كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه عائلة الشهيد محسن حججي ٠٣/١٠/٢٠١٧
الأعداء يفشلون في صد شبابنا عن النهج الثوري: الشهيد "حججي" مصداقاً
بسم الله الرحمن الرحیم
الشهيد حججي رمزً للشهادة المظلومة
لقد أصبح اسم "حججي" اليوم اسمًا بارزًا وممتازًا ومشرقًا في جميع أرجاء البلاد، وهذا ببركة جهاد ابنكم وشهادته المظلومة. بالتأكيد فإن شهداءنا جميعًا أعزاء ومظلومون. فبالإضافة إلى "مُحسنكم" –"مُحسننا"- هناك شهداء آخرون أيضًا نالوا الشهادة بهذا الشكل. أي إنّ العدو قطع رؤوسهم عن أبدانهم وأنزل بهم ضربات قاتلة وهم على قيد الحياة. لدينا شهداء بهذه الطريقة. كلّهم أعزاء عند الله ولهم درجات رفيعة. لكن كما يصبح شخص ما بين جماعة في مكان ما ممثلًا عنهم ومتحدثًا باسمهم، أضحى الشهيد محسن ممثلًا لجميع هؤلاء الشهداء المظلومين ومتحدثًا باسمهم في حقيقة الأمر.
لقد أعزّ الله تعالى هذا الشهيد ورفع شأنه، علمًا بأنّ الله لا يعزّ أحدًا إلا بدليل ما وحكمة ما. أي إنّ هذا ليس اعتباطًا وصدفة. كانت هنالك صفات يتحلّى بها هذا الشابّ؛ قد نعلم بعضها ونجهل الكثير منها. لقد أعزّه الله تعالى بسبب صفاته هذه بهذه الطريقة. وحين أضحى عزيزًا، صار ممثلًا ومتحدثًا باسم هؤلاء الشهداء جميعًا. أي إنّ هؤلاء الشهداء الذين استُشهدوا من إيران وأفغانستان والعراق ومناطق أخرى في مواجهة الأشرار التكفيريين وأدوات أمريكا وبريطانيا، يتلخّصون في الواقع ويتجسّدون بأجمعهم في هذا الشاب. فأصبح ممثلًا لهم ورمزًا للشهادة المظلومة. لقد جعل الله ابنكم وولدكم وشابّكم رمزًا للشهادة المظلومة الشجاعة.
شهادته عزة له وللشعب الإيراني
بحمد لله فإنّ الشعب الإيراني قدّر هذا وعرف الجميل حقًّا. هذه الجماهير الغفيرة التي شاركت في تشييع هذا الشابّ، سواء في طهران أو في مشهد أو في أصفهان أو في نجف آباد؛ حضورها له دلالة ومعنى عميق جدًا. في طهران كما أخبرونا، شارك في ذلك اليوم الذي شُيِّع جثمانه مختلف الأشخاص من النساء والرجال بملابس ومظاهر لا تتناسب مع هذه الشهادة والجهاد ونحوهما رافعين صور هذا الشاب بأيديهم. وهذا يعني أن الله تعالى هو الذي وجّه القلوب وجذبها نحو هذا الاتجاه. إن العزة التي وهبها الله عز وجلّ لهذا الشاب، إنما هي في الحقيقة عزة وهبها للشعب الإيراني، فأصبح هذا الشعب عزيزًا بهذه الحركة التي تحققت.
الأعداء يفشلون في صد شبابنا عن الثورة ونهجها
منذ سنوات والأعداء يبذلون جهودهم عبر المنافذ الثقافية لثني شعبنا عن طريق الثورة وطريق الجهاد وطريق النضال؛ أنتم ترون وتشاهدون. إن أهالي "نجف آباد" أهل وعي وذكاء ومطّلعون وعارفون بالأشخاص وأنواعهم. أنتم جميعًا تعرفون الخطوط والتيارات وتعلمون ما الذي يجري في البلد على يد الأعداء لدفع الثورة والإمام الخميني إلى مجاهل النسيان وتضييع خط الثورة النيّر المشرق بين الخطوط المتنوعة. هذا ما يجري العمل لتحقيقه،. من هم المعرَّضون لهذا الهجوم؟ الشباب في الدرجة الأولى، أي إنهم يحاولون فصل هؤلاء الشباب وهذا الجيل الذي لم يشهد الثورة ولا الإمام ولا الدفاع المقدس، وبلغ اليوم مرحلة الشباب، يحاولون فصله عن الثورة، وتكريس مفاهيم بعيدة ومناهضة للثورة عنده. منذ سنوات وهذه الجهود تُبذَل لتحقيق هذا الأمر.
شباب اليوم لا يقلّون ثوريّةً عن جيل الثورة الأول
ولكن على الرغم منهم، هنالك حركة شعبية عظيمة انطلقت بين هؤلاء الشباب أنفسهم. هؤلاء الشباب الذين لم يدركوا فترة الحرب والدفاع المقدس ولا صخب وحيوية تلك الأيام ولا الإمام ولا الثورة، حيث نجد قلوبهم قد انجذبت نحو الثورة لدرجة مدهشة تحيّر الإنسان حقًّا.
لقد قلتها مرارًا بأن شبابنا اليوم من حيث النزوع إلى المفاهيم الثورية، إن لم يكونوا أكثر وأفضل -كمًّا وكيفًا –من شباب فترة الدفاع المقدس في الستينيات (الثمانينيات ميلادية) فإنهم لا يقلّون عنهم. فلا تتصوّرا بأن كلّ الشباب قد انطلقوا إلى الجبهات في تلك الأيام برمتهم. كلا، ففي فترة الحرب كان البعض يشارك في الجبهات ويجاهد ويعرّض نفسه لشتى أنواع المخاطر، والبعض الآخر هنا كان مشغولًا بالعبث واللهو والأعمال المتنوعة. الكثير من الشباب كان هكذا. كل شهدائنا في فترة الحرب المفروضة التي طالت ثمانية أعوام يبلغون نحو ثلاثمئة ألف ونيّف، بينما كان سكّان إيران آنذاك يشكّلون أربعين مليون نسمة، وقد انطلق من بين هذا التعداد على سبيل الفرض مليونان أو ثلاثة أو أربعة ملايين للذهاب إلى الجبهات واستُشهد منهم نحو ثلاثمئة ألف شخص. وهذا العدد في قبال أربعين مليون نسمة من سكان إيران لا يشكّل عددًا كبيرًا. أي إنّ الشباب لم يكونوا كلهم ثوريين في ذلك الزمن. واليوم لو نظرتم إلى الشباب الذين يحملون نزعة ثورية ومعرفة ثورية نسبةً إلى مجموع الشباب لوجدتم –كما أعتقد- أنهم أكثر من ذلك اليوم أو بمقدارهم على أقل تقدير؛ وهذا على الرغم من العدو.
الشهيد حججي كان المصداق لثورية شباب اليوم
هذه حقيقة كان من الواجب إثباتها بطريقة ما. لقد أثبتها شهيدكم هذا وأظهرها بوضوح. أي إنّ الله تعالى رفع شأن هذا الشاب وأعزّه وجعله مثالًا ليُثبت أن الجيل الشابّ المعاصر يسير في هذا الاتجاه. جيل لم يشهد الإمام ولا زمن الحرب ولا فترة الثورة، وإذا به يسعى بكل إخلاص وصدق للذهاب إلى الجهاد في سبيل الله ويبذل جهده ويتوسل، طالبًا من الله ومن الإمام الرضا ومن والده ووالدته أن يأذنوا له ويساعدوه. وهذه آية إلهية. إنها تدل على معجزة الثورة. وهذه المعجزة جارية ومستمرة بحمد لله.
جهاد الشهيد وأشباهه أعزونا جميعا
اشكروا الله . وباعتقادي أنتم أسرته بالدرجة الأولى، والمسؤولون في البلد بالدرجة الثانية، ومن ثم أبناء الشعب الإيراني كله، مرهونون بجهاد هذا الشاب وأشباهه، والحق أن الجميع مرهون لهذا الجهاد. الجهاد هذا هو الذي أعزّ الجميع. أعزّ الجمهورية الإسلامية وأعزّ البلد وأعزّ إيران وأعز الشعب. وبالطبع فإنّ الإذاعات الأجنبية لا تتحدث عن هذا ولا تريد أن تغطي هذه الظاهرة. لكن المحلّلين والمتابعين للقضايا يرون ويعرفون ما الذي حدث في البلد.
لأسرته: شهادة ولدكم مبعث فخر وسلوان لكم
هذه الجموع الحاشدة التي نزلت في طهران إلى الشوارع لتشييع الشهيد، بأي جماعة أخرى يمكن مقارنتها؟ وفي أي مكان في العالم يحدث مثل هذا؟ بل كم قد حدث مثل هذا في بلدنا نحن؟ أو تلك الحشود التي احتشدت في مشهد وفي ذلك الصحن الشريف، أو في أصفهان -وقد رأيت صورتها- حيث تجمّع ذلك الجمهور الهائل في ميدان الإمام. أو في نجف آباد كما سمعت وفي تلك الساحة، حيث سمعت أن هذه الساحة الكبيرة كانت مليئة بالجماهير. إن الله تعالى هو الذي يوجّه القلوب ويقلّبها ويجذبها إلى هنا؛ القلوب بيد الله، وهذا فعل الله.
لقد أعزّكم الله؛ وهذا عزاء لكم وتسلية خاطر. المصيبة مصيبة كبيرة. لكنّ هذه العزة التي أسبغها الله عليه وعليكم وعلى البلد ببركته، هي مبعث فخر وسلوان لكم ولأبيه وأمه وزوجته. اشكروا الله تعالى على أنه وهب للبلد مثل هذه العزة بواسطة ولدكم وشابّكم وزوج هذه السيدة.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته