الأول: حقيقة العصمة
إن حقيقة العصمة عن اقتراف المعاصي ترجع إلی أحد أمور ثلاثة علی وجه مانعة الخلو، و إن كانت غير مانعة الجمع.
1. العصمة الدرجة القصوی من التقوی
العصمة ترجع إلی التقوی إلی درجة أعلی منها، فما توصف به التقوی و تعرف به، تعرف و توصف به العصمة.
لا شك أن التقوی حالة نفسانية تعصم الإنسان عن اقتراف كثير من القبائح و المعاصي، فإذا بلغت تلك الحالة إلی نهايتها تعصم الإنسان عن اقتراف جميع قبائح الأعمال، و ذميم الفعال علی وجه الإطلاق، بل تعصم الإنسان حتی عن التفكير في المعصية، فالمعصوم ليس خصوص من لا يرتكب المعاصي و يقترفها، بل هو من لا يحوم حولها بفكره.
إن العصمة ملكة نفسانية راسخة في النفس لها آثار خاصة كسائر الملكات النفسانية من الشجاعة و العفة و السخاء، فإذا كان الإنسان شجاعاً و جسوراً، و سخياً و باذلاً، و عفيفاً و نزيهاً، يطلب في حياته معالي الأمور، و يتجنب عن سفاسفها فيطرد ما يخالفه من الآثار، كالخوف و الجبن و البخل و الإمساك، و القبح و السوء، و لا يُری في حياته أثر منها.
و مثله العصمة، فإذا بلغ الإنسان درجة قصوی من التقوی، و صارت تلك راسخة في نفسه يصل الإنسان إلی حد لا يُری في حياته أثر من العصيان و الطغيان، و التمرد و التجري، و تصير ساحته نقية عن المعصية.
و أما أن الإنسان كيف يصل إلی هذا المقام؟ و ما هو العامل الذي يمكنه من هذه الحالة؟ فهو بحث آخر لا يسع المقال لبيانه.
فإذا كانت العصمة من سنخ التقوی و الدرجة العليا منها، يسهل لك تقسيمها إلی العصمة المطلقة و العصمة النسبية.
فإن العصمة المطلقة و إن كانت تختص بطبقة خاصة من الناس، لكن العصمة النسبية تعم كثيراً من الناس من غير فرق بين أولياء الله و غيرهم، لإن الإنسان الشريف – الذي لايقل وجوده في أوساطنا - و إن كان يقترف بعض المعاصي لكنه يجتنبت عن بعضها اجتناباً تاماً بحيث يتجنب حتی التفكير بها فضلاً عن الإتيان بها.
مثلاً الإنسان الشريف لا يتجول عارياً في الشوارع و الطرقات مهما بلغ تحريض الآخرين له علی ذلك الفعل، كما أن كثيراً من الناس لا يقومون بقتل الإبرياء لا بقتل أنفسهم و إن عرضت عليهم مكافآت مادية كبيرة، فإن الحوافز الداعية إلی هذه الأفعال المنكرة غير موجودة في نفوسهم، أو أنها محكومة و مردودة بالتقوی التي تحلوا بها، و لإجل ذلك صاروا بمعزل عن تلك الإفعال القبيحة حتی أنهم لا يفكرون فيها لا يحدّثون بها أنفسهم أبداً.
و العصمة النسبية التي تعرفت عليها تقرب حقيقة العصمة المطلقة في أذهاننا، فلو بلغت تلك الحالة النفسانية الرادعة في الإنسان مبلغاً كبيراً و مرحلة شديدة تمنعه من اقتراف جميع القبائح، يصير معصوماً مطلقاً، كما أن الإنسان في القسم الأول صار معصوماً نسبياً.
و علي الجملة: إذا كانت حوافز الطغيان العصيان و الواعث علی الخالفة محكومة عند الإنسان، منفورة لديه لأجل الحالة الراسخة، يصير الإنسان معصوماً تامّاً منزّهاً عن كل عيب و شين.
2. العصمة: نتيجة العلم القطعي بعواقب المعاصي
قد تعرفت علی النظرية الأولی في حقيقة العصمة و أنها عبارة عن: الدرجة العليا من التقوی، غير أن هناك نظرية أخری في حقيقتها، لا تنافي النظرية الأولی، بل ربما تعدّ من علل تحقق الدرجة العليا من التقوی التي عرفنا العصمة بها و موجب لتكوّنها في النفس، و حقيقة هذه النظرية عبارة عن «وجود العلم القطعي اليقيني بعواقب المعاصي و الآثام» علماً قطعياً لا يُغلب و لا يدخله شكّ، و لا تعتريه ريب، و هو أن يبلغ علم الإنسان درجة يلمس في هذه النشأة لوازم الأعمال و آثارها في النشأة الأخری و تبعاتها فيها، و يصير علی حد يدرك بل يری درجات أهل الجنة و دركات أهل النار، و هذا العلم القطعي هو الذي يزيل الحجب بين الإنسان و توابع الأعمال، و يصير الإنسان مصدقاً لقوله سبحانه: « كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ»[1] و صاحب هذا العلم هو الذي يصفه الإمام علي (ع) بقوله «فهم و الجنة كمن قد رآها، فهم فيها منعمون، و هم و النار كمن قد رآها و فهم فيها معذبون». [2]
فإذا بلغ العلم هذه الدرجة من الكشف يصد الإنسان عن الاقتراف من المعاصي و اقتراف المآثم، بل لا يجول حولها فكره.
و لتوضيح تأثير هذا العلم في صيرورة الإنسان معصوماً من اقتراف الذنب نأتي مثال:
إن الإنسان إذا وقف علی أن في الأسلاك الكهربيائية طاقة من شأنها قتل الإنسان إذا مسهامن دون حاجز أو عائق بحيث يكون المس و الموت مقترنين، إحجمت نفسه عن مس تلك الإسلاك الإقتراب منها دون عائق.
أو أن الطبيب العارف بعواقب الأمراض و آثار الجراثيم، إذا وقف علی ماء اغتسل فيه مصال بالجذام أو البرص أو السل، لم يقدم علی شربه و الاغتسال منه و مباشرته مهما اشتدت حاجته إلی ذلك لعلمه لما يجُرُه عليه الشرب الاغتسال بذلك الماء الموبوء، فإذا وقف الإنسان الكامل علی ما وراء هذه النشأة من نتائج الأعمال و عواقب الأفعال و رأي بالعيون البرزخية تبدل الكنوز الكتنزة من الذهب و الفضة إلی النار الحماة التي تكوی بها جباه الكانزين و جنوبهم و ظهورهم، امتنع عن حبس الأموال و الإحجام عن إنفاقها في سبيل الله.
قال سبحانه: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ».[3]
إن ظاهر قوله سبحانه: « هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ » هو أن النار التي تُكوی بها جباه الكانزين و جنوبهم و ظهورهم، ليست إلا نفس الذهب الفضة، لكن بوجودهما الأخرويين، و أن للذهب و الفضة وجودين أو ظهورين في النشأتين فهذه الأجسام الفلزية، تتجلي في النشأة الدنيوية في صورة الذهب و الفضة، و في النشأة الأخروية في صورة النيران المحماة.
فالإنسان العادي اللامس لهذه الفلزات المكنوزة و إن كان لايحس فيها الحرارة و لا يری فيها النار و لا لهيبها، إلّا أن ذلك الرجل إنّه يفقد حين المس، الحسّ المناسب لدرك نيران النشأة الآخرة و حرارتها، فلو فرض إنسان كامل يمتلك هذا الحس إلی جانب بقية حوّاسه العادية المتعارفة و يدرك بنحو خاص الوجه الآخر لهذه الفلزات، و هو نيرانها و حرارتها، يجتنبها، كاجتنابه النيران الدنيوية، و لا يقدم علی كنزها و تكديسها.
و هذا البيان يفيد أنّ للعلم مرحلة قوّية راسخة تصد الإنسان عن الوقوع في المعاصي و الآثام و لا يكون مغلوباً للشهوات و الغرائز.
قال جمال الدين مقداد بن عبدالله الأسدي السيوري الحلي في كتابه القيم «اللوامع الإليهية» : «و لبعضهم كلام حسن جامع هنا قالوا: العصمة ملكة نفسانية يمنع المتصف بها من الفجور مع قدرته عليه، و تتوقف هذه الملكة علی العلم بمثالب العاصي و مناقب الطاعات، لأنّ العفّة متی حصلت في جوهر النفس و انضاف إليها العلم التام بما في المعصية من الشقاء، و الطاعة من السعادة، صار ذلك موجباً لرسوخها في النفس فتصير ملكة». (4)
يقول العلّامة الطباطبايي في هذا الصدد: إنّ القوة المسمّاة بقوة العصمة سبب شعوري علمي غير مغلوب البتة، و لو كانت من قبيل ما نتعارفه من أقسام الشعور و الإدراك، لتسرب إليها التخلف، و لتخبط الإنسان علی أثره إحياناً، فهذا العلم من غير نسخ سائر العلوم و الإدراكات المتعارفة، التي تقبل الإكتساب و التعلم، و قد إشار الله في خطابه الذي خصّ به نبيه بقوله: «وَأَنزَلَ اللَّـهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ» (5) و هو خطاب خاص لانفقهه حقيقة الفقه، إذ لاتذوق لنا في هذا المجال. (6)
و هو قدس سره يشير إلی كيفية خاصة من العلم و الشعور الذي إوضحناه بما ورد حول الكنز و آثاره.
3. الاستشعار بعظمة الرب و كماله و جماله
أن هاهنا نظرية ثالثة في تبيين حقيقة العصمة يرجع لبها إلی إنّ استشعار العبد بعظمة الخالق و حبه و تفانيه في معرفته و عشقه له، يصده عن سلوك ما يخالف رضاه سبحانه.
و تلك النظرية مثل النظرية الثانية لا تخالف النظرية الأولی التي فسرناها من أن العصمة هي الدرجة العليا من التقوی، و هذا النحو من الاستشعار لا يحصل إلّا للكاملين في المعرفة الإلهية البالغين إعلی قممها.
إذا عرف الإنسان خالقه كمال المعرفة الميسورة، و تعرف علی معدن الكمال المطلق و جماله و جلاله، وجد في نفسه انجذاباً نحو الحق، و تعلّقاً خاصّاً به بحيث لايستبدل برضاه شيئاً، فهذا الكمال المطلق هو الذي إذا تعرف عليه الإنسان العارف، يؤجج في نفسه نيران الشوق و المحبة، و يدفعه إلی أن لا يبتغي سواه، ولا يطلب سوی إطاعة أمره امتثال نهيه، و يصبح كل ما يخالف أمره و رضاه مفوراً لديه،ِ مقبوحاً في نظره، أشد القبح. و عندئذ يصبح الأنسان مصوناً عن المخالفة، بعيداً عن المعصية بحيث لا يؤثر علی رضاه شيئاً، و إلی ذلك يشير الإمام علي بن أبي طالب (ع) بقوله «ما عبدتك خوفاً من نارك لا طمعاً في جنتك إنما وجدتك أهلاً للعبادة» (7)
هذه النظريات الثلاث أو النظرية الواحدة المختلفة في البيان و التقرير تعرب عن أن العصمة قوة في النفس تعصم الأنسان عن الوقوع في مخالفة الرب سبحانه و تعالی، و ليست العصمة أمراً خارجاً عن ذات الإنسان الكامل و هويته الخارجية.
نعم هذه التحاليل الثلاثة لحقيقة العصمة، كلها راجعة إلی العصمة عن المعصية و المصونية عن التمرد كما هو واضح لمن تأمل فيها، أمّا العصمة في مقام تلقي الوحي و حفظه و إبلاغه إلی الناس، أو العصمة عن الخطأ في الحياة و الأمور الفردية أو الإجتماعية فلا بد أن توجه بوجوه غير هذه الثلاثة.
العصمة عن الخطأ
أما العصمة عن الخطأ في تحمل الوحي و حفظه و نقله إلی الأُمة في حق النبي (ص) أو عصمة أهل البيت (ع) في الإفتاء نقل ما ورثوه من النبي الأكرم فهي رهن أمر آخر.
أما النبي الأكرم (ص) فإنه سبحانه يسدد، بالملائكة كما يقول سبحانه: «عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا . لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا» . (8) .
فإن قوله : « فَإِنَّهُ يَسْلُكُ » بمعنی يجعل لو رصداً. فهؤلاء الملائكة هم الذين يسددون الأنبياء عن الخطأ في القول و الفعل؛ و أما أهل البيت، فبما أنّ عصمتهم عن المعصية و الخطأ ثابتة بالدلائل الآتية فلا محيص من القول من أن لهم مسدداً في الإفتاء و نقل الأحاديث و تفسير القرآن الكريم.
أما ما هو المسدد فالبحث عنه موكول إلی مقام آخر.
الثاني: العصمة لا تلازم النبوة
إنّ بعض مَن يتحاشى من وصف غير الأنبياء بالعصمة يتصوّرون وجود الملازمة بين العصمة و النبوة، و الحال أنّ بينهما من النسب عموماً و خصوصاً من وجه مطلق، فكلّ نبي معصوم و ليس كلّ معصوم بنبي.
«فهذه هي مريم العذراء الّتي هي الأسوة و القدوة للنساء كما عليه قوله سبحانه «وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ» (9).
وبما أنّه سبحانه جعلها قدوة و مثلاً يحتدى به فلابد أن تكون معصومة عن المعاصي و الأخطاء، و إلا لا يصح أن تكون أسوة و فعلاً على الإطلاق. وبالجملة: وجود الملازمة بين الأسوة المطلقة وبين العصمة.
ويؤيّد عصمتها أيضاً قوله سبحانه : جعلها قدوة ومثالاً يحتذى به فلابد أن تكون معصومة عن المعاصي والأخطاء، و إلا لا يصح أن تكون أسوة قولاً وفعلاً على الإطلاق. وبالجملة: وجود الملازمة بين الأسوة المطلقة و بين العصمة.
ويؤيّد عصمتها أيضاً قوله سبحانه : « وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ» (10)، فإن إطلاق قوله: ﴿وَطَهَّرَكِ﴾ يدّل على طهارتها من الرذائل و الذنوب و الخطأ و الزلل.
كما أنّ منزلة الزهراء (س) في حديث أبيها تعرب عن عصمتها قولاً وفعلاً، فقد روى البخاري عن مسعود بن مخرمة أنّ رسول الله (ص) قال : «فاطمة بضعة منّي فمي أغضبها فقد أغضبني » (11)
وروى الحاكم بإسناده عن علي (ع) أنّ رسول الله (ص) قال لفاطمة : « إنّ الله يغضب ويرضى لرضاك » (12).
أقول : أيّ مكانة شامخة للزهراء(س) حتّى صار غضبها ورضاها ملاكاً لغضبه سبحانه ورضاه، وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنّما يدلّ على عصمتها، فهو سبحانه بما أنّه عادل و حكيم لا يغضب إلا على الكافر والعاصي ولا يرضى إلا عن المؤمن والمطيع ، فلو دلّت الرواية الصحيحة على أنَّ فاطمة غضب على أحد فهو إمّا كافر أو فاسق.
إذ تمّ هذا التمهيد ضمن أمرين فلنعرّج إلى بيان أدلّة عصمة أهل البيت (ع) كتاباً و سنّة، و نقتصر من الكتاب العزيز بآيتين ، ومن السنّة بحديثي الثقلين و السفينة.
الآية الأولى:
قال سبحانه:
قال سبحانه : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» (13) ،فيقع الكلام في مقامين:
1- ماهو المراد من أهل البيت (ع) .
2- دلالة الآية على تنزيههم عن الذنوب.
أمّا المقام الأوّل: فلا شكّ أنّ عبارة ( أهل البيت ) تعمّ النساء والأزواج لغة وكتاباً، ويكفي في ذلك قوله سبحانه : «قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ» (14) فقد عُدّت امرأة إبراهيم(ع) من أهل البيت و الخطاب في الآية أعني قوله : « أَتَعجَبِينَ مَن أَمر اللهِ » ناظر إليها.
ومع الاعتراف بذلك لكن المراد به في الآية عبارة عمّن عيّيهم الرسول(ص) مرّة بعد أخرى فخصّهم بعلي وفاطمة و ابنيهما فتارة يصرح (ص) بأمسائهم، كما روى الطبري عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) نزلت هذه الآية في خمسة : فيّ و علي (ع) و حسن (ع) و حسين ( ع ) وفاطمة رضي الله عنها: « إنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أهلَ البَيتِ » (15).
و أخرى أدخلهم تحت الكساء ، كما أخرج مسلم في صحيحة قال: قالت عائشة: خرج النبي ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله، ثم جاءا لحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله ثم قال : « إنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أهلَ البَيتِ » (16).
وثالثة تلا الآيات على بابهم ، كما أخرج الطبري عن أنس أنّ النبي(ص) كان يمّر ببيت فاطمة ستة أشهر كلّما خرج إلى الصلاة فيقول: الصلاة أهل البيت (ع) « إنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرّجسَ أهلَ البَيتِ »(17).
وقد بلغ عدد الروايات الواردة في تخصيص أهل البيت بالخمسة ما يناهز 35 رواية أخرجها الطبري في تفسيره و السيوطي في الدر المنثور و غيرهما، (18) و تصل أسانيد الروايات إلى ثمانية من صحابة النبي (ص) وهم:
1- أبو سعيد الخدري. 2. أنس بن مالك 3. ابن عباس . 4. أبو هريرة السدوسي . 5. سعد بن أبي وقاص . 6.واثلة بن الأسقع.7. أبو الحمراء، أعني : هلال بن الحارث . 8 . أمهات المؤمنين : عائشة و أمّ سلمة.
نعم هناك سؤال وهو أنّه لو كان المراد بأهل البيت هم هؤلاء الخمسة فلماذا وردت الإشارة إليهم في أثناء حديث القرآن عن نساء النبي (ع) ؟
الجواب أوّلاً : أنّ عادة الفصحاء في كلامهم أنّهم ينتقلون من خطاب إلى غيره ثم يعودون إليه، والقرآن مليء بذلك الأسلوب، و كذلك كلام العرب و أشعارهم.
قال الشيخ محمد عبده: إنّ من عادة القرآن أن ينتقل بالإنسان من شأن إلى شأن ثم يعود إلى مباحث المقصد الواحد المرّة بعد المرّة.(19)
ولأجل إيقاف القارئ على صحّة ما قاله نأتي بشاهد على ذلك، فنقول : قال سبحانه ناقلاً عن العزيز مخاطباً زوجته:« إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ . يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ »(20)
فترى أنّ العزيز يخاطب أوّلاً امرأته بقوله ( إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ) و قبل أن يفرغ من كلامه معها، يخاطب يوسف بقوله : (يوسفُ أعرض عن هذا ) ... ثم يرجع إلى الموضوع الأول و يخاطب زوجته بقوله ( واستغفري لذنبك ) ... فقوله (يوسفُ أعرض عن هذا ) جملة معترضة وقعت بين الخطابين، و المسوغ لوقوعها بينهما كون المخاطب الثاني أحد المتخاصمين ، وكانت له صلة بحديث المرأة التي رفعت الشكوى إلى العزيز.
وثانياً أن الضمائر في الآية كلها مذاكرة أعني " عنكم " و " يطهركم " ، مع أن الضمائر في الآيات المتقدمة والمتأخرة كلها جاءت على وجه التأنيث، وربما يقرب عددها من عشرين ضميراً كلها مؤنثة، و هذا دليل على أن الآية ناظرة إلى غير النساء .
وإليك صور الضمائر :« يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا . وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ.... يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ... ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ... وَقُلْنَ.... وقَرن َفِي بُيُوتِكُنَّ و لا تَبرجن... و أقمنَ الصلوة و آتينَ الزكاةَ و أطِعنَ الله... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» .(21)
هذه هي الضمائر المتقدّمة على الآية ، و أما الضمائر المتأخرة عنها فهي : (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ).(22)
و الذي يؤكد خروج النساء عن الآية ، هو أن الله سبحانه أفرد لفظ البيت في الآية وقال (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )، و لكنه عبّر عن بيوت أزواجه بصيغة الجمع وقال (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ). وعلى هذا فهناك " بيت " معروف مشخص أضيف إليه لفظ " أهل " فأصبحت العبارة " أهل البيت " وفي الوقت نفسه هناك بيوت لنسائه و أزواجه، فالمتواجد في البيت الأول ، غير المتواجد في البيوت، فإذا كنت البيوت خاصّة لنسائه(ص) فيكون البيت خاصّاً لأهل الكساء، إذا الأمر يدور بين الطائفتين ليس غير.
فحول النبي أسرتان:
أسرة لها المكانة و الفضل لاتصالها بالنبي لا لذواتهن، ولذا استهلّ سبحانه الآيات بقوله : يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة.... و يا نساءا لنبي لستن كأحد من النساء كلّ ذلك يعرب عن أنّ كرامتهن لأجل اتصالهن بالنبي(ص).
و أسرة لها الفضل و الكرامة لاستحقاقهن بها و قدسية أنفسهن، فقد أعطى سبحانه كل أسرة حقها، فقد أدب الأسرة الأولى و نهاهن عن أمور تمس بكرامة زوجهنّ، ثم أخذ بوصف الأسرة الثانية و تكريمها مشعراً بطارتهنّ عن كلّ رجس و دنس .(23)
فبذلك يعلم وجه ادغام قوله : ( إنما يريد الله ... ) في ثنايا الآيات النازلة في حقّ نسائه ، فكأنّه سبحانه يريد إعطاء كل أسرة حول النبي (ص) حقّها .
و ممن أصحر بالحقيقة الإمام الشوكاني قال : و قالت الزيدية و الإمامية : إنّ إجماع العترة حجّة و استدلّوا بقوله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا و أجيب بأن سياق الآية أنه في نسائه ثم أضاف وقال : ويجاب عن هذا الجواب بأنه قد ورد الدليل الصحيح أنّها نزلت في علي و فاطمة و الحسنين، و قد أوضحنا الكلام في هذا في تفسيرنا الذين سميناه " فتح القدير " فليرجع إليه .(24)
نعم ربما ذهب بعضهم إلى نزول الآية في نساء النبي (ص) لكنّهم جماعة لا يعتد بقولهم منهم :
1- عكرمة ، ومن المعلوم أن عكرمة من الإباضية ، فهو رجل منحرف عن جادة الحق، ولم يكن ليتحرز الكذب على ابن عباس .(25)
2- عروة بن الزبير ، و يكفي في عدم حجية قوله عداؤه لعلي و انحرافه عنه .(26)
ومنهم مقاتل بن سليمان، وهو من المشبهة ، وعن الإمام أبي حنيفة قال ، أتانا من المشرق رأيان خبيثان، جهم معطل، و مقاتل مشبه. و في البخاري : لاشيء البتة. قلت : أجمعوا على تركه .(27)
ولمّا كان هذا الرأي – أعني : اختصاص الآية بنساء النبي (ص) رأياً قاسياً مخالفاً لرأي جمهور المفسرين ، اتخذ الآلوسي رأياً وسطاً ليكون جامعاً بين القولين و قال " والذي يظهر لي : إن المراد من أهل البيت من لهم مزيد علاقة به و نسبة قوية قريبة إليه عليه الصلاة و السلام بحيث لا يقبح عرفاً اجتماعهم و سكنا هم معه في بيت واحد ، ويدخل في ذلك ازواجه و الأربعة أهل الكساء ، وعلي كرم الله وجهه مع ماله من القرابة من رسول الله (ص) و قد نشأ في حجرة- عليه الصلاة و السلام – فلم يفارقه وعامله كولده صغيراً و صاهرة و آخاه كبيراً.(28)
يلاحظ عليه : أولاً : أن ما ذكره هو خلاف ما فهمه زيد بن أرقم – ذلك الصحابي – من الآية قبل له " من أهل بيته نساؤه " ؟! قال : " لا و أيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها و قومها... إلى آخر ما ذكره .(39)
وثانياً أن تعميم أهل البيت في الآية إلى النساء خلاف ما نص عليه الرسول (ص) روى الحاكم : عن عطاه بن يسار عن أم سلمة – رضي الله عنها – أنها قالت : في بيتي نزلت هذه الآية إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ فأرسل رسول الله (ص) إلى علي و فاطمة و الحسن و الحسين – رضي الله عنهم – فقال :اللهم هؤلاء أهل بيتي .
قالت أم سلمة : يارسول الله : ما أنا من أهل البيت ؟
قال : إنك على خير ، و هؤلاء أهل بيتي اللهم أهلي أحق .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه .(30)
وقال الترمذي بعد نقل الحديث : هذا حديث حسن صحيح ، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب .(31)
وثالثاً أن ما ذكره يخالف تخصيص النبي الآية بأصحاب الكساء بصورة مختلفة حتى جعلهم تحت الكساء و جللهم به حتى يكون عمله جامعاً و مانعاً للغير . ومع ذلك كيف يصح للسيد الآلوسي – تعميم الآية ؟!فلاحظ.
وبالجملة :الأحاديث المتضافرة بل المتواترة – إجمالا – على أن النبي (ص) أخبر عن اختصاص الآية بأهل الكساء و حقق ما يريده بعناوين متنوعة كثيرة لا يسعنا نقلها في هذا المقال المطلوب فيه الإيجاز و الاختصار .
هذا إجمال ما يمكن أن يقال في نزول الآية في حق الخمسة سلام الله عليهم و من أراد التفصيل فليرجع إلى كتب أصحابنا فلهم بحوث تفصيلية حول الآية .
وأما المقام الثاني : أي دلالة الآية على عصمة أهل البيت عليهم السلام فهي مبتنية على ثبوت أمرين :
1- أن الرجس أمر يعم المعاصي صغيرها و كبيرها
2- أن الإرادة تكوينية لا تشريعية
أما الأمر الأول: فقد استعملت هذه اللفظة في الذكر الحكيم ثمان مرات و وصف بها الخمر و الميسر، و الأنصاب، و الأزلام، و الكافر غير المؤمن بالله، و الميتة، و الدم المسفوح ، ولحم الخنزير و الأوثان و قول الزور .
فالجامع بينها القذارة التي تتنفر منها النفوس سواء أكانت مادية كما في مورد اللحوم ام معنوية كما هو الحال في الكافر و عابد الوثن و وثنه فالجامع بينهما هي الأعمال القبيحة عرفاً أو شرعاً .
قال العلامة الطباطبائي : الرجس – بالكسر والسكون – صفة من الرجاسة و هي القذارة و القذارة هيئة في النفس توجب التجنب و التنفر منها ، وهي تكون تارة بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير، قال تعالى : أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ (32) وبحسب باطنه أخرى و هي الرجاسة و القذارة المعنوية كالشرك و الكفر و أثر العمل السيئ قال تعالى : وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (33) وقال : فَمَن يُرِدِ اللَّـهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّـهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (34)
و أياً ما كان فهو إدراك نفساني و أثر شعوري يحدث من تعلق القلب بالاعتقاد الباطل او العمل السيئ، و إذهاب الرجس عبارة عن إزالة هيئة خبيثة في النفس حق الاعتقاد و العمل و عند ذلك يكون إذهاب الرجس معادلاً للعصمة الإلهية التي هي صورة علمية نفسانية، تحفظ الانسان من رجس باطني الاعتقاد و سيئ العمل (35)، هذا كله حول الأمر الأول.
وأما الامر الثاني : أعني كون الإرادة تكوينية لا تشريعية .
إن انقسام إرادته سبحانه إلى تكوينية و تشريعية أمر واضح، أما الاولى فهي ما تتعلق بإيجاد الشيء ، ومنها قوله سبحانه : إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ.(36)
و أما الثانية فهي ما إذا تعلقت إرادته بتشريع حكم من الأحكام و بعث الناس إلى العمل به.
فالإرادة التكوينية لا تنفك عن المراد، بخلاف التشريعية فإنها لغاية بعث الناس إلى الفعل أو الترك مخيرين بين الطاعة و العصيان .
فنقول : لاشك أن الإرادة المتعلقة بإذهاب الرجس عن أهل البيت بالخصوص تكوينية ، إذ لو كانت تشريعية لما اختصت بطائفة دون طائفة ، لأن الهدف الأسمي من بعث الانبياء هو تطهير عامة الناس عن الذنوب بقوله سبحانه: وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (37)
و إن شئت قلت : تخصيص تعلق الإرادة بجمع خاص يمنع من تفسير الإرادة التشريعية التي عمت الأمة جميعاً .
وبعبارة ثالثة : لو كانت الإرادة تشريعية لما احتاج إلى إبراز العناية بصور مختلفة الواردة في الآية ، فإليك بيان تلك العناية:
أ.ابتدأ سبحانه كلامه بلفظ الحصر، ( إنما ) ولا معنى له إذا كانت الإرادة تشريعية ، لأنها غير محصورة بأناس مخصوصين.
ب.عين تعالى متعلق إرادته بصورة الاختصاص ، فقال : " أهل البيت" أي أخصكم أهل البيت .
ج.قد بين متعلق إرادته بلفظه" عنكم" وقال لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
د. قد أكده أيضاً بالإتيان بمصدره بعد الفعل وقال وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ليكون أوفى في التأكيد .
هـ.أنه سبحانه أتى بالمصدر نكرة، ليدل على الإكبار و الإعجاب، أي تطهيراً عظيماً معجباً.
و.أن الأية في مقام المدح و الثناء، فلو كانت الإرادة تشريعية لما ناسب الثناء و المدح.
وعلى الجملة: العناية البارزة في الآية تدل بوضوح على أن الإرادة هناك غير الإرادة العامة المتعلقة لكل انسان حاضر او باد.
وبذلك نقول: تعلقت إرادته سبحانه بتنزيلهم عن القبيح و العصيان كما تعلقت إرادته بعصمة الانبياء عن الذنب و العصيان ، وقد ثبت في محله أن العصمة لا تخالف الاختيار ، وذلك لأن القدرة و التمكن على فعل المعصية ثابتان للمعصوم ، إلا العصمة تصده عن ذلك، فهذا يوسف كان قادراً على ارتكاب الفاحشة إلا أن عصمته منعته عن ذلك، وبهذا استحق الثناء و المدح.
شبهتان ضئيلتان
إن السيد محمود الآلوسي – مع أنه من الشرفاء – أخذ يناقش دلالة الآية على عصمة أصحاب الكساء بوجهين ضعيفين لا يليقان بساحته :
الأول : أن الآية لا تدل على عصمتهم، بل لها دلالة على عدمها. إذ لا يقال في حقّ من هو طاهر: إني أريد أن أطهرك ، ضرورة امتناع تحصيل الحاصل، غاية في الباب أن كون هؤلاء الأشخاص (رضي الله عنهم ) محفوظين من الرجس والذنوب بعد تعلق الإرادة بإذهاب رجسهم ، يثبت بالآية .(38)
يلاحظ عليه : أولاً : أن النبي من أصحاب الكساء و الداخل تحت قوله تعالى :( أَهْلَ الْبَيْتِ ) فلازم ما ذكره من التفسير: أن النبي لم يكن متطهراً من الرجس قبل هذه الآية و إنما صار كذلك بعد نزولها، وهو خلاف ما اتفق عليه المسلمون من عصمته بعد البعثة .
و ثانياً أن الإذهاب تارة يطلق ويراد به إذهاب الشيء بعد وجوده كما في قوله تعالى: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ (39) و أخرى يطلق ويراد حسم أسباب الرجس و إذهاب المقتضي لا رفعه بعد وجوده، و نعم ما ذكره الزمخشري حيث قال في تفسير الآية : إنما يريد لئلا يقارف أهل بيت رسول الله المآثم و ليتصونوا عنها بالتقوى.(40)
الثاني :لو تعلقت إرادته التكوينية بعصمتهم ، فيتحقق عندها الفعل فعندئذ فأي حاجة لدعاء النبي في حقهم حيث روى أنه قال : اللهم إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيراًن إذ عندئذ يكون أشبه بحصول واجب الحصول.(41)
يلاحظ عليه : بأن دعاء النبي (ص) إنما هو للاستمرار ، نظير قوله سبحانه : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ،(42) ، فإن معناه طلب استمرار الهداية من الله سبحانه و هكذا دعاء النبي طلب استمرار الطهارة لأهل بيته في المستقبل أيضاً ، إذ من المحتمل أن تتعلق إرادته سبحانه بفترة خاصة دون عامة الفترات فالنبي (ص) طلب من الله شمولها لعامة الفترات.
يقول العلامة الطباطبائي في تفسير قوله سبحانه : وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ (43) إن تلك القوة القدسية التي استعصم بها يوسف (ع ) كانت كأمر تدريجي يفيض عليه آناً بعد آن من جانب الله سبحانه و ليست بالأمر الدفعي المفروغ عنه، وإلا لا نقطعت الحاجّة إليه تعالى، و لذا عبر عنه بقوله : وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي .(44)
وحصيلة الكلام: أنّ الممكن في وجوده و بقائه قائم بالله سبحانه فهو في حدوثه رهن العلة ، وهكذا في بقائه لأنه في حد الذات لا يملك شيئاً فلذلك في كل آن رهن الأفاضة من الله سبحانه إليه، و هذه هو المصحح لدعاء النبي (ص) لاستمرار تلك الإفاضة.
وأظن أن هذه الإشكالات كانت واضحة الجواب عند السيد الآلوسي و لكن رأيه المسبق في أئمة أهل البيت (عليهم السلام ) أوجد تلك الأفكار في ذهنه .
سؤال و إجابة
ربما يقال : إن الآية على فرض دلالتها على العصمة إنما تدل على عصمتهم من العصيان، وأما عصمتهم من الخطأ فالآية غير ناظرة إليه .
والجواب : أنّ بعض المفسّرين عمّم الرجس على الفكر الخاطئ في ذهن الإنسان، و بذلك جعل الآية دالة على العصمة في كلا الموقفين.(45)
ومع ذلك يمكن الإجابة بالقول بالملازمة بين العصمة من الذنوب و العصمة من الخطأ بالبيان التالي :
إن الهدف الأسمي من وصفهم أهل البيت (عليهم السلام) بالعصمة ليس إلا أتخاذ الأمة لهم أسوة على الصعيد الفردي و الاجتماعي ، ومعنى ذلك كونهم معصومين في جميع الجوانب ن وإلا فلو كانوا يخطأون في بعض الأحيان لما صحّ جعلهم أسوة على وجه الإطلاق.
وبعبارة أخرى : إنّ اهل البيت ( عليهم السلام ) أسوة قولاً و فعلاًَ، ومعنى ذلك كونهم مصيبين في مجالي القول و الفعل .
الآية الثانية : آية طاعة أولي الأمر
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا.(46)
وجه الدلالة: أنه سبحاه عطف اولي الأمر على الرسول (ص) وأشرك بينهما وقال : أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ، ومن المعلوم إن إطاعة الرسول غير مقيدة بشيء لأنه معصوم لا يأمر إلا بالحق و مافيه رضا الله تعالى، فاقتضى أن يكون أولو الأمر كذلك أيضاً فتجب إطاعتهم مطلقاً، ومن كان كذلك فهو معصوم قطعاً .
وإن شئت فصغه في قالب الكبرى و الصغرى و قل :
أولو الأمر من وجبت إطاعتهم مطلقاً.
ومن وجبت إطاعتهم مطلقاً فهم معصومون
ينتج : أولو الأمر معصومون
وهذا مما لا كلام فيه ، فقد اعترف بما ذكرنا الفخر الرازي في تفسيره وقال : " إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، و من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم و القطع لابد ان يكون معصوماً عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ، و الخطأ لكونه خطأ منهي عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر و النهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وأنه محال ، فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، و ثبت كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ ، فثبت قطعاً أنّ أولي الأمر المذكور في هذه الآية لابد و أن يكون معصوماً .(47)
ثم إن بعض المفسّرين حمل " أولي الأمر " على الأمراء و السلاطين ، ومن المعلوم أن اولئك غير معصومين، بل أكثرهم من الفسقة و الفجرة الذين يتعاملون بحقوق الشعوب بالحرمان و العصيان، و بعضهم فسره بالعلماء من أهل الحل و العقد، وهذا أيضاً كالتفسير السابق إذ ليسوا بمعصومين قطعاً.
وأما تفسير هم بالخلفاء الراشدين فغير تامّ جدّاً، لأنه يستلزم اختصاص الآية بفترة خاصة لا تتجاوز الأربعين سنة.
فعلى المفسّر المحقق أن يتحرى عن المراد بـ" أولي الأمر " فلا معنى لأن يأمر الله بإطاعة أولي الأمر ولكن لم يعرّفهم.
و الذي يجب أن يقال: إنّهم عبارة عن الخلفاء الأنثي عشر الذين عرّفهم الرسول (ص) بتعابير مختلفة.
أخرج مسلم في الصحيح عن النبي (ص) قال : " لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم أثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ".(48)
إنّ احاديث الأئمة الاثني عشر من الروايات الواردة في صحيحي البخاري و مسلم بطرق و صور مختلفة، كلّها تحكي عن أنّ النبي (ص) أخبر عن أثني عشر خليفة من بعده ، بهم أنيط عز الإسلام و قوامه، وبما أنّ المقال لا يسع لنقل هذه الروايات فلطلبات أن يرجع إلى الصحيحين.(49)
وقدمرّ أن تفسير أولي الأمر بالخلفاء الراشدين يستلزم اختصاص الآية بفترة معينة و لكن تفسيره بالأئمة الاثني عشر يلازم استمرار وجود أولي الأمر، فإن الإمام الثاني عشر ( أعني المهدي ابن الحسن المنتظر "ع" ) هو حي يرزق سيظهره الله تعالى في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً و عدلاً، كما ورد في المصادر الحديثية للفريقين.
1-روي الإمام احمد في مسنده عن رسول الله (ص) : " لو لم يبق من الدهر إلا يوم واحد لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأ ها عدلاً كما ملئت جوراً "(50)
2-أخرج ابو داود عن عبدالله بن مسعود: أن رسول الله (ص) قال :" لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ".(51)
3-أخرج أبو داود عن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت : سمعت رسول الله(ص) يقول :" المهدي من عترتي من ولد فاطمة ".(52)
4-أخرج الترمذي عن ابن مسعود: أن رسول الله (ص) قال :" يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ".(53)
إلى هنا تمّ الكلام في الدليل القرآني على عصمة أهل البيت بقي الكلام في ما ورد في السنة الشريفة من دلائل عصمتهم.
المقام الثاني : عصمة أهل البيت (ع) على بيان من النبي الأكرم (ص)
قد ورد التعريف بأهل البيت تارة والعترة ثانياً في لسان النبي (ص)بعبارات تدلّ على أنهم لا يفارقون الحق و لا يميلون إلى الباطل ، وقد ورد ذلك المضمون في روايات متعدّدة نخص بالذكر منها اثنتان و هما:
1. حديث الثقلين
إنّ النبي الأكرم (ص) قرن عترته بالكتاب الكريم و جعل التمسّك بهما سبباً لعدم ضلال الأمة، ومن المعلوم أن القرآن لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، فما فيه عين الحق و حق اليقين ، فإذن يكون قرينه الذي لا يفترق عنه، مثله، وهذا ما يعبر عنه بحديث الثقلين لوروده في بعض المتونن وها نحن نذكر الصور المختلفة المتنوعة من هذا الحديث الذي نادى به النبي في مواضع مختلفة ، ولعل الاختلاف في بعض الألفاظ نابع من إيراده في ظروف متعددة ، وإليك صور الحديث :
أ. لما رجع من حجة الوداع و نزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال:
1.كأنّي دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين . أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله تعالى ، و عترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيها، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض .(54)
2. يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي .(55)
3.إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما.(56)
4.إني تارك فيكم الخليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء و الأرض أو ما بين السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، و أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.(57)
وقد اقتصرنا في نقل المصادر بالأقل القليل من الكثير و إلا فمصادر الحديث كثيرة تناهز العشرات ، وقد ألف غير واحد من أصحابنا كتباً في أسانيد الحديث و تضافره بل تواتره.
ولكن يجب علينا أن نركز على مارامه النبي الأكرم (ص) من الوصايا بهما، فنقول:
إن رسول الله (ص) قد حكم في حديث الثقلين عن وجود التلازم بين عترته أهل بيته و بين الكتاب العزيز و أوصى المسلمين بالتمسّك بهما معاً مصطحبين، ليتجنبوا الوقوع في الضلالة، و أشار (ص) بقوله:" لن يفترقا حتى يردا علي الحوض" إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخلفتين عنه (ص) ، وهذا يقضي أن يكون أهل البيت (ع) مقارنين للكتاب في الوجود و الحجة .
وبعبارة أخرى : إن ذلك يدل على أنه لابدّ في كل عصر، في جملة اهل البيت ، من حجة معصوم مأمون يقطع على صحة قوله.
ومما يؤيد ما ذكرنا أنه ورد في ذيل بعض الصور أن النبي (ص) بعد ما ذكر أنه مخلّف كتاب ربه و عترته أهل بيته، قد أخذ بيد علي (ع) و رفعها وقال :" هذا علي مع القرآن و القرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض"(58) أفيشك في عصمة القرآن مسلمٌ؟! فلا بدّ أن لا يشكّ في عصمة من لا يفارقه .
2. حديث السفينة
تضافرت الروايات عن النبي الأكرم(ص) أنه شبّه أهل بيته بسفينة نوح، وقال ما هذا لفظه:" ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ".(59)
وفي لفظ آخر:" إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق، و إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني اسرائيل من دخله غُفر له ".(60)
إنّ حديث السفينة من الأحاديث المتواترة عند المحدّثين ولا يسعنا نقل مصادره، ولسماحة الدكتور الرجوع إلى هامش الصفحة 77 من كتاب المراجعات.
يقول السيد شرف الدين العاملي: و أنت تعلم أنّ المراد بتشبيههم بسفينة نوح، أنّ مَن لجأ إليهم في الدين فأخذ فروعه و أصوله عن أئمتهم الميامين نجا من عذاب النار، و من تخلف عنهم كان كمن آوى يوم الطوفان إلى جبل ليعصمه من أمر الله، غير أنّ ذاك غرق في الماء و هذا في الجحيم و العياذ بالله.
والوجه في تشبيههم عليهم السلام بباب حطة هو أنّ الله تعالى جعل ذلك الباب مظهراً من مظاهر التواضع لجلاله و الخضوع لحكمه، وبهذا كان سبباً للمغفرة. وقد جعل انقياد هذه الأمة لأهل نبيها و الاتباع لأئمتهم مظهراً من مظاهر التواضع لجلاله و البخوع لحكمه، و بهذا كان سبباً للمغفرة. وهذا وجه الشبه، وقد بيّنه ابن حجر في كلامه – بعد أن أورد الحديث و غيره قال – ووجه تشبيههم بالسفينة من أحبهم و عظمهم شكراً لنعمة مشرفهم، و أخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ، ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم، و هلك في مفاوز الطغيان... إلى أن قال : وباب حطة – يعني : ووجه تشبيههم بباب حطة – أن الله تعالى جعل دخول ذلك باب الذي هو باب أريحا أو بيت المقدس مع التواضع و الاستغفار سبباً للمغفرة، وجعل لهذه الأمة مودّة أهل البيت سبباً لها.(61)
هذا ما سمح به الوقت و جاد به الفكر و عسى أن يقع موقع القبول .
والحمدالله رب العالمين
جعفر السبحاني
قم المقدسة
مؤسسة الإمام الصادق (ع)
7 محرم الحرام من شهور سنة 1434 هـ
فهرس المصادر
1- التكاثر : 5-6
2- نهج البلاغة : 2: الخطبة 188 ص 187 طبعة عبده
3- التوبة : 34 – 35
4- اللوامع الإلهية : 170
5- النساء 113
6- الميزان : 5/81
7- عوالي اللآلي : 2/11 برقم 18 ، بحار الانوار : 41/14
8- الجن : 26-28
9- التحريم : 12
10- آل عمران :42
11- صحيح البخاري : 910، برقم 3714 فضائل الصحابة ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري:7/84
12- المستدرك على الصحيحين : 3/154 وقد صححه الحاكم
13- الأحزاب: 33
14- هود : 73
15- تفسير الطبري : 22/9 برقم 21727، دار الفكر – 1415هـ
16- صحيح مسلم : 7/130 باب فضائل أهل بيت النبي (ص)
17- تفسير الطبري : 22/9 برقم 21729
18- تاريخ الطبري : 22/9-13، الدر المنثور : 5/198-199 ، تفسير الرازي:8/85
19- تفسير المنار : 2/451
20- يوسف : 28-29
21- الأحزاب : 28-33
22- الأحزاب :34
23- انظر دلائل الصدق للشيخ محمد حسين المظفر : 2/72
24- ارشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : 126
25- لاحظ : ترجمته في ميزان الاعتدال، 3/93-97، سير أعلام النبلاء : 5/18-29
26- لاحظ: سير اعلام النبلاء: 4/421 – 434
27- سير أعلام النبلاء : 7/220
28- روح المعاني للسيد محمود الآلوسي البغدادي ( المتوفى 1270 هـ ) : 22/19، في تفسير آية التطهير . ط دار أحياء التراث العربي – بيروت
29- صحيح مسلم : 7/123 باب فضائل علي (ع)
30- المستدرك على الصحيحين : 3/147
31- سنن الترمذي : 5/361 برقم 3963 باب ما جاء في فضل فاطمة (س)
32- الأنعام : 145
33- التوبة :125
34- الأنعام : 125
35- الميزان في تفسير القرآن : 16/330
36- يس : 82
37- المائدة :6
38- روح المعاني : 19/18
39- الأنفال :11
40- تفسير الكشاف : 23/538
41- روح المعاني : 19/10
42- الفاتحة : 6
43- يوسف : 33
44- الميزان في تفسير القرآن : 13/270
45- نقله الشوكاني في إرشاد الفحول : 126
46- النساء : 59
47- تفسير الرازي : 10/144
48- صحيح مسلم : 6/3 ط ، دار الفكر بيروت، ولاحظ سنن أبي داود : 2/309
49- لاحظ صحيح البخاري ، 8/127 طبعة دار الفكر 1401 هـ
50- مسند أحمد : 1/99 ، 3/17 و 70
51- جامعل الأصول : 11/48 برقم 7810
52- جامع الأصول : 11/48 برقم 7812
53- المصدر نفسه برقم 7810
54- أخرجه الحاكم عن زيد بن أرقم ، المستدرك : 3/109
55- أخرجه الترمذي و النسائي عن جابر و نقله عنهما في كنز العمال : 1/44
56- أخرجه الترمزذي عن زيد بن أرقم و نقله في كنز العمال : 1/44 برقم 874
57- أخرجه أحمد في مسنده : 5/182/189 ولاحظ : مسند احمد : 3/14 و 17 و 26، طبعه دار صادر- بيروت، سنن الترمذي : 5/328 ، فضائل الصحابة للنسائي : 15 مجمع الزوائد : 1/88
58- الصواعق المحرقة : 124 طبعة المحمدية بمصر
59- مستدرك الحاكم : 2/343و 3/151
60- مجمع الزوائد للهيثمي : 9/168. ولاحظ : المعجم الكبير للطبراني : 3/46 ، كنز العمال: 2/435 و ج 12/98
61- الصواعق المحرقة : 151 ، الطبعة المحمدية مصر