بعد العملية اقتحم الاحتلال منزل الشهيد في مخيم شعفاط شمالي القدس المحتلة، وشرع في التنكيل بعائلته واعتقال عدد من أبنائه وأشقائه، وتعمد جنود الاحتلال تخريب مكتبة الشهيد التي تضم آلاف الكتب
الشهيد المُدرّس في مدارس المسجد الأقصى فادي أبو شخيدم خاض اشتباكا مع الاحتلال حتى استشهد على أبواب الأقصى (الجزيرة)
جمان أبو عرفة
القدس المحتلة- دويّ رصاص، تخلله صراخ العشرات من جنود الاحتلال، ثم تقاطر طواقم الإسعاف في طريق باب السلسلة، على بُعد أمتار قليلة من المسجد الأقصى المبارك، لتبدأ التكهنات، ويأتي الخبر اليقين بعد نصف ساعة؛ استشهاد المهاجم، ومقتل جنديّ إسرائيلي وجرح 3 آخرين، أحدهم بحالة حرجة.
قوات الاحتلال تغلق محيط باب السلسلة بالقدس في أعقاب العملية التي نفذها أبو شخيدم وأدت إلى مقتل مستوطن وإصابة 3 آخرين
المدرس المشتبك
بعد قليل، سيدوّي اسم منفذ العملية في المدينة ومدارس المسجد الأقصى والبلدة القديمة. إنه فادي محمود مريش أبو شخيدم (42 عاما) من مخيم شعفاط شمالي القدس المحتلة، وهو الوجه المألوف هنا وصاحب الصوت الداعي دوما "للجهاد ونصرة الأقصى".
والشهيد أبو شخيدم حاصل على شهادة الماجستير في الفقه والتشريع الإسلامي، ويعد دراسة للدكتوراه، وفق ما قاله خاله شبلي سويطي للجزيرة نت.
يقول سويطي أيضا، إن "الشيخ" فادي أبو شخيدم أحد وجهاء عائلته الممتدة في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية. ويعمل مدرسا للغة العربية والتربية الإسلامية في المدرسة الرشيدية بالقدس، ومدرّسا للفقه الإسلامي في المسجد الأقصى.
كما يُعرف الشهيد كخطيب للعديد من مساجد القدس، وتتلمذ على يد جده لأمه إسماعيل سويطي، الذي أصيب إبان النكبة أثناء دفاعه عن أسوار القدس، وكان ضمن تنظيم "الجهاد المقدس".
قوات الاحتلال أثناء محاصرتها لمنزل الشهيد واقتحامه في مخيم شعفاط شمالي القدس المحتلة
بعد الاشتباك
بعد قليل من تنفيذه الهجوم المسلح واستشهاده خلاله، أعادت قوات الاحتلال فتح أبواب البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وبدأت بإزالة آثار الدماء الغزيرة، بشكل لافت، على الأرض. واحتجزت جثمان الشهيد، كما اقتحم جنودها، برفقة كلاب الأثر، مدرسة الرشيدية التي كان يعمل فيها، واستدعت بعضا من طالباته للتحقيق.
ولاحقا، تكشّفت هوية القتيل الإسرائيلي الذي كان مجندا في سرية تابعة للواء "المظليين" في جيش الاحتلال، ويعمل مرشدا للمستوطنين في حائط البراق المحاذي للمسجد الأقصى. كما أعلن الاحتلال أن تدهورا طرأ على صحة المصاب الآخر في العملية، وهو برتبة حاخام.
ومن ناحية أخرى، سارعت قوات كبيرة للاحتلال إلى مخيم شعفاط شمالي القدس، مكان سكن الشهيد، وشارك عدد كبير من عناصر وحدتي "اليمّام" الخاصة وما تعرف بـ"حرس الحدود"، في اقتحام منزله بعد حصاره ومنع الأقرباء من دخوله.
وأفرغت قوات الاحتلال غضبها على عائلة أبو شخيدم، حيث احتجزت أطفاله ووالدته وأشقاءه في غرفة واحدة وأخضعتهم للتحقيق الميداني والتفتيش الجسدي.
وتعمّد جنود الاحتلال تخريب مكتبة الشهيد التي ضمت آلاف الكتب، قبل أن يشرعوا باقتحام منازل أشقائه وعاثوا فيها خرابا لساعات.
وفي أعقاب ذلك، اعتقل الاحتلال ابنة الشهيد وشقيقه وابن شقيقه، كما استدعت والدته وخاله وبقية أشقائه للتحقيق، ومعهم أيضا ابنه عبد الله الذي لم يتجاوز الـ8 سنوات.
وحسب عائلته، فالشهيد فادي أبو شخيدم متزوج وأب لـ5 أبناء، أصغرهم يبلغ من العمر 6 سنوات وأكبرهم في الـ20 من عمره. وكانت زوجته غادرت فلسطين نحو الأردن قبل أيام لزيارة والدتها المريضة.
ونعاه نجله الأكبر عبد الرحمن على حسابه في (فيسبوك) قائلا: "الحمد لله شهيدا، استشهد زي ما بدو (مثلما أراد)، الله يرحمك يا سندي، كنت لي كل شيء، عشت أسدا واستشهدت أسدا".
والدة الشهيد تحمل صورته بعد سماع نبأ استشهاده
عالِم ومثقف
ورغم التنكيل وأجواء الخوف التي نشرها الاحتلال في منزله، قالت والدته للجزيرة نت: "الله يرحمه ويتقبله ويرضى عنه، كنت أنتظره اليوم ليذهب معي لتجديد جواز سفري لأذهب إلى العمرة، كان محبوبا شجاعا صاحب مبدأ وعلم".
كانت ممسكة بصورته وسط تكبيرات وتهانٍ باستشهاده تلقتها ممن حضروا لمساندتها وتحيتها، بعد أن قام الاحتلال أيضا باحتجازها والتحقيق معها رغم سوء وضعها الصحي.
وقال صهره مهند أبو رومي، بينما حاول إخفاء تأثّره، إن "فادي عالم ومثقف، تشهد له مصاطب العلم في المسجد الأقصى الذي لم يقبل ما يحصل فيه من تدنيس واقتحام يومي".
وبعد العملية، تداول الفلسطينيون مقاطع مصورة للشهيد يقول فيها: "ساحة البطولة أن تقف في وجه الظالمين، ساحة البطولة أن نقول للظالم ابتعد عنّا". إلى جانب مقاطع من خطب سابقة له عن فضل المسجد الأقصى وضرورة دعم الأسرى الفلسطينيين.
إخلاء المصابين الإسرائيليين في العملية (مواقع التواصل)
حماس تنعى الشهيد
ونعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الشهيد فادي أبو شخيدم، في بيان باركت فيه العملية، ودعت الشعب الفلسطيني "للاستمرار في الرباط داخل المسجد الأقصى والتصدي لمحاولات تدنيسه".
وقالت الحركة إن "رسالة العملية البطولية تحمل التحذير للعدو المجرم وحكومته بوقف الاعتداءات على أرضنا ومقدساتنا، وإن حالة التغول التي تمارسها ضد المسجد الأقصى وسلوان والشيخ جراح وغيرها، ستدفع ثمنها".
المصدر : الجزيرة