للعيد، في المفهوم الإسلاميّ، آدابٌ وسننٌ هامّةٌ، ينبغي الاهتمام بها ومراعاتها، وهي على قسمَين: آدابٌ عامّةٌ، وآدابٌ خاصّةٌ.
ومن الآداب العامة للعيد الآداب العامّة:
أ- ابتداء يوم العيد بالتكبير والتهليل: فالعيد شعيرة من شعائر الله تعالى، التي ينبغي أن تظهر وتبرز في المجتمع الإسلاميّ، ومنها استحباب التكبير والتهليل والتحميد صبيحة العيد، والاجتماع للصلاة، وغيرها من الأعمال والمستحبّات. ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "زيّنوا العيدَين بالتهليل والتكبير والتحميد والتقديس"[1].
ب- بثُّ روح الإلفة والإكرام في العيد: كثيرة هي الأحاديث التي تحثّ المسلم على الاهتمام بالآخرين، ولطافة التعامل معهم، وترغّبه بذلك، حيث قال النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ أحبَّكم إلى الله، الذين يألَفون ويُؤلَفُون، وإنّ أبغضكم إلى الله المشّاؤون بالنميمة، والمفرِّقون بين الإخوان"[2]. والعيد هو فرصةٌ ثمينةٌ لتكريس ثقافة التزاور والضيافة والاستضافة، لأنّها من باب تكريم المؤمن، وإدخال السرور على قلبه، بلا فرقٍ بين الزائر والمزور، أو بين الضيف والمضيف. ولهذا، ينبغي إكرام المؤمن، بل والمسلم، بتلبية دعوته، وعدم الاقتصار على الحضور والمشاركة عند طبقةٍ اجتماعيّةٍ خاصّةٍ. يقول صلى الله عليه وآله وسلم: "حقّ المسلمِ على المسلمِ خمسٌ: ردّ السلام، وعيادة المريض، واتّباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميتُ العاطس"[3].
ج- التلاقي والتزاور: التلاقي والتزاور وغيرها من مظاهر العيد، تنمّي مفاهيم إنسانيّة جميلة، حيث تزيد من التواصل والترابط الحميم بين أفراد المجتمع، فقد ورد الحثّ الشديد على التزاور في الله، ولقاء الإخوان. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ زَارَ أَخَاهُ المؤْمِنَ إِلى مَنْزِلِهِ، لَا حَاجَةَ مِنْهُ إِلَيْهِ، كُتِبَ مِنْ زُوَّارِ اللهِ، وَكَانَ حَقِيقًا عَلَى اللهِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ"[4].
د- التزيّن والتجمُّل: صحيحٌ بأنّ بهجةَ العيد وزينتَه ليست لِذَاتِ العيد، بل لِمَا يحمله العيدُ من معانٍ ومفاهيمَ عظيمةٍ في الإسلام، تتجلّى في غفران ذنوب الحاجّ، وقبول حجّه وسعيه...، إلّا أنّ هذا لا يتنافى أبدًا مع إبراز مظاهر الزينة المعنويّة بالتهليل والتكبير والزينة المادّيّة من خلال التجمّل في اللباس، للكبار والصغار، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "إنَّ اللهَ يحبُّ إذا خرجَ عبدُهُ المؤمنُ إلى أخيهِ، أنْ يتهيّأَ لَهُ، وَأنْ يتجمّلَ"[5]، وقد ورد التأكيد في النصوص على أنّ "خيرَ لباسِ كلّ زمانٍ لباسُ أهلِهِ"[6].
هـ- التكافل ومعونة الفقراء: وذلك بالسعي الجدّيّ للمشاركة في تحمّل المسؤوليّة تجاه الفقراء والمستضعفين، لنُشعِرَهم جميعًا بفرحة العيد، وليكونَ شعارُنا العملَ لِيَفرحَ الناس، كلّ الناس، بالعيد، وذلك من خلال التعاون والتكافل والإيثار، فقد ورد أنّ عليًّا اشترى ثوبًا فأعجبه، فتصدّق به، وقال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: مَنْ آثَرَ عَلَى نَفْسِهِ آثَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ بالجَنَّةَ"[7].
[1] السيوطيّ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان - بيروت، 1401ه - 1981م، ط1، ج2، ص32.
[2] الفيض الكاشانيّ، المولى محمّد محسن، المحجّة البيضاء في تهذيب الأحياء، صحّحه وعلّق عليه علي أكبر الغفاريّ، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، إيران - قم، لا.ت، ط2، ج 3، ص288.
[3] الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج4، ص415.
[4] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج72، ص364.
[5] الشيخ الطبرسيّ، مكارم الأخلاق، مصدر سابق، ص97.
[6] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج6، ص141.
[7] الشيخ الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج 2، ص342.