الحمد لله رب العالمين وصل اللهم على أفضل الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين.
جعل الله تعالى لعباده رحمة بهم مواقيت زمانية ومكانية بغية تعميق العلاقة والارتباط بخالقهم والتفرغ فيها عمّا سواه.
ومن هذه المواقيت الزمانية شهر رجب وشعبان وشهر رمضان، حيث جعلهما الله تعالى موعداً للقائه والقرب منه والزلفة إليه، مثلما جعل شهري رجب وشعبان بوابة لشهر رمضان، كما جعل أرض عرفة بوابة لدخول حرمه المقدس، فعلى المؤمن أن يبدأ فيهما بتهذيب نفسه، والتخلّق بأخلاق ربّه، والسعي الدؤوب لتذليل كل شيء في ذات الله، وجلببته بثوب العبودية والفقر لله تعالى، ليأتي عليه شهر رمضان المبارك، وهو طاهر من درن الذنوب والخطايا، قد نفض عن قلبه ونفسه وعقله غبار التعلّق بغيره تعالى.
فحريّ بالمؤمن الكريم أن يستثمر هذا الشهر لنفسه وللعامة، والنهوض بهم إلى تحقيق الأهداف الإلهية المأمولة فيه.فشهر شعبان هو من أهمّ الشهور عند الله تعالى، وهو منسوب إلى رسول الله (ص) ، وكان (ص) ، يصوم هذا الشهر، ويصل صيامه بشهر رمضان.. وكان (ص) ، يقول: «شعبان شهري، من صام يوماً من شهري وجبت له الجنة»([1]).
وروي عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: «كان السجاد(ع) إذا دخل شعبان جمع أصحابه، وقال: يا أصحابي أتدرون ما هذا الشهر؟ هذا شهر شعبان، وكان النبي(ص) ، يقول: شعبان شهري، فصوموا هذا الشهر حباً لنبيكم، وتقرّباً إلى ربكم. أقسم بمن نفسي بيده لقد سمعت أبي الحسين(ع) يقول: سمعت أمير المؤمنين(ع) يقول: من صام شعبان حباً لرسول الله(ص) ، وتقرباً إلى الله، أحبه الله وقرّبه إلى كرامته يوم القيامة، وأوجب له الجنة».
وهذا الشهر المبارك مليء بالمناسبات، التي من أهمّها ميلاد الإمام الحسين(ع) في الثالث منه، وميلاد أبي الفضل العباس في الرابع منه، وميلاد الإمام علي بن الحسين زين العابدين(ع) في الخامس منه، وميلاد الحجة المنتظر في منتصفه، فلابد للمؤمن من إحياء هذه المناسبات العظيمة، وهناك أعمال مهمة في هذا الشهر، أهمها الغسل وزيارة الإمام الحسين(ع) بالإضافة إلى الصوم كما أسلفنا، وإحياء ليلة ويوم النصف منه، على سبيل الانتظار والدعوة له بالفرج والنصر.
ويذكر أنّ في النصف من الشهر لابد من الإلحاح في الدعاء، فلا يحرم المؤمن من الاجتهاد في الدعاء بالمأثور وطلب الحاجة إلى مانحها جل وعلا، خصوصاً المناجاة الشعبانية لأمير المؤمنين(ع) . نسأل الله تعالى أن يرزقنا بركات شهر شعبان ويوفّقنا لطاعته فيه ونيل الشفاعة لدى الشفيع الحبيب يوم لا ظل إلا ظله.