باتت التنظيمات المسلحة المتطرّفة تمثل خطراً جدّياً على الدول التي لطالما سهّلت طريقها ودعمتها في سبيل إسقاط النظام السوري. هذا «الخطر المحدق» بفرنسا دفع الأخيرة الى إعادة فتح طرق التواصل مع سوريا، بعد ارتفاع عدد الجهاديين الفرنسيين
يوماً بعد آخر، يزداد الاهتمام الدولي بخطر المجموعات السورية التي تتأثر بتنظيم القاعدة، ما يدفع بعض الدول إلى تجاوز خطوطها الحمراء التي سبق أن رسمتها حول علاقتها بنظام دمشق. دول أوروبية عدة استعادت صلاتها بالنظام السوري. ليس ذلك مفاجئاً، في ظل الحاجة للحصول على معلومات عن المنظمات التابعة لـ «القاعدة»، التي تنتشر في أصقاع العالم، انطلاقاً من سوريا وإليها. وليس غريباً ذلك على دول، كألمانيا والنمسا وإيطاليا، التي لم ترفع صوتها عالياً لإسقاط النظام السوري. باتت هذه المعلومات متداولة على نطاق واسع، في الاوساط الدبلوماسية والامنية، لكن الجديد هو في العودة الفرنسية إلى مكاتب الاستخبارات السورية، ففيما رأت الولايات المتحدة الأميركية أن سوريا «مصدر عدم الاستقرار في المنطقة»، ربطاً بانتشار «المتطرفين» على أراضيها، كشف مصدر سياسي فرنسي «أن باريس أعادت فتح قنوات اتصال مع (رئيس مكتب الأمن الوطني السوري) اللواء علي مملوك، بهدف الحصول على معلومات عن الجهاديين الفرنسيين»، الذين يقاتلون في سوريا، حسبما نشرت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية. ونقلت الصحيفة عن تقارير استخبارية أن قرابة ألف فرنسي انضموا إلى الجماعات «الجهادية» بين عامي 2011 و2013، لافتة إلى «انضمام هؤلاء والمقاتلين الأوروبيين إلى جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام».
ظلام المعارضة
ميدانياً، فجّرت مجموعات معارضة خطوط الغاز التي تغذي محطتي كهرباء رئيسيتين قرب دمشق وحمص (في منطقة البيطرية في ريف دمشق، وفي بلدة الزارة في ريف حمص)، ما أدى الى انقطاع الكهرباء عن دمشق وحمص وكامل الجنوب السوري، واجزاء من محافظات حماه واللاذقية وطرطوس. وتسّبب التفجير باشتعال حريقين هائلين. وقال وزير النفط والثروة المعدنية المهندس سليمان العباس في تصريح لـوكالة «سانا»: «إن الاعتداء الإرهابي على خط الغاز العربي في منطقة البيطرية، أدى إلى نشوب حريق وانقطاع الغاز عن محطات توليد الكهرباء بالمنطقة الجنوبية». وأشار إلى ان ورش الصيانة والإصلاح «توجهت إلى مكان الاعتداء للسيطرة على الحريق وعزل الجزء المتضرر من الخط».
من جهته، أعلن مصدر في وزارة الكهرباء «أن الاعتداء الإرهابي على خط الغاز المغذي لمحطتي توليد كهرباء تشرين وديرعلي أدى إلى انقطاع التيار عن المنطقة الجنوبية». وادى الاعتداءان إلى انقطاع الكهرباء عن دمشق والمحافظات الجنوبية والوسطى والمحافظتين الساحليتين.
في موازاة ذلك، تواصلت المعارك بين الجيش السوري والجماعات المسلحة في مختلف المناطق الساخنة.
وفي مخيم اليرموك، أعلن عن وفاة أكثر من 25 شخصاً منذ بدء حصار المخيم، بسبب فقدان الأدوية والمواد الغذائية. وألغي المؤتمر الصحافي التي كانت تزمع «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــ القيادة العامة» عقده أمس بسبب التطورات الميدانية في المخيم، إذ لم تتوقف الاشتباكات في نهاية شارع اليرموك من جهة الحجر الاسود والحارات الاخرى المتصلة بشارع الثلاثين.
كذلك صعّد الجيش هجومه العسكري على تجمّعات المسلحين بالطائرات الحربية في دوما وحرستا. في المقابل، استهدف المسلحون القسم الغربي من المستشفى الوطني في مدينة جاسم بمحافظة درعا الجنوبية بنيران مدرعة، ما أدى إلى انهيار أجزاء كبيرة منه، وسقوط قتلى وجرحى وفقدان العديد من الأشخاص. وفي دير الزور (شرق سوريا)، نعت «جبهة النصرة» أميرها العسكري عبد الحميد العلي، إثر الاشتباكات مع الجيش السوري. على صعيد آخر، أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» في بيان لها أمس، ان خمسة موظفين لديها «اختطفوا مساء الخميس من منزل تابع للمنظمة في شمال سوريا، من قبل مجموعة تريد على ما يبدو استجوابهم». وعلمت «الأخبار» أن المخطوفين هم سويدي ودانماركي وبلجيكي وسويسري وبيروفي، وان خاطفيهم ينتمون إلى مجموعة مسلحة تابعة للمعارضة. وجاء في البيان ان «منظمة اطباء بلا حدود على اتصال بكل الفاعلين وبعائلات الزملاء، وتبذل كل ما هو ممكن لاعادة الاتصال» بالخمسة من دون ان تعطي تفاصيل اضافية «لضمان سلامة زملائنا».
على صعيد آخر، وصف «الائتلاف الوطني» المعارض، حزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي، بأنه معاد لـ «الثورة السورية»، متهماً إياه بمشاركته «مراراً بالتعاون والتنسيق مع قوات النظام في قتل السوريين». وأنه يعمل بأجندات «غير وطنية، تتقاطع مع مصالح النظام السوري».
وفي تطورات قضية الأسلحة الكيميائية، غادرت سفن عسكرية نرويجية ودنماركية قبرص أمس متوجهة الى سوريا. وذكر المتحدث العسكري النرويجي لارس ماغني هوفتن أن السفن س تنقل الحمولات الأولى من الاسلحة المذكورة، تمهيدا لتدميرها على متن باخرة أميركية في البحر.
ويفترض ان تنضم سفن روسية وصينية الى السفن النرويجية والدنماركية في المياه الاقليمية السورية، لمواكبة عملية نقل الاسلحة الى ايطاليا، بحسب التدابير العملانية التي اتفق عليها الاسبوع الماضي في موسكو. وستجمّع المواد والعناصر الكيميائية في مرفأ اللاذقية، بموجب الخطة التي وافقت عليها السلطات السورية، ومجلس الامن الدولي، على ان تنقل الى ايطاليا، ومنها الى متن الباخرة الاميركية المختصة بتفكيك الاسلحة الكيميائية. ويفترض ان تنتهي عملية تدمير الترسانة السورية بحلول حزيران المقبل.