اتهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، الولايات المتحدة بالسعي إلى ابتزاز روسيا حتى تدعم قراراً لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، وانتقد الغرب معتبراً أنه أعمى حيال فكرة تغيير في نظام سوريا. وقال لافروف، في مقابلة مع «تشانل وان»، إن «شركاءنا الأميركيين بدأوا يمارسون الابتزاز معنا (ويقولون) إنه إذا لم تدعم روسيا قراراً في مجلس الأمن على أساس الفصل السابع، فإننا سنوقف العمل بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية».
وأضاف لافروف إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية «على وشك اتخاذ قرار» حول سوريا، لكن العملية مهددة بسبب «الموقف المتصلب لبعض الشركاء الغربيين»، موضحاً «أنهم بحاجة إلى الفصل السابع».
ولفت لافروف إلى أن «شركاءنا يعميهم الهدف الأيديولوجي بتغيير النظام (في سوريا)»، وتابع «كل ما يقولونه هو أن على بشار الأسد أن يرحل».
وأشار لافروف إلى أنهم «لا يريدون الاعتراف بأنهم خدعوا مرة أخرى كما خدعوا في ليبيا عبر قصف البلد وتركه على شفير الفوضى، وكما خدعوا في العراق وتركوا الأمر نفسه وعبر شن عملية برية أيضاً، تاركين البلد في وضع صعب للغاية حيث يموت عشرات الأشخاص كل يوم في اعتداءات».
وفيما أكد أن هدف روسيا «حل مشكلة الأسلحة الكيميائية في سوريا»، لفت لافروف إلى أن «هدفهم الوحيد هو إثبات تفوقهم».
وحذّر لافروف من أنه إذا سقط النظام السوري ووصل المسلحون المعارضون إلى السلطة، فإنه «لن يعود هناك من دولة علمانية» في سوريا، مؤكداً أن «ما بين ثلثي وثلاثة أرباع» المسلحين هم من «الجهاديين».
وكشف لافروف عن أن المعطيات الروسية حول سوريا تثبت وقائع سيطرة المسلحين على المناطق التي كانت تقع فيها مستودعات السلاح الكيميائي، وأشار إلى أنه «أثناء عمل مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تمهيداً لوضع مواقع تخزين السلاح الكيميائي تحت المراقبة، يجب على من يموّل مجموعات المعارضة، والمتطرفة منها، أن يجد طريقة لمطالبتها بتسليم ما جرى الاستيلاء عليه ويجب تدميره وفقاً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية».
من جهة أخرى، أبدى لافروف استعداد بلاده لإرسال قوات إلى سوريا في إطار وجود دولي لتوفير أمن عمل الخبراء في مواقع الأسلحة الكيميائية، وقال «نحن على استعداد لإشراك عسكريينا، الشرطة العسكرية، للمشاركة في هذه الجهود».
ورفض الوزير الروسي الفكرة القائلة بأن روسيا باتت مسؤولة عن برنامج تفكيك الترسانة الكيميائية السورية، موضحاً «أننا لسنا الضامنين لنزع الأسلحة الكيميائية السورية»، مضيفاً إن موسكو سمحت فقط بأن تقبل دمشق الانضمام إلى الاتفاقية حول حظر الأسلحة الكيميائية من دون أي شرط.
من جهة أخرى، أعلنت الخارجية الروسية أن «وزير الخارجية سيرغي لافروف بحث مع نظيره الأميركي جون كيري في اتصال هاتفي بمبادرة من الأخير سير تطبيق الاتفاقات الروسية الأميركية بشأن وضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت الرقابة الدولية».
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد أعلن أن روسيا لا تنوي إرسال قوات خاصة إلى سوريا لحراسة الكيميائي، لكنها جاهزة لإجلاء المواطنين الروس المقيمين هناك بواسطة سفن إلانزال.
بدوره، أكد مدير ديوان الرئاسة الروسية سيرغي إيفانوف أن بلاده قد تغيّر موقفها من القضية السورية إذا تبيّن أن الرئيس السوري بشار الأسد «يخادع». وأوضح إيفانوف، خلال اجتماع المؤتمر العاشر لمعهد لندن الدولي للدراسات الاستراتيجية، «أقول ذلك من الناحية النظرية والافتراضية، ولكن في حال ظهور قناعة لدينا بأن بشار الأسد يخادع فقد نغيّر موقفنا».
وأضاف لدى إجابته عن سؤال حول موقع الترسانة الكيميائية السورية: «علينا أن ندرك أن الأسد لا يسيطر على كامل الأراضي السورية. ولا نعرف حتى اليوم أين يقع مخزون السلاح الكيميائي بأكمله. أعتقد أن ذلك سيتضح خلال أسبوع».
وتابع المسؤول الروسي الوثيق الصلة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين حديثه قائلاً إن المدة والتكلفة والتكنولوجيا المطلوبة لتدمير السلاح الكيميائي السوري قد تتضح بشكل نهائي بعد شهرين أو ثلاثة.
وفي ما يتعلق بمؤتمر «جنيف 2»، شدد إيفانوف على أنه أمر ضروري لتسوية الأزمة السورية، لافتاً إلى أنه لا يمكن تجاوزه.
في إطار آخر، ذكر مساعدو الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن الأخير سيدعو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء، إلى تبني «قرار ملزم بأكبر قدر ممكن» بشأن مراقبة الترسانة الكيميائية السورية مع أو من دون الإشارة إلى الفصل السابع الذي يجيز اللجوء إلى القوة. وقال المساعدون «نرغب في إمكانية المراقبة والتحقق وعقوبات قصوى. ومن ثم، فإن كل ما يقترب من الفصل السابع وإمكانية معاقبة سوريا إذا ما أخلت بالتزاماتها، سيكون موضع ترحيب وتشجيع إيجابي من فرنسا». وأشاروا إلى ضرورة مراعاة «مواقف واعتبارات دول أخرى لديها حق الفيتو».
من جهة ثانية، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني الغربيين من أي تدخل عسكري في سوريا، داعياً إلى «السياسة والحوار» لإنهاء الحرب. وأضاف روحاني، متوجهاً إلى الغربيين في خطاب ألقاه بمناسبة عرض عسكري في جنوب طهران، «لا تسعوا إلى حرب جديدة في المنطقة لأنكم ستأسفون على ذلك. لا يمكن إطفاء الحرب بالحرب. يجب إطفاؤها بالسياسة والحوار». وتابع «نعتقد أن على الجميع بذل الجهود لوقف الحرب في سوريا ومنع الإرهابيين من تعزيز قواهم في المنطقة»، معرباً عن تمنيه بأن «تجلس مجموعات المعارضة السورية إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة».
بدوره، رأى وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله أن «من الممكن أن تكون هناك فرصة لوقف إطلاق النار وذلك لأول مرة منذ فترة طويلة، توفر للناس في سوريا فرصة لالتقاط الأنفاس وتسهل من عملية توصيل المساعدات الإنسانية وتمهد الطريق أمام حل سياسي في مؤتمر جنيف».
في سياق متصل، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن المشاورات جارية بين الأطراف الدولية والعربية بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا يمهّد لإطلاق عملية سياسية تضع حداً للأزمة القائمة.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، بعد لقائه بان كي مون، إن القضية السورية ومفاوضات السلام ستشكلان ملفات محورية في اجتماعات الجمعية العامة لهذه السنة.
المقداد: سوريا لن تقبل تمثيل المتطرفين في «جنيف 2»
وفي سياق الكلام عن مؤتمر «جنيف 2»، أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن الحكومة السورية لا يمكن أن تقبل تمثيل الجماعات المتطرفة المنتمية إلى تنظيم «القاعدة» في مؤتمر «جنيف 2».
وشدد المقداد، في حديث إلى صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، على أن مجموعات الثوار التابعين لـ«القاعدة» ستستبعد من أي محادثات سلام مستقبلية بخصوص سوريا.
بالمقابل، أعلن رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد الجربا، أن الائتلاف سيحضر مؤتمر «جنيف 2»، شرط أن يهدف إلى تأسيس حكومة انتقالية بسلطات كاملة. وذكر جربا، في رسالة إلى مجلس الأمن، أن «الائتلاف» يؤكد من جديد استعداده للمشاركة في مؤتمر جنيف في المستقبل، ولكن يجب على كل الأطراف الموافقة على أن هدف المؤتمر سيكون تأسيس حكومة انتقالية بسلطات تنفيذية كاملة كما هو منصوص عليه في اتفاق القوى الدولية العام الماضي.