أن يخرج عسكر «حماس» ليقول «شكراً إيران»، مع عبارات تفصيلية عن السلاح الذي قدمته الجمهورية الإسلامية والمال و«أشياء أخرى»، ليس بالأمر العابر في هذا التوقيت. صحيح أن المستوى السياسي مهّد للشكر في الزيارة الأخيرة لطهران، لكن هناك من يتلمس تغيراً في أولويات الحركة
من تحت طائرة «أبابيل» التي أطلقتها «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، فوق المحتفلين بذكرى انطلاقة الحركة السابعة والعشرين، أطلق المتحدث باسم الكتائب مجموعة من المواقف القديمة ــ الجديدة، معلناً أنهم لن يقبلوا أقل من إعادة إعمار كل ما دمرته الحرب الإسرائيلية في غزة، مشدداً على أن هذا «وعد لن نخلفه، وإن غداً لناظره قريب».
أبو عبيدة حذر في كلمته الإسرائيليين من «نفاد الصبر» على تأخير الإعمار، ملوحاً بقرب ساعة الانفجار. لكن الجديد الذي حمله المتحدث العسكري هو تتويج الزيارة السياسية الأخيرة للوفد الحمساوي لإيران، بشكر الجمهورية الإسلامية على ما قدمته من مال وسلاح «وأمور أخرى»، مضيفاً: «جمهورية إيران الإسلامية أمدتنا بالصواريخ التي دكت المحتل في صولات وجولات مضت، ودعمتنا بالصواريخ النوعية المضادة للدبابات التي حطمت أسطورة الميركافا».
ولعلها تكون المرة الأولى التي يصرح فيها المستوى العسكري في «حماس» بالشكر لإيران بعدما كان الحديث السياسي لا يتعدى مستوى التلميح والتعميم، وإن أثنى أبو عبيدة على دور «جماعات ودول أخرى» لم يحددها، فإنه لم يستثن من شكره قطر وتركيا على «الدعم السياسي».
وخلال العرض، خرجت وحدات عسكرية متعددة من الكتائب حاملة أنواعاً مختلفة من الأسلحة كمضادات الدروع والصواريخ الكبيرة، فضلاً عن طائرة الاستطلاع «أبابيل»، وكان لافتاً التأكيد على حضور الوحدة البحرية (الضفادع البشرية) والثناء على دورها البارز في الحرب الأخيرة، وخاصة بعد عرض مقاطع مصورة عن إحدى عملياتها داخل الأراضي المحتلة.
في شأن الأسرى الفلسطينيين، لم تعلن «القسام» أي جديد عن حالة أو عدد الجنود الإسرائيليين لديها. مع ذلك، قال أبو عبيدة: «ننصح العدو بإيجاد مخرج يحفظ ماء وجهه من قانون عدم تنفيذ الصفقات، فقرار الكنيست بعدم الإفراج عن الأسرى في صفقات التبادل لا يساوي الحبر الذي كُتب عليه»، مكملاً: «لتخبروا شعبكم أين ضاع جنودكم... إعادة اعتقال محرري صفقة وفاء الأحرار سيجعل العدو يندم، ويوم حرية الأسرى بات أقرب مما يتصور كثيرون».
وخلال الحرب الأخيرة، أكدت «القسام» أنها كبدت الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة، وتمكّنت من أسر جندي يدعى أرون شاؤول خلال عملية نفذتها شرق غزة. كما تتهم إسرائيل «حماس» باحتجاز جثة ضابط آخر (هدار غولدن) قُتل في اشتباك مسلح شرق مدينة رفح، وهو ما لم تؤكده الحركة، أو تنفه، حتى الآن.
أما المستوى السياسي الذي مثله عضو المكتب السياسي، خليل الحية، فقال إن «حماس» ستبذل كل ما في وسعها لتفعيل المقاومة في فلسطين، وبالأخص «في الضفة والقدس». وأضاف الحية: «ستفعل حماس، مع بقية الفصائل، المقاومة في كل فلسطين، وفي قلب القدس والضفة»، داعياً «فتح» إلى مصالحة تعتمد على «الشراكة الحقيقية وقاعدة الحفاظ على المقاومة ونبذ التنسيق الأمني مع العدو».
بالتزامن مع ذلك، قالت مصادر عبرية إن الجيش الإسرائيلي استنفر طائراته المقاتلة بعدما رصد أمس تحليق طائرة فوق سماء قطاع غزة. وقالت القناة العبرية الثانية إن أنظمة الإنذار المبكر شخصت الطائرة في سماء القطاع، فهرعت «طائرات مقاتلة لاعتراض الطائرة في حال دخولها المجال الجوي الإسرائيلي». وبعد بث «حماس» مقطعاً مصوراً لعملية أخرى حدثت خلال الحرب الأخيرة في موقع «أبو مطيبق» العسكري، أعربت مصادر عسكرية إسرائيلية عن قلقها من استمرار الحركة في نشر تسريبات الفيديو لعملياتها. وقالت المصادر إنه يلاحظ حدوث تطور في قدرات «حماس» التقنية، كما توجد مخاوف من نشر المزيد من هذه المواد.
على الصعيد الداخلي، تقاضى الموظفون العسكريون في حكومة «حماس» السابقة، يوم أمس، نصف راتب شهري عبر مكاتب البريد، فيما لم تشر الحركة إلى مصدر تمويل هذه الرواتب. لكن مصدراً مطلعاً قال إن «حماس» تدفع رواتب هؤلاء وبعض الموظفين المدنيين ممن استثنتهم حكومة الوفاق، وذلك من «الإيرادات المحلية». ورغم تسلّم الموظفين المدنيين دفعة تقدر بـ 1200 دولار عن طريق الأمم المتحدة، بتمويل قطري، قبل نحو شهر، فإنهم منذ ذلك الوقت لم يتسلموا أي مخصصات، كما لم تحل مشكلة ترسيم تثبيتهم في قوائم السلطة الفلسطينية. وجراء هذا، ينفذون إضرابات جزئية وكلية؛ آخرها التعليق الجزئي للدوام، أمس، في المدارس الحكومية.