفًا"[6].
 
7- الإمام قدس سره والذّوبان في الإرادة الإلهيّة:
"الإمام اكتسب كلّ هذه الصّفات من جرّاء التّقوى والتمسُّك بالدّين والامتثال لأمر الله، وقد بيَّن شخصيًّا هذا المعنى بين طيّات كلامه، ملوِّحًا بأنّ كلّ ما هو موجود إنّما هو مِنْ الله، وكنتيجةٍ للذّوبان في الإرادة الإلهيّة، وأنّ الله هو الّذي نَصَر الثّورة، وهو الّذي حرّر خرَّمشهر، وهو الّذي ألّف بين قلوب أبناء الشّعب، فكان ينظر إلى كلّ شـيء من وجهة نظر إلهــّية، وفي مقابل ذلك فتح الله أمامه أبواب رحمته"[7].
 
8- الاعتراف بالخطأ:
"هو أيضًا قال مرارًا في كتاباته - خصوصًا في أواخر عمره الشّريف - وفي تصريحاته إنّني أخطأتُ في القضيّة الفلانيّة. واعترفَ بأنّه أخطأ في القضيّة الفُلانيّة والفُلانيّة، وهذا يستلزم درجة كبيرة من العظَمة، يجب أن تكون روح الإنسان كبيرة حتّى يستطيع أن يفعل ذلك ويَنسِب الخطأ لنَفسِه. كان هذا الجانب المعنويّ في شخصيّة الإمام وأخلاقه. وهذا من الأبعاد المُهمّة للدّرس الّذي يعلّمنا الإمام إيّاه"[8].
 
9- الارتباط الدّائم بالله:
"وأودّ الإشارة على هامش الحديث إلى أنّ جهاد هذا الرّجل العظيم لا يقتصر على الجهاد السّياسيّ والاجتماعيّ أو الجهاد الفكريّ، وإنّما رافق كلَّ حالات الجهاد هذه جهادُ الباطن وجهادُ النّفس والالتزام بالارتباط الدّائم والمستمرّ بالله سبحانه وتعالى، وهذا درسٌ لنا إذا ما خُضْنا ساحة الجهاد الفكريّ أو الجهاد العلميّ أو الجهاد السياسيّ، فهذا لا يعني أنّه يحقّ لنا الإعراض عن هذا القسم من الجهاد"[9].
 
10- شخصيّة الإمام: جلالٌ وجمال
"لقد بُذلت جهودٌ في حياة الإمام لتحريف شخصيّته، فالعدوّ، من جهة كان يحاول منذ انتصار الثّورة، وفي وسائل إعلامه العالميّة أن يُعرّف (يُقدّم) الإمام على هيئة شخصيّة ثوريّة متصلِّبة عنيفة - على غِرارِ ما نعرفه في تاريخ الثّورات الكبيرة والمعروفة في العالَم، كالثّورة الفرنسيّة أو الثّورة الماركسيّة للاتّحاد السّوفياتيّ وبعض الثّورات الأخرى- ومن جهةٍ ثانية كإنسانٍ صُلْب مُتشدّد يُقطِّب حاجِبيه باستمرار، ولا ينظر إلّا إلى مواجهة الأعداء، ولا يتحلّى بأيّة عاطفة ومرونة، هكذا كانوا يُعرّفون الإمام وهذا كلام باطل. أجل، فلقد كان الإمام حاسمًا لا يتزلزل، وراسخًا في قراراته - كما سأُشير إلى ذلك - إلّا أنّه كان مَظهرًا للعاطفة واللّطف والمحبّة والمواساة والعشق لله ولخلق الله، ولا سيّما بالنّسبة إلى الطّبقات المظلومة والمُستضعفة في المجتمع، وهذا عمل تصدّى له العدوّ منذ اليوم الأوّل من انتصار الثّورة في وسائل الإعلام العالميّة"[10].
  


[1] خطاب الإمام الخامنئيّ دام ظله، مراسم الذّكرى الـ "24" لرحيل الإمام الخمينيّ قدس سره 04/06/2013 م.
[2] خطاب الإمام الخامنئيّ دام ظله، الذّكرى السّنويّة الخامسة لرحيل الإمام الخمينيّ قدس سره الزمان: 14/3/1373ش. 24/12/1414ه. 4/6/1994م.
[3] خطاب الإمام الخامنئيّ دام ظله، الذّكرى السّنويّة العاشرة لرحيل الإمام الخمينيّ قدس سره صلاة الجمعة، الزمان: 14/3/1378ش. 19/2/1420هـ. 4/6/1999هـ.
[4] المصدر نفسه.
[5] خطاب الإمام الخامنئيّ دام ظله، الذّكرى السّنويّة العاشرة لرحيل الإمام الخمينيّ قدس سره صلاة الجمعة، الزمان: 14/3/1378ش. 19/2/1420هـ. 4/6/1999هـ.
[6] المصدر نفسه.
[7] المصدر نفسه.
[8] خطاب الإمام الخامنئيّ دام ظله، الذّكرى السّنويّة الثّانية والعشرون لرحيل الإمام الخمينيّ قدس سره الزمان: 14/3/1390ش. 1/7/1432هـ. 4/6/2011م.
[9] خطاب الإمام الخامنئيّ دام ظله، الذّكرى السّادسة والعشرين لرحيل الإمام الخمينيّ قدس سره 04/06/2015.
[10] المصدر نفسه.

قراءة 207 مرة