ولدت فاطمة المعصومة في المدينة المنورة في الأول من ذي القعدة سنة (173هـ)، أبوها الإمام موسى بن جعفر الكاظم(ع) ، وأمها أم الإمام الرضا(ع) تسمى خيزران وتكتم ونجمة، وتكنى بأم البنين.
كانت من أعظم نساء زمانها علماً وعملاً وعبادة وتقوى وأخلاقاً وفضلاً وتحملاً للمحن والمصائب، فقد فقدت (عليها السلام) أباها وهي في العاشرة من عمرها، وفارقت أخاها الرضا(ع) بعد ذلك بمدة وجيزية، كما عاصرت قتل إخوانها الذين ثاروا في بقاع الأرض لدفع الظلم عن الناس.
لقبت (عليها السلام) بألقاب عظيمة منها كريمة أهل البيت، وفاطمة الثانية، وذلك لشدة شبهها بجدتها فاطمة الزهراء(عليها السلام).
كما لقبت بالمحدثة لكثرة علمها، ومن أشهر ألقابها (المعصومة)، لإيمانها العميق وشدة ارتباطها بربها ولعظيم تقواها.
وامتازت السيدة المعصومة(عليها السلام) بعلمها الواسع، وكانت من المحدثات التي روت عن أبيها وأخيها، كما كانت تجيب على استفتاءات الناس في غيابهما، حيث روي أنه أتى جمع من الشيعة إلى المدينة لكي يعرضوا بعض أسئلتهم على الإمام الكاظم(ع) ، غير أنه (ع) وولده الإمام الرضا(ع) لم يكونا حاضرين في المدينة، فاغتم الجميع وكتبوا أسئلتهم وأودعوها في بيت الإمام، بنية أن يحصلوا على جوابها في سفرهم القادم، وعزموا على الرجوع إلى حيث جاؤوا، وإذا بأجوبة أسئلتهم تأتي من قبل السيدة فاطمة المعصومة(عليها السلام)، وعندئذٍ تبدل حزنهم بفرح، ورجعوا إلى بلدهم، وفي طريقهم التقوا بالإمام موسى الكاظم(ع) فأخبروه بما جرى، فنظر الإمام (ع) إلى أجوبة ابنته فقال: (فداها أبوها)([1]).
كما أنه بعد وفاة أبيها، وسفر أخيها الإمام الرضا(ع) إلى خراسان كانت المرجع الديني للناس في المدينة وبقيت على هذا الحال ردحاً من الزمان، غير أنها ولشدة تعلقها بأخيها الرضا(ع) ، حيث كانت تحبه حباً جماً، وكان عزيزها الذي كانت تشعر بالأمن والراحة إلى جواره، قررت (عليها السلام) أن تلتحق بالإمام (ع) في خراسان فتجهزت مع بعض إخوة الإمام وأبناء أخوته([2]).
خرج في قافلة السيدة المعصومة(عليها السلام) خمسة من إخوتها وهم: فضل وجعفر وهارون وقاسم وزيد، ومعهم بعض أبناء إخوة السيدة المعصومة، وعدة من العبيد والجواري، وكان ذلك سنة (201هـ)، وبعد المسير الطويل نزلت مدينة قم في (23/ ربيع الأول/ 201هـ).