هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْإِمَامُ الزَّکِیُّ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ،[1] ولد بالمدینة لیلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة،[2] على المشهور[3] بین الخاصة و العامة، و قیل فی شعبان و لعله اشتباه بمولد اخیه الحسین (ع)، سنة ثلاث او اثنتین، و قیل غیر ذلک لکن المشهور الاثبت احد هذین[4]، و کنیته أبو محمد لاغیر کناه به النبی (ص) کما فی أسد الغابة عن أبی احمد العسکری،[5] و جاءت به أمه فاطمة سیدة النساء (ع) إلى رسول الله (ص) یوم السابع من مولده فی خرقة من حریر الجنة نزل بها جبرئیل إلى النبی ( ص) فسماه حسنا و عق عنه کبشا.
القابه: السبط، السید، الزکی ،المجتبى، التقی.[6]
و قبض رسول الله و له سبع سنین و أشهر، و قیل ثمانی سنین، و قام بالأمر بعد أبیه (ع) و له سبع و ثلاثون سنة،[7] قال المفید فی الارشاد: کانت بیعته یوم الجمعة 21 رمضان سنة 40[8]، و أقام فی خلافته ستة أشهر و ثلاثة أیام، و وقع الصلح بینه و بین معاویة فی سنة إحدى و أربعین. و عاد الامام الحسن (ع) إلى المدینة و أقام بها عشر سنین و مضى لرحمة ربه للیلتین بقیتا من صفر سنة خمسین من الهجرة و له سبع و أربعون سنة و أشهر،[9] مسموما سقته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قیس، و کان معاویة قد دس إلیها من حملها إلى ذلک و ضمن لها أن یزوجها من یزید ابنه و أوصل إلیها مائة ألف درهم فسقته السم و بقی مریضا أربعین یوما،[10] و تولى أخوه الحسین (ع) غسله و تکفینه و دفنه عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بالبقیع .[11]
وقد ذکر المترجمون للامام الحسن (ع) مجموعة من خصائصه و مناقبه (ع )؟،منها:
1- تسمیته من قبل الله تعالى
روی عن جابر بن عبد الله قال: لما ولدت فاطمة الحسن (ع) قالت لعلی: سمه. فقال: ما کنت لأسبق باسمه رسول الله (ص)، فقال رسول الله: ما کنت لأسبق باسمه ربی عز و جل، فأوحى الله جل جلاله إلى جبرئیل (ع)أنه قد ولد لمحمد ابن فاذهب إلیه و هنئه و قل له إن علیا منک بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون، هبط جبرئیل فهنأه من الله تعالى جل جلاله، ثم قال: إن الله تعالى یأمرک أن تسمیه باسم ابن هارون، قال: و ما کان اسمه؟ قال: شبر. قال: لسانی عربی، فقال: سمه الحسن فسماه الحسن.[12]
2- انه سید شباب أهل الجنة
عن جابر، قال: قال رسول الله ( ص):« من سره أن ینظر إلى سید شباب الجنة فلینظر إلى الحسن بن علی».[13]
3- هیبته هیبة رسول الله (ص)
و روى ابن علی الرافعی عن أبیه عن جدته زینب بنت أبی رافع قالت: أتت فاطمة (ع) بابنیها الحسن و الحسین إلى رسول الله (ص) فی شکواه الذی توفی فیه، فقالت: هذان ابناک فورثهما شیئا، فقال:" أما الحسن فإن له هیبتی و سؤددی، و أما الحسین فإن له جودی و شجاعتی"، و یصدق هذا الخبر ما رواه محمد بن إسحاق قال ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله (ص) ما بلغ الحسن بن علی ... و لقد رأیت فی طریق مکة نزل عن راحلته فمشى فما من خلق الله أحد إلاّ نزل و مشى حتى رأیت سعد بن أبی و قاص قد نزل و مشى إلى جنبه .[14]
4- انه اشبه الناس بالرسول (ص)
روی عن أنس بن مالک قال: لم یکن أحد أشبه برسول الله (ص) من الحسن بن علی (ع).[15]
5- شدة حب النبی له
صَحِیحِ مُسْلِمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ( ص):" قَالَ لِلْحَسَنِ إِنِّی أُحِبُّهُ اللَّهُمَّ فَأَحِبَّهُ وَ أَحِبَّ مَنْ یُحِبُّهُ"[16]
وَ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: رَأَیْتُ النَّبِیَّ (ص) وَ الْحَسَنُ عَلَى عَاتِقِهِ وَ هُوَ یَقُولُ:" اللَّهُمَّ إِنِّی أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ".[17]
6- عبادته و زهده
روى فی الامالی: أَنَّه (ع) کَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ فِی زَمَانِهِ وَ أَزْهَدَهُمْ وَ أَفْضَلَهُمْ وَ کَانَ إِذَا حَجَّ حَجَّ مَاشِیاً وَ رُبَّمَا مَشَى حَافِیاً وَ کَانَ إِذَا ذَکَرَ الْمَوْتَ بَکَى وَ إِذَا ذَکَرَ الْقَبْرَ بَکَى وَ إِذَا ذَکَرَ الْبَعْثَ وَ النُّشُورَ بَکَى.[18]
7- بذل ماله فی سبیل الله تعالى
نقل صاحب البحار عن حلیة الاولیاء "أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ (ع) قَاسَمَ اللَّهَ تَعَالَى مَالَهُ مَرَّتَیْن".[19]
8- سخاؤه
عرف عن الامام (ع) السخاء و الکرم و قد وردت فی ذلک الکثیر من الروایات و القصص و انشد بعض الاعراب شعرا فی بیان تلک الخصلة لدى الامام (ع) فقال:
نَحْنُ أُنَاسٌ نَوَالُنَا خَضِلٌ
یَرْتَعُ فِیهِ الرَّجَاءُ وَ الْأَمَلُ
تَجُودُ قَبْلَ السُّؤَالِ أَنْفُسُنَا
خَوْفاً عَلَى مَاءِ وَجْهِ مَنْ یَسَلُ
لَوْ عَلِمَ الْبَحْرُ فَضْلَ نَائِلِنَا
لَغَاضَ مِنْ بَعْدِ فَیْضِهِ خَجِلٌ[20]
وَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ (ع):
إِنَّ السَّخَاءَ عَلَى الْعِبَادِ فَرِیضَةٌ
لِلَّهِ یُقْرَأُ فِی کِتَابٍ مُحْکَمٍ
وَعَدَ الْعِبَادَ الْأَسْخِیَاءَ جِنَانَهُ
وَ أَعَدَّ لِلْبُخَلَاءِ نَارَ جَهَنَّمَ
مَنْ کَانَ لَا تُنْدِی یَدَاهُ بِنَائِلٍ
الرَّاغِبِینَ فَلَیْسَ ذَاکَ بِمُسْلِم[21]
9- تواضعه و حبّه للفقراء
روى ابن شهرآشوب عن کِتَابُ الْفُنُونِ عَنْ أَحْمَدَ الْمُؤَدِّبِ وَ نُزْهَةِ الْأَبْصَارِ عَنِ ابْنِ مَهْدِیٍ:
أَنَّهُ مَرَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ (ع) عَلَى فُقَرَاءَ وَ قَدْ وَضَعُوا کُسَیْرَاتٍ عَلَى الْأَرْضِ وَ هُمْ قُعُودٌ یَلْتَقِطُونَهَا وَ یَأْکُلُونَهَا فَقَالُوا لَهُ هَلُمَّ یَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْغَدَاءِ! قَالَ: فَنَزَلَ وَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا یُحِبُّ الْمُسْتَکْبِرِینَ وَ جَعَلَ یَأْکُلُ مَعَهُمْ حَتَّى اکْتَفَوْا وَ الزَّادُ عَلَى حَالِهِ بِبَرَکَتِهِ (ع) ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى ضِیَافَتِهِ وَ أَطْعَمَهُمْ وَ کَسَاهُمْ .[22]
و أشباه هذه الأخبار کثیرة و فیما أوردناه کفایة، و یکفیه (ع) انه من اهل البیت الذین اذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهیرا،[23] و انه (ع) من الجماعة التی باهل بهم الرسول الاکرم (ص) نصارى نجاران[24]، و غیر ذلک العشرات من الایات و الروایات الواردة فی حقهم علیهم السلام عامة وفی حق الامام الحسن (ع) خاصة[25].
الهوامش:
[1] تهذیب الأحکام ،ج6، ص،40.
[2] إعلامالورى، ج1، ص206. صلح الامام الحسن (ع)، ص25.
[3] جعفر مرتضى العاملی، الحیاة السیاسیة للامام الحسن (ع)،ص9.
[4] اعیان الشیعة،ج1،ص562.
[5] نفس المصدر.
[6] صلح الامام الحسن (ع)، ص25.
[7] إعلامالورى،ج1، ص206.
[8] اعیان الشیعة،ج1، ص567 نقلا عن" الارشاد" للشیخ المفید.
[9] المصدر، 207.
[10] اعیان الشیعة، ج1، ص576 ،نقلا عن مقاتل الطابیین و تذکرة الخواص لسبط ابن الجوزی.
[11] إعلامالورى، ص207.
[12] إعلامالورى، ج1، ص211-212، و قال: أورده الأستاذ أبو سعید محمد بن عبد الملک الواعظ فی کتاب شرف النبی مرفوعا إلى جابر.
[13] إعلامالورى، ج1،ص211.
[14] إعلامالورى، ج1، ص212.
[15] بحارالأنوار، ج43، ص338.
[16] بحارالأنوار، ج37، ص74.
[17] نفس المصدر.
[18] الأمالی للصدوق، ص179.
[19] بحارالأنوار، ج43، ص340.
[20] المصدر. و قیل هذه الابیات للحسن (ع) نفسه، قال الفیروزآبادی: الخضل ککتف و صاحب کل شیء ند یترشف نداه و قال الجوهری الخضل النبات الناعم
[21] نفس المصدر، ص343.
[22] المناقب، ج4، ص 24.
[23] انظر: تفسیر آیة التطهیر فی التفاسیر التالیة: المیزان، الامثل، و انظر: آیة التطهیر لکل من الشیخ السبحانی والشیخ محمد مهدی الاصفی.
[24] انظر: تفسیر الایة المذکورة. و ما کتب حول آیة المباهلة.
[25] انظر: موسوعة، فضائل الخمسة من الصحاح الستة للفیروز آبادی.