الخطوة الرابعة:
وتمثّلت في الاشهاد على ولادة الإمام المهدي(عليه السلام) ووجوده وحياته.
فعن أبي غانم الخادم أنه ولد لأبي محمد ولد فسمّاه محمّداً فعرضه على أصحابه يوم الثالث -وقال: هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم وهو القائم الذي تمتدّ إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً فملأها قِسطاً وعدلا[1].
وعن عمرو الأهوازي أن أبا محمّد أراه ابنه وقال: هذا صاحبكم من بعدي[2].
وعن معاوية بن حكيم ومحمد بن أيّوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري(رضي الله عنه) أنهم قالوا: عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي(عليهما السلام) ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلاً فسئل عن الحجة من بعده فخرج عليهم غلام أشبه الناس به فقال:
هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا[3] قالوا: فخرجنا من عنده فما مضت إلاّ أيام قلائل حتى مضى أبو محمد(عليه السلام) .
الخطوة الخامسة:
وهي إجابات الإمام المهدي(عليه السلام) على اسئلة شيعته في حياة أبيه حيث تكشف عن قابلياته الرّبانية التي يختص بها أولياء الله.
وممّا حدّث به أحمد بن اسحاق حين سأل الإمام الحسن العسكري عن علامة يطمئن إليها قلبه حول إمامة المهدي(عليه السلام) حين اراه إيّاه وقد كان غلاماً كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين.. : أن الغلام نطق بلسان عربيّ فصيح فقال: أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد ابن اسحاق[4].
وقد حفلت مصادر الحديث الإمامي بكرامات الإمام المهدي(عليه السلام) مع سعد بن عبدالله القمي العالم الإمامي الذي كان قد احتار في أجوبة مسائل عويصة قد اُلقيت عليه حتى لحق بأحمد بن اسحاق صاحب أبي محمد الحسن العسكري(عليه السلام) وذهبا معاً الى الإمام العسكري(عليه السلام) ودخلا عليه وابنه محمد المهدي(عليه السلام) بين يديه وأمره بإخبار أحمد بن اسحاق بهدايا شيعته التي جاء بها ثم اُخبر سعد بن عبدالله بما كان قد جاء له من المسائل العويصة التي أشكلت عليه[5].
وهكذا كراماته لابراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري حين أخبره عمّا في ضميره[6].
الخطوة السادسة:
وهي تخطيطه(عليه السلام) لتسهيل الارتباط بالإمام المهدي(عليه السلام) في غيبته الصغرى من خلال اعتماده وكلاء قد وثّقهم لدى شيعته فأصبحوا حلقة وصل مأمونة بين الإمام المهدي(عليه السلام) واتباعه من دون أن يتجشّموا الأخطار والصعاب لذلك.
فقد حدّث محمد بن اسماعيل وعلي بن عبدالله الحسنيان أنّهما دخلا على أبي محمد الحسن(عليه السلام) بسرّ من رأى وبين يديه جماعة من أوليائه وشيعته حتى دخل عليه بدر خادمه فقال: يا مولاي بالباب قوم شعث غبر، فقال لهم: هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن..ثم ساق حديثاً طويلاً حتى انتهى الحديث الى أن الحسن(عليه السلام) قال لبدر: فامض فأتنا بعثمان بن سعيد العمري، فما لبثنا إلاّ يسيراً حتى دخل عثمان فقال له سيدنا أبو محمد(عليه السلام): إمض يا عثمان فإنّك الوكيل والثقة والمأمون على مال الله واقبض من هؤلاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال، ثم ساق الحديث الى أن قالا: ثم قلنا بأجمعنا: يا سيّدنا والله إنّ عثمان لمن خيار شيعتك ولقد زدتنا علماً بموضعه من خدمتك وأنّه وكيلك وثقتك على مال الله تعالى، قال: نعم واشهدوا عليّ انّ عثمان بن سعيد العمري وكيلي وأنّ ابنه محمداً وكيل ابني مهديّكم[7].
وقد كان عثمان بن سعيد الوكيل الأوّل للإمام المهدي(عليه السلام) بعد استشهاد الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) ثم أصبح محمّد بن عثمان وكيله الثاني كما هو المعروف في ترتيب النواب الأربعة للإمام المهدي (عليه السلام) .
الخطوة السابعة:
وتمثّلت في النصوص التي هيّأت أتباع أهل البيت(عليهم السلام) لاستقبال الوضع الجديد الذي سيحلّ بهم عند غيبة الإمام المهدي(عليه السلام) لئلاّ يفاجأوا باُمور لا يعرفون كيفية التعامل معها مثل ما يحصل بعد الغيبة من الحيرة والاختلاف بين الشيعة، وما ينبغي لهم من الصبر والانتظار للفرج والثبات على الايمان والدعاء للإمام (عليه السلام) ولتعجيل فرجه الشريف.
وتكفي هذه الخطوات السبعة للتمهيد اللازم لتصبح قضية الإمام المهدي(عليه السلام) قضية واقعية تعيشها الجماعة الصالحة بكل وجودها رغم الظروف الحرجة التي كانت تكتنف الإمام المهدي(عليه السلام).
الهوامش"
[1] كمال الدين: 2/431 .
[2] الكافي: 1/328.
[3] كمال الدين: 2/435 .
[4] كمال الدين: 2/384.
[5] كمال الدين: 2/454.
[6] إثبات الهداة: 3/700 .
[7] غيبة الطوسي: 215 .