بدأت فرنسا أمس ثاني تدخّل عسكري كبير لها في أفريقيا خلال عام، بعد أن وصل جنودها إلى بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى «لوقف أعمال عنف» أودت بحياة أكثر من 100 شخص هذا الأسبوع. وحشدت فرنسا قوة قوامها 1200 جندي للدخول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى بعد ساعات من الحصول على تأييد الأمم المتحدة للمضي قدماً في عملية «سانغاريس» أول من أمس. وسعت السلطات الفرنسية إلى التأكيد أن هدف العملية هو «دعم القوات الأفريقية الموجودة في البلاد لوقف أعمال العنف الدامية».
وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان إن «تعزيزات فرنسية وصلت إلى بانغي لدعم القوة المقرر أن يصل قوامها إلى 1200 جندي في الأيام المقبلة». وأضاف الوزير أن سرية جند وصلت إلى العاصمة الأفريقية من قاعدة فرنسية في الغابون المجاورة، وأن من المقرر وصول مجموعة من طائرات الهليكوبتر في وقت لاحق.
ووصف لودريان الليلة الماضية بـ«الهادئة» بعد اشتباكات دارت أول من أمس بين المتمردين الإسلاميين السابقين الذين يديرون شؤون البلاد حالياً وبين ميليشيا مسيحية ومقاتلين موالين للرئيس المخلوع فرانسوا بوزيزيه.
وأفادت حصيلة أعدّتها بعثة «منظمة أطباء بلا حدود» في أفريقيا الوسطى أن جثث 92 قتيلاً قتلوا بالرصاص أو بالسلاح الأبيض و155 جريحاً موجودون في مستشفى في بانغي منذ بدء موجة القتل الخميس.
تزامناً، افتتحت قمة «السلام والأمن في أفريقيا» أمس في باريس بحضور عدد من القادة الأفارقة الذين استقبلهم الرئيس فرنسوا هولاند في قصر الإيليزيه. ويشارك في القمة التي تستمر يومين قادة نحو أربعين دولة أفريقية، وهي تهدف إلى «ضمان أمن أفريقيا».
من جهة ثانية، دعا المغرب المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة «لتفادي تدهور الأوضاع في دولة أفريقيا الوسطى»، ورحّب بقرار مجلس الأمن الدولي القاضي بنشر بعثة دولية فيها لمدة سنة. وأفاد البيان بأن العاهل المغربي أصدر تعليمات بـ«نشر عناصر من القوات المسلحة الملكية التي ستشكل وحدة الحرس لمكتب الأمم المتحدة المتكامل لبناء السلام في أفريقيا الوسطى (بينوكا)»، مؤكداً أن المغرب «يبقى على استعداد لدعم جمهورية أفريقيا الوسطى في طريقها نحو السلام والاستقرار». وعبّر المغرب عن شكره لفرنسا «على جهودها الدؤوبة لأحلال السلام بالقارة الأفريقية، إن في مالي أو في جمهورية أفريقيا الوسطى».
وكان مجلس الأمن الدولي قد وافق أول من أمس، بالإجماع، على قرار اقترحته فرنسا، ينص على إنشاء ما يعرف بـ«البعثة الدولية للدعم في جمهورية أفريقيا الوسطى» (ميسكا)، وتضم قوات فرنسية وأفريقية مصرح لها بـ«استخدام القوة لحماية المدنيين في أفريقيا الوسطى، وفرض حظر على تصدير الأسلحة لهذا البلد».
وحدّد القرار مدىً زمنياً لعمل بعثة «ميسكا» بـ 12 شهراً، وأجاز للجنود الفرنسيين في جمهورية أفريقيا الوسطى «اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لدعم القوة الأفريقية لإتمام مهمتها». وأعلن الرئيس الفرنسي في وقت سابق أنه أعطى أوامره بمضاعفة عدد عناصر القوات الفرنسية الموجودة في جمهورية أفريقيا الوسطى، الذي يبلغ حالياً 600 جندي.
يذكر أنه في شهر آذار الماضي، دخلت أفريقيا الوسطى في دوّامة جديدة من العنف، وشهدت حالة من الفوضى والاضطرابات بعد أن أطاح متمردو «سيليكا»، القادمون من الشمال الذي تقطنه أغلبية مسلمة، الرئيس فرانسوا بوزيزيه، وهو مسيحي حكم البلاد لمدّة لمدة 10 سنوات، وكان يتمتع بدعم قوي من الأغلبية المسيحية في أفريقيا الوسطى. وبعد إطاحة الرئيس، نصّب زعيم ميليشيات «سيليكا»، ميشال دجوتوديا، نفسه رئيساً للبلاد.
وانتقد بعض الصحافيين القرار الفرنسي بإرسال جنود إلى أفريقيا الوسطى، وقالوا إن فرنسا تريد أداء دور «شرطي أفريقيا» مجدداً، وهو «أمر مرفوض». بينما دعم آخرون نشر قوات سلام في البلد «لوقف عمليات العنف الدامية بين الطرفين المتصارعين».