تسارعت التطورات خلال الايام القليلة الماضية في سوريا . فبعد اعلان وزير الخارجية الاميركية من تركيا ان بلاده لم تعد تركز علي اسقاط الرئيس الاسد ارتفعت التكهنات بدخول الازمة السورية مرحل جديدة ؟ وهذا ما اكده معهد الامن الاسرائيلي الذي استنتج ان سوريا 'تعيش مرحلة تشكيل الوجه السياسي لمستقبلها ' كما تم تداول معلومات عن ان سبب اعلان تركيا انتهاء عملية درع الفرات في الاراضي السورية مرده تلقي انقرة لرسالة اميركية واضحة عن ان ترتيبا جديدا دخل حيز التنفيذ في سوريا .
الا ان حادثة استخدام الكيميائي في منطقة خان شيخون عادت لتقلب الاوراق ولتدفع الرئيس الاميركي الي الحديث عن تغير نظرته تجاه الرئيس الاسد ما اعتبره بعض المراقبين مقدمة لتصعيد عسكري اميركي في وجه دمشق الا ان وجهة النظر الطاغية تؤكد ان موازين القوي علي الارض السورية والدور الروسي لن يسمحا بتغييرات مفصلية .
الكاتب في جريدة الجمهورية جوني منير يصف الوضع في سوريا علي ضوء التطورات الاخيرة بالمعقد ما يتطلب دراسة معمقة . كما انه ينفي وجود اي تغير جذري في المشهد السوري حتي بعد احداث خان شيخون الكيميائية . خان شيخون –يقول منير – لن تكون منعطف حاسم في سوريا فموازين القوي اصبحت معروفة. اما التصريح الاخير لترامب حول تغير نظرته للرئيس الاسد فليس من وجهة نظر منير الا محاولات للتخفيف من وطأة الضغوطات التي يتعرض لها الرئيس الاميركي الجديد داخل الولايات المتحدة الاميركية نتيجة اتهامه بالتسليم لروسيا في الملف السوري . يريد ترامب من خلال هذه التصريحات الظهور بمظهر الممسك بزمام الامور خاصة بعد اخراج احد اكثر المقربين منه ( ستيف بانون ) من مجلس الامن القومي .. هناك هدف اخر لترامب بحسب منير هو تحسين شروط بلاده علي طاولة المفاوضات والضغط علي روسيا وايران وسوريا لخفض سقوفهم التفاوضية .
يستبعد منير اي تصعيد عسكري اميركي ضد دمشق ويعود بالذاكرة الي العام 2013 عندما هاجم ترامب الرئيس اوباما لانه ابدي اشارات تنبيء بالتدخل العسكري المباشر في سوريا. ويستشهد بموقف بريطانيا التي اعلنت مؤخرا انها ليست في وارد المشاركة باي عمل عسكري في سوريا . يعتبر منير ان اي خطوة عسكرية اميركية لا يمكن الا ان تحظي بتأييد ومشاركة مباشرتين من الحليف البريطاني . ويورد منير معلومات عن طلب تقدم به رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو في زيارته الاخيرة لواشنطن بالسماح لاسرائيل بقصف الطائرات السورية ما يخرج سلاح الجو السوري من معادلات الميدان الا ان الاميركيين رفضوا الطلب الاسرائيلي . اما سبب الرفض برأي منير فمرده الي استحالة قيام اي طرف باي عمل عسكري في سوريا من دون التنسيق مع روسيا .
لا يستبعد منير سعي ترامب لتحقيق اهداف تكتيكية من وراء تصريحاته الاخيرة مثل تأمين زيادة في عدد قواته في سوريا وهو ما كان يمرره بالتقسيط اضافة الي اقامة قاعدة عسكرية جديدة في المنطقة الممتدة بين سوريا والعراق .لمنع التواصل البري بين ايران والعراق وسوريا ولبنان .
ويشير الكاتب في الجمهورية الي تحضيرات تحصل لترتيبات ميدانية في سوريا بهدف تنظيم خارطة القوي النافذة ولكن استكمال هذه العملية يحتاج الي وقت .علي الاقل – يتابع منير – الي حين استكمال معركة الرقة ودير الزور وهنا يشير الصحفي البارز الي معلومات عن ان هاتين المعركتين لن تنتهيا قبل نهاية العالم الحالي . وحتي بعد انهاء وجود داعش في المدينتين هناك تحدي لا يقل صعوبة يتمثل بتحديد القوي التي سترث التنظيم الارهابي هناك .لا يستبعد منير انشاء قوة عربية لتلعب دور في تلك المنطقة وهذه القوة ستضم اضافة الي السعوديين المصريين والاردنيين .
بدوره يري الخبير العسكري والعميد المتقاعد الياس حنا ان التغير في الموقف الاميركي لا علاقة له باحداث خان شيخون انما بالتطورات الميدانية علي مقربة من مدينة منبج عندما اصدر الاميريكون قراراً يقضي بقطع الطريق علي الجيش السوري وروسيا باتجاه منبج اضافة الي وضع حد للتحرك التركي في سوريا .
ويستبعد الخبير العسكري قيام الاميركيين باي عمل جدي ويتساءل ماذا يستطيع ان يفعل ترامب ؟ ويجيب : لا شيء .الا انه يؤكد ان الساحة السورية ذاهبة الي مزيد من الاستنزاف لان الحل السياسي لم ينضج بانتظار حسم احد الفريقين للمعركة عسكريا وهذا غير متوقع قريبا .وردا علي سؤال حول مسار الامور بعد استخدام الكيميائي في خان شيخون يجيب حنا بان الروس سيتصدون لاي محاولة تؤذي النظام السوري في مجلس الامن ويشكك بجدوي قرار القيام بتحقيق لانه يتطلب لجنة تقصي حقائق لا يمكنها ان تعمل الا في حال وافقت الدولة السورية والمعارضة في نفس الوقت .كما ان هناك امكانية لتكرار سيناريو اداء لجنة التقصي التي انشئت في السنوات الاولي للأزمة والتي لم يكن من صلاحياتها تحديد المسؤوليات ما يجعلها لجنة شكلية دون اي تأثير او فعالية .
لا ينفي حنا دخول سوريا في مرحلة جديدة ولكنه يؤكد ان طريق الحل السياسي الذي بدأ منذ فترة طويلة عبر مساري جنيف والاستانة لا يزال طويل وظروف نضجه لا تزال غير متوفرة .