الثورية تعني عدم إنفعال المسؤولين وإستسلامهم لغطرسة المستكبرين

قيم هذا المقال
(0 صوت)

أكد قائد الثورة الاسلامية المعظم سماحة آية الله السيد علي الخامنئي في كلمته عصر اليوم (الأحد: 2017/6/4) أمام الحشود العظيمة لأبناء الشعب في الذكرى الـ 28 لرحيل مفجر الثورة الإسلامية الامام الخميني (رض):

إن التمتع بـ"المعنوية والفكر والعمل الثوري" هي الدرس الكبير للإمام الراحل، والشعب الإيراني يواصل طريقه لتحقيق أهداف الثورة بالمعنى الحقيقي للعقلانية أي الثورية، في ظل أهداف ومبادئ الإمام الخميني المفعمة بالجاذبية والفطنة والحذر أمام الشيطان الأكبر.

وفي بداية كلمته حيّا قائد الثورة الإسلامية المعظم الذكرى السنوية المؤلمة لرحيل الإمام الجليل وأشار إلى الأمور والحقائق التي طرحت خلال السنوات الماضية حول الإمام والثورة وأضاف: فيما يتعلق بشخصية الإمام الخميني هنالك خفايا يجب نقلها تدريجياً إلى أذهان المجتمع كما أن الحقائق التي تم بيانها خلال السنوات الماضية ينبغي تكرارها ومراجعتها بإستمرار لكي يبقى طريق الإمام ومبادئه بعيداً عن التحريف ولا يجد بعض الأشخاص الفرصة لتحريف شخصية الإمام.

وأكد سماحته بأنه يوجه خطابه بشكل رئيسي لشريحة الشباب وأضاف: بما أن جيل الشباب لم يشاهد مرحلة الحماسة العظيمة ولم يروا مرحلة انتصار الثورة، الدفاع المقدس، مرحلة الحركات الجهادية العظيمة في مواجهة الساعين للتجزئة، الشباب سمعوا هذه القصص ولذلك يتوجب علينا شرح المزيد لهم وحديثي عن شخصية الإمام موجه لهم، خاصة وأنهم معرّضون أكثر من غيرهم لحملات التحريف.

وتوجه سماحته بالخطاب للشباب وقال: إنتصار الثورة الإسلامية الذي حقق الإرادة الإلهية بواسطة الإمام الخميني وبمساعدة الشعب، لم یكن مجرد انتقال سياسي فحسب وإبتعاد جماعة عن السلطة ومجئ جماعة أخرى، بل كان هدف الثورة الإسلامية يتمثل في تغيير هذا الوضع، والذي حول المجتمع إلى مجتمع يحمل هوية، لديه استقلاله، أصالته، إبداعه وكلامه الجديد؛ هذا هو التغيير الذي أحدثته الثورة الإسلامية.

واكد قائد الثورة الإسلامية المعظم، بان الثورة الاسلامية احدثت تطورا هائلا على صعيد السياسة والمجتمع وأضاف:ان هذا التطور في مجال السياسة كان بمعنى انه تم تغيير ديكتاتورية وراثية مغلقة تابعة للاعداء كانت تحكم البلاد وتتبع الاجانب الى حكم ذي قاعدة شعبية يعتمد على الجماهير ومستقل ومرفوع الراس وصاحب هوية.

وتابع سماحته فيما يخص التغییر العمیق الذي أحدثته الثورة الإسلامية داخل المجتمع: ان مجتمعنا كان قد فقد هويته، وتحولت ايران بكل هذا الماضي والتاريخ الثقافي والعظمة وبكل هؤلاء العلماء والفلسفة والمعارف البشرية الهائلة، الى مجتمع يتبع الغرب وبلا هوية، لكن الثورة الاسلامیة حولت المجتمع الى مجتمع صاحب هوية واستقلال واصالة وابداع وكلام جديد.

وأكد سماحته بأن الثورة الاسلامية التي قادها الامام العظيم حتى النصر بدعم من الشعب، مثلت هكذا تطور وتحول، وأضاف: إن الامام الخميني كان خلال عهد النضال قد طرح الحد الاعلى للطموح الثوري وهو ازالة نظام الحكم الملكي وبالمقارنة مع ما سبق نرى ان ثورة الدستور كان هدفها التقليل من صلاحيات الملك من قبل المجلس او هدف النهضة الوطنية لتاميم النفط.

واضاف سماحته: ان هذه النهضات باهدافها التي كانت تطمح للحد الادنى لم تنجح فيما نجح الامام بهدفه الطامح للحد الاعلى، وكانت تلك قد حققت انتصارات بسيطة في البداية ومن ثم فشلت فيما تمكن الامام من تحقيق الانتصار الكامل والحفاظ عليه.

وتابع قائد الثورة افسلامية المعظم: ان ثمة جاذبية شخصية وجاذبية كانت موجودة في شعارات الامام الخميني (رض) وهذه الجاذبية كانت قوية بمكان انها استطاعت ان تستقطب الجماهير للتواجد في الساحة، واضاف: اضافة الى هذه الجاذبية كانت الحياة البسيطة التي يعيشها الامام ، وكان بوسع الشاب ان يختارها، فاختار النهضة والنضال والثورة. ان بعض هذه الجاذبية كانت متعلقة بالإمام شخصيا.

واكد سماحته ان الامام كان يملك شخصية قوية ورصينة وقدرة على الصمود في مواجهة الصعوبات. وكان الامام صريحا وصادقا فكان يتكلم بصدقية وكان جميع المتلقين يشعرون بوجود ذلك في كلامه. وأضاف: ان الايمان والتوكل على الله تعالى، كان واضحا في سلوك وكلام الامام. ومن الامور التي قدّمها الامام للجماهير هو الاسلام المحمدي الأصيل وهو الاسلام الذي لا يكون رهنا للتحجر ولا الانتقائية.

واضاف سماحته: ان من المبادئ التي اعلنها الامام الراحل (رض) هي الثورة والحرية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والخروج من دائرة الهيمنة الامريكية، وأضاف: ان الخروج اليوم من دائرة الهيمنة الامريكية امر جذاب بالنسبة للشبان الذين يعيشون في بلدان تربطها معاهدات طويلة الامد في التبعية لامريكا.

واوضح سماحته: ان السعودية هي في خدمة الاهداف الامريكية، فان اصغيتم الى الشبان سترون بأنهم جميعا يكرهون التبعية لامريكا ويرغبون بالانعتاق من هذه الهيمنة الجائرة.

واكد قائد الثورة الإسلامية المعظم: ان من المبادئ التي طرحها الامام الخميني (رض) هي السيادة الشعبية، بأن يكون الحكم في البلاد بيد الشعب وان يبادر الشعب الى الانتخاب، وأضاف: ان احد الشعارات التي طرحها الامام هي ثقة الشعب بالذات، اي ان الامام كان يقول للشعب ويكرر بانكم قادرون ان تقفوا على اقدامكم في العلم والصناعة والشؤون السياسية، في ادارة البلاد، وفي ادارة القطاعات المهمة للبلاد.

وفي جانب آخر من كلمته أشار سماحته إلى أن البعض يطرح العقلانية في مقابل شعارات الثورة ومن ان العقلانية هي في مقابل الثورية، فهذا امر خاطئ، ان العقلانية الحقيقية هي في الثورية، وأضاف: ان النظرة الثورية بامكانها ان تظهر لنا الحقائق، انظروا متى قال الامام بان امريكا هي الشيطان الاكبر ولا يمكن التعويل عليها، واليوم وبعد مضي كل هذه السنوات، فان رؤساء الدول الاوروبية يقولون ان امريكا لا يمكن الوثوق بها.

وتابع سماحته: ان العقلانية هي التي يقولها اليوم رؤساء البلدان الاوروبية، وهذا الكلام كان قد اطلقه الامام قبل 30 عاما واكثر، وجربنا بان امريكا لا يمكن الوثوق بها في جميع القضايا. ان معنى العقلانية هي ان يعرف الانسان الاصالة، والتعويل على الشعب والقوى الداخلية، العقلانية هي التوكل على الله سبحانه وتعالى، فالعقلانية ليست ان يقوم الانسان بعد التحرر من هيمنة وسيطرة امريكا والاستكبار بالتقرب منها.

وتابع سماحة آیة الله الخامنئي: ان تحدي القوى الكبرى له ثمنه لكن المساومة لها ثمنها ايضا. لاحظوا بان الحكومة السعودية ومن اجل المساومة مع الرئيس الامريكي الجديد اضطرت لانفاق اكثر من نصف احتياطيها المالي لخدمة الاهداف والرغبات الامريكية، اليس هذا ثمن؟.

واكد سماحته: ان الثورية تعني ان يكون هدف المسؤولين عدم استرضاء القوى المستكبرة. بل ان يكون هدفهم استرضاء الشعب واستخدام القوى الداخلية وتعزيز العناصر الفعالة في داخل البلاد، فهذه هي الثورية. واوضح سماحته بأن معنى الثورية هي الا ترضخ البلاد والمسؤولون للغطرسة والا يصابوا بضعف العزم والانفعال، ولا ان يرضخوا للغطرسة ولا ينخدعوا.

واكد سماحته بأنه لا ينبغي نشر الثورية تحت عنوان التطرف. فالثورية هي حاجة البلاد اليوم ودرس علّمه ايانا الامام ويجب الافادة منه، وأضاف: ان شعارات الامام الخميني (رض) وهي العدالة الاجتماعية والاقتصادية والاستقلال والحرية والسيادة الشعبية والانعتاق من دائرة الهيمنة الامريكية مازالت جذابة اليوم لشعبنا وشبابنا. إن هذه الشعارات ليست جذابة بالنسبة لنا فحسب بل للبلدان الاسلامية ايضا.

وأشار سماحته إلى إستمرار مؤامرات الأعداء المعقدة وأضاف: بعون الله فإن الثورة ومبادئ الإمام مازالت قادرة على حشد الشباب والأشخاض ذوي الإرادة والعزيمة ودفعهم للحركة والتقدم وهذا هو العامل الأهم لفشل مؤامرات الأعداء.

وأشار سماحته لنموذج من ذروة وقاحة الأعاء وقال: انظروا إلى مدى وقاحة أعدائنا! الرئيس الأمريكي في نظامٍ قَبَلي متخلّف منحطّ يقف إلى جانب رئيس القبيلة ويرقص معه بالسيف، وفي الوقت ذاته يوجّه اتهامه إلى نحو 40 مليون ناخب من الشعب الإيراني شاركوا في انتخابات حرة.

وأضاف سماحته: يواجهنا أعداء يتسمون بكل هذه الوقاحة والصلافة حيث يقفون إلى جانب الذين يقتلون الشعب اليمني في الأزقة والأسواق ليل نهار، ويتحدثون عن حقوق الإنسان أيضاً، أفهل توجد أكثر من هذه الوقاحة؟.

وأشار قائد الثورة الاسلامية المعظم الى انه للاسف الشديد فإن اخواننا في بعض الدول يعانون من بعض المشاكل في شهر رمضان المبارك، وإضاف: في البحرين واليمن وسوريا وليبيا يعاني المسلمون الصائمون من العديد من المشاكل.

وأضاف سماحته: إن السعودية ومنذ ما يقرب من سنتين ونصف تمطر اليمن بالقنابل ليل نهار، لا مراكزها العسكرية فحسب، بل الأزقة والأسواق والمساجد وبيوت الناس، وتقتل الأبرياء. وقال سماحته: على النظام السعودي ان يعلم بانه حتى لو واصل نهجه هذا 10 او 20 عاما فانه سوف لن ينتصر على الشعب اليمني، فهذه جريمة بحق الشعب اليمني البريء والاعزل ولن تحقق اي نتيجة، وهم بعدوانهم هذا انما يجعلون الانتقام الالهي بحقهم اقسى وأشد.

كما اعتبر سماحته التواجد السعودي في البحرين بأنه غير منطقي وقال: ان قضايا البحرين متعلقة بالشعب البحريني نفسه والحوار يكون بينه وبين نظامه، فلماذا تاتي حكومة اجنبية بقوات عسكرية لهذا البلد لتتدخل في شؤونه وتخطط لسياساته، فهذا العمل غير منطقي وغير عقلاني ويسبب المشاكل للشعوب والدول.

وقال قائد الثورة الإسلامية المعظم: ان فرض الارادة على شعب ما عمل خاطئ وغير ذي جدوى ولن يحقق اي نتيجة حتى لو جعلوا اميركا مواكبة لهم برشوة تبلغ عدة مئات المليارات من الدولارات.

وسماحته إلى تواجد القوات الاجنبية في سوريا مؤكداً بأنه يخالف قرار حكومة وشعب هذا البلد وان قضايا سوريا لابد ان يتم حلها عبر الحوار. واوضح ان العدو اثار حربا بالوكالة في سوريا والبحرين وينبغي الا تتدفق اي اسلحة من خارج هذين البلدين اليهما. وقال سماحته ان داعش یجري طرده اليوم من العراق وسوريا وقد أقبل على افغانستان والباكستان والفلبين وحتى بعض الدول الأوروبية، بعد خروجه من المنطقة.

وفي جانب آخر من كلمته وجّه قائد الثورة الاسلامية المعظم الشكر والتقدير لجميع الذين جاءوا الى الساحة وشاركوا في الانتخابات الرئاسية والتي بلغت اكثر من41 مليون صوت، معتبرا هذه المشاركة الواسعة مؤشرا للثقة العامة بالنظام وتعزيز مكانة البلاد.

وقال سماحته: ان الغالبية المتمثلة باكثر من سبعين ونيف بالمائة من الناخبين بحضورهم في الانتخابات قد قالوا 'نعم' للجمهورية الاسلامية الايرانية وان هذا التصويت هو في الحقيقة تصويت للنظام الاسلامي. واضاف: للاسف ان بعض الافراد ومن منطق الفهم الخاطئ او لدوافع اخرى ينكرون هذه الحقيقة ويقولون بان صوت الشعب لا علاقة له بتأييد النظام، في حين انه حتى الافراد الذين من الممكن ان يحملوا عتابا تجاه النظام يثبتون بتصويتهم في اطار النظام بانهم يقبلون هذا الاطار ويثقون به ويعتبرونه فاعلا.

وتابع سماحته: ان مجلس صيانة الدستور قد اعلن صحة الانتخابات لحسن الحظ وبطبيعة الحال فقد اُعلن بان مخالفات قد جرت ووصل الينا تقرير بهذه الحالات. واشار سماحته الى ان المخالفات لم تؤثر مطلقا في نتيجة الانتخابات واضاف: في الوقت ذاته، ان ارتكاب المخالفة في الانتخابات لا يناسب الجمهورية الاسلامية ويتوجب على المسؤولين متابعة مثل هذه المخالفات بجدية كي لا تحدث مثلها في الانتخابات القادمة للشعب الايراني لانه لو تغاظينا عن المخالفات وصرفنا النظر عنها فانها ستتكرر.

كما وجه سماحته الشكر لمسؤولي التنفيذ والمراقبة في الانتخابات وانتقد بعض التصريحات التي اطلقت خلال الحملات الانتخابية والتي جرى فيها توجيه اتهامات لبعض الاجهزة، معتبرا هذه الامور بانها لم تكن جيدة، وداعيا الى عدم تكرارها مستقبلا.

واوصى سماحة آية الله الخامنئي الشعب كله بالحلم واضاف: ينبغي على الذين فاز مرشحهم او الذين لم يفز مرشحهم تقبل الامور بالحلم ورحابة الصبر. وأضاف: لحسن الحظ ان الذين لم يفوزوا في انتخابات هذا العام قد ابدوا الاستيعاب ورحابة الصدر من انفسهم ولم يتصرفوا كما تصرف البعض في العام 1388 (الانتخابات الرئاسية في العام 2009) وخلقوا مشاكل للبلاد.

وفي جانب اخر من تصريحاته وجه قائد الثورة الاسلامية المعظم توصيات للحكومة واضاف: ان رئيس الجمهورية يحظى وفقا للدستور بامكانيات واسعة حيث ينبغي عليه تفعيل الطاقات عبر استثمار هذه الامكانيات وعدم التباطؤ في تنفيذ الوعود المقطوعة للشعب. واضاف: ينبغي في الحكومة الثانية عشرة اختيار مسؤولين فاعلين ونشطين وأكفاء لان عدم الفاعلية في القطاعات الاقتصادية وغير الاقتصادية سيكون على حساب النظام في حين ان هذا الامر غير منصف لان النظام فاعل.

واكد سماحته ضرورة التحصين امام الحظر الاميركي واضاف: ان الاميركيين وبكل وقاحة يختلقون كل يوم قضية جديدة ضد الشعب الايراني حيث ينبغي على المسؤولين تحصين البلاد امامهم من جميع الجهات السياسية والاقتصادية. واضاف سماحته: يتوجب في القضايا الدولية سماع صوت واحد وقوي من مسؤولي البلاد.

قراءة 1398 مرة