استقبل قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي صباح الخميس (2017/3/9) رئيس وأعضاء مجلس خبراء القيادة في ختام الجلسة الثانية لمجلس خبراء القيادة في دورته الخامسة، واعتبر سماحته مجلس خبراء القيادة إستثنائياً ومهماً جداً ومؤثراً في حال ومستقبل البلاد، وأكد سماحته على ضرورة أن يشعر المسؤولين بالمسؤولية أمام الشعب وخاصة في الأمور المعيشية وأضاف: ينبغي من خلال المثابرة المتواصلة وتجسيد آثار الإقتصاد المقاوم في معيشة الشعب، أن نزيد من سرعة وازدهار الحركة المشرفة لعجلة البلاد خلال العقود الأربعة الماضية.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم على ضرورة تعميق وتحسين نوعية أنشطة مجلس الخبراء، وأشار إلى مقطع من رسالة الإمام علي (عليه السلام) المعروفة لمالك الأشتر وأضاف سماحته: في هذا المقطع من أمر أمير المؤمنين يؤكد عليه السلام على أن المسؤولين ينبغي عليهم امتلاك حجة ودليل لقيامهم بأي عمل أو نطقهم بأي كلمة أو حتى سكوتهم، يمكنهم من خلالها الإجابة أمام الله والناس.
وأضاف سماحته: في كلام الإمام أمير المؤمنين تم الإشارة بشكل واضح إلى أن طريقة تعامل المسؤولين يجب أن تكون دافعاً لثقة ومحبة الناس لهم، ويجب أن تكون نتائج عملهم ملموسة على الأرض وقابلة للمشاهدة فضلاً عن وجوب امتلاكهم الحجة القاطعة أمام الله والناس.
وتابع سماحة آية الله الخامنئي: لو كان الشعور بالمسؤولية لدى المسؤولين بالشكل الذي يجعلهم دوماً يشعرون بهاجس العمل والسعي والجهاد ورسم الخطط والبرامج، لدلَّ ذلك على أنهم يسيرون وفقاً للخطوط الأساسية للحكومة الإسلامية، أما لو كان طريقنا يدلُّ على خلاف ذلك، فلنعلم أننا خرجنا عن أطر الحكومة الإسلامية.
واشار سماحته في هذا الإطار: بعض المتظاهرين بالثقافة يتحدثون وكأن تعاليم الغرب مصدر ترويج الشعور بالمسؤولية أمام الناس في حين أن المسؤولية الإجتماعية والشعور بالمسؤولية أمام الله والشعب هي من الأصول الإسلامية للحكم والمعارف والمفاهيم القرآنية.
واعتبر سماحته "شعور المسؤولين بالمسؤولية" من المواضيع "الفورية والضرورية والواجبة" وأضاف: إننا نتحمل مسؤولية كبرى تجاه القضايا الثقافية ومعيشة الناس، ولو أنّ شاباً مؤمناً واحداً انحرف عن الجادة بسبب أدائنا لا قدّر الله ، فمسؤولية هذه الأمر تقع على عاتقنا.
وأشار سماحته في هذا السياق لتباين وجهات النظر وإختلاف الأذواق في مواضيع البلاد الرئيسية وامكانية وجود استدلالات متنوعة لأصحاب كل وجهة نظر وأضاف: في مثل هذه الحالات فإن سبيل الحل هو الرجوع لأصول واُسس وثوابت النظام الإسلامي وإذا ما كان الإستدلال المطروح مطابق للأصول، فإنه صائب وفي غير ذلك سيكون مرفوض.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم بأن ثوابت وأصول النظام الإسلامي تكررت في خطابات الإمام الخميني (رض) وقال: إن تأكيدي الدائم والكثير لضرورة رجوع المسؤولين والشعب وخاصة الشباب لخطابات ووصية الإمام الجليل (رض) هي لهذا السبب.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم "تحقق الأحكام الإسلامية ولو بشكل تدريجي"، "عدم التراجع عن مسير إجراء الأحكام الإسلامية"، "محاربة الإستكبار العالمي وعدم الوثوق به" من ثوابت النظام الإسلامي، وأضاف: "محاربة الإستكبار العالمي ومواجهة الاستبداد الدولي والتصدي لطلب تفوق الكافرين على المؤمنين" أحد أهم ثوابت النظام الإسلامي الغير قابلة للتشكيك.
وتابع سماحته: أن المواجهة بمفهومها الأشمل لا تعني مجرد المواجهة العسكرية بل بجميع أبعادها ومختلف سبلها الثقافية والفكرية والسياسية والأمنية.
"الشعبية والإتكال على الشعب"، "النزوع إلى العدالة"، "الوقوف في وجه الظلم والفساد"، "الثقة بالنفس والعزة الوطنية" كانت من الثوابت والأسس التي أشار إليها سماحة آية الله الخامنئي وأضاف: "الإحساس بالسيادة الثقافية" و"عدم الخضوع للثقافة الأجنبية" من الثوابت ومبادئ النظام الإسلامي وفي المجال الثقافي علينا أن لا نشعر بالضغف وأن لا نتراجع وإنما علينا أن نشعر دائماً بالتفوق الثقافي.
واعتبر سماحته الحركة الجهادية في كافة المجالات ومنها في ميادين العلم والمعرفة من الأسس الأخرى للنظام الإسلامي وأضاف: "الإعراض عن الميل نحو الأرستقراطية" من ثوابت النظام الإسلامي ولكنه للأسف فإن أحد المشاكل الراهنة للمجتمع هي الميل لإظهار التجملات والبذخ حتى بين شرائح المجتمع المتوسطة والضعيفة بسبب أداء بعض المسؤولين.
واعتبر سماحته "كثرة التعاطف مع الشرائح الضعيفة" من أسس النظام الإسلامي مؤكداً: من أهم واجبات مجلس خبراء القيادة بالدرجة الأولى بحث توافر الصفات المذكورة لدى القائد وكذلك إستمراريتها.
وأشار قائد الثورة الإسلامية المعظم لوضع الاستثمارات الأجنبية واعتبر سماحته جذب هذه الاستثمارات مبادرة إيجابية وأضاف: حتى الآن نُفِّذ مقدار ضئيل من الاتفاقيات المبرمة مع الدول الأجنبية، ولذلك لا ينبغي الجلوس وتعليق الآمال على هذه الاستثمارات وإنما يتوجب علينا أن نقوم نحن بالتصدي للقيام بكل عمل يمكننا القيام به.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي، الاقتصاد المقاوم بما يتسم به من أسس فكرية ونظرية قوية، أنه السبيل الوحيد لمعالجة مشاكل البلاد، ولا بُدَّ من تطبيقه وتنفيذه، وأضاف: يجب أن يرى الناس آثار الاقتصاد المقاوم في حياتهم؛ الأمر الذي لم يتحقق بعد.
وفي إشارة منه إلى مزايا الاقتصاد المقاوم وفوائده قال سماحته: لو كانت قد أُنجزت الأعمال الضرورية المتعلقة بموضوع الاقتصاد المقاوم، لكُّنا شهدنا اليوم اختلافاً ملموساً في أوضاع الناس الاقتصادية والمعيشية.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم على ضرورة أن يرى الناس نتائج برامج وخطط الحكومة على أرض الواقع، وأضاف: قلت لرئيس الجمهورية المحترم أيضاً أن عرض المؤشرات العامة أمرٌ جيد – طبعاً إن كانت الإحصائيات دقيقة وغير قابلة للطعن- ولكنها على أي حال لا تترك أثرها في حياة الناس على المدى القريب والمتوسط.
وأضاف قائد الثورة الإسلامية المعظم: إن شكاوى الناس تصل إلينا، ويجب علينا أن نتعامل مع قضايا مثل الإنتاج، توفير فرص العمل، القضاء على الركود وغيرها بطريقة يشعر من خلالها الناس بتأثيرها في حياتهم بشكل واضح، الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.
وأضاف سماحة آية الله الخامنئي في جانب آخر من كلمته: على الرغم من الهجمة المتواصلة التي تشنها القوى الكبرى والإمبراطوريات الإعلامية الصهيونية، فقد تقدّم الشعب الإيراني بعد انتصار الثورة الإسلامية في جميع المجالات، حتى أننا تقدمنا في المجال الثقافي والذي أُكن له أهمية وقلقاً كبيرين، وشباب اليوم مستعدون للدفاع والتضحية في جميع الميادين أكثر بكثير من الشباب في بداية الثورة.
واعتبر سماحته سعي النظام الإسلامي لإقرار الإسلام المحمدي الأصيل وحركة الشعب الجهادية العظيمة لتحقيق المبادئ، هو سر عداء المستكبرين العميق والشامل للجمهورية الإسلامية الإيرانية وقال : إنهم لايعارضون حكومة علماء الدين التي تطبق ظاهر الأحكام الإسلامية ما دامت لاتصطدم مع مصالحهم ولهذا السبب نجد أنهم يقيمون علاقات حسنة مع بعض الدول التي تتميز بهذه الخصوصيات.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم أن نجاة البلاد من التبعية للقوى المستكبرة وسد الطريق عليهم لسوء استغلالها، واحدة من ثمار التطبيق التدريجي للإسلام الأصيل في إيران مشيراً إلى أنه لو قمنا الآن كما فعل نظام الشاه بالسماح للأمريكيين بالتدخل في جميع شوؤن إيران واعتمدنا عليهم فإننا لن نجد عقب ذلك مشكلة بإسم "الجمهورية الإسلامية".
واشار سماحته إلى وجود عدة مستويات للعداوة التي تكنها جبهة المتغطرسين للجمهورية الإسلامية مشيراً إلى أن عداء أمريكا والكيان الصهيوني هو عداء حاد وعملي ولكن البعض الآخر وحفاظاً على مصالحهم لا يظهرون عداءهم هذا بشكل واضح وصريح.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم إستنادا إلى معلومات موثوقة، القضايا الأمنية والسياسية، ممارسة الضغط الاقتصادي الشديد والهجوم الشامل الخفي في المجال الثقافي من المحاور الرئيسية لمشاريع وعمليات جبهة الأعداء، وأضاف: إن الهدف الرئيس لهؤلاء هو جعل الشعب ييأس من النظام الإسلامي، وسلب المسؤولين هذه الركيزة الاساسية في الوقوف في وجه العدو.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم على ضرورة امتلاك الحالة الهجومية في مواجهة الغرب في جميع المجالات بما فيها حقوق الإنسان والإرهاب وجرائم الحرب.
وسخر قائد الثورة افسلامية المعظم من إنتقاد اميركا الشديد للانتخابات في ايران وأضاف:أن الاميركيين الذين يقيمون علاقات تعاون ودّية مع اكثر الانظمة خبثا ومعاداة للبشرية بالمنطقة، وترافقت انتخاباتهم الاخيرة بفضيحة كبرى، يهاجمون وينتقدون انتخابات الشعب الايراني.
وأعتبر قائد الثورة الاسلامية العمق الاستراتيجي الواسع للجمهورية الاسلامية الايرانية بالعالم خاصة في غرب آسيا من أهم انجازات العقود الاربعة الاخيرة وأضاف أن نفوذ ايران المتزايد يوميا ومناصرة الشعوب للنظام الاسلامي رصيد راسخ لنا وأن هذه الحقيقة أغضبت الاميركيين وجعلت محلليهم ينبرون للتفكير بطريقة للحد من نفوذ ايران المتزايد هذا.
وفي بداية كلمته قدّم سماحته التهاني بمناسبة أيام ولادة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وأشاد بذكرى المرحوم السيد هاشمي رفسنجاني وأشار إلى حضوره الفاعل والمؤثر في مجلس خبراء القيادة منذ بداية تشكيل هذا المجلس وأضاف: المرحوم السيد هاشمي رفسنجاني كان شخصية قيمة ومن العناصر المؤثرة في نظام الجمهورية الإسلامية وذكرى هذا الأخ العزيز لن تمحى من أذهاننا.
كما أشاد سماحته بذكرى المرحوم السيد شاهرخي ممثل محافظة لرستان في مجلس خبراء القيادة.
وأشار سماحته ايضاً إلى تضحيات شهداء إطفاء الحريق وأضاف: هؤلاء الرجال المضحّون وغالبيتهم من الشباب ضحوا بحياتهم من أجل حفظ أرواح وأموال الشعب ووجود هذه المشاعر مؤشر على أن روح التضحية والفداء مازالت حية لدى شباب البلاد في ظل ندرة هؤلاء الأفراد ومثل هذه المشاعر.