أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (59 عاماً) موقعها كأقوى امرأة سياسية في العالم، بعدما أصبحت أول زعيمة أوروبية يُعاد انتخابها منذ الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالاتحاد الأوروبي.
وحققت المستشارة المحافظة، أمس، نصراً شخصياً في الانتخابات التشريعية، حيث حصد حزبها، الاتحاد المسيحي الديموقراطي أكثر من 42 في المئة من الأصوات لتبقى بذلك على رأس المستشارية لولاية ثالثة، لكن بشرط التحالف مع المعارضة.
وعلى الأثر، أبدت ميركل سعادتها بـ«النتيجة الرائعة» التي حققها حزبها، ووعدت بـ«أربع سنوات جديدة من النجاح».
وقالت: «معاً سنقوم بكل ما في وسعنا لنجعل السنوات الأربع المقبلة أربع سنوات من النجاح لألمانيا».
لكن يبدو أنه سيكون عليها أن تشكل حكومة مع المعارضة الاشتراكية الديموقراطية، بحسب تقديرات شبكات التلفزيون.
فقد أتاحت لحزبها تحقيق أفضل نتيجة له منذ إعادة توحيد البلاد عام 1990 بحصوله على 42,5 في المئة من الأصوات بارتفاع نسبته تسع نقاط عن النتيجة التي حققها في الانتخابات الأخيرة عام 2009، حسب الأرقام التي أذاعتها شبكة التلفزيون العامة «ZDF».
وجاء حزبها متقدماً بفارق كبير عن الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي حصل على 26,5 في المئة (+3,5) ليبقى قريباً من أدنى مستوى في تاريخه الذي سجله قبل أربع سنوات.
إلا أن حليف ميركل الليبرالي، الحزب الديموقراطي الحر، خرج من البرلمان بعد فشله للمرة الأولى ما بعد الحرب في الحصول على نسبة الـ 5 في المئة اللازمة، إذ لم يحصد سوى 4,5 في المئة، حسب التقديرات الأولية.
في المقابل، حقق حزب جديد معارض لليورو باسم «البديل من أجل ألمانيا»، يطالب بالخروج من منطقة اليورو، قفزة كبيرة بحصوله على 4,8 في المئة من الأصوات، رغم عدم تحقيقه النسبة المطلوبة لدخول البرلمان، وذلك نظراً إلى حداثة عهده، حيث لم ينشأ إلا في الربيع الماضي. ويأمل هذا الحزب تشكيل قوة ضغط مستغلاً معارضة الكثير من الألمان لخطط الإنقاذ التي تقدم للدول الأوروبية التي تعاني أزمات اقتصادية.
كذلك سجل حزب الخضر تراجعاً واضحاً بحصوله على 8 في المئة (-2,7) وذلك بسبب سوء استراتيجية حملته الانتخابية والجدل الذي أثاره تساهله القديم حيال الاستغلال الجنسي للأطفال. وتراجع كذلك حزب اليسار بأكثر من ثلاث نقاط حيث حصد 8,5 في المئة.
وهكذا، فإن إجمالي أصوات اليسار بلغ 43 في المئة، وهي نتيجة أضعف من تلك التي سجلها في انتخابات عام 2009 التي حصد فيها 45,6 في المئة.
ومع ثاني أسوأ نتيجة له ما بعد الحرب، يبدو أن الحزب الاشتراكي الديموقراطي يجني نتيجة الحملة الفاشلة لزعيمه بيير شتاينبروك (66 عاماً) الذي ارتكب سلسلة من الهفوات، آخرها صورته وهو يرفع إصبعه الأوسط في إشارة بذيئة على غلاف إحدى المجلات قبل أسبوع من موعد الانتخابات.
وهكذا حصلت ميركل على أصوات 62 مليون ناخب ألماني اعتبروا أنها نجحت في إدارة أزمة اليورو وتمكنت من إنقاذ أول اقتصاد أوروبي.
فمنذ هذه الأزمة الاقتصادية، لم يفز أيّ من نظرائها في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا أو في بريطانيا بولاية جديدة.
وفي ألمانيا ما بعد الحرب، وحدهما كونراد أديناور ومستشار التوحيد هيلموت كول، تمكنا من الفوز بثلاث ولايات في المستشارية.
وركزت ميركل التي تحكم أكبر بلد أوروبي من حيث عدد السكان، والتي تلقّب تودداً بـ«الأم» داخل حزبها، حملتها الانتخابية على شعبيتها الشخصية وحصيلة أدائها.
وقالت «تعلمون من أنا، إنكم تعرفونني، فقد نجحنا معاً في أن نجعل في 2013 عدداً كبيراً من الناس في وضع أفضل من 2009»، مشيرة الى انخفاض معدل البطالة في ألمانيا الى 6,8 في المئة.
لكن يبدو أنه لن يكون أمام ميركل خيار غير تشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي، كما يرى المحللون.
وينذر مثل هذا «الائتلاف الكبير» بين أكبر حزبين في البلاد، كما حدث في ولايتها الأولى (2005 - 2009)، باتباع سياسة أكثر ميلاً الى اليسار، إذ إن الاشتراكيين الديموقراطيين ركزوا خلال حملتهم على المطالبة بزيادة الضرائب على الأكثر ثراءً وتحديد حد أدنى للأجور بنسبة 8,50 يورو في الساعة.
ورغم هذه النتائج المشجعة، سيكون على ألمانيا مواجهة العديد من التحديات حيث يوجد فيها أكبر عدد من ذوي الرواتب الدنيا في أوروبا، كما تعاني من أقل نسبة ولادات في العالم ما يشكل قنبلة موقوتة بالنسبة إلى اقتصادها.
وكان استطلاع لرأي الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع قد أظهر أن تكتل المستشارة فاز بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات أمس، ما يمهد الطريق أمام تولّيها المستشارية لفترة ثالثة.
وأظهر الاستطلاع الذي أجرته محطة «ARD» التلفزيونية أن الكتلة المحافظة بزعامة ميركل، والتي تضم حزبها الاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، حصلت على 42 في المئة من الأصوات، وهي أكبر حصيلة لهما منذ عام 1990.