هل اقامة العزاء للإمام الحسين عليه السلام بدعة ؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
هل اقامة العزاء للإمام الحسين عليه السلام بدعة ؟

الجواب : الوهابیة عبر التاریخ طرحت شبهات حول قیام الامام الحسین عليه السلام و اقامة العزاء له ،منها انهم یحسبون اقامة العزاء للامام ع بدعة فیقول ابن تیمیة مفکّر الوهابیة فی هذه المسألة هکذا :
1 ـ ومن حماقتهم إقامه المأتم والنياحة علی من قد قتل من سنين عديدة  منهاج السنه النبويه، ابن تيميه، ج 1، ص 52.
2 ـ وصار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي الله عنه يحدث للناس بدعتين، بدعة الحزن والبكاء والنوح يوم عاشوراء وبدعة السرور والفرح.
منهاج السنه، ابن تيميه، ج 4، ص 334 تا 553.
و تجد نظیر ما قاله ابن تیمیة ایضا فی هذا النص :
3 ـ الروافض لما ابتدعوا إقامة المأتم وإظهار الحزن يوم عاشوراء لكون الحسين قتل فيه حاشيه رد المحتار ابن عابدين، ج 2، ص 599.
اجابة: فنحن بصدد الإجابة عن الشبهات المطروحة من قبل الوهابیة و هن اساس شبهاتهم حول اقامة العزاء للإمام الحسین ع فلنجب فی فصول الذیل:

مقدّمة
لا شک ان اقامة العزاء و الفرح من الامور الفطریة لبنی آدم و وجدت من البدایة فی کلّ الأمم و الأقوام السالفة فصحّحتها الادیان الالهیّة .
فلیتبیّن ان من یحسب اقامة العزاء لسیّد الشّهداء بدعة علی أی اساس یدّعی هذه ؟ و هل یمکن اثبات هذه الإدعاء ؟ و أو بالعكس اقامة العزاء لأهل البيت عليهم السلام و لا سیّما لابی عبدالله الحسين عليه السلام لها مطلوبیّة ذاتیّة بل من افضل المقرّبات عند الله ؟

الفصل الاول: معاني البدعة و اركانها
1 ـ اساءة التأویل من معنی «البدعة»
فإذا أحسنا النظر بهذه الشبهات المنتشرة من قبَل الوهابیة حول اقامة العزاء للامام الحسین ع فلنا ان نقول : لم یکن للوهابیة تأویل صحیح من معنی البدعة و توهموا ان کل ما یخالف عقیدتهم فهو بدعة و یطعنوا الآخرین بهذا السبب .
فلا بد ان نبین معنی البدعة فی علم اللغة و الاصطلاح ثم من منظر الکتاب و السنة .

2 ـ المعنی اللغوي ل«البدعة»
الجوهري یقول : البدعة: إنشاء الشيء لا علي مثال سابق، واختراعه وابتكاره بعد أن لم يكن.
صحاح اللغة، الجوهري، ج3، ص113
قطعا البدعة بهذه المعنی ما هی البدعة المحرّمة فی الآيات و الروايات ؛ لأن الإسلام لا یخالف الإختراعات و التجدد فی حیاة البشر بل یوافق فطرة البشر التی تسوقه دائما الی التجدد فی حیاته الفردیة و الاجتماعیة . فهذا التعریف یشمل مخترعات المخترعین مع انها لا تذمّ بل تستحسن .

3 ـ  معنی المصطلح من «البدعة» عندعلماء الشيعة و السنة
و امّا فی منظر الشرع و فی اصطلاح العلماء، البدعة لها معانی أخر تختلف عن معناها اللغوی لأن البدعة ادخال ما لا یرضی الشارع به فی الدین و لا أسّسها فمعنی البدعة المبحوث عنها فی الشرع غیر معناها اللغوی.
راغب الاصفهاني یقول : والبدعة في المذهب: إيراد قول لم يستنَّ قائلها وفاعلها فيه بصاحب الشريعه وأماثلها المتقدّمه وأصولها المتقنه.
مفردات ألفاظ القرآن، راغب الأصفهاني، ص 39.
ابن حجر العسقلاني یقول : والمُحْدَثات بفتح الدال جمع مُحْدَثَه، والمراد بها: ما أحدث وليس له أصل في الشرع ويسمّي في عرف الشرع بدعه، وما كان له أصل يدلّ عليه الشرع فليس ببدعه فتح الباري، ج 13، ص 212.
نظیر هذا التعريف ذکروها ، العيني فی شرحه علی الصحيح البخاري(1) و المباركفوري فی شرحه علی الصحيح الترمذي (2) و العظيم آبادي فی شرحه علی سنن ابوداود(3) و ابن رجب الحنبلي فی جامع العلوم(4).
1 ) عمده القاري، ج 25، ص 27.
2) تحفه الأحوذي، ج 7، ص 366.
3 ) عون المعبود، ج 12، ص 235.
4 ) جامع العلوم والحكم، ص 160، چاپ هند.

السيّد المرتضي من المتكلّمین و الفقهاء ل الشيعة یقول فی تعريف البدعة : البدعه زياده في الدين أو نقصان منه، من إسناد إلي الدين.
رسائل شريف مرتضي، ج 2، ص 264، نشر دار القرآن الكريم ـ قم.
الطريحي یقول: البدعة: الحدث في الدين، وما ليس له أصل في كتابٍ ولا سنّه، وإنّما سُمّيَتْ بدعه؛ لأنّ قائلَها ابتدعها هو نفسه
مجمع البحرين، ج 1، ص 163، مادّه «بدع» فمع الالتفات الی المعنی اللغوی للبدعة تکون معناها اللغویّ اعم من معناها الشرعیّ.

4 ـ اركان البدعة
مع الاتفات الی المطالب المذکورة ،للبدعة رکنان:
1 ـ التصرّف فی الدّين
کل تصرف یستهدف الدین و یزید علیه او ینقص منه بشرط ان العامل لهذا التصرف ینسب عمله الی الله و رسوله و اما المسائل الحدیثة التی فی مقام الجواب عن التنویع فی وجود الانسان بمثل کرة القدم و کرة السلة و کرة الطائرة و امثالها لم تکن بدعة.
 2 ـ لا اصل لها فی الكتاب و السنة
و علی ضوء ما مضی فی تعریف المصطلح للبدعة عرفت ان الامر المعدود بدعة هو الامر الذی لم یکن له دلیل فی المصادر الاسلامیة علی نحو العام او الخاص و اما الأمر الذی تسنبط مشروعیّته من الکتاب و السنّة علی نحو الخاص او العام بل ربما یوجد فی دین الإسلام او الأدیان الإلهیّة علی وجه یطابق فطرة البشر السلیمة ،لم یکن بدعة .

5 ـ اساس انحراف الوهابية فی معنی «البدعة»
فمع الالتفات الی المعنی اللغوی و الاصطلاحی للبدعة و اسسها معلوم : ان انتساب البدعة بشخص او فرقة لم یکن بهذه البساطة الّتی تدعیه الوهابیة الذین یحسبون کل ظاهرة حدیثة بدعة . بل للبدعة شروط خاصة لم تتحقق بدونها .
اما الذی سبب ان البعض یقع فی الخطأ و الإشتباه و یتهم الآخرین بالبدعة بسهولة هو المنقول فی الحدیث عن النبی ص : كلّ بدعة ضلالة.
صحيح مسلم، ج 3، ص11 ـ مسندأحمد، ج 3، ص310.
هل یمکن علی اساس هذه الروایة نحسب کل ظاهرة حدیثة التی لها مکانة خاصة فی المجتمع، من مصادیق البدعة و عد معتقدیها هم الخوارج من الدّین ؟ الإجابة عن السؤال سلبیة لأن کما اشرنا الیه سابقا وظیفة الشارع بیان الأحکام لا تعیین المصادیق ، بل ربما تکون ظاهرة فی مجتمع خاص عند شخص او فرقة خاصة من مصادیق البدعة و لکن عند اتباع اتجاه فکری آخر من شعائر الدین و السنة الحسنة .

6 ـ وجود دليل شرعي للخروج عن عنوان البدعة
تبین من ضوء ما مضی : حقیقة البدعة ادخال ما لیس من الدین فی الدین بقصد الافتراء بالله و دینه سواء بنحو الاضافة او النقص و حیث بینا المناط لتشخیص البدعة فما یوجد له دلیل شرعی لم یدخل تحت عنوان البدعة و هو خارج عنها .

فهذا الدلیل الشرعی ینقسم الی قسمین :
1 ـ دليل خاص قرآني او سنة نبوية فی خصوص المورد و حده و حدوده و تفاصيله و جزئياته، مثل :
الاحتفال لعید الفطر و الاضحی و اجتماع الناس فی عرفة و منی فحینئذ هذه الاحتفالات و الاجتماعات لم تکن بدعة بل تکون سنة امر بها الشارع خاصة و فعلها امتثال امر الله سبحانه و تعالی .
2 ـ دليل عام قرآني او سنة نبوية، فبعمومه یشمل ذاک المصداق الحدیث بشرط اتحاده فی الماهیة مع ما وجد فی عهد الرسالة و لو انه یختلف معه فی الصورة و الشکل لکن دلیل العام بعمومه یشمل کلا المصداقین و یحسب حجة شرعیة فیه .
علی سبیل المثال: الله سبحانه و تعالی یقول فی القرآن الكريم :
وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّه وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُم الأنفال(8): 60
ففی الآیة المذکورة نجد کلا الدلیلین : الدليل الخاص الذی یلزم منه ان الحکومة الاسلامیة علی اساسه تهیأ الرجالة المختصة بزمان صدر الاسلام لإمتثال الامر الهی و اما ب الدليل العام، یلزم منه التجهیز ب المدفع و الناقلة و الصاروخ و باقی الادوات الحربیة سواء الجوی منه و الارضی و البحری ، حسب احدث التطورات لتوفر ما امرت به الآیة الشریفة و لم یکن فی زمن النبی الاکرم ص .
فهذه الموارد امور شرعیة غیر عادیة لا یمکن التخلی عنها بهذا المبرر انه لا یوجد لها دلیل خاص .
و بعبارة اخری و علی سبیل المثال فی الآیة الشریفة الله جل شأنه یقول:
وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون الأعراف (5): 204
هذه الآیة تأمر المسلمین بإستماع القرآن عند قرائته و لکن المصداق الموجود فی عصر النبی ص هو استماع القران بصورة مباشرة من فم القارئ للقرآن المشغول بالتلاوة فی مسجد النبی ص او فی بیته و فی هذا العصر و الزمان مع التطور فی التکنولوجی له مصداق آخر لم یوجد فی ذلک الزمان مثل قرائة القرآن عن طریق الاذاعة و التلفاز و مراسلات اخر ،
فالآیة تکون لکلا الموردین حجة و لم نستطیع ان نترک استماع القران و انصاته بهذا المبرر انها من موارد البدعة و لم تکن حجة شرعیة لانها لم تکن فی عصر النبی ص و آلاف الأمثلة و المصادیق التی لیس نحن بصدد بیانها فی هذا البحث.
فوجود دليل عام یستطیع ان یکون حجة شرعیة فی کل الازمنة و لکل بشر.
لذلک تکون القاعدة الکلیة فی مثل هذه الموارد النظرة الصریحة و المستندة بدلیل شرعی معتبر لا النظرة الملوثة ب الکراهیة و التعصب لأن الظاهرة الاجتماعیة الحدیثة لو انها تسبب النمو و الکمال للمجتمع و التعرف الأکثر علی الله و الدین و العامل المحافظ عن اتساع الفساد ، تکون من مصادیق السنة الحسنة الراضی بها الشارع .

7 ـ الأصل فی الأشياء الإباحة
من المطالب المهمة فی بحث البدعة هی اصالة الاباحة ؛ يعني: مادام لم یرد نهی او منع من الشارع فی مورد خاص ، الأصل فی الأشياء اباحتها و جوازها  هذه القاعدة الشرعیة حاکمة علی کل احكام الشريعة . حتی ان القران الکریم یصرح بأن من وظایف النبی صلي الله عليه وآله وسلم بيان الحرام لا ذكر الحلال و الأصل فی الاشياء والافعال، حليّتها و جواز ارتکابها ، الا ان یرد من الرسول الاكرم صلي الله عليه وآله وسلم نص فی حرمته ، و وظيفة علماء الأمة استفراغ الوسع لاستنباط الاحکام الالهیة عن ادلتها الشرعیة الخاصة و ما دام لم یوجد دلیل علی الحرمة نحکم بالجواز .
فهنا نشیر من باب المثال الی آیة من الآیات التی نستفید منها الحکم بالجواز و اصالة الاباحة :
وَ ما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَ إِنَّ كَثيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدين الانعام(6):119 هذه الآیة بینت ان الذی یحتاج الی البیان هو الامر المحرّم لا المباح و الجائز ف لا یلزم عند الشک فی مورد خاص ان نتوقف فیه و نمنعه ما دام لم یوجد فی قائمة المحرمات.

الفصل الثانی: شأن البکاء فی القرآن و عند الأنبياء

1 ـ البکاء مؤید من جانب القرآن
من خلال المطالب التی قدمناها فی معنی البدعة نشیر الی مستندات قرآنیة للبکاء لنعرف هل البکاء بشکل کلی فی القرآن له شأن مذموم او ممدوح ؟
آیات کثیرة من القرآن الکریم صدرت فی مدح البکاء و هذا تأیید من القرآن علی البکاء و النوح فلنشیر الی بعضها بما انها شواهد علی بحثنا :
الآيات التی تشیر الی العیون الباکیة : فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ التوبه (9): 82
فی الآیة المذکورة الله سبحانه و تعالی یأمر بعمل لو لا أنه راض به ما أمر به.
الله سبحانه و تعالی یقول فی مدح أنبياءه هکذا : إِذَا تُتْلَي عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً مريم (19): 58
الله سبحانه و تعالی یقول فی وصف الذین اعطوا موهبة العلم هکذا : وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً الإسراء (17): 109
او يقول الله سبحانه و تعالی فی وصف المؤمنین عند نزول آیات القرآن : تَرَي أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ المائده (5): 83
فکما لاحظنا فی القران الکریم البکاء نتیجة تلین و تأثر الروح الذی لا یذم بل یمدح من قبل الله سبحانه و تعالی لانه یحسب من الامور الفطریة فی وجود الانسان و جزء من شخصیته الایجابیة .

2 ـ البکاء فی سيرة الانبياء
لا ریب ان الاقتدا و التأسّي بسيرة العملیة ل الانبیاء العظام  من العوامل المهمة فی البحث (اقامة العزاء و البکاء ل الحسین ع ) و مشروعيّته من منظر العقل و النقل لان سیرة العملیة للانبیاء اقوی شاهد علی مشروعیة اعمالنا لان الله اوجب لنا التاسی بهم و الاقتداء بمنهجهم :
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَهٌ حَسَنَهٌ فِي إِبْرَهِيمَ الممتحنه (60): 4
لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَهٌ حَسَنَهٌ ألاحزاب (33): 21
فنقل قصة حیاة بعض الانبیاء المرتبطة ب تأثراتهم الروحیة عند المواجهة مع الحوادث المؤلمة تسطیع ان تعیننا الی اجابة مقنعة .  
فلنشیر الی بعض هذه الموارد :
الف ـ بکاء يعقوب النبی فی فراق ابنه
نقلت قصة حیاة نبی یوسف ع من البدایة الی النهایة بمثل تراجدی مخوف و متدفق .
عندما تلهب نار الحسد فی قلوب اخوان یوسف و اقترحوا اختفاءه الی ان یقع فی أسفل البئر و عاد بعد ذلك إخوة يوسف في المساء إلى والدهم مدعين أن الذئب قد أكل يوسف و قد جاءوا بدم كاذب على قميصه ليقنعوا والدهم بذلك ،فعلم بهم و تأثر و بکی و من شدة البکاء قد فقد بصره بسبب حزنه عليه، حتی ان القرآن یقول عن لسان یعقوب هکذا : وَقَالَ يَأَسَفَي عَلَي يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ يوسف(6): 84
ولكن يعقوب كان بشرا في صدره قلب بشر لا قطعة حجر . فذكر يوسف و تجدد حزنه مع انه یعلم بحیاته و انه سیعود الیه و لامه أبناءه وقالوا إنك لا تزال تذكر يوسف حتى تهلك.وكان يعقوب يعلم أن اليأس كفر، وكان يعقوب له رجاء كبير في الله فیقول :
قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُواْ بَثِّي وَحُزْنِي إِلَي اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَاتَعْلَمُونَ يوسف(6): 86.
الاستعراض لقصص الانبیاء بکلمات و جملات مؤثرة هل تکون الا لإثارة العواطف و الاشارة لقبح فعل الحساد ؟
فمن هذا الدلیل القرآنی نستفید جواز البکاء علی اولیاء الله و الشکایة و التظلم عند الله من ظلم الظالمین و بعنوان انها سیرة احد الانبیاء تکون دلیل متقن علی مشروعیة اقامة العزاء و البکاء علی المصائب،فنستفید منه .
و من جانب آخر وجود احادیث کثیرة فی کتب التفسیر ، کل واحدة منها تفسر قصة حزن یعقوب ع، دلیل آخر علی انه لا بد من ان تأخذ العلماء العبرة من قصص الانبیاء و حیاتهم المؤلمة .
علی سبیل المثال نشیر الی حدیث من مصادر الروائیة و التفسیریة لاهل السنة : جاء فی تفسير هذه الآية الشريفة فی کتاب الكشاف ل الزمخشري :
ما جفت عيناه من وقت فراق يوسف إلي حين لقائه ثمانين عاما، وما علي وجه الأرض أكرم علي الله منه.
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل، الزمخشري، ج 2، ص 339.
و ایضا جاء فی هذا التفسیر عن رسول الله صلي الله عليه وآله: أنه سئل جبرئيل عليه السلام: ما بلغ من وجد يعقوب علي يوسف؟ قال: وجد سبعين ثكلي. قال: فما كان له من الأجر؟ قال: أجر مائه شهيد، وما ساء ظنه بالله ساعه قط.
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل، الزمخشري، ج 2، ص 339.
عبد الرحمان السيوطي ینقل عن ابن جرير و هو عن عكرمه، هکذا : أتي جبرئيل عليه السلام يوسف عليه السلام وهو في السجن، فسلّم عليه، فقال له يوسف: أيّها الملك الكريم علي ربّه، الطيّب ريحه، الطاهر ثيابه، هل لك علمٌ بيعقوب؟ قال: نعم، ما أشدّ حزنه؟ قال: ما ذا له من الأجر؟ قال: أجر سبعين ثكلي، قال: أفتراني لاقيه؟ قال: نعم، فطابت نفس يوسف.
الدرّ المنثور، جلال الدين عبد الرحمان السيوطي، ج 4، ص 31.
صاحب تفسير الدرّ المنثور جاء بنقل هکذا : بكي يعقوب علي يوسف ثمانين عاماً، حتّي ابيضّت عينا من الحزن...
الدر المنثور، ج4، ص 31، و تفسير الطبري، ج 1، ص 250.

ب ـ بکاء يوسف عليه السلام فی فراق ابیه
نقل عن ابن عباس انه قال : عند ما دخل السجن، يبكي حتّي تبكي معه جدر البيوت وسقفها والأبواب.
تفسير قرطبي، ج 9، ص 88 و جاء فی حدیث آخر عن الامام الصادق عليه السلام هکذا : البكّائون خمسه، آدم، و يعقوب و... و أمّا يوسف فبكي علي يعقوب حتّي تأذّي به أهل السجن، وقالوا: إمّا أن تبكي نهاراً وتسكت الليل، وإمّا أن تبكي الليل وتسكت النهار، فصالحهم علي واحد منهما.
كشف الغمه، ابن أبي الفتح الإربلي، ج 2، ص 120ـ الخصال، صدوق، ص 272 ـ الأمالي، صدوق، ص 204 ـ روضه الواعظين، نيشابوري، ص 451 ـ المناقب، ابن شهرآشوب، ج 3، ص 104.

ج ـ البکاء فی سنة الرسول صلّي الله عليه و آله وسلّم
امنیة عیون باکیة
فی كتاب تفسير القرطبي یشیر الی دعاء الرسول من الله سبحانه و تعالی فیناجی ربه و یقول : اللّهمّ اجعلني من الباكين إليك، والخاشعين لك.
تفسير القرطبي، ج11، ص 215.
و فی دعاء آخر عن الرسول ص یقول هکذا : اللّهمّ ارزقني عينين هطالتين.
فيض القدير، ج 2، ص 181.
فی الحقیقة الرسول صلي الله عليه وآله وسلّم فی هذه الفقرات من الدعاء و المناجات یتمنی امنیة فیه ما یرضی الرحمن و لو لا رضی الشارع به لما سأل الله ذاک فی مناجاته عينان لا تمسّهما النار
نقل عن رسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم فی مدح طائفتین انه قال: عينان لا تمسّهما النار؛ عين بكت من خشيه اللّه، وعين باتت تحرس في سبيل اللّه سنن ترمذي، ج 3، ص96.

البکاء من اجل ذکر الله
یروی البخاري فی صحيحه عن الرسول صلي الله عليه وآله وسلّم : سبعه يظلّهم اللّه رجل ذكر اللّه ففاضت عيناه.
صحيح بخاري، ج7، ص 185.

البکاء من خشیة الله
روی الترمذي فی سننه هکذا : عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلّم: لا يلج النار رجل بكي من خشيه اللّه.
سنن ترمذي، ج 3، ص 380.

البکاء فی الدنيا یمنع عن البکاء فی الآخرة
یروی الحافظ الاصفهاني فی كتابه عن الرسول صلي الله عليه وآله وسلّم هکذا : من بكي علي ذنبه في الدنيا حرّم اللّه ديباجه وجهه علي جهنّم.
الحافظ الاصبهاني، ذكر أخبار اصبهان، ج2، ص171.

الفصل الثالث:  شأن البکاء فی السيرة النبوية.
البکاء فی سيرة النبي الاكرم صلي الله عليه وآله وسلم
1 ـ بکاء النبی ص فی استشهاد حمزة سیدالشهداء
حمزه ابن عبدالمطلب، من الرجال الشجعان البارزین فی الاسلام استشهد فی غزوة احد . اغتمّ الرسول صلّي الله عليه و آله وسلّم فی استشهاد عمه کثیرا و سمّاه سيّدالشّهداء و بکی فی فراقه . خبر استشهاد حمزة عم النبی ص کان له تأثیر قوی علی قلب النبی لأنه کان یفقد اکبر مدافعی مکتب التوحید و الحامی الصادق عنه بناء علی هذا رد الفعل من النبی ص فی مقابل هذه الفاجعة المؤلمة یکون هو المثل الاعلی الخالد لمتبعیه و شیعته .
یقول الحلبي فی کتاب سيرته: لما رأي النبي حمزه قتيلا، بكي فلما راي ما مثّل به شهق السيره الحلبيه، ج 2، ص 247.
هذا البکاء و الشکوی من قبل الرسول ص فی حداد عمه کان بشدة حتی یقول ابن مسعود هکذا :
ما رأينا رسول اللّه صلّي الله عليه و آله وسلّم باكياً أشدّ من بكائه علي حمزه، وضعه في القبله، ثمّ وقف علي جنازته، وانتحب حتّي بلغ به الغشي، يقول: يا عمّ رسول اللّه! يا حمزه! يا أسد اللّه! وأسد رسوله! يا حمزه! يا فاعل الخيرات! يا حمزه! يا كاشف الكربات! يا حمزه! يا ذابّ عن وجه رسول اللّه!.
ذخائر العقبي، ص 181.
اما اصل جريان بکاء الرسول صلي الله عليه وآله وسلّم علی حمزة بدأ عند رجعة النبی ص من غزوة احد حین ما سمع صراخ اهل المدینة من بیوتهم علی الشهداء : ومر رسول الله صلي الله عليه وسلم بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وبني ظفر فسمع البكاء والنوائح علي قتلاهم فذرفت عينا رسول الله صلي الله عليه وسلم فبكي ثم قال لكن حمزه لا بواكي له فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلي دار بني عبد الأشهل أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين علي عم رسول الله صلي الله عليه وسلم
تاريخ الطبري، ج 2، ص 210 ـ السيره النبويه لابن هشام، ج 3، ص 613 ـ الثقات، ج 1، ص 234 ـ البدايه والنهايه، ج 4، ص 54 و 55.
لم یبک احد بعد قول رسول الله ص الا ان بدأ بالبکاء علی حمزة : فلم تبك امرأه من الأنصار علي ميّت بعد قول رسول اللّه صلّي الله عليه و آله وسلّم لكنّ حمزه لابواكي له إلي اليوم إلّا بدأت البكاء علي حمزه مجمع الزوائد، ج 6، ص 126.
دوام البکاء علی حمزة فی کل عزاء : یقول ابن كثير : الی الآن نساء الانصار اذا یبکین یندبن حمزة .
أحمد بن حنبل عن ابن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما رجع من اُحد فجعلت نساء الأنصار يبكين علي من قتل من أزواجهن قال فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ولكن حمزه لا بواكي له قال ثم نام فاستنبه وهن يبكين. قال فهن اليوم إذا يبكين يندبن بحمزه.
البدايه والنهايه، ابن كثير، ج 4، ص 55.
ابن كثير بعد نقل هذا الخبر یبدی رأیه : وهذا علي شرط مسلم البدايه والنهايه، ج 4، ص 55.
الواقدي ایضا یقول : قال الواقدي فلم يزلن يبدأن بالندب لحمزه حتي الآن أسد الغابه، ج 2، ص 48.
ابن سعد ایضا یقول هکذا : فهن إلي اليوم إذا مات الميت من الأنصار بدأ النساء فبكين علي حمزه ثم بكين علي ميتهن.
الطبقات الكبري، ج 2، ص 44.
هل یدل هذا العمل من رسول الله ص علی مشروعیة البکاء و الشکوی و اقامة العزاء ام لا ؟
اهل الایمان و الاتباع الحقیقیّ للنبی ص یجعلون السنة النبویة فی العمل ملاکا لاعمالهم الدینیة فلذا سیرة النبی ص فی اقامة العزاء و البکاء فی استشهاد عمه حمزة تستطیع ان تکون ملاکا لمشروعیة اقامة العزاء فی وفاة و استشهاد کبار الدین و اولیاء الله .

2 ـ بکاء النبی ص فی استشهاد جعفر بن أبي طالب
"لما اصیب جعفر و اصحابه دخل رسول الله (صلى الله علیه وآله) بیته و طلب بنی جعفر فشمهم و دمعت عیناه فقالت زوجته اسماء :
بابی و امی ما یبکیک ابلغک عن جعفر و اصحابه بشی ؟ قال نعم اصیبوا هذا الیوم ،
قالت اسماء فقمت اصیح و اجمع النساء و دخلت فاطمة و هی تبکی و تقول وا عماه ،
فقال رسول الله (صلى الله علیه و آله) على مثل جعفر فلتبک البواکی"
الاستيعاب، ج 1، ص 313 ـ أسد الغابه، ج 1، ص 241 ـ الاصابه، ج2، ص 238 ـ الكامل في التاريخ، ج2، ص 420.
الامثلة المذکورة مضافا علی انها من سنة النبی ص و عمله فی انه أیّد اقامة العزاء و البکاء علی الاموات تنجعل تقریرا و توقیعا من الرسول ص لأنه ما نهی أهل المصیبة عن البکاء و الشکوی بل اقدم علی اعظم منها و انه امرهم بالبکاء و اقامة العزاء .

3 ـ بکاء النبی ص فی استشهاد زيد بن حارثة
زيد بن حارثه من اصحاب القیادة فی حرب موته ،اخذ امر القیادة بأمر من الرسول ص مع جعفر بن أبي طالب، و عبد اللّه بن رواحه ،
لَمَّا جَاءَ نَعْيُ زَيْدِ بْنِ‏حَارِثَةَ إِلَى النَّبِيِّ ص أَتَى النَّبِيُّ ص مَنْزِلَ زَيْدٍ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ بُنَيَّةٌ لِزَيْدٍ فَلَمَّا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ ص خَمَشَتْ فِي وَجْهِهَا فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ ص قَالَ هَاهْ هَاهْ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا قَالَ شَوْقُ‏ الْحَبِيبِ‏ إِلَى حَبِيبِهِ. فيض القدير، ج3، ص 695.

4 ـ بکاء النبی ص فی فقدان ابنه ابراهيم
ابراهیم الولد الوحید لرسول الله ص  ولد فی المدینة و توفی و هو فی سنة واحدة. اغتم النبی ص فی فراقه کثیرا . ولد ابراهیم من ماریة القبطیة . یقول الراوی : خلنا عليه صلّى اللّه عليه و آله و إبراهيم- ابنه صلّى اللّه عليه و آله- يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول اللّه تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف:
و أنت يا رسول اللّه؟ فقال: يا ابن عوف انها رحمة ثمّ أتبعها باخرى فقال: ان العين تدمع، و القلب يحزن، و لا نقول الا ما يرضى ربّنا، و انا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون. صحيح البخاري، ج 2، ص 85، صحيح مسلم، ج 4، ص 1808، كتاب الفضائل، باب رحمته بالصبيان ـ العقد الفريد، ج 3، ص 19، كتاب التعزيه ـ سنن ابن ماجه، ج 1، ص506، ش 1589، باب ما جاء في البكاء علي الميت ـ مصنف عبد الرزاق، ج 3، ص552، ش 6672، باب الصبر والبكاء والنياحه

5 ـ بکاء النبی ص علی عبدالمطلب
توفِّي عبدالمطَّلب و لرسول الله ص ثماني سنين و عن أمِّ أيمن قالت :   أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يمشي تحت سريره و هو يبكي .
تذكره الخواص، ص 7.

6 ـ بکاء النبی ص علی ابی طالب
عن عليّ قال: أخبرت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بموت أبي طالب،فبكى ثمّ قال: اذهب فاغسله و كفّنه و واره غفر اللَّه له و رحمه.
الطبقات الكبري، ابن سعد، ج 1، ص 105.

7 ـ بکاء النبی ص علی أمه آمنة
زار النبی(ص) ذات یوم قبر أمه  آمنة فی ابواء فبکی و بکی من حوله .
المستدرك، ج 1،ص 357 ـ تاريخ المدينه، ابن شبّه، ج 1، ص 118.

8 ـ بکاء النبی ص علی فاطمه بنت اسد
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص دَفَنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ وَ كَانَتْ مُهَاجِرَةً مُبَايِعَةً بِالرَّوْحَاءِ مُقَابِلَ حَمَّامِ أَبِي قَطِيعَةَ قَالَ وَ كَفَّنَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي قَمِيصِهِ وَ نَزَلَ فِي قَبْرِهَا وَ تَمَرَّغَ‏ فِي‏ لَحَدِهَا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ أَبِي هَلَكَ وَ أَنَا صَغِيرٌ فَأَخَذَتْنِي هِيَ وَ زَوْجُهَا فَكَانَا يُوَسِّعَانِ عَلَيَّ وَ يُؤْثِرَانِّي عَلَى أَوْلَادِهِمَا فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُوَسِّعَ اللَّهُ عَلَيْهَا قَبْرَهَا. ذخائر العقبي، ص 56.

9 ـ بکاء النبی ص علی عثمان بن مظعون
الحاكم یقول فی المستدرك هکذا : إن النبي قبّل عثمان بن مظعون وهو ميت وهو يبكي.
المستدرك علي الصحيحين، ج 1، ص 514، ش 1334ـ سنن ترمذي، ج 3، ص 314، ش 989، كتاب الجنائز باب ما جاء في تقبيل الميت ـ المعجم الكبير، ج24، ص 343، ش 855، باب عائشه بنت قدامه بن مظعون الجمحيه ـ سنن البيهقي الكبري، ج 3، ص 407، ش 6503 ـ ربيع الأبرار، ج 4، ص 187ـ جامع الأصول، ج 11، ص 105.

10 ـ بکاء النبی ص علی سعد بن ربيع
الحاكم فی المستدرك بنقل عن جابر بن عبد الله الانصاري یقول : لما قتل سعد بن ربيع بأحد، رجع رسول الله صلي الله عليه وآله إلي المدينه... فدخل رسول الله صلي الله عليه وآله ودخلنا معه، قال جابر: والله ما ثمّ وساده ولا بساط. فجلسنا ورسول الله يحدثنا عن سعد بن ربيع، يترحم عليه... فلما سمع ذلك النسوه، بكين فدمعت عينا رسول الله وما نهاهن عن شيء. امتاع الاسماع، مقريزي، ج 13، ص 269.

11 ـ نهی النبی ص عمر ل زبره عن بکاء النساء
خرج النبي علي جنازه ومعه عمر بن الخطاب، فسمع نساء يبكين، فزبرهن عمر فقال رسول الله (ص) يا عمر، دعهن، فإن العين دامعه والنفس مصابه والعهد قريب. المستدرك علي الصحيحين، ج 1، ص 381،ش 1406،كتاب الجنائز ـ سنن النسائي (المجتبي)، ج4، ص19، ش 1850، كتاب الجنائز باب الرخصه في البكاء علي الميت ـ مسند أحمد بن حنبل، ج2، ص444، ش 9729، باب مسند أبي هريره ـ سنن ابن ماجه، ج1،ص505، ش 1587، كتاب الجنائز باب ما جاء في البكاء علي الميت نستفید من العبارة المذکورة ان قول حرمة البکاء علی المیت الذی طرحها البعض لعلها مأخوذة من عمل عمر و لکن مع نهی النبی ص عن عمله نری ان البعض یمنع عن البکاء للمیت استنادا بنهی عمر .

12 ـ النبی ص یعتبر الدمعة رحمة من ربه
عن أسامه بن زيد قال:أرسلت بنت النبي (ص) أن ابنا لي قبض، فأتنا، فأرسل يقرأ السلام ويقول: إن الله له ما أخذه وله ما أعطي وكل شيء عنده بأجل مسمي، فلتصبر ولتحتسب. فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عباده ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فرفع رسول الله (ص) الصبي ونفسه تقعقع، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ قال: رحمه يجعلها في قلوب عباده، إنما يرحم الله من عباده الرحماء
صحيح البخاري، ج 1، ص 431، ش 1224، كتاب الجنائز باب قول النبي يعذب الميت ببعض بكاء أهله و ج 5، ص 2141، ش 5331، كتاب المرضي باب عياده الصبيان و ج 6، ص 2452، ش 6279، كتاب الأيمان والنذور باب قول الله تعالي «وأقسموا بالله» ـ صحيح مسلم، ج 2، ص635، ش 923، كتاب الجنائز باب البكاء علي الميت ـ سنن النسائي (المجتبي)، ج 4، ص 22، ش 1868، كتاب الجنائز باب الأمر بالاحتساب والصبر عند نزول المصيبه ـ سنن النسائي الكبري، ج 1، ص 6122، ش1995، كتاب الجنائز باب الأمر بالاحتساب والصبر عند نزول المصيبه ـ سنن أبي داود، ج 3، ص193، ش 3125، كتاب الجنائز باب في البكاء علي الميت ـ مصنف عبد الرزاق، ج 3، ص551، ش6670، باب الصبر والبكاء والنياحه.

الفصل الرابع: اقامة العزاء للإمام الحسين عليه السلام فی السنة النبویة.

بکاء النبی صلّي الله عليه وآله علی الامام الحسين عليه السلام
التکریم الممتاز و المحبة بأکثر ما یمکن عن النبی ص للحسین ع یوجب التعجب و الحیرة لکل من رأی او سمع هذا التکریم و سائلین انفسهم دائما انه لماذا النبی ص یقبل ابن بنته و یحضنه و یلاطفه فی مواجهة الآخرین اکثر مما یتوقع . هل هذه الحرکات منبعثة من التعاطف و تکون اظهار محبة بما انه جدّه ؟  ام لها سرّ آخر وراء هذه القضایا ؟ الجواب لهذا السؤال یتبین من خلال اعمال النبی ص التی هی سنته و سلوکه .

1 ـ بکی النبی صلي الله عليه وآله فی بدایة ایام ولادة ابنه الحسين ع
نقل فی مستدرك الصحيحين و تأريخ ابن عساكر و مقتل الخوارزمي و غيره ان أم الفضل بنت الحارث : دخلت علي رسول الله(ص) فقالت: يا رسول الله اني رأيت حلما منكرا الليله، قال: وما هو؟ قالت: انه شديد قال: وما هو؟ قالت: رأيت كأن قطعه من جسدك قطعت ووضعت في حجري، فقال رسول الله (ص): رأيت خيرا، تلد فاطمه - إن شاء الله - غلاما فيكون في حجرك، فولدت فاطمه الحسين فكان في حجري - كما قال رسول الله (ص) - فدخلت يوما إلي رسول الله (ص) فوضعته في حجره، ثم حانت مني التفاته فإذا عينا رسول الله (ص) تهريقان من الدموع قالت: فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي مالك؟ قال: أتاني جبرئيل عليه الصلاه والسلام فأخبرني ان امتي ستقتل ابني هذا، فقلت: هذا؟ فقال: نعم، وأتاني بتربه من تربته حمراء.
یقول الحاكم بعد نقل هذه الروایة : هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.
مستدرك الصحيحين، ج 3، ص 176 و مع الاختصار فی ص 179 ـ تاريخ الشام فی شرح حال امام الحسين عليه السلام: ص 183 رقم 232 ـ مجمع الزوائد، ج 9، ص 179 ـ مقتل الخوارزمي، ج 1، ص 159 و فی ص 162 بلفظ آخر ـ تاريخ ابن كثير، ج 6، ص 230 و مع الاشارة فی ج 8، ص 199 ـ أمالي السجري، ص 188. و المراجعه ب: الفصول المهمه ابن صباغ المالكي، ص 154 و الروض النضير، ج 1، ص 89، و الصواعق، ص 115، و كنز العمال الطبعة القديمة، ج 6، ص 223، و الخصائص الكبري، ج 2، ص 125.

2 ـ  بکاء النبی صلی الله علیه و اله علی الحسین علیه السلام و هو کان فی سنة واحدة
یقول الخوارزمي فی مقتله هکذا : لما أتي علي الحسين عليه السلام سنه كامله هبط علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم اثنا عشر ملكا، محمره وجوههم قد نشروا أجنحتهم، وهم يخبرون النبي بما سينزل علي الحسين عليه السلام مقتل الحسين، ج 1، ص 163.
بلا شک ان الروایة المذکورة لم تصرح ببکاء النبی ص و لکن بکاءه متیقن من خلال سائر الروایات .

3 ـ  بکاءه صلی الله علیه و اله و هو(ع) کان فی سنتین
عن ابن عباس قال: فلما أتت علي الحسين من مولده سنتان كاملتان خرج النبي صلي الله عليه وآله وسلم في سفر له، فلما كان في بعض الطريق وقف فاسترجع ودمعت عيناه، فسئل عن ذلك، فقال: هذا جبريل يخبرني عن أرض بشاطي ء الفرات يقال لها كربلا، يقتل بها ولدي الحسين ابن فاطمه، فقيل: من يقتله يا رسول الله؟ فقال: رجل يقال له يزيد، لا بارك الله له في نفسه! وكأني أنظر إلي مصرعه ومدفنه بها، وقد أهدي برأسه، واللّه ما ينظر أحد إلي رأس  ولدي الحسين فيفرح إلّا خالف اللّه بين قلبه ولسانه.
قال: ثم رجع النبي صلي الله عليه وآله وسلم من سفره ذلك مغموما ثم صعد المنبر فخطب ووعظ والحسين بن علي بين يديه مع الحسن، قال: فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمني علي رأس الحسن واليسري علي رأس الحسين ثم رفع رأسه إلي السماء فقال: اللهم! إني محمد عبدك ونبيك وهذان أطايب عترتي وخيار ذريتي وأرومتي ومن أخلفهم في أمتي، اللهم! وقد أخبرني جبريل بأن ولدي هذا مقتول مخذول، اللهم! فبارك له في قتله واجعله من سادات الشهداء، إنك علي كل شي ء قدير، اللهم! ولا تبارك في قاتله وخاذله. قال: وضجّ الناس في المسجد بالبكاء. فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: أتبكون ولا تنصرونه! اللهم! فكن أنت له وليا وناصرا.
قال ابن عباس: ثم رجع وهو متغير اللون محمر الوجه فخطب خطبه بليغه موجزه وعيناه يهملان دموعا ثم قال: أيها الناس! إني قد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وأرومتي ومراح مماتي وثمرتي، ولن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض، ألا! وإني أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم الموده في القربي، فانظروا أن لا تلقوني غدا علي الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم ألا! وإن جبريل عليه السلام قد أخبرني بأن أمتي تقتل ولدي الحسين بأرض كرب وبلاء. ألا! فلعنه الله علي قاتله وخاذله آخر الدهر. قال: ثم نزل علي المنبر، ولم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا واستيقن أن الحسين مقتول.
الفتوح، أحمد بن أعثم الكوفي، ج 4، ص 325.

4 ـ  بکی رسول‌الله  صلی الله علیه و آله و سلم من اظهار الحقد من عند امته فی حق اهل‌ بیته.
روي يونس بن حباب، عن أنس بن مالك قال: كنا مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب عليه السلام معنا، فمررنا بحديقه، فقال علي عليه السلام: يا رسول الله! ألا تري ما أحسن هذه الحديقه؟ فقال: إن حديقتك في الجنه أحسن منها. حتي مررنا بسبع حدائق، يقول علي عليه السلام ما قال ويجيبه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بما أجابه، ثم إن رسول الله وقف فوقفنا، فوضع رأسه علي رأس علي وبكي، فقال علي عليه السلام: ما يبكيك يا رسول الله؟! قال: ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتي يفقدوني
مجمع الزوائد، ج 9، ص 118 ـ كنز العمال، ج 13، ص 176ـ شرح نهج البلاغه، ج 4، ص 107ـ المناقب خوارزمي، ص 65 ـ ينابيع الموده،ج 1، ص 134.

5 ـ حديث أمّ سلمه :
كان رسول الله صلي الله عليه وسلم جالسا ذات يوم في بيتي قال لا يدخل علي أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج رسول الله صلي الله عليه وسلم يبكي فأطلت فإذا حسين في حجره والنبي صلي الله عليه وسلم يمسح جبينه وهو يبكي فقلت والله ما علمت حين دخل فقال إن جبريل عليه السلام كان معنا في البيت قال أفتحبه قلت أما في الدنيا فنعم قال إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي صلي الله عليه وسلم.مجمع الزوائد، ج 9، ص189 الهيثمي ناقل هذا الحديث بعد نقل الرواية یقول:رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها ثقات. مجمع الزوائد، ج 9، ص189.
و یقول ایضا فی حدیث آخر : قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم اجلسي بالباب ولا يلجن علي أحد فقمت بالباب إذ جاء الحسين رضي الله عنه فذهبت أتناوله فسبقني الغلام فدخل علي جده فقلت يا نبي الله جعلني الله فداك أمرتني أن لا يلج عليك أحد وإن ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني طال ذلك تطلعت من الباب فوجدتك تقلب بكفيك شيئا ودموعك تسيل والصبي علي بطنك قال نعم أتاني جبريل فأخبرني أن أمتي يقتلونه وأتاني بالتربه التي يقتل عليها فهي التي أقلب بكفي المعجم الكبير، طبراني، ج 3، ص109 ـ مسند ابن راهويه، ج 4، ص 131.

6 ـ حديث عايشة :
تقول عايشة زوجة النبی صلّي الله عليه و آله وسلّم هکذا : دخل الحسين بن علي رضي الله عنهما علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يوحي إليه فنزا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو منكب وهو علي ظهره فقال جبريل لرسول الله صلي الله عليه وسلم أتحبه يا محمد قال يا جبريل ومالي لا أحب ابني قال فان أمتك ستقتله من بعدك فمد جبريل عليه السلام يده فأتاه بتربه بيضاء فقال في هذه الأرض يقتل ابنك هذا واسمها الطف فلما ذهب جبريل عليه السلام من عند رسول الله صلي الله عليه وسلم خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم والتزمه في يده يبكي فقال يا عائشه إن جبريل أخبرني أن ابني حسين مقتول في أرض الطف وان أمتي ستفتن بعدي ثم خرج إلي أصحابه فيهم علي وأبو بكر وعمر وحذيفه وعمار وأبو ذر رضي الله عنهم وهو يبكي فقالوا ما يبكيك يا رسول الله فقال أخبرني جبريل عليه السلام ان ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربه وأخبرني أن فيها مضجعه. فلما ذهب جبريل عليه السلام من عند رسول الله صلي الله عليه وسلم خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم والتزمه في يده يبكي فقال يا عائشه إن جبريل أخبرني أن ابني حسين مقتول في أرض الطف وان أمتي ستفتن بعدي ثم خرج إلي أصحابه فيهم علي وأبو بكر وعمر وحذيفه وعمار وأبو ذر رضي الله عنهم وهو يبكي فقالوا ما يبكيك يا رسول الله فقال أخبرني جبريل عليه السلام ان ابني الحسين يقتل بعدي بارض الطف وجاءني بهذه التربه وأخبرني أن فيها مضجعه.
المعجم الكبير، طبراني، ج 3، ص107ـ مجمع الزوائد، ج 9، ص187 ـ ابن عساكر، ترجمه الإمام الحسين عليه السلام، ج7، ص 260.

7 ـ الرسول صلي الله عليه و آله اقام العزاء بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام
3704 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ حَدَّثَنَا رَزِينٌ قَالَ حَدَّثَتْنِي سَلْمَي قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَي أُمِّ سَلَمَه وَهِيَ تَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْنِي فِي الْمَنَامِ وَعَلَي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ التُّرَابُ فَقُلْتُ مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ آنِفًا .
سنن ترمذي، ج 12، ص 195، كتاب فضائل الصحابه باب مناقب الحسن و الحسين.
کما تری فی هذه الروایات ان الرسول ص بکی و اقام العزاء للامام الحسین ص قبل وقعة عاشورا و استشهاده ب فترة من السنین و هذه تحکی عن الاهتمام و التعظیم لهذه الواقعة (اقامة العزاء)
هل تستطیع ان تکون سنة النبی ص فی مثل هذه القضایا احسن دلیل و حجة علی اقامة العزاء للامام الحسین ع أم لا ؟

الفصل الخامس: اقامة العزاء للإمام الحسين عليه السلام فی سيرة المعصومین.

الف:  علی علیه‌السلام  بکی علی الحسین ع قبل وقعة کربلا
توجد فی المصادر الحدیثیة للشیعة نقلا عن امير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام روايات متعدّدة و فیها ان علیا ع بمثل النبی ص بکی عندما سمع خبر استشهاد ولده الحسین ع . فلنذکرها من مصادر اهل السنة و نکتفی باثنتین منها هنا.
نُجَيّ حضرمي یقول: انه سار مع علي رضي الله عنه وكان صاحب مطهرته فلما حاذي نينوي وهو منطلق إلي صفين فنادي علي اصبر أبا عبد الله اصبر أبا عبد الله بشط الفرات قلت وما ذاك قال دخلت علي النبي صلي الله عليه وسلم ذات يوم وإذا عيناه تذرفان قلت يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان قال بل قام من عندي جبريل عليه السلام قيل فحدثني ان الحسين يقتل بشط الفرات قال فقال هل لك ان أشمك من تربته قلت نعم قال فمد يده فقبض قبضه من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني ان فاضتا. مجمع الزوائد، الهيثمي، ج 9، ص 187.
یقول الهیثمی بعد نقل هذا الخبر:  رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني ورجاله ثقات ولم ينفرد نجي بهذا مجمع الزوائد، الهيثمي، ج 9، ص 187.
روایة اخری فی بکاء الامام علی علیه السلام قبل واقعة کربلا فی صفین
ابن حجر صاحب كتاب «الصواعق المحرقه» ینقل عن ابن سعد الشعبي هکذا : مر علي رضي الله عنه بكربلاء عند مسيره إلي صفين وحاذي نينوي قريه علي الفرات فوقف وسأل عن اسم هذه الأرض فقيل كربلاء فبكي حتي بل الأرض من دموعه ثم قال دخلت علي رسول الله e وهو يبكي فقلت ما يبكيك قال: كان عندي جبريل آنفا وأخبرني أن ولدي الحسين يقتل بشاطيء الفرات بموضع يقال له كربلاء ثم قبض جبريل قبضه من تراب شمني إياه فلم أملك عيني أن  فاضتا الصواعق المحرقه، أحمد بن حجر هيثمي، ص 193.

ب ـ  فاطمة سلام الله عليها تقیم العزاء فی المحشر
هذه الحرکة من الزهرا س فی المحشر دلیل مستحکم علی جواز اقامة العزاء للحسین ع و من هذه الجهة یکون التأسی ب ودیعة رسول الله ص هی من وظائف المحبین لآل بیت الرسول ص فی اقامة مجالس العزاء للامام الحسین ع .
عليّ بن محمّد الشافعي المغازلي عن أبی أحمد عامر عن عليّ بن موسي الرضا عليه السلام و هو عن آبائه عن امير المؤمنين عليه السلام عن النبی الاكرم صلّي الله عليه و آله وسلّم نقل هذا الحديث انه قال النبی ص :
تحشر ابنتي فاطمه ومعها ثياب مصبوغه بدمٍ، فتتعلّق بقائمه من قوائم العرش وتقول: ياعدل! ياجبّار! أُحكم بيني وبين قاتل ولدي قال صلّي الله عليه وآله وسلّم: فيحكم لابنتي وربّ الكعبه. مناقب عليّ بن أبي طالب عليهما السلام، مغازلي، ص 66 ـ ينابيع الموده لذوي القربي، قندوزي، ج 3، ص 47
بناء علی هذا المحبین لآل بیت النبی ص تحت رعایة ما مضی من حالات روحانیة و معنویة ل ائمة الدین فی اقامة العزاء للامام الحسین ع یفرضون علی انفسهم ان لا ینسوا وقعة کربلا و ما جری علی ابن الزهرا س و اصحابه الاوفیاء الی یوم تحضر أمه فی محشر الکبری و یظهر التظلم منها عند ولی الاولیاء ربها الاعلی .

ج:  بکاء الائمة من اهل‌البیت للامام الحسین علیه‌السلام فی غیر کتبنا:
بناء علی ما نقل فی التاريخ، کان اسلوب الائمّة و زعماء الدین بعد استشهاد ابی عبدالله الحسین عليه السلام اقامة مجالس العزاء و البکاء علی مصائبه و فی الحقیقة هم المؤسسون و المروجون لفکرة ذکر المصائب بین الناس حتی انها اصبحت ثقافة فی الفکر الشیعی عبر تقادم الایام .
بناء علی هذا ،الذی هو دارج الیوم بین مناطق الشیعیة لم یکن ظاهر حدیث او مزیف ایادی الاجنبیین او تقلید من فرق اخر بل استمرار لما أسسته الائمة علیهم السلام من زمن حیاتهم و اکّدوا علیه فی خلال کلماتهم حول اقامة الشعائر الدینیة من جملتها اقامة مجالس العزاء فی ایام استشهادهم و حاولوا لتقویة هذه السنة و وعدوا الناس لمن بکی منهم بقدر جناح ذباب جزاء وفاقا .
من غرر الجملات ل أبی عبد اللّه الحسين عليه السلام انه قال: من دمعت عيناه فينا دمعه، أو قطرت عيناه فينا قطره، آتاه اللّه عزّ وجلّ الجنّه.
ذخائر العقبي، ص 19 ـ ينابيع المودّه، ج 2، ص117.
امام السجّاد عليّ بن الحسين عليهما السلام لم یهدأ انینه بعد وقعة کربلا و لم تنقطع دمعته حتی لحظة و لما سئل علی بن الحسین بن علی بن ابی طالب ع عَنْ كَثْرَةِ بُكَائِهِ فَقَالَ : " لَا تَلُومُونِي ؛ فَإِنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَدَ سَبْطًا مِنَ وَلَدِهِ ، فَبَكَى حَتَّى ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَاتَ ، وَنَظَرْتُ أَنَا إِلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ذُبِحُوا فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ ، فَتَرَوْنَ حُزْنَهُمْ يَذْهَبُ مِنْ قَلْبِي أَبَدًا ؟
تهذيب الكمال، مزّي، ج 20، ص 399 ـ البدايه والنهايه، ج 9، ص 125 ـ تاريخ مدينه دمشق، ج 41، ص386.
الحزن و الهمّ الدائم دلیل علی عمق مأساة مؤلمة و من جانب آخر الامام السجاد ع بلغ نداء ارشادیا بهذا العمل للمؤمنین کافة ان نهضة عاشورا و الامام الحسین ع لا بد ان تکون حیة لا تزال الی قیام یوم الدین .
الامام الباقر عليه السلام ینقل حديثا عن ابیه الامام السجّاد عليه السلام یحث فیه علی دوام نهضة عاشوراء و الدفاع عن سیرة ابیه العملیة فی اقامة مجالس العزاء كان أبي عليّ بن الحسين عليه السلام يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين ومن معه، حتّي تسيل علي خدّيه، بوّأه اللّه في الجنّه غرفاً، وأيّما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتّي يسيل علي خدّيه، لأذي مسّنا من عدوّنا بوّأه اللّه مبوّء صدق.
ينابيع الموده لذوي القربي، قندوزي، ج 3، ص 102 ـ الاصابه، ابن حجر، ج 2، ص 438 ـ لسان الميزان، ج2، ص 451.
الامام الصادق عليه السلام ایضا تأسّيا بأجداده الکرام یوصی ب تخلید ذکری واقعة کربلا و یوم عاشوراء و یقول هکذا :
إنّ يوم عاشورا أحرق قلوبنا، وأرسل دموعنا، وأرض كربلاء أورثتنا الكرب والبلاء، فعلي مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء عليه يمحو الذنوب أيّها المؤمنون نور العين في مشهد الحسين، أبو إسحاق اسفراييني، ص 84.

الفصل السادس: سيرة الصحابة فی اقامة العزاء.
سيرة الاصحاب اقامة العزاء واحدا للآخر
اقامة العزاء من قبل الصحابة الذین تعتبر اهل السنة عدالتهم و ایضا فعلهم حجة ، فی مطلق مجالس العزاء لا سیما فی مصیبة فقدان النبی ص من قبل اهل مکة او المدینة ، تکون شاهدا علی اقامة العزاء بین الصحابة فی صدر الاسلام ، و ابدا لم ینظر احد لهذه الجالس نظرة البدعة .

1 ـ اقامة العزاء من قبل اهل مكة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وآله وسلّم
یقول سعید بن مسیب: لما قبض النبي (ص) ارتجت مكه بصوت. اخبار مكه، الفاكهي، ج 3، ص 80.

2 ـ اقامة العزاء من قبل عائشة و باقی نسوة المدینة فی مأتم الرسول صلي الله عليه وآله وسلّم
تقول عايشة :  و قمت التدم (اضرب صدري) مع النساء و اضرب وجهي. السيره النبويه، ج 4، ص 305.

3 - بکاء علی علیه السلام علی محمد بن ابی بکر
صاحب كتاب تذكره الخواص یقول: بلغ عليا قتل محمد بن أبي بكر فبكي وتأسف عليه ولعن قاتله تذكره الخواص، ص 102

4 ـ اقام عمر العزاء لنعمان بن مقرن
ابن ابي شيبه فی المصنف یقول : عن ابي عثمان: اتيتُ عمر بنعي النعمان بن مقرن، فجعل يده علي راسه و جعل يبكي.
المصنف، ابن أبي شيبه كوفي، ج 3، ص 175 و ج 8، ص 21

5 ـ  بکاء النساء علی خالد بن ولید باجازه عمر
الحاكم فی المستدرك یقول : عن أبي وائل قال قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أن نسوه من بني المغيره قد اجتمعن في دار خالد بن الوليد يبكين وإنا نكره أن يؤذينك فلو نهيتهن فقال عمر ما عليهن أن يهرقن من دموعهن سجلا أو سجلين ما لم يكن لقع ولا لقلقه يعني باللقع اللطم وباللقلقه الصراخ
المستدرك علي الصحيحين، ج 3، ص336.
صاحب الأغاني یزید قولا فی هذه القضیة: عن أبي بكر الهذلي قال سمع عمر بن الخطاب نساء بني مخزوم يبكين علي خالد بن الوليد فبكي وقال ليقل نساء بني مخزوم في أبي سليمان ما شئن فإنهن لا يكذبن وعلي مثل أبي سليمان تبكي البواكي الأغاني، ج 22، ص 98.

6 ـ بکاء ابن مسعود فی موت عمر
فوقف ابن مسعود علي قبره يبكي العقد الفريد، ج 4، ص 283.

7 ـ اقام عبداللَّه بن رواحه العزاء ل حمزة
عبداللَّه بن رواحه بکی علی حمزه و انشد قصیدة فی رثاءه. السيره النبويه، ج 3، ص 171.
بکاء اهل المدینة و نسوتها عند استماع خبر استشهاد الامام الحسين عليه السلام
الطبري فی تاريخه ینقل هکذا : لما قتل عبيد الله بن زياد الحسين بن علي و جيء برأسه إليه دعا عبد الملك بن أبي الحارث السلمي فقال: انطلق حتي تقدم المدينه علي عمر بن سعيد فبشّره بقتل الحسين - وكان عمرو أمير المدينه - قال عبد الملك فقدمت المدينه، فلقيني رجل من قريش فقال: ما الخبر؟ فقلت: الخبر عند الأمير؛ فقال إنا لله وإنا إليه راجعون؛ قتل الحسين بن علي.
فدخلت علي عمرو بن سعيد، فقال: ما وراءك، فقلت: ما سرّ الأمير؛ قتل الحسين بن علي؛ فقال: ناد بقتله، فناديت بقتله، فلم أسمع والله واعيه قط مثل واعيه نساء بني هاشم في دورهن علي الحسين. تاريخ الطبري، ج 3، ص 342.

الفصل السابع: اقامة العزاء فی اهل السنة.

البکاء و التدمیع من منظر علماء اهل السنة فتاوي بعض علماء اهل السنة فی البکاء و الحزن
لفة نظر فی بدایة البحث الی فتاوی علماء اهل السنة فی البکاء و الحزن لنعلم هل البکاء و الحزن للمیت من کبائر الذنوب و انها لم تغفر ؟!
النووي فی كتاب «المجموع» جمع آراء العلما فی تحدید حرمة البکاء و الحزن :
1 ـ جمهور العلماء یقولون : حرمة البكاء و النواح یختص بما اذا وصی الشخص بالبکاء و الحزن و اختاره النووی ایضا .
2 ـ طائفة من العلماء یقولون : حرمة البکاء تختص بما اذا لم یوصی الشخص بالمنع عن البکاء و النواح .
3 ـ طائفة منهم علی هذا الرأی : معنى الأحاديث أنهم كانوا ينوحون على الميت ويندبونه بتعديد شمائله ومحاسنه في زعمهم ، وتلك الشمائل قبائح في الشرع يعذب بها كما كانوا يقولون : يا مؤيم النسوان ، ومؤتم الولدان ومخرب العمران ومفرق الأخدان ،  ونحو ذلك مما يرونه شجاعة وفخرا وهو حرام شرعا
4 ـ و طائفة منهم علی هذا الرأی : الميت یعذب ببکاء اهله و عیاله علیه و  ويرق لهم . هذا قول و رأی محمد بن جرير و القاضي عياض .
و فی الختام یعرف اجماع العلماء فی هذه النکتة : وأجمعوا كلهم علي اختلاف مذاهبهم ان المراد بالبكاء بصوت ونياحه لا مجرد دمع العين.
المجموع، نووي، ج 5، ص 308. فعرفنا انه لم یحرمو ا و یمنعوا علماء اهل السنة مطلق البکاء و الحزن.

اقامة العزاء للامام الحسين عليه السلام فی سنة 352هـ
الذهبي فی شرح وقايع اقامة العزاء سنة 352 هـ یقول هکذا : قال ثابت: ألزم معز الدوله الناس بغلق الأسواق ومنع الهراسين والطباخين من الطبيخ، ونصبوا القباب في الأسواق وعلقوا عليها المسوح، وأخرجوا نساء منشرات الشعور مضجات يلطمن في الشوارع ويقمن المآتم علي الحسين عليه السلام، وهذا أول يوم نيح عليه ببغداد تاريخ الإسلام، ج 26، ص11.

اقامة العزاء للامام الحسين عليه السلام من قبل سبط ابن الجوزي (من علماء اهل السنة)
من جانب آخر نری ان بعض علماء اهل السنة یقیمون المآتم للامام الحسين عليه السلام.
ابن كثير فی تاريخه یقول هکذا : ذكر أهل التاريخ أن سبط ابن الجوزي كان يعظ على الكرسي بجامع دمشق فطلب منه أهل المجلس أن يذكر شيئاً في مصرع الحسين بن علي عليه السالم فانشد يقول:

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه           و الصور في نشرالخلايق ينفخ
لابد أن ترد القيامه فاطم              و قميصها بدم الحسين ملطخ
البدايه و النهايه، ج 13، ص 207 (حوادث 654 هجري قمري).

اقامة العزاء ل عبدالمؤمن (المتوفی 346 هـ )
عبدالمؤمن بن خلف، من فقهاء مذهب الظاهرية و من اتباع مكتب محمد بن داود . النسفي ینقل قضية تشييع جنازته و اقامة العزا له.
تاريخ مدينه دمشق، ابن عساكر، ج 10، ص 272 ـ سير اعلام النبلاء، ج 15، ص 480.

اقامة العزاء ل الجويني (المتوفی 478  هـ )
الذهبي یذکر وفاة الجويني و مراسم مأتمه هکذا : فدفن بجنب والده، وكسروا منبره، وغلقت الأسواق، ورثي بقصائد، وكان له نحو من أربع مائه تلميذ، كسروا محابرهم وأقلامهم، وأقاموا حولا، ووضعت المناديل عن الرؤوس عاما، بحيث ما اجترأ أحد علي ستر رأسه، وكانت الطلبه يطوفون في البلد نائحين عليه، مبالغين في الصياح والجزع. سير أعلام النبلاء، ج 18، ص476.
لا بد من الالتفات لهذه القضیة انه لا شک فی اقامة العزاء من قبل تلامذة عبدالمؤمن و لکن هذه الاعمال مثل كسرالمنبر و كسر محابرهم وأقلامهم و وضع المناديل عن الرؤوس عاما لا تقبل ای تبریر .
فلعل علة ابداء الذهبی رأیه فی هذه القضیة هذه الاعمال فقال بعد نقلها هکذا : قلت: هذا كان من زي الأعاجم لا من فعل العلماء المتبعين. سير أعلام النبلاء، ج 18، ص476.

اقامة العزاء ل ابن الجوزي (المتوفی 597 هـ )
یقول الذهبي فی انعکاس خبر وفاته : وتوفي ليله الجمعه بين العشاءين الثالث عشر من رمضان وغلقت الأسواق، وجاء الخلق، وكان في تموز، وأفطر خلق، ورموا نفوسهم في الماء وباتوا عند قبره طول شهر رمضان يختمون الختمات، بالشمع والقناديل
سير أعلام النبلاء، ج 21، ص 379.

1- بکاء السماء فی وفاة عمر بن عبد العزيز!!!
عن خالد الربعي قال: مكتوب في التوراه إن السماء والأرض لتبكي علي عمر بن عبد العزيز أربعين صباحا! الروض الفائق، ص 255 ـ الغدير، ج 11، ص 120

2-  بکاء السماء فی وفاة ابن عساكر المتوفی571 هـ!!!
قال ولده: وكان الغيث قد احتبس في هذه السنه؛ فدرّ وسحّ عند ارتفاع نعشه؛ فكأن السماء بكت عليه بدمع وابله واطشه.
معجم الأدباء، ج 4، ص41، مطرت بناحيه بلخ دما عبيطا سنه 246، ص 17.

مقابلة علماء اهل السنّة بوجهین
مع هذه التفاصیل ماذا یحدث عند ذکر اقامة العزاء و المأتم لابی عبدالله الحسین ع انه لا یقبل المؤرخون من اهل السنة هذا التبریر المقبول و یأخذون موقفا سیئا وخشنا لا یقدرون علی اخفاءه ؟!! الذهبي بعد نقل قضية اقامة العزاء من اهالی بغداد للامام الحسين عليه السلام یقول : سنه اثنتين وخمسين وثلاثمئه: فيها يوم عاشوراء، ألزم معز الدوله، أهل بغداد بالنَّوح والمآتم، علي الحسين بن علي رضي الله عنه، وأمر بغلق الأسواق، وعلّقت عليها المسوح، ومنع الطباخين من عمل الأطعمه، وخرجت نساء الرافضه، منشّرات الشعور، مضخّمات الوجوه، يلطمن، ويفتنّ الناس، وهذا أول ما نيح عليه، اللهم ثبت علينا عقولنا العبر في خبر من غبر، الذهبي، ج 1، ص 146، عدد الأجزاء: 4، مصدر الكتاب: موقع الوراق، http://www.alwarraq.com
او يقول الذهبي فی موضع آخر فی اقامة العزاء فی یوم عاشوراء هکذا : أقامت الرافضه الشعار الجاهلي يوم عاشوراء.
تاريخ الإسلام، الذهبي، ج 26، ص 43 تمادت الرافضه في هذه الأعصر في غيهم بعمل عاشوراء باللطم والعويل
العبر، الذهبي، ج 3، ص 44 الذهبي فی بيان حوادث سنة 388 هـ یقول هکذا : وجعلت بإزاء يوم عاشوراء يوماً بعده بثمانيه أيام نسبته إلي مقتل مصعب بن الزبير، و زارت قبره بمسكن كما يزار قبر الحسين عليه السلام تاريخ الاسلام، الذهبي، ج 27، ص 25.
یعبر ابن کثیر ایضا هکذا : عملت الرافضه بدعتهم الشنعاء. البدايه والنهايه، ابن كثير، ج 11، ص 302.
الاتابكي من علماء قرن التاسع لاهل السنة یذکر اقامة عزاء النساء و الرجال فی بغداد هکذا :
السنه الثالثه من ولايه علي بن الإخشيذ علي مصر وهي سنه اثنتين وخمسين وثلثمائه فيها في يوم عاشوراء ألزم معز الدوله الناس بغلق الأسواق ومنع الطباخين من الطبخ ونصبوا القباب في الأسواق و... المأتم علي الحسين بن علي رضي الله عنه وكل منهم رافضي خبيث

النجوم الزاهره (جمال الدين اتابكي)، ج 2، ص 334.
فهؤلاء الذین لهم عبارات سخیفة بالنسبة لاقامة المجالس لابی عبدالله الحسین ع فماذا یقولون فی اقامة العزاء من قبل الناس لعلماء اهل السنة کما مضی و لهم عبارات عجیبة کبکاء السماء لعزاءهم و کیف یفسرونها حتی انهم لا یستشکلوا علیها، فما الفرق بینهما؟

ملخص التحقیق
من مجموع ما ذکر من الامثلة فی الفصول الماضیة نستفید مشروعیة اقامة العزاء و البکاء علی المیت المسلم لان کل الموارد مستندة بسیرة النبی ص و الانبیاء العظام و هذا یرد انحراف الفکرة و النظرة السطحیة لفئة قلیلة الذین بذریعة ازالة البدع عن الدین هجموا علی کل عقیدة و فکرة تخالفهم .
استفدنا من مباحث المذکورة مطالب مهمة و جدیرة بالذکر :
1 ـ البکاء فی وفاة الاقارب و مصائبهم ممدوح .
2 ـ السيرة العملية للرسول الاعظم صلّي الله عليه و آله وسلّم فی وفاة الامام الحسين عليه السلام، تبطل کلام الذین یحسبون اقامة العزاء بدعة و تتحداهم .
3 ـ نعومة روح الآدمی و تأثره الطبیعی فی مقابل المصائب، امر فطري و جزء من حقيقة الانسان و رحمة من عندالله .
و فی الختام ان اقامة العزاء لأبی عبدالله الحسین عليه السلام لیست بدعة کما یزعم ابن تیمیة و اتباعه بل عندما اهل البیت کانوا عدل القرآن و هم الذین یفسرون القرآن و السنة النبویة و قولهم حجة حسب قول النبی الاعظم ص فی حدیث صحیح و متواتر انه قال : «أخبرني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض» فما یصل الینا باسناد صحیح من هؤلاء ، حجة شرعیة بیننا و بین ربنا و یضاف الی حجیة القران و السنة النبویة الصحیحة . ف احیاء الذکری من قبلنا بالنسبة لاقامة مجالس العزاء لابی عبدالله الحسين ایضا هکذا ؛ لأن وردت احادیث متواترة و صحیحة السند عن أئمة المعصومين عليهم السلام ، لم تورد مثلها فی اقامة العزاء و البکاء لأحد غیر الامام الحسین ع قط .
فالحکم الشرعی عندنا هکذا : اقامة العزاء لابی عبدالله الحسين عليه السلام الذی یذکر فیه المناقب و الفضائل عن رسول الله صلي الله عليه وآله و أهل بيته المعصومين عليهم السلام و احكام الدين و الشريعة و فی الختام تقرأ مصائبه و یبکی علیه عمل مستحب مؤكد، و من أفضل المقربات إلي الله تعالي و من الله التوفیق

قراءة 271 مرة